فريدين خمن أن خوفها كان شيئًا تراكم منذ أن كانت صغيرة جدًا، وكان أشبه بالغريزة.
وفي الوقت ذاته، أدرك أن إيلين كانت تحاول جاهدةً كبح ذلك الخوف. فشدّ ذراعه التي كانت تحيط بكتفها.
وعندها رأى كارون إيلين. و قال شيئًا ما لماركيزة، ثم اقترب منهما بسرعة. وعندما اقترب، سحب فريدين ذراعه التي كانت تحيط بإيلين.
نظر كارون إلى فريدين بعينين مستغربتين، لكنه سرعان ما انحنى له تحية.
“أختي، أمي تريد رؤيتكِ الآن. وأيضًا……”
توقف كارون عند تلك النقطة، وألقى نظرةً خاطفة نحو فريدين.
ثم همس لإيلين بصوتٍ منخفض بعدما بدت عليه ملامح الحرج لوهلة.
“أرجوكِ، هذه المرة لا تجعلي أمي تشعر بالحزن.”
تجمدت ملامح فريدين عند سماع تلك الكلمات.
‘ما معنى هذا الكلام؟’
ارتجفت إيلين بعد أن سمعت ذلك.
ما الذي قاله لها كارون الآن؟ “لا تجعلي أمي تشعر بالحزن؟”
كارون كان طفلًا طيبًا. لكنه تربى منذ صغره على يد زوجة الماركيز.
وحتى أثناء تعرض إيلين لسوء المعاملة، لم تستطع أن تصارحه بالحقيقة كاملة، ولم يكن السبب فقط غسل الدماغ الذي خضعت له من كورِيليا.
بل لأنها لم تكن واثقةً من أنه سيكون في صفها إن أخبرته بكل شيء.
“لا تفكري في الأمر، لنذهب. أمي بانتظاركِ.”
عند كلام كارون، استدارت إيلين مجددًا لتنظر إلى زوجة الماركيز. وكما قال، كانت كورِيليا تقف بعيدًا في هدوء تنتظرها. وكأنها تفهم كل شيء.
بعينين تملؤهما الرحمة، كما لو كانت أمًّا حنونة، لم تستعجلهم كورِيليا ولم تطلب منهم أن يسرعوا. كانت تؤدي دور الأم التي تنتظر أن تهدأ ابنتها الشريرة، دون أن تحاول الضغط عليها.
هكذا كانت كورِيليا دائمًا. كانت تعرف جيدًا كيف تجعل الموقف يصب في صالحها. وكانت تفضل استغلال من حولها على أن تتدخل بنفسها.
“أختي! هل ستتصرفين هكذا مجددًا؟ لقد مر وقتٌ طويل، فهل من الصعب أن نتحدث قليلًا؟”
“توقف، السيد كارون.”
عندما حاول كارون استعجال إيلين، وقف فريدين في وجهه ليمنعه.
“هذه ليست مسألةً تتدخل فيها سموك فريدين. هذا شأنٌ يخص عائلة الماركيز ليسيروس.”
“لا، أنا أتكلم إليكَ بصفتي خطيب السيدة إيلين.”
عند تلك الكلمات، تغيرت ملامح كارون إلى مزيجٍ من الحيرة والدهشة. و لم يكن يفهم لماذا يتدخل فريدين بهذا الشكل.
ألم يكن من المعروف أن خطوبتهما خاليةً من أي مشاعر؟
“خطيبها؟”
“نعم، خطيبها.”
“أنتَ لا تحب أختي أصلًا.”
عند كلمات كارون، أخفى فريدين إيلين خلف ظهره. فلم يكن يستحق هذا الكلام حتى الرد أو النفي.
“قبل أن تحكم على مشاعر الآخرين كما تشاء، أجبني أنت أولًا……هل فكرتَ حقًا في مشاعر السيدة إيلين؟”
“أنا……”
تلون وجه كارون بتعابير معقدة. ثم رفع رأسه والتقت عيناه بعيني إيلين.
لكنها سرعان ما أشاحت بنظرها عنه، وحدّقت بوجه جامد نحو كورِيليا. وكان من الواضح من نظراتها أنها لا تريد التحدث مع كورِيليا الآن.
