لقد كان أمرًا فعله دون أن يشعر.
كان من المفترض أن يلتقي بإيلين اليوم، لكنه لم يكن ينوي أبدًا أن يسحبها معه بهذه الطريقة المتهورة. ولكن بعد لقائه بديتريون، فقد صوابه في لحظة.
“السيدة إيلين……هل أنتِ بخير؟”
شعر فريدين بالخزي من نفسه لأنه لم يطرح هذا السؤال إلا الآن، رغم أنه كان يجب أن يسألها منذ البداية.
أزعجه أنه أظهر لها مشهدًا سيئًا دون أن يفكر كم كانت ستفزع.
يا ترى، هل سمعت إيلين تلك الكلمات المهينة التي قالها ديتريون؟
من المستحيل ألا تكون قد سمعتها، فهي مبارزةٌ ماهرة وسمعها قوي.
ومع ذلك، فتحت إيلين فمها لترد وكأن الأمر لا يعنيها حقًا.
“إذا كنت تشير إلى ما قاله الأمير ديتريون، فأنا حقًا لا أشعر بأي شيءٍ تجاهه.”
“…….”
“وأيضًا……عندما يكون هناك الكثير من الناس، لا داعي لأن تحاول حمايتي. لا بد أن الآنسة أسيلي أيضًا ستشعر بالانزعاج.”
“لا داعي للقلق بشأن ذلك.”
“عفوا؟”
“أنا والآنسة أسيلي لسنا على أي علاقة.”
حاولت إيلين جاهدةً أن تفهم ما يقصده فريدين.
لا توجد بينه وبين الآنسة أسيلي أي علاقة؟
في تلك اللحظة، تذكرت كيف كانت الآنسة مرارًا تؤكد لها ألا تقلق بشأن علاقتها بفريدين.
“أنا والآنسة أسيلي لسنا عاشقين……لقد كانت مجرد علاقةٍ تعاقدية. وقد أنهيتها الآن.”
“….…”
“لذلك…+إن كان هذا ما كان يزعجكِ، فلا داعي لأن تفسخي خطبتنا.”
كانت كلماتٍ أراد أن يقولها لها منذ أن كانا في أراضي قبيلة الذئاب.
فريدين لم يكن يريد حقًا أن ينفصل عنها. رغم علمه بأن هذه كانت أنانيةً منه، إلا أنه لم يستطع التخلي عنها.
حتى وهو يدرك جيدًا مدى الإهانات التي قد تتعرض لها إن بقيت بجانبه……لم يستطع كبح رغبته.
“لذا، أرجوكِ تراجعي عن قولكِ أنكِ تريدين فسخ الخطوبة.”
مع كلمات فريدين، شعرت إيلين بأن قلبها بدأ ينبض بسرعة.
‘هو والآنسة لا تربطهما أي علاقة؟’
رأت عيني فريدين الصافيتين تنظران إليها. و كانت تشعر بأن صدرها يغمره شعورٌ جارف كلما نظرت إليه.
عندما تراه، ينبض قلبها بسرعة وتشعر برغبةٍ في البكاء، وأحيانًا تود أن تتدلل له.
‘أنا أيضًا……أريد البقاء معكَ إلى الأبد.’
ابتلعت إيلين هذه الكلمات التي لم تستطع البوح بها.
حتى لو لم تكن هناك علاقةٌ بين فريدين والآنسة أسيلي، فلن يكون هناك مكانٌ لها في مستقبله.
‘لا تطمعي، لقد وعدتِ نفسكِ بأن تكتفي بهذا القدر.’
لكن رغم ذلك، لم تستطع أن تمحو تمامًا مشاعر الغصة التي أثارتها كلماته.
فهي تحبه……منذ زمنٍ بعيد جدًا.
“أنا……لا أستطيع فعل ذلك.”
لم يكن فريدين يعلم كم من القسوة تسكن داخلها. و ربما لهذا السبب كان لا يزال يعاملها بلطفٍ هكذا.
الشخص الذي ينبغي أن يكون بجانب فريدين يجب أن يكون شخصًا مشرقًا، و ودودًا.
تمنت لو كان ذلك الشخص يشبهه. ولهذا السبب، لم تكن تستطيع أبدًا أن تقف إلى جواره.
كانت إيلين تكتفي فقط بسعادته لتشعر بالرضا.
