كان لدى كوريلّيا يدان ناعمتان لا يمكن اعتبارهما يدي فارسة متمرّسة. لذا، كان من الصعب تصديق أنها الفارسة التي أرسلها الإمبراطور.
رفعت إيلين الرسالة التي كانت تحملها في يدها.
“هذه……”
“سموه فريدين هو من أرسلها.”
[السيدة إيلين، إن لم يكن لديكِ شريكٌ بعد، فهل تسمحين لي بمرافقتكِ في هذه الحفلة؟]
غرقت إيلين في التفكير وهي لا تزال تحمل الرسالة في يدها.
كان فريدين هو بطل هذه الحفلة. ومع ذلك، اختار أن يكون برفقتها. وبطل حفلة كهذه، يجب أن تكون شريكته امرأةً تليق به.
كوريلّيا لا تزال تظنها إيلين ليسيروس الضعيفة والحقيرة. فقد ادّعت الخوف عندما التقت بها، فقط لتجعل كوريلّيا تغفل عنها.
ولأجل كوريلّيا التي أرسلت لها الفستان، قررت إيلين أن تجهز لها هديةً صغيرة.
“هناك أمرٌ أحتاج مساعدتكَ فيه، كارون.”
حدّقت إيلين في رسالة فريدين التي كانت تحملها في يدها. و كان صوت كوريلّيا يتردد في أذنها وكأنه لا يزال حاضرًا.
“إيلين، لن يحبك أحدٌ أبدًا.”
كانت إيلين تنوي أن تُثبت في هذه الحفلة أن كلامها كان خاطئًا.
***
“شارلوت، كيف أبدو؟”
سألت كوريلّيا شارلوت وهي تدندن بلحنٍ خفيف.
“تبدين رائعة.”
وكان كلامها صادقًا. فكوريلّيا كانت جميلةً بشكل مذهل.
كانت تشارك الآن في الحفلة التي أُقيمت لتهنئة فريدين على إنجازاته.
في غضون أيام قليلة، تدفق عدد كبير من النبلاء إلى الأكاديمية. و حتى بعض كبار النبلاء المعروفين بثقلهم حضروا الحفلة.
حفلة صغيرة تُقام في الأكاديمية ليست سببًا كافيًا لحضورهم. و قد حضر كبار النبلاء فقط ليُظهروا أنهم يدعمون فريدين.
ضيّقت كوريلّيا عينيها وهي تراقب النبلاء المشاركين في الحفلة.
‘دوق أسيلي، الكونت فيرديت، وحتى الفيكونت ليام.’
الدوق أسيلي……كيف تمكن من المجيء؟ أليس مشغولًا في الخطوط الأمامية يقاتل الوحوش؟
حدّقت كوريلّيا فيه وهو يتحدث مع إحدى النبيلات.
حتى وإن كانت تخفي قدراتها باستخدام السحر الأسود، فإن التواجد في نفس المكان مع الدوق أسيلي كان أمرًا خطيرًا.
عبست كوريلّيا قليلًا ثم نظرت إلى جانبها بخفة.
كان ديتريون يجلس بجانبها. و تمتم بصوت ممل وكأنه يشعر بالضجر.
“مملٌ جدًا.”
في تلك اللحظة، تحركت عيناه بسرعة وكأنه يبحث عن أحد.
‘أين إيلين ليسيروس؟’
لم يكن يستطيع كتم فضوله حيال ردّة فعل إيلين بعد لقائها بكوريلّيا. لكن إيلين لم تصل بعد إلى قاعة الحفلة.
تغيرت ملامح ديتريون بانزعاج. و لاحظت كوريلّيا ضيقه، فابتسمت له بلطفٍ محاولةً تهدئته.
“سيحدث شيءٌ ممتع قريبًا.”
“شيءٌ ممتع؟”
“نعم، لقد أرسلت لإيلين فستانًا سخيفًا للغاية.”
نظر إليها ديتريون بعينين يملؤهما الاهتمام.
كانت كوريلّيا واثقةً من نفسها. و لم يخطر ببالها أبدًا أن إيلين قد ترفض ارتداء الفستان الذي أرسلته لها.
