لم تكن إيلين التي تخيّلتها بوجهٍ ريفي ومتوتر تدخل قاعة الحفل هناك.
كانت أنظار الناس متجهةً نحو باب قاعة الحفل. لأن فريدين كان أميرًا جميلًا؟ لا، لم يكن ذلك السبب. بل لأن الجميع كانوا ينظرون إلى من تدخل بخطى واثقةٍ إلى جانبه.
كانوا ينظرون إلى إيلين.
تمتمت شارلوت، التي كانت تقف خلف كوريليا، بصوتٍ خافت لا تسمعه إلا كوريليا.
“إيلين ليسيروس……لقد تغيّرت حقًا.”
“صحيح، لقد تغيّرت. وكأنها……شخصٌ آخر تمامًا.”
عند كلمات شارلوت، ارتسمت ابتسامةٌ ملتوية على شفتي كوريليا. و كان قلبها ينبض بالإثارة.
متى كانت آخر مرة شعرت فيها بهذا الإحساس؟ متى آخر مرة شهدت فيها شيئًا يفوق توقعاتها؟
استعادت كوريليا ذكرى تعود إلى عشرات السنين. اللحظة التي أمسكت فيها إيلين بالسيف لأول مرة.
‘لم يكن كارون ليسيروس……بل كنتِ أنتِ.’
والآن، بعدما رأت كوريليا دخول إيلين، لم تستطع إلا أن تشعر بالدهشة كما في تلك اللحظة.
“تبدو جميلةً وواثقة للغاية……بل و تجرأت على معارضتي.”
“.……”
“مذهل. إنه لأمر مشوّق حقًا، شارلوت. إيلين……يبدو أنها تجيد استخدام السيف. هل تشعرين بذلك الزخم الاستثنائي المنبعث منها؟”
“نعم، يبدو الأمر كذلك.”
“مزعجة……”
الفستان الذي ارتدته إيلين ليسيروس لم يكن من اختيار كوريليا. وحقيقة أن إيلين لم تطيع أوامرها شكّلت صدمةً غير متوقعة لكوريليا.
لكن ما أزعجها أكثر من ذلك هو أن إيلين لم تُظهر أي خوفٍ منها.
دخل فريدين وإيرين قاعة الحفل واقتربا ببطء من ديتريون وكوريليا. وكما في كل مرة، لم تخفض إيلين رأسها أو تتجنب نظرات كوريليا.
حيّا فريدين وإيلين ديتريون، مضيف الحفل. وحتى تلك اللحظة، لم يكن ديتريون قد استوعب ما يحدث.
‘هل هذه هي إيلين ليسيروس؟’
إيلين كانت جميلة، نعم، لكن من هنّ بجمالها كثرٌ في القاعة. ومع ذلك، كان في حضورها شيءٌ يجذب الناس أكثر من مظهرها.
ما لم يكن ديتريون يعلمه هو أن ذلك الجو الآسر كان بفضل كون إيلين سيّدة سيف. و ما كان يشعر به لم يكن إعجابًا فحسب، بل كان أقرب إلى رهبةٍ يشعر بها مبارز تجاه آخر.
دون أن يدرك، قبض ديتريون على مساند الكرسي بقوة. ثم التقت عيناه بعيني إيلين.
لكن تلك النظرات لم تكن مثل تلك التي توجهها لفريدين، بل كانت باردةً وقاسية.
شعر ديتريون بأنه مغلوبٌ على أمره أمام جمال إيلين والهالة الخانقة التي أحاطت بها، حتى أنه لم يكن لديه الوقت ليهتم بنظراتها القاسية.
كل ما كان يفعله هو التحديق في إيلين والتفكير،
‘أريدها.’
بالنسبة له، كانت إيلين ليسيروس لا تختلف عن حشرةٍ عديمة القيمة. كان يتذكر نظراتها القديمة إليه، تلك النظرات المليئة بالرهبة.
حين كانت تنظر إليه بتلك الطريقة، بدت تافهةً في عينيه……فلماذا أصبحت الآن بهذه الجاذبية؟
‘لأنها ملكٌ لفريدين؟’
هل هذا هو السبب؟
انعكست رغبةٌ غريبة في عيني ديتريون، بينما ارتسمت ابتسامةٌ مائلة على شفتيه.