“أنا والسيدة إيلين سنعود إلى السكن، فأخبر زوجة الماركيز أننا سنزورها لاحقًا.”
قال فريدين ذلك وأمسك بيد إيلين بقوة، ثم مرّ من أمام كارون دون أن يتوقف.
***
لم يستفق كارون من صدمته إلا عندما اقتربت كورِيليا منه وأمسكت بكتفه. و كانت تنظر إلى المكان الذي كانت تقف فيه إيلين، بوجه يكسوه الحزن.
“كارون……لقد أغضبتُ إيلين مرة أخرى، أليس كذلك؟”
انحدرت دمعةٌ من عين كورِيليا، وجعلت كارون يقف حائرًا لا يعرف ما يفعل.
رغم أن هذا الموقف تكرر كثيرًا منذ طفولته، إلا أنه كان يظن أن هذه المرة ستكون مختلفة. فقد أظهرت إيلين تغيرًا كبيرًا أثناء وجودها في الأكاديمية.
وكان يعتقد أنه ربما الآن، يمكن أن تتحسن العلاقة بين والدته وبين إيلين. لكن يبدو أن الأمر لم يكن كذلك.
“متى ستفتح إيلين قلبها لي؟ أنا……”
“أمي……”
“أنا فقط……قلقةٌ جدًا على إيلين……”
“أختي تتأقلم جيدًا في قسم فنون السيف. وستفتح قلبها لكِ يومًا ما، أمي.”
“لكن يا كارون……رايمون، الذي كان يحمي إيلين، قد اختفى.”
“ماذا؟”
عند كلمات كورِيليا، بدت الدهشة الحقيقية على وجه كارون. فقد كان يعتقد أن رايمون عاد إلى قصر الماركيز.
“الآن بعد أن لم يعد موجودًا، إن سلكت إيلين طريقًا خاطئًا، فلن يكون هناك من يوجهها أو يُنبهها. وهذا ما يقلقني كثيرًا.”
“أختي……أختي قد تغيرت الآن يا أمي. لم تثر أي مشاكل في الأكاديمية، ولم تؤذِ أحدًا.”
لكن عند كلماته، نظرت إليه كورِيليا بنظرةٍ تنم عن انزعاج واضح. لكن ما حدث كان في لحظة قصيرة جدًا، فلم يشعر كارون إطلاقًا بذلك التوتر الغريب.
“كارون……أنا……”
فجأة بدأت كورِيليا تبكي بصوت عالٍ. و أمسكت بكتف كارون، وأجهشت بالبكاء بحرقة حتى بدت على وشك الإغماء.
وبينما كانت تبكي، بدأ المارة ينظرون إليهم خفيةً، وبدأت الهمسات تتعالى.
“هل أغضبت إيلين ليسيروس زوجة الماركيز مجددًا؟”
“يا للمسكينة……سمعت أن سبب قدومها المبكر للأكاديمية كان بسبب إيلين ليسيروس.”
“ربما تكون إيلين قد صرخت في وجه السيدة مرة أخرى.”
امتلأ وجه كارون بالغضب عند سماعه كلام من حوله.
غضب من أولئك الذين لا يعرفون شيئًا ويتحدثون عن إيلين كما يشاؤون. لكن بسبب كورِيليا التي كانت تتشبث به وتبكي، لم يستطع فعل أي شيء.
“حتى في مهمة القضاء على الوحوش، كادت القديسة تُصاب معها. والآن بعد رحيل رايمون، لم يبقَ من يردعها……لذا ظننت أنه يجب أن آتي بنفسي. و أسرعت بالحضور، لكن أن يُقابلني التجاهل مجددًا، فهذا يحزن هذه الأم كثيرًا……”
“لكن أمي، إن كان هذا هو السبب، فلا داعي للقلق. أختي……حقًا قد تغيرت. الجميع يحبها الآن.”
تجمدت ملامح كورِيليا عند كلماته.
‘ما هذا؟ هل كارون ليسيروس يجرؤ على معارضتي الآن؟’
ضيّقت كورِيليا عينيها وحدّقت في كارون.
الطفل الصغير الذي كان دائمًا يطيع كلامها من دون اعتراض قد اختفى، ولم يبقَ أمامها سوى شابٍ لا يبدو مرتاحًا، يتجنب النظر في عينيها.