تذكّرت كوريلّيا إيلين التي قابلتها قبل أيام. على عكس كارون الذي تغير، لم يظهر على إيلين أي تغيرٍ يُذكر.
‘وخاصةً ذلك الوجه المرتجف من الخوف!’
من المؤكد أنها لن تجرؤ على عصيان أمرها، وستأتي مرتديةً ذلك الفستان القروي المضحك.
كان ديتريون واحدًا من القلائل الذين يعرفون أن الفستان السخيف الذي سترتديه إيلين من فعل كوريلّيا.
ولكن، هل حقًا ستطيع إيلين أمر كوريلّيا كما تقول؟ يبدو أن كوريلّيا لم تُدرك أي تغيرٍ حصل في إيلين.
قبض ديتريون على مسند الكرسي الذي يجلس عليه بقوة.
“هذا يبدو……مثيرًا للاهتمام.”
حين رأت كوريلّيا ملامحه المتوترة بعض الشيء، اقتربت وهمست في أذنه بصوتٍ منخفض،
“لا تقلق من شيء، سموّ الأمير الأول. فريدين لكسيا لن يتمكن من التفوّق عليكَ أبدًا. بأي شيءٍ كان.”
قالت ذلك بثقةٍ مطلقة، دون أدنى شك.
و بينما كانت كوريلّيا تهمس في أذن ديتريون، كان فريدين قد التقى بإيلين خارج قاعة الحفلة.
“السيدة إيلين……”
ما إن نطق باسمها حتى عجز عن إكمال كلامه. فقد بدت إيلين مذهلة، وهي ترتدي فستانًا قرمزيًا يُبرز قوامها المتناسقة، لدرجةٍ تخطف الأبصار.
وربما لم يكن الوحيد الذي شعر بذلك، إذ أن أنظار النبلاء المتجهين نحو قاعة الحفلة انشدّت جميعها نحوهم.
“إيلين ليسيروس……؟”
“يا إلهي……هل كانت دائمًا بهذا الجمال؟”
“يا لها من مبالغةٍ في الترف. مجرد قماش هذا الفستان لا بد أنه كلّف ثروة……”
كانت المهمة التي طلبتها إيلين من كارون هي إحضار سينا من قصر الماركيز ليسيروس. ثم استخدمت اسم سينا، لا اسمها، لحجز أفخم الأقمشة وتفصيل أرقى فستانٍ في المشغل.
وقد تعمدت أن تسير بالأمور بهذا التعقيد كي لا تتمكن كوريلّيا من معرفة ما سيحدث اليوم.
وهكذا، لم تكن إيلين قرويةَ المظهر اليوم، بل أنيقةً وفاخرة للغاية.
إيلين ليسيروس المحبة للبذخ……ربما، على الأقل لليلة واحدة، كان هذا الوصف صادقًا.
ابتسمت إيلين وهي تنظر إلى فريدين، بينما تفكر بتلك الطريقة. فاحمرّ وجه فريدين على الفور.
رغم أنه كان يعلم أن ابتسامتها لا تحمل أي معنى خاص، إلا أنه لم يستطع منع قلبه من النبض بعنف.
لم يرَ أحدًا آخر بعينيه، وكأن العالم اختزل بهما فقط، هو وإيلين.
اقتربت إيلين منه وقد أقلقها شروده وتعبير وجهه الخالي. و راقبت وجهه عن قرب، ثم وضعت يدها برفقٍ على ذراعه.
“سموك فريدين؟”
شعر فريدين أن موضع يدها على ذراعه أصبح ساخنًا للغاية. و دون أن يتمكن من كبح نفسه، نطق بما يشعر به بصدق.
“أعتذر، سيدة إيلين……فأنتِ……جميلةٌ للغاية……”
وما إن أنهى جملته حتى أدرك ما قاله، وارتبك بشدة.
في تلك اللحظة، تذكّر كلام الآنسة أسيلي،
“السيدة إيلين تشعر بالضيق منكَ!”
وعندها، احمر وجه إيلين أيضًا مثل وجه فيردين.
لقد بدا وجهها كحبة طماطم ناضجة على وشك الانفجار. فساد جوٌ من التوتر الخفيف حولهما، لكن لم يكن شعورًا مزعجًا.
