لم تكن القديسة السابقة تعطيه الإجابات مباشرة. لكن هيليكس كان يؤمن بكلامها. و كان يعتقد أن الفتاة التي يحبها فريدين ستظهر يومًا ما، وأنه سيتعرف عليها من نظرةٍ واحدة.
لذلك، عندما وصل إلى الأكاديمية وسمع بخبر خطوبة فريدين، كانت الصدمة أكبر مما تخيل.
مثل ديريك، كان هيليكس يعلم أن علاقة فريدين مع الآنسة أسيلي مزيفة، مما زاد من صدمته.
“تقصد تلك الشريرة المخطوبة لسموه فريدين؟”
“آه، إيلين ليسيروس، التي انتقلت إلى قسم المبارزة؟”
“أليست هادئة هذه الأيام؟ كانت مشهورةً بتصرفاتها السيئة سابقًا.”
حين سمع هيليكس ذلك الخبر، اجتاحه القلق.
‘ماذا لو أن الشخص الذي يحبه فريدين لم يظهر خوفًا من تلك الشريرة؟’
“السيد هيليكس! هل تسمعني؟”
نظر هيليكس إلى الآنسة أسيلي التي كانت تصرخ بصوت عالٍ أمامه.
و لم تكن وحدها من تحدق به. حتى فريدين وآمون كانا ينظران إليه بنظراتٍ غير مستحبة.
بل إن كارون ليسيروس كان ينظر إليه بنظرة احتقار وكأنه قمامة.
“السيدة إيلين ليس شخصًا سيئًا!”
“فهمت، لذا أرجوكِ توقفي عن الكلام.”
رغم أن هيليكس لم يكن من أتباع الآنسة أسيلي، التي تمثل القديسة في هذا الجيل، فإنه كان فارسًا مقدسًا في نهاية المطاف. و لم يكن يحب هذا الوضع الذي تغضب فيه القديسة منه.
عبس وكأنه يعاني من صداع.
‘ما الذي حدث أثناء غيابي؟ ألم يقولوا أنها شريرة لا تعرف الرحمة؟’
لكن الآن، كان أعضاء فرقة فرسان فريدين تحت التدريب يتصرفون كما لو أن إيلبن ليسيروس هي بالفعل خطيبة فريدين.
حتى بالنسبة له، الذي لا يتأثر كثيرًا عاطفيًا، كان هذا أمرًا محيرًا.
تحدث فريدين إلى هيليكس.
“هيليكس، إن أسأتَ مرة أخرى إلى السيدة إيلين، فلن أسامحكَ حتى لو كنت أنت.”
ما إن أنهى فيردين كلامه حتى قاطعه كارون.
“يا ابن القمامة.”
عند سماع تلك الكلمات، ضيّق هيليكس عينيه ونظر إلى كارون. فساد بينهما جوٌ غريب.
كان وجه كارون شاحبًا وكأنه لم يأكل منذ أيام. و رأى هيليكس أن كارون، رغم حالته المزرية، يبدي نحوه نيةً عدوانية، ووجده أمرًا سخيفًا.
لكن فريدين لم يمنع كارون من ذلك، مما عنى أنه يوافقه إلى حدٍ ما.
“كلامي لا يخص هيليكس فقط. لن أسمح لكائنٍ من كان أن يجرحها بحجة أنه يفعل ذلك لأجلي. هذا أمر.”
“….…”
“عندما تقابل السيدة إيلين، اعتذر لها بصدق.”
ساد الصمت في القاعة المركزية. وعند سماع هذا، انحنى هيليكس برأسه بعمق.
“سأضع ذلك في الحسبان.”
وانحنى آمون وكارون أيضًا برؤوسهم. و وحده ديريك من بدا قلقًا وهو يراقب الجو.
وبعد مرور وقت، سأل فريدين هيليكس،
“إذاً، عدت إلى الأكاديمية لأنك اكتشفتَ شيئًا، أليس كذلك؟”
شعر هيليكس بنظرات بقية أعضاء فرقة الفرسان وهو يبدأ بالكلام.
“حوادث الاختفاء التي تحدث في المنطقة الغربية…..أعتقد أن للإمبراطور علاقةً بها.”
توقفت يد فريدين التي كانت تقلب في الأوراق.
“من خلال التحقيق، تأكدنا أن الإمبراطور كان يأخذ الأطفال اليتامى إلى مكانٍ ما في الماضي.”
“أطفالٌ يتامى؟”
“وليس ذلك فقط، بل حتى بعض المرتزقة المعروفين بإجادتهم القتال، ورجالٍ ذوي بنية قوية، اختفوا دفعةً واحدة في تلك الفترة.”
