لقد بدأ تعلم السيف منذ طفولته لحماية من يعز عليه. لكن الآن، لم يكن هناك شيءٌ يمكنه فعله من أجل إيلين، أخته الوحيدة.
كما قالت إيلين، كان ضعيفًا. لذلك قضى يومه كله في التدريب والتأمل. فلم يكن هناك شيءٌ آخر يمكنه فعله في الوقت الحالي.
في تلك اللحظة، بدأت الآنسة أسيلي بجانب كارون تعبس. بل إن جسدها بدأ يرتجف قليلاً.
كانت الآنسة أسيلي تشعر بشيءٍ غريب منذ فترة.
‘ماذا تريد أن تقول لي؟’
كان الأمر مشابهًا للحظة لقائها الأول بإيلين. كأن شخصاً يحاول إخبارها بشيء.
فجأة، أظلمت رؤية الآنسة. و لم تعد ترى كارون بجانبها.
شعرت بقشعريرةٍ من هذا الإحساس الغريب. و أدركت غريزيًا أن هذه هي لحظة الحلم التي تراه القديسات.
في تلك اللحظة التي تقابلت فيها عيناها مع إيلين عندما نزلت من العربة، رأت المستقبل بشكلٍ ضبابي.
سال العرق البارد من جبين الآنسة. ثم فجأة، أضاءت رؤيتها، وظهرت صورة امرأة.
***
دمعةٌ واحدة انسكبت من عيني الآنسة أسيلي وهي جالسة. ثم ضربت صدرها بقوة عند قلبها.
“سيدتي القديسة؟”
هرع كارون، الذي كان بجانبها، إليها مذعورًا.
“ما الذي.….ما الأمر؟ هل أنتِ بخير؟ لمَ يرتجف جسدكِ هكذا؟”
“سيد كارون، أشعر بأسى شديد تجاه السيدة إيلين، أسىً شديد…..”
“ماذا؟”
رد كارون وكأنه لا يفهم ما تقصد. فتشوه وجه الآنسة أسيلي وهي تنظر إلى كارون بحزن عميق.
لقد رأت للتو الماضي الذي ظهر كحلم.
أم هل يمكن تسميته ماضيًا؟ بل بدا كمستقبلٍ لا يتذكره أحدٌ سوى إيلين.….
ارتجفت الآنسة من الألم. ليس بسبب الألم في المكان الذي ضربته، بل لأن قلبها كان يتمزق.
على الرغم من أنها تجربةٌ غير مباشرة، شعرت وكأن أحدهم ألقاها في نار الجحيم.
كيف عاشت حياةً كهذه؟
“مُجبرة على الصمت، غير قادرة على قول أي شيء.…..كيف استطاعت تحمل مثل هذا…..”
لم تكن الآنسة تعي ما تقوله. فقط، كان ألم قلبها لا يطاق.
اصفر وجه كارون المنهك أكثر، وتراجع خطوةً دون وعي.
كانت كلمات الدوقة مشوشة، لكنه فهم كل شيء من جملة واحدة.
“إنه مؤلم كثيرًا.….كثيرًا…..”
كررت الآنسة هذه الكلمة. بينما تكرر في ذهنها الماضي الذي رأته للتو.
إيلين الصغيرة وحيدة في قصر الماركيز، لا أحد يصدقها، فتقضي كل ليلةٍ تبكي حتى الفجر، و إيلين تدخل الأكاديمية، تلتقي بفريدين، وتشعر، ولو قليلاً، بما يسمى بالسعادة.….
ثم موته، وهبوط إيلين مجددًا إلى الجحيم.…..
***
ضحك آمون بسخرية على تصرفات هيليكس.
كان هيليكس أكثر الفرسان المرشحين في فيلق فريدين خروجًا عن المألوف. يتظاهر بأنه أنبل الفارس، لكن عندما يتعلق الأمر بفريدين، يفقد صوابه.