“السيدة إيلين، أعلم أن لديكِ سرًا تخفينه عني. فأنا أيضًا لدي أسراري. كما ترين، علاقتي بديتريون في أسوأ حالاتها، فهو يحتقرني.”
“….…”
“لا أعرف لماذا تخفين حقيقة أنكِ سيدة سيف. لا بد أن هناك أسبابًا خاصةً بكِ، أسبابًا لا أجرؤ حتى على تخمينها……”
“أنا……”
“لكن هناك أمرٌ واحدًا أعلمه جيدًا. أنكِ أطيب إنسانةٍ قابلتها على الإطلاق.”
ارتعشت عينا إيلين وسقطت منها دموع صغيرة. فمد فريدين يده ليمسح دموعها بلمسة تفيض بالعطف.
“أنا لا أصدق أبدًا أنكِ ارتكبتِ أيًا من الأفعال المشينة التي ترددت عنها الشائعات. لذا……إن لم يكن لديكِ مانع، أود أن أساعدكِ في إثبات براءتكِ.”
“هل……تعتقد أنني لستُ شخصًا سيئًا؟”
“لم يخطر ببالي ولو للحظة أنكِ قد تكونين كذلك.”
كانت كلماته رقيقة جدًا، حتى إن إيلين كادت أن تعترف له بكل شيء.
كادت أن تقول له بأن كلامه صحيح، و أنها لم ترتكب أي خطأ.
وبدون أن تدري، أمسكت بيد فريدين. ففوجئ هو للحظة، ثم سرعان ما احمر وجهه.
ثم ترددت إيلين قليلًا قبل أن تجيب بصوتٍ خافت.
“نعم، افعل كما تشاء.”
أشرق وجه فردين بإجابتها، لكن إيلين كانت تفكر بشيءٍ آخر أثناء النظر إليه.
لكي يتمكن فريدين من كشف من يقف خلف الأمر بدقة، سيستغرق وقتًا طويلًا. وفوق ذلك، كان هذا الأمر قد حدث في الماضي بنفس الطريقة.
حتى لو حاولت منعه، كانت هناك احتماليةٌ كبيرة لوقوع نفس الحادثة مجددًا.
في الماضي، بذل فريدين جهده لإثبات براءتها تمامًا كما يفعل الآن، لكنه في النهاية فشل في كشف الحقيقة.
الشخص الذي كان خلف زوجة الماركيز، والذي نشر شائعة كون إيلين شريرة……من كان يا ترى؟
غطت إيلين يد فريدين بيديها، والدموع تنهمر بلا توقفٍ من عينيها. و شعرت بنظرات فريدين المليئة بالحيرة تتجه نحوها.
“ما السبب يا سيدة إيلين؟”
“…….”
“عندما أنظر إليكِ……أشعر بألمٍ غريب في صدري. ولا أستطيع التخلص من الإحساس بأنني نسيتُ أمرًا مهمًا.”
كانت كلمات فريدين أشبه بسؤالٍ يطرحه على نفسه.
بوجهٍ مشوش، مد فريدين يده ببطء ليمسح خد إيلين. و عندها، نظرت إليه إيلين بعينين متسعتين من الدهشة.
شعر فريدين، وهو يحدق بمظهرها ذاك، بارتجاج غريبٍ ينتشر في صدره.
‘لماذا أشعر بهذا الحزن؟’
كان فريدين مرتبكًا. فقد اجتاحته مشاعرٌ لا يستطيع فهمها في هذه اللحظة.
***
“الأمير ديتريون.”
ضغط ديتريون ببطءٍ على يد روهام الذي كان راكعًا أمامه.
رغم أن ملامح روهام كانت تتلوى من الألم، إلا أنه لم يجرؤ على رفع رأسه.
“لا أفهمك حقًا، الفارس روهام. كيف لفارسٍ من الطبقة العليا أن يكون عديم الفائدة بهذا الشكل؟”
“آه……أعتذر يا سمو الأمير.”
“فارسٌ لا يستطيع حتى إيصال رسالةٍ واحدة بشكل صحيح، أين سأستفيد منه؟”
الفرسان الآخرون الذين كانوا يحيطون بديتريون لم يبدوا أي دهشة من المشهد. بل بدوا وكأنهم يراقبون المكان بحذر لئلا يلاحظ الآخرون تصرفات الأمير.