***
مع ظهور بطلي الحفل، اشتعل حماسُ الحفلة أكثر فأكثر.
وفي تلك اللحظة التي كان فيها فريدين يتفحص أنحاء القاعة بنظره، شاهد كيف تغيّرت نظرات ديتريون بالكامل.
كانت تلك النظرة مألوفةً لفريدين منذ صغره، وقد رآها مرارًا من ديتريون. فانخفضت نظراته وهو يحدّق فيه بثقل.
أدرك فريدين أن إيلين قد نالت إعجاب ديتريون. ولم يكن ذلك غريبًا، فإيلين الآن تتألق أكثر من أي أحد.
ولم تكن تبدو كذلك في عينيه وحده. فأي شخص كان ليطمع في إيلين.
ماذا لو، كما في السابق، قررت إيلين الذهاب إلى ديتريون؟
لطالما كان فريدين لا يستطيع إيقاف من يرحل عنه.
“ابتداءً من الغد، سأكون مربية سمو الأمير ديتريون.”
“لم يكن هناك خيار، فقد قيل أن الأمير ديتريون يفتقر إلى الحراس، سموّ الأمير.”
في كل مرة كان يرى ظهور من يحبهم وهم يرحلون، و كان يشعر بمشاعر معقدة. لكن مع مرور الوقت، تعلم فريدين كيف يضحي من أجل الحماية.
فمن يبقون بقربه قد يتعرضون للأذى بسبب مؤامرات ديتريون. لهذا، كان يودّعهم جميعًا بابتسامة……ويحمي حياتهم.
عندها، أمسكت إيلين بيده. كانت يدًا قوية تشبه يد الفارسة.
أدار فريدين رأسه لينظر إليها، فرآها تبتسم له بجمال.
“سموك فريدين.”
“…….”
“هلا ترقص معي؟”
عندما نظر فريدين إلى إيلين وهي تقول ذلك، شعر بشيء ما يلتوي داخل قلبه.
‘حتى لو أرادت الرحيل……أنا أريد البقاء معها.’
كانت إيلين وهي ترقص، جميلةً إلى حدٍ مؤلم.
في يدها الممسكة بيده كان هناك شعورٌ خفيف بالكهرباء، وكلما التقت نظراتها بنقطة، اقشعرّ بدنه.
لكن فريدين لم يستطع التركيز على الرقص. فلم تغب صورة ديتريون وهو يبتسم بخبث عن ذهنه.
لم يستطع التغاضي عن نظراته القذرة التي كان يوجهها إلى إيلين.
‘لا يجب أن أستفز ديتريون الآن.’
كان فريدين يعرف متى عليه أن يحبس أنفاسه. فلم يحن الوقت بعد لمواجهة ديتريون.
لكن ديتريون لم يكن يرى في إيلين سوى لعبةٍ ممتعة ومسلية.
‘وهي ليست شخصًا يستحق أن يُعامل هكذا.’
ولذا، إن تجرأ ديتريون على التصرف معها بوقاحة، فلن يبقى فريدين صامتًا بعد الآن.
استعاد فريدين في ذهنه الحديث الذي دار مؤخرًا بينه وبين الآنسة أسيلي.
“القدر قد تغيّر. وفي قلب ذلك التغيير……تقف السيدة إيلين.”
قالت هذا، ثم أتبعتها بكلماتٍ إضافية،
“هذا مجرد احتمال……لكن، ربما……ربما تعرف شيئًا عن مستقبل لم يحدث بعد.”
“ماذا تعنين بذلك؟”
“لا……انسَ ما قلت. حتى أنا لا أفهم جيدًا، فهذا أول حلمٍ أراه.”
ماذا لو كانت كلماتها صحيحة؟ عندها، سيكون منطقيًا أن فتاةً لم تمسك سيفًا من قبل وصلت فجأة إلى مستوى سيّدة السيف.
امتلأ وجه فريدين بالتعقيد وهو يحدق في إيلين.