أمسك فريدين بيدها بحذر. فأغمضت إيلين عينيها وهي تشعر بالدفء المنبعث من يدهما المتشابكتين.
‘لو أن الوقت يتوقف عند هذه اللحظة……’
لكن ذلك لم يكن ممكنًا. فهي الآن تمشي نحو الجحيم بإرادتها.
وعندما فتحت عينيها مجددًا، لم تكن فيهما براءةُ الخجل كما قبل.
نظرت إيلين نحو قاعة الحفلة بعيني مقاتلة متمرّسة. من أجل فريدين……ومن أجل نفسها……كان عليها أن تواجه الشياطين الذين ينتظرونها هناك.
حينها، تلألأت نظرةٌ قاتلة خفيفة في عينيها.
***
رفع ديتريون كأس النبيذ بتعبير يملؤه الضجر.
فريدين كان متأخراً أكثر مما توقع.
في إمبراطورية ليكسيا، كان من التقليد أن يدخل نجم الحفلة في النهاية. لذا، تأخره لم يكن أمرًا غريبًا. ومع ذلك، ومع أنه كان يعلم ذلك، لم يستطع ديتريون كتم انزعاجه.
عندما بدأ صبره ينفذ ولم يعد يحتمل أكثر، اقترب منه أحد الفرسان وهمس له بكلمات.
“سموّ الأمير ديتريون، يبدو أن الأمير فريدين قد وصل.”
عند سماع كلمات الفارس، وجّه ديتريون نظره نحو باب قاعة الحفلة. ويبدو أن كوريلّيا سمعت الخبر أيضًا، إذ ارتسمت على وجهها ابتسامةٌ خفيفة.
كان وجهها يعكس الترقب لما سيحدث قريبًا.
“إيلين ليسيروس القروية.”
“الابنة الغبية التي لا تشبه والدتها، الماركيزة ذات الذوق الرفيع.”
“يا للمسكينة، لا بد أن الماركيزة تشعر بالحزن. بذوقها الرديء هذا……هل ستتمكن من إيجاد شريكٍ مناسب في حياتها؟”
كما في كل مرة، سيقارنها الجميع بكوريلّيا. ثم سيوجهون لكوريلّيا كلمات المواساة والمديح.
‘أُناسٌ حمقى.’
لقد سئمت من أولئك الجهلة الذين لا يعرفون شيئًا. لكن، وبما أنها تعلم جيدًا كيف ستدفع هذه المسرحية السخيفة إيلين نحو الهاوية، فإنها مستعدةٌ للمشاركة فيها مجددًا.
رغم ذلك، بدأت تشعر بالملل من تكرار هذا العمل السخيف مؤخرًا.
و راودها تساؤل: لماذا لا يزال هؤلاء الأغبياء أحياء؟ الماركيز، و كارون، وتلك الحقيرة إيلين ليسيروس؟
بينما كانت كوريلّيا تنظر حولها بحذر لتتفادى لفت انتباه الدوق أسيلي، رأت ثنائيًا يدخل قاعة الحفلة، ولم تصدق عينيها.
“من تكون تلك؟”
في تلك اللحظة، شعرت وكأن الزمن بدأ يتحرك ببطء.
أول من لفت نظرها كان فريدين. وكما هو معتاد، كان يتمتع بجمالٍ مذهل وساطع. فقد ورث وسامته من والدته، وكان وجهه دائمًا محط أنظار الجميع.
لكن……شريكته، إيلين، لا يمكن أن تكون كذلك. من المفترض أن تظهر مرتديةً ذلك الفستان السخيف الذي أرسلته لها.
هذا ما كانت تعتقده حتى قبل لحظات.
لكن، كما لو أن سلسلة الأحداث التي كانت تسير وفق توقعاتها قد انحرفت فجأة، بدأ كل شيء يخرج عن مساره……وهذا الحدث كان أول الانحرافات.
______________________
اشوا انها مالبست الفستان حسبتها بتكمل المسرحيه
المهم فريدين طاح على وجهه ومحد ساعده يقوم ولا سمى عليه😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 49"