كان هيليكس ينقصه الحس السليم، وكان فيه شيءٌ غريب ناقص.
صحيح أن السيد هو الأهم بالنسبة لفارس، لكن هيليكس كان مبالغًا بشكل مفرط. كان يتصرف وكأن مشاعره الشخصية غير موجودةٍ تمامًا.
رأى آمون هيليكس ينظر إلى إيلين بتعالٍ، بوجه متعجرف.
لم تكن نظرة الازدراء في عينيه غريبة. لكن آمون كان يعلم. حتى هذا الازدراء لم يكن بإرادته، بل شعور نابع فقط من تفكيره بفريدين. فقد نظر آمون بنفسه إلى إيلين بنفس تلك النظرة ذات مرة.
لكن مهما كان الأمر، طلب مبارزةً بهذه الوقاحة؟
شعر آمون، الذي يقدس الفروسية، بالانزعاج.
“أنت مجنون، هيليكس إزارت.”
“لا يبدو أنكَ في مقام لتتحدث إليّ.”
“لا داعي لمبارزة السيدة إيلين. سأكون أنا خصمكَ. سأريك ما هي الفروسية الحقيقية، أيها الأحمق.”
“أنت؟ يبدو أنكَ أصبحت أكثر غرورًا منذ آخر مرة رأيتكَ فيها، آمون هيدور.”
نظر آمون وهيليكس إلى بعضهما بعضًا وهما يطحنان أسنانهما. و لو رأى ديريك هذا، لما تمالك نفسه عن التأوه.
“حتى مع كثرة الأعداء، تنجحان في التناحر كرفاق في نفس الفيلق!”
شعر آمون للحظة وكأن كلمات ديريك، التي كان يصرخ بها دائمًا، ترن في أذنيه.
لكن بغض النظر عن ذلك، لم يستطع آمون تحمل رؤية هيليكس يتصرف بوقاحة مع إيلين.
‘لا شك أنه هرع إلى هنا فور سماعه الأخبار عند وصوله إلى الأكاديمية.’
قبل ستة أشهر، ذهب هيليكس في مهمةٍ استكشافية إلى المنطقة الغربية حيث تحدث أمورٍ غريبة. و بما أنه كان في المناطق النائية طوال هذه الفترة، فمن الواضح أنه لم يسمع بخبر خطوبة فريدين وإيلين.
بالنظر إلى هوس هيليكس المفرط بسلامة فريدين، فمن المؤكد أنه ركض إلى ساحة التدريب فور وصوله إلى الأكاديمية وسماعه خبر خطوبة الأمير الثاني.
“الذي لا يعرف الفروسية هو الشخص الواقف أمامك. من السخيف أن تتحدث عن الفروسية أمام شخصٍ مثلها.”
“…….”
“أنا مستعدٌ لفعل أي شيء من أجل سموه فريدين. ألست كذلك، آمون هيدور؟ إيلين ليسيروس لا تقدم أي فائدةٍ لسموه. بل تستغل قوتها لفرض خطوبة لا يريدها الطرف الآخر.”
تحدث بصوتٍ منخفض وكأنه يهمس،
ربما لم يسمع الفرسان القريبون كلامه. لكن إيلين، التي كانت على مقربة منهم، لم تكن كذلك.
ازدراء عيني هيليكس لم يكن جديدًا عليها، لكنها شعرت به غريبًا هذه المرة.
أدركت كم اعتادت على الهدوء. و أصبحت، دون أن تدري، مألوفةً مع الوضع الذي لا يحتقرها فيه المحيطون بها، مع أنظار الناس الذين ينظرون إليها بدفء، وكأنها تتشبع بها تدريجيًا.
‘هذا هو الوضع الطبيعي، أليس كذلك؟’
لذلك، لن تتأذى. ولم تكن إيلين تنوي معاداة هيليكس.
لكن للقيام بذلك، كان عليها أن تثبت جدارتها كما فعلت دائمًا.