ما نوع المستقبل الذي تعرفه لتصل فتاةٌ عادية إلى أسرار السيف بهذه السرعة؟
وإذا كانت إيلين تتحمّل كل شيء وحدها لتغيير قدرٍ محتوم، فذلك العبء الملقى على كتفيها الصغيرتين لا يمكنه حتى تخيله.
ارتجفت يده بخفة. و شعر أن قلبه ينقبض من شدة الألم عليها. و لم يستطع تحمّل الشفقة التي اجتاحته نحوها.
ثم سألت إيلين، وهي تدور بأناقة،
“سموك فريدين، ما الذي يشغل بالكَ منذ قليل؟”
“آه……أعتذر، سيدة إيلين.”
كانت تنظر إليه باستغراب، فقد بدا شارداً منذ فترة.
‘هل صُدم لأنه لم يكن يعلم مسبقًا؟’
فكّرت إيلين بذلك وهي تتفحص من حولها.
منذ دخولها إلى قاعة الحفل، أطلقت الهالة التي ظلت تخفيها طوال الوقت. وقد ظهرت النتائج فورًا.
بدأ الدوق أسيلي يحدّق فيها بوجه متجمّد من الخوف، وكذلك كوريليا وديتريون. و حتى بعض النبلاء في القاعة نظروا إليها بدهشةٍ ظاهرة.
‘لكنهم لن يظنوا أنني سيدة سيف.’
ومع ذلك، فإن أي شخص لديه خبرةٌ في حمل السيف سيلاحظ أن موهبتها ليست عادية. وسيدركون أن من اختاره السيف لم يكن كارون ليسيروس…..بل إيلين ليسيروس.
لقد رمت إيلين بنفسها اليوم طَعمًا.
!أنا بحاجة إلى يقين.’
كانت بحاجةٍ إلى تأكيدٍ لما كانت تشك فيه طوال هذا الوقت. ولهذا وقفت أمامهم بكل فخر.
كان عليها أن ترى كيف سيتصرفان كوريليا وديتريون والبقية بعد هذا التصرف.
بعد انتهاء الرقصة، انسحبا إيلين وفريدين من وسط القاعة. و في تلك اللحظة، اقترب ديريك من فربدين،
“فريدين، سموّ الأمير ديتريون يطلبكَ.”
كان قد حان وقت خطاب التهنئة الإمبراطوري الذي سيلقيه ديتريون.
وعندما غادر فريدين، قررت إيلين أن تأخذ قسطًا من الراحة على الشرفة بينما يُلقى الخطاب.
وخلال ذلك، تذكرت كارون. فقد لمحته في القاعة وكان لا يزال يبدو مرتبكًا. كأنّه لم يستطع اتخاذ قرار حاسم والوقوف في صفٍّ معين.
ربما من رؤية الفستان القبيح الذي أرسلته كوريليا، أدرك نوع المضايقات التي تعرضت لها إيلين، لكن السنوات الطويلة التي قضاها مع زوجة الماركيز جعلته عاجزًا عن الحسم.
رغم ذلك، لم تشعر إيلين بالخذلان منه. فمن البداية، لم تكن تظن أن كلمةً منها كفيلة بتغيير كل شيء.
‘وإن لم يصدق…..فسأجعله يصدق.’
شعرت إيلين بوجود شخصٍ يقترب من اتجاه الشرفة.
كان شعورًا مألوفًا للغاية.
شخص لم تنسه يومًا، حتى بعد أن عاشت ثلاث حيوات.
و حتى بعد أن ماتت ميتةً شنيعة وأُعيدت ولادتها، استمرت الكوابيس في مطاردتها، كوابيسٌ عن كوريليا وهي تأتي لتبحث عنها.
لقد تحققت. وكانت تلك الكوابيس لا تختلف كثيرًا عن الوضع الحالي.
فكرت إيلين بذلك وهي تدير جسدها ببطء. ثم دخلت كوريليا من باب الشرفة.
_____________________
كارون يبي له اعادة تربية؟ هو ايه اكيد مثدوم من الخيانه بس ذي اختك من لحمك ودمك وش بعد تنتظر؟
المهم ديتريون المجنون خايف من هالتها بس هو يحسبها مشاعر هوس😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 50"