‘هل كبر عقله الآن؟’
يبدو أنه بدأ يُفكر بنفسه.
مع ذلك، لم تشعر كورِيليا بقلق كبير تجاه هذا التغير في سلوك كارون. فالأشخاص من نوعه كان من السهل التعامل معهم.
أمالت كورِيليا رأسها بحزن، ولاحظت أن كارون بدأ يشعر بالتوتر والقلق من تصرفاتها. فراقبته بطرف عينها وسخرت داخليًا.
‘إذًا، كارون لم يتغير بعد.’
ثم أمسكت بيده بحركةٍ تنم عن الحنان.
“كارون……لكن، من واجب الوالدين أن يقودوا أبناءهم إلى الطريق الصحيح……”
“….…”
“كما هو الحال بيني وبينك، يجب أن أوجّه إيلين أيضًا.”
“أمي……”
شددت كورِيليا قبضتها على يد كارون، وراحت نظراتٍ غريبة مشتعلة تدور في عينيها. فشعر كارون بخوفٍ غامض عندما رأى تلك النظرة في عيني كورِيليا.
همست له كورِيليا بهدوء،
“لذا، هلا تساعدني كي ألتقي بإيلين وحدنا فقط؟”
***
‘هل ما أفعله الآن هو الصواب؟’
تردد كارون.
لو كان في الماضي، لكان قد استجاب لطلب كورِيليا دون أي تردد. لكن الآن، لم يعد الأمر كما كان.
عضّ كارون شفته السفلى. فلم يكن واثقًا مما إذا كان ما ينوي فعله صوابًا.
‘أختي لا تريد رؤية أمي، هذا مؤكد.’
لكن دموع أمه لم تفارق ذهنه.
كان كارون يشعر بنوعٍ من الدَّين تجاه كورِيليا. فمع أنها كانت قادرةً على إنجاب أطفال، تخلّت عن ذلك من أجل إيلين وكارون.
“يكفيني أن أربي هذين الطفلين جيدًا.”
لقد منحتهم كل الحب والرعاية، رغم أنهم لم يكونوا من رحمها.
كان بوسعه تلبية طلب كورِيليا هذا بكل سهولة. بل إن طلبها بأن تلتقي بابنتها وحدهما فقط بدا في حد ذاته أمرًا مثيرًا للسخرية.
ومع ذلك، لم يستطع كارون إنكار شعور الانزعاج الذي ترسّب في قلبه.
“إذاً، يا سيد كارون، هل تريدني أن أنقل هذه الرسالة إلى السيدة إيلين؟”
أومأ كارون برأسه أمام مشرفة السكن،
“نعم، أخبريها أن تلتقي بي بعد ساعة……في مقهى يُدعى ‘حديقة الليل’ أمام الأكاديمية.”
ألقت مشرفة السكن، إيلوا، نظرةً مريبة عليه، متعجبة من كونه لا يريد إيصال رسالة بسيطة بنفسه.
لكنه تجاهل نظرتها وأدار ظهره. بعد ان اجتاحه التعب.
‘مع ذلك……سيكون الأمر على ما يرام.’
ترنح قليلًا بينما توجه نحو القاعة الرئيسية في الأكاديمية. فقد كان بحاجة إلى مكان يصفو فيه ذهنه.
شعر بأن خطواته باتت ثقيلةً على نحو غريب.
وعلى الأغلب، فإن مشرفة السكن قد أوصلت رسالته لإيلين الآن.
“كارون……لا تقلق. سأحسن الحديث مع إيلين. تلك الفتاة ستتفهمكَ.”
“إيلين لا تستجيب عندما أدعوها، لذا لن يحدث شيء……أنت ابنٌ طيب حقًا، كارون.”
لماذا كانت كلمات كورِيليا التي همست بها بوجهٍ حزين تظل عالقة في ذهنه؟
رغم أنه كان الابن الطيب، إلا أنه لم يكن قادرًا على أن يكون الأخ الطيب أيضًا.
_________________________
كارن تكفى مب على كيفك تخليهم لحالهم ياورععع
فريدين يجنن يوم بعدها زوجوهمممم😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 46"