شعر فريدين بريبة شديدة. فالإمبراطور لم يكن من النوع الذي يشعر بالأسف على الأيتام. فكيف له أن يأخذهم إلى مكانٍ ما؟
وكان من الغريب أن تتزامن حوادث الاختفاء تلك مع هذا التوقيت. فسأل ديريك بقلق،
“فريدين، إن كان ما يقوله صحيحًا…..فما الذي يخطط له الإمبراطور؟”
نهض فريدين من مكانه بصمت واقترب من النافذة.
‘غريب…..شعرت بوجود أحدهم.’
لكن لا يمكن أن يكون ذلك صحيحًا، فلا يمكن لأحد غير مصرّح له أن يدخل هذا المكان.
وبعد أن تأكد أنه لا يوجد أحد، تكلم.
“ربما…..هناك أمرٌ أكثر شؤمًا مما كنت أتصور.”
انخفض بريق عيني فريدين. و راوده شعورٌ بأن لحظة اتخاذ قرار كبير قد تقترب قريبًا.
***
أما الإحساس الذي شعر به فريدين فكان بسبب إيلين.
كانت جالسةً على سطح قاعة الاجتماعات المركزية، تتنصت على حديث فريدين وأعضاء فرقة الفرسان المتدربين.
وبينما كانت تستمع، التقطت عن غير قصد أيضًا أوامره.
“لن أسمح لأحدٍ أن يؤذيها بحجة أنه يفعل ذلك لأجلي.”
كان كذلك دائمًا في الماضي. لم يكن يحتمل أن يرى إيلين تتعرض للظلم أو النقد.
ورغم أن ذلك جعله دائمًا موضع امتنان في قلبها، إلا أن إيلين كانت تأمل في ألا يشغل باله بما يجري في المنطقة الغربية.
راحت تفكر مجددًا بكلام هيليكس عن حوادث الاختفاء.
‘الآن أتذكر…..هذه الفترة تحديدًا هي التي اختفى فيها هيليكس.’
هيليكس إزارت غادر إلى الغرب بعد ذلك التقرير مباشرة، ولم يعد بعدها أبدًا.
ما زالت تتذكر كيف اختفى فجأة، وكيف بذل فريدين والمعبد جهدًا كبيرًا للعثور عليه.
بالطبع، لم تكن رغبة إيلين في ألا يهتم فيردين بالمنطقة الغربية بسبب ذلك السبب وحده.
بردت نظرات إيلين فجأة.
‘لأن فريدين مات في ذلك المكان بالذات.’
فبعد عدة سنوات، ستتحول المنطقة الغربية إلى أرض موت تعمها الوحوش. وسيموت فريدين هناك أثناء مهمة القضاء على الوحوش، بأمرٍ من الإمبراطور.
كانت تتوقع أن هيليكس قد جلب معه أخبارًا في زيارته للأكاديمية، لكنها كانت تدرك أن تلك الأخبار لن تكون جيدة، تمامًا كما توقعت.
***
ديتريون كان ينظر إلى إيلين الواقفة أمامه. التي كانت تحدق فيه بوجه خالٍ من التعبير.
وعندما رأى في عينيها تلك النظرة الخالية من الخوف، تولّاه الفضول.
‘هل ستبقى على حالها بعد سماع هذا الكلام؟’
كان يحمل رسالةً في يده، مرسلةً من القصر الإمبراطوري.
“إيلين، صدر أمرٌ من جلالة الإمبراطور بأن تؤدي اختبار الترقية.”
تلاقت نظراته بنظرات إيلين.
“ستذهبين إلى الغرب، إلى هناك.”
كان ديتريون يسند ذقنه بيد واحدة وهو ينتظر رد فعل إيلين.
هل ستتفاجأ؟ هل ستطلب المساعدة كما كانت تفعل في السابق؟
لكن، رغم مرور وقتٍ طويل، لم يظهر على إيلين أي رد فعل.
ثم، أخيرًا، صدرت منها كلماتٌ جعلت ديتريون يشك في ما سمعه.
“مفهوم.”
كان ذلك كل شيء.
انتظر ديتريون أن تضيف شيئًا، لكن كلماتها التالية جاءت أيضًا على عكس كل توقعاته.
“هل يمكنني الانصراف الآن؟”
“الانصراف؟”
“نعم.”
ضحك ديتريون ضحكةً ساخرة على جوابها.
“هل ترغبين بالموت؟ أم أنكِ لا تدركين ماذا يعني أن تُرسلي إلى الغرب لأداء اختبار الترقية؟”
نهض من مكانه واقترب منها، ثم التوى فمه بابتسامةٍ ساخرة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 56"