وصل كارون إلى القاعة المركزية في الأكاديمية دون أن يشعر.
‘غريب. لماذا لا يوجد أي حراس؟’
لم يكن هناك أي حراسٍ عند البوابة، رغم أنه من المفترض أن يكونوا في مواقعهم. لكن كارون لم يعر الأمر أهمية وتجاوز الباب الرئيسي للقاعة.
عندما كان على وشك فتح باب قاعة الاجتماعات التي يفترض أن يكون فيها فرسان فريدين، سمع صوت آمون.
“كيف لا يعرف كارون؟”
توقفت يده التي كانت على وشك فتح الباب.
‘ماذا يقصد بأني لا أعلم؟’
عقد حاجبيه وركز انتباهه على الحديث الدائر داخل القاعة.
“صحيح. حتى لو لم يلاحظ الجرح في الظهر، فلا بد أنه لاحظ إصابة الذراع اليمنى. ومع ذلك، كارون لم ينتبه؟ مهما كان الأمر، إنه من العائلة. لا يمكن ألا يكون قد لاحظ.”
ردت ليليا على كلام آمون.
“إيلين قالت فقط أنها ليست من قتل شقيقكِ. ثم……بعد أن قابلت زوجة الماركيز، قالت أن شقيقي اختفى.”
“….…”
“زوجة الماركيز هي على الأرجح من أساءت إلى إيلين أيضاً.”
“اللعنة. ما نوع الحياة التي عاشتها؟ هل هذا معقول؟ لا أحد يعرف من تكون تلك المرأة حقاً.”
“……”
“من المرعب أنني كنت أجهل كل شيء، ومع ذلك اعتقدت أنها شريرة من تلقاء نفسي.”
شعر كارون وكأن أنفاسه تنقطع. فلم يفهم ما الذي يقوله أولئك الآن.
بدأت يده ترتجف بشدة. وفي الوقت ذاته، بدأ قلبه ينبض بسرعة. بسرعةٍ شديدة لدرجة أن قلبه بدأ يؤلمه. أطلق كارون أنيناً مؤلماً دون أن يشعر.
“آه……أوه……”
***
عندما شعر آمون بوجود أحدٍ خلف الباب، نهض فجأة وفتح باب قاعة الاجتماعات.
“كارون ليسيروس؟”
ناداه آمون باسمه وهو يحدق بدهشة في كارون الجالس منهارًا أمام الباب.
كان كارون ينظر إليهم بوجهٍ مشوّه من الصدمة.
‘من أي جزء سمع الحديث؟’
ارتبك آمون.
القاعة المركزية في الأكاديمية كانت تحت حراسةٍ دائمة من قِبل الجنود بالتناوب، لذا لا يدخلها إلا من لديه إذن. ولهذا السبب كانوا يتحدثون براحةٍ واطمئنان.
لم يخطر ببال آمون أن أحدًا قد يأتي إلى هذا المكان حيث لا يُعقد أي اجتماع اليوم. ولم تكن ليليا أقل ذهولًا منه.
وعندما استعاد كارون وعيه بعد سماع أصواتهم، سألهم بصوتٍ مرتجف،
“ما……ما الذي تتحدثون عنه بحق؟”
“….…”
“الكلام الذي قلتموه……ماذا يعني؟ لا يمكن أن تكون أمي قد فعلت شيئًا كهذا!”
كارون لم يستطع التصديق.
‘لا، هذا مستحيل. لا يمكن أن يكون صحيحًا. حتى الشائعات لها حدود.’
فقد تذكّر وجه والدته التي كانت دائمًا قلقةً على شقيقته.
“أنا……أريد حقًا أن أتصالح مع إيلين. لا أريد أن تكرهني طفلتي.”
“كيف أجعل إيلين العزيزة تحبني؟”
كانت أمي تحب أختي.
“كانت دائمًا تحاول جاهدةً أن تفتح قلبها المغلق. و أمي تلك، هي من كانت تؤذي أختي؟”
عند كلمات كارون، تغيرت ملامح وجه آمون.
من المؤكد أن عدم انتباهه لما حوله هو ما جعل كارون يسمع كل شيء، وكانت هذه غلطة آمون.