ما كان يقوم به ديتريون لم يكن طبيعيًا بأي حال من الأحوال.
رغم كونه ولي العهد الأول الإمبراطورية وسيد روهام، إلا أن معاملته هذه لفارسٍ رفيع المستوى لم تكن لائقةً أبدًا.
كان تصرف ديتريون مع روهام أشبه بمعاملة عبد، لا فارس.
“لقد خيبت ظني يا روهام.”
قال ديتريون ذلك وهو يضرب خد روهام بأصابعه. فحدق روهام في ديتريون بعينين مليئتين بالرعب.
“حين لا تعود هناك حاجةٌ للغرض، لا بد من التخلص منه.”
كان تعبير ديتريون، وهو يقول ذلك، خاليًا تمامًا من أي مشاعر بشكلٍ مرعب.
بعيدًا عن غباء الفارس الواقف أمامه، فإن السبب الآخر الذي جعل ديتريون في مزاجٍ سيئ هو سبب زيارته لهذا المكان.
فقد جاء رسميًا لـ”تكريم فريدين نظير إنجازاته الكبيرة”. وسيُقام حفلٌ صغير في الأكاديمية بعد أسبوعين من أجل منحه التكريم.
‘من المفترض أن تصل كورِيليا في ذلك الوقت أيضًا.’
استمر ديتريون في التفكير بإيلين بينما استحضر صورة كورِيليا في ذهنه. و تساءل عما إذا كانت إيلين ستبقى على حالها حتى بعد رؤية كورِيليا.
عندما يكون الثلاثة معًا، هل ستتوسل إليه لتنقذ نفسها كما فعلت حين جذبتها كورِيليا بعيدًا في الماضي؟
أم أنها ستحدق به بنظرات مختلفةٍ تمامًا كما فعلت اليوم؟
“أرجوك……أرجوك أنقذني، سمو الأمير!”
“أنقذكَ؟”
مال ديتريون رأسه وهو يقول ذلك.
“إن كنت تريد النجاة، فعليكَ أن تثبت فائدتك، يا روهام.”
حتى أثناء معاقبته لروهام، لم يتوقف ديتريون عن استحضار وجه شخصٍ واحد في ذهنه. لم يستطع أن يطرد من رأسه نظرات إيلين بعينيها الخضراوين وهي تحدق به.
فجأة، شعر ديتريون بانزعاج شديد وكأن أفكاره قد خرجت عن سيطرته.
تلألأت عيناه بنظرةٍ مخيفة وهو يحدق في روهام الراكع أمامه.
استغلال هذا القمامة للتعامل معها لن يكون فكرةً سيئة.
كان يرغب بشدة أن يرى وجه إيلين الخالي من التعبير يعود مجددًا ليغرق في ملامح البكاء كما كان من قبل.
قال ديتريون موجها حديثه لروهام،
“هل ترغب بالنجاة، يا روهام؟ سأخبركَ كيف.”
***
كانت إيلين مع فريدين.
و كان يمسك بيدها وهو يبتسم بسعادة. بينما ذراعاه القويتان تحتضنان خصرها برفق.
كان وجهه الذي يبتسم بلطفٍ مألوفًا وغريبًا في آنٍ معًا.
‘هذا غريب……’
حدقت إيلين في فريدين بشرود.
ثم، وهي ترى وجهه يقترب منها تدريجيًا، اتسعت عيناها لكنها لم تبتعد عنه.
نظر إليها فريدين وكأنها أحب شيءٍ إليه، وطبع قبلةً خفيفة على جبينها.
“….…”
بدت عليه ملامح وكأنه يهمس لها بشيء.
‘لا بد أن هذا حلم……’
انهمرت دموعٌ مرة أخرى من عيني إيلين. لكنها كانت تعلم أن هذه الدموع لم تكن بسبب الحزن، بل كانت دموع السعادة.
لأنها، في هذا الحلم، لم تكن ترتدي ملامحها الحزينة المعتادة، بل كانت تبتسم.
____________________
اوه شكله حلم؟ بغيت اصرخ احسب فريدين مسكها معه😭
المهم أخيرا إيلين بكت أحسها كاتمتها من زمان😔🫂
يوم قالت نظر اليها و كأنها احب شيءٍ اليه صرختتتت😭✨✨💕
الله يقطع ديتريون كله منه ولاكان بنشوف زي ذا المومنت قريب
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 42"