فريدين الذي يتذكره ديتريون كان دائماً محظوظاً. لكن هل يمكن تفسير هذا الأمر بـ”الحظ” وحده؟
حتى أثناء مهمة القضاء على الوحوش، وكذلك خلال مهمة إنقاذ اللاجئين هذه، تمكن فريدين من إنجاز كل شيء بطريقة غريبة.
على الرغم من أن المهام التي أُوكلت إليه كانت أموراً يستحيل حلها منطقياً. الا أن ذلك لم يرق لديتريون.
‘ابن الحشرة القذرة.’
باتت مكانة فريدين تتوسع أكثر بعد نجاحه في هذه المهمة أيضاً، وذلك لم يكن ما يريده ديتريون.
لذا، ما كان يفعله الآن مع إيلين لم يكن سوى تفريغٍ لغضبه، غضبٌ موجه نحو فريدين الذي أنجز مهمةً لا تُصدق.
‘أنا أيضاً فضولي لمعرفة كيف ستتصرف إيلين ليسيروس.’
فكر ديتريون بذلك وهو يحدق بها. رأى إيلين ليسيروس التي أصبحت أكثر جرأةً بشكلٍ ملحوظ مقارنة بالماضي.
الفتاة البائسة التي كانت تتعرض للضرب من كورليا تغيرت حتى باتت جميلةً لدرجة أدهشته. و قد أصبح يفهم سبب اعتزاز فريدين بها.
عندما أعلن فريدين وإيلين خطبتهما، لم يعرِ ديتريون لذلك أهميةً كبيرة، بل اعتقد فقط أن والده قد تصرف بدافع نزوة مجنونة.
فريدين، الذي يحمل دماً قذراً، وإيلين ليسيروس، التي اعتبرها بائسة.
‘ثنائي مناسبٌ لبعضهما البعض.’
كان هذا كل ما اعتقده وقتها. غير أن رؤيته لإيلين المتغيرة جعلت مشاعره تبدأ بالاضطراب.
لم يكن الأمر لأنه لم يعجبه، بل أن مظهرها المتغير بدا له أكثر إثارةً للاهتمام.
“هل هو بسبب خطوبتكِ من فريدين……؟ نظراتكِ أصبحت تشبهه كثيراً.”
“…….”
“ممتع. هل فكرتِ يوماً بفسخ خطوبتكِ مع فريدين والمجيء إليّ؟”
بالطبع لم يكن يقصد ما قاله أبداً، فلم يكن لديه أي نية للارتباط بإيلين.
لكنه لم يتوقع منها أن ترفضه. فقد كان يعلم جيداً كم كانت إيلين متعطشةً للمحبة، لذا قال ذلك كمجرد اختبار لها.
لا بد أنها ستفقد صوابها. فقد كانت تجد حتى مجرد التقاء نظراتها به أمراً بالغ الصعوبة.
“أعتذر، سمو الأمير.”
كانت فتاةً لا تفعل سوى أن ترتبك وتلعب بأصابعها عند كلماتٍ قاسية كتلك.
لكن إيلين، وكأنها تسخر من تفكير ديتريون، نزعت معصمها من قبضته. فارتسم صدعٌ خفيف على وجه ديتريون الذي كان يبتسم.
لم يكن لديه أي نية لتركها تذهب، بل كان يشد على يدها بكل قوته. ومع ذلك، استطاعت إيلين أن تفلت من قبضته بهدوء، كما لو كانت تزيح يد طفل صغير.
أنزل ديتريون نظره نحو يده وحدق بها. و شعر بفراغٍ في يده التي أفلت منها معصم إيلين.
“صاحب السمو ديتريون.”
رفع ديتريون رأسه بذهول وهو لا يزال يحدق في يده، فرأى إيلين تنظر إليه بعينين خاليتين من أي مشاعر.
“حتى لو فسخت خطبتي مع سمو الأمير فريدين، فلن آتي إليكَ أبداً.”
كان صوت إيلين حازماً وهي تنطق بتلك الكلمات.
“هاها.”
انفجر ديتريون ضاحكاً كأنما وجد الأمر مسلياً للغاية، ولم يتوقف عن الضحك حتى امتلأت عيناه بالدموع.
تجهم وجه إيلين وابتعدت خطوةً إلى الوراء عنه. فرأى ديتريون ذلك وأمال رأسه باستغراب.
“وماذا يمكنكِ أن تفعلي؟ هل تظنين أن شيئاً سيتغير لمجرد أنكِ خُطبتِ لفريدين؟ فريدين نفسه لا بد أنه يكره خطبتهُ لكِ.”
“…….”
“عندما أفكر بالأمر، أشعر ببعض الشفقة. فخطبتكِ جعلت من قيمة