فإيلين كانت تحاول إخفاء حقيقة أن طفولتها كانت مروعة. وآمون، احترامًا لرغبتها، لم يخبر أحدًا بالحقيقة.
لكن أن يتفوه كارون ليسيروس بتلك الكلمات بعد أن سمع كل شيء……كان ذلك لا يُحتمل.
“كارون ليسيروس.”
تحدث آمون وهو يضغط على أسنانه، ثم أمسكه من ياقة قميصه بعنف.
ثم أجبر كارون، الذي كان جالسًا على الأرض يكرر عبارة “لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا”، على الوقوف.
“أنت فعلاً……قمامة بشكلٍ لا يُصدق.”
“ماذا……؟”
“لو كنت تفكر في إيلين ولو قليلاً، لما كنت توجه أسئلتكَ إليّ الآن، بل لركضت إلى أختكَ فوراً.”
شعر كارون وكأن أنفاسه تنقطع.
كان آمون يعلم جيدًا كم كان تصرفه غير مسؤول. فهو بنفسه أفشى السر الذي ظل يخفيه عن كارون، وقد لا تسامحه إيلين على ذلك.
لكن ما كان أشد عليه من ذلك هو رؤية هذا الأحمق أمامه وهو ينكر الحقيقة ويرفض تصديقها.
“آمون، اهدأ! كارون لم يكن يعلم شيئًا.”
“بسبب زوجة الماركيز ليسيروس، هل تعرف ما الذي مرت به أختكَ من معاناة؟”
دفع آمون كارون بعنف. و كارون لم يقاوم، فسقط على الأرض كما هو.
‘قالت لي، كارون، يكفيني أن تكون سعيدًا.’
تذكر تلك الكلمات التي قالتها له إيلين في طفولته، تلك الطفولة التي لم يعد يتذكرها جيدًا.
ومع ذلك، لم يكن قادرًا على التصديق.
أليس كذلك؟ صحيح أن ليليا وآمون لم يكونا من النوع الذي يكذب، لكن هذا لا يجعل كلامهما غير المعقول صحـيحاً……
لم يستطع تصديق كلامهم بهذه السهولة. والسبب الوحيد الذي جعله يتردد الآن هو أمر واحد فقط،
في الحقيقة، كارون كان قد بدأ يشك قليلاً في الشائعات التي سمعها عن إيلين. خصوصًا بعد حملة القضاء على قبيلة الذئاب، تساءل مرارًا إن كانت كل تلك الأفعال التي نُسبت إليها صحيحة حقًا.
نهض كارون من الأرض بعنف. فلم يكن هناك وقت ليضيع.
إن كان كلامهم صحيحًا، فهو ربما ارتكب في حق إيلين خطأً لا يمكن إصلاحه.
لقد تجاهل رغبتها في تجنب مقابلة زوجة الماركيز، وكذب عليها. و إيلين لا بد أنها تعتقد أنه بانتظارها في حديقة الليل الآن.
ركض كارون خارج القاعة المركزية على الفور.
“كارون ليسيروس!”
سمع صوت ليليا تناديه من خلفه، لكنه لم يستطع التوقف.
فقد كان عليه التأكد، الآن، فورًا.
***
شحب وجه كارون كما لو أن دمه كله قد نزف من جسده.
كان يركض بجنون.
رغم أن بعض الناس بدأوا يتهامسون عند رؤية كارون في حالته تلك، إلا أنه لم يهتم، بل ركّز كل انتباهه على العثور على إيلين.
وبعد أن تأكد من أنها ليست في غرفتها، بدأ يجوب المكان بجنونٍ بحثًا عنها.
“تباً، أختي! أختي!”
كان عليه أن يجدها قبل أن تلتقي بكورِيليا.
في تلك اللحظة، توقّف كارون فجأةً عندما لمح ظهرًا مألوفًا أمامه.
الفتاة التي كانت تسير أمام مبنى السكن كانت بلا شك إيلين.
“أختي!”
صرخ بذلك الاسم وهو يمسك بمعصمها. فاستدارت إيلين ونظرت إليه.
“كارون.”
“أنا……أنا من قال أننا سنلتقي في حديقة الليل……”
“….…”
“كنتُ أكذب.”
“أعرف.”
تجمد كارون عند سماعها تقول ذلك.
كانت تعرف؟
نظرت إيلين حولها للحظة، ثم أمسكت بيد كارون وسارت به. و المكان الذي وصلت إليه كان غرفتها في مبنى السكن.
أغلقت الباب، ثم أخذت تتفحص الغرفة بنظراتٍ شاردة، لأنها تذكرت ما حدث مع روهام قبل أيام.
وبعد أن تأكدت من أن الغرفة نظيفة، أجلسَت كارون على الكرسي. فشعر فجأةً بشيء يشبه الشعور بالتكرار.
فقد حصل أمرٌ مشابه قبل أن ينطلق في مهمة القضاء على الوحوش. وبينما كان يفكر بذلك، قُدم له كوبٌ من الحليب الدافئ تمامًا كما في ذلك الوقت.
أمسك كارون الكوب الذي قدمته له بإحكام. و كانت يداه ترتجفان قليلاً.
عليه أن يقولها. وحين اتخذ القرار، فتح فمه،
“جئت لأن هناك شيئًا أريد أن أسألكِ عنه.”
“….…”
قال كارون ذلك، ثم أمسك ببطء معصم إيلين الأيمن. و شعر برقة معصمها.
ومن ردة فعله، فهمت إيلين أنه عرف السر الذي كانت تخفيه طويلاً.
“لا يمكن……أمي هي من فعلت بكِ ذلك……؟”
تلاقت عينا إيلين وكارون.
كانت قادرةً على قراءة القلق في عينيه. ربما، كان يأمل أن تخبره أن ما اكتشفه لم يكن حقيقياً.
كان يردد في داخله أن كورِيليا ليست شخصًا كهذا، وأن أخته انحرفت فقط لأنها لم تستطع تقبّل زوجة أبيها بعد وفاة والدتها.
لكن إيلين التزمت الصمت. لو كذبت في هذه اللحظة، لكان ذلك سيمنح كارون بعض الراحة. وهذا ما اختارته في حياتها الأولى.
أن تظل صامتةً حتى لا تُؤذي شقيقها الصغير. أن تعاني لوحدها، فهذا كان كافيًا.
كانت تظن أن صمتها، وأن يكون الألم من نصيبها وحدها، سيجعل الجميع سعداء. لكن الآن، لم تعد تريد أن تمنع كارون من معرفة الحقيقة.
فبعد ما حدث مع روهام، أدركت أمورًا كثيرة.
في تلك اللحظة، تحدث كارون وكأنه اتخذ قرارًا،
“أختي، سامحيني على وقاحتي.”
قال ذلك وهو يرفع كمّها. وعندما رأى آثار الجروح القديمة، تغيّرت ملامح وجهه بشكلٍ مأساوي.
شعر بألمٍ يمزق صدره.
كان آمون وليليا على حق.
بدأت يدا كارون ترتجفان بشدة. ومع ذلك، كان من الصعب عليه تقبّل الحقيقة رغم الدليل الواضح أمام عينيه.
أحقًا……أمي هي من فعلت هذا بأختي؟ هل عذّبت إيلين منذ طفولتها؟
“من……من فعل هذا؟”
“….…”
“من الذي فعل هذا بكِ؟”
“وإن قلت لكَ بأنها كورِيليا، هل ستصدق؟”
“ماذا قلتِ؟”
“إذا قلتُ لكَ أن تلك التي تناديها ‘أمي’، هي من أسقطتني في الجحيم طوال تلك السنين……هل ستصدق؟”
“ما……ما الذي تقولينه؟”
تشققت نبرة صوت إيلين، وفي تلك اللحظة غطّى كارون وجهه بكلتا يديه.
كلماتها كانت بمثابة إنكارٍ لكل ماضيه.
قصر الماركيز الهادئ والمطمئن. والده المشغول دومًا لكنه عطوف. والدته، التي وإن لم تكن أمه بالدم، إلا أنها كانت أحن من أي أحد، وتحب العائلة حبًا حقيقيًا……
هكذا كان يؤمن طوال حياته. لكن……أن يكون كل ذلك مجرد كذب؟
_________________________
انفدا آمون و ليليا😭😭😭😭
هو ما اقدر الوم كارون لأنه اخوها الصغير بعد هو يبي حنان بس سالفة انه كان مصدق الإشاعات عن ايلين توجع
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 47"