بالنسبة لهيليكس، كان الأهم هو حماية فريدين. و في هذه الحياة، ستصبح إيلين، التي تشاركه نفس الهدف، رفيقةً لا مثيل لها.
لأن حياة فريدين كانت أهم بالنسبة لها من حياتها الخاصة.
أوقفت إيلين آمون، الذي كان على وشك الانقضاض على هيليكس، وتقدمت إلى الأمام. و لم تقل شيئًا، بل اكتفت بالنظر إلى هيليكس.
عم الصمت البارد في ساحة التدريب.
إيلين ريسريس، المختارة من السيف، وهيليكس إزارت، الذي قد يصبح يومًا أحد فرسان المعبد الخمسة.
بدأ الاثنان في التحديق ببعضهما وهما يتقابلان.
“من سيفوز إذا تقاتلا؟”
“بالطبع، السيد هيليكس حتى الآن.”
رد فيليب بجدية على حديث المتفرجين الذين كانوا يناقشون مبارزة إيلين وهيليكس.
“لم تتعرضوا لضربات إيلين بعد، لذا لا تعرفون مدى قوتها.”
أومأ بعض طلاب قسم المبارزة الذين سمعوا كلام فيليب برؤوسهم. كانوا جميعًا من الطلاب الذين يتدربون مع إيلين باستمرار.
بدأت توتر حاد يعم الجو وكأن المبارزة ستبدأ في أي لحظة. و كُسر هذا التوتر بظهور فريدين المفاجئ.
“توقف، هيليكس.”
ركع هيليكس فور رؤيته لفريدين.
“سموك فريدين، لقد عدتُ.”
نظر فريدين إلى هيليكس بوجه بارد. و لم يكن هناك أي ترحيب بفارسه الذي لم يره منذ وقت طويل.
شعر هيليكس بالحيرة وهو يرى فربدين هكذا. فبما أنهما نشآ معًا منذ الطفولة، كان يعرف. فريدين الآن كان يكبح غضبه.
‘سموه غاضبٌ مني.’
لم يكن فريدين يغضب كثيرًا. و كان رجلًا صبورًا.
فكيف يغضب منه؟ لماذا؟
“السيدة إيلين ليست شخصًا يستحق هذا الإهانة.”
“…….”
“اعتذر لها.”
أمال هيليكس رأسه إلى الجانب. فلم يكن معتادًا على مثل هذه الأمور.
لكن إذا كان هذا ما يريده فريدين، فعليه القيام به حتى لو لم يقتنع.
أنحنى هيليكس برأسه نحو إيلين على الفور.
“أعتذر.”
تنهد فريدين وهو ينظر إليه.
“أعتذر، سيدة إيلين. لقد تصرف هيليكس بوقاحة.”
شعرت إيلين بالحيرة وهي ترى فريدين ينحني لها بأدب.
كان اعتذارًا صادقًا، مختلفًا تمامًا عن اعتذار هيليكس الجامد.
***
في القاعة المركزية للأكاديمية، كان هيليكس يتلقى نظراتٍ غاضبة من الجميع. فشعر ببعض الظلم.
كان على هيليكس واجب تنفيذ المهمة التي تركتها القديسة السابقة. فبسبب كلمة واحدة قالتها له قبل موتها، ظل يعيش حتى الآن.
“احمِ فريدين والفتاة التي يحبها.”
“من هي الفتاة التي يجبها سموه، يا سيدتي القديسة؟”
“ستعرفها، هيليكس. ستصل إلى الإجابة يومًا ما.”
“…….”
“تلك الفتاة وحدها من تستطيع إنقاذ فريدين.”
____________________
شخصية هيليكس تضحك 😭
مفروض يعلمونه انها سيدة سيف بيصير مجنون زي آمون
عاد هو اصلا مجنون بسلامة فريدين لو صار مجنون بسلامة ايلين بعد احلا واحلا😘
المهم مسكين كارون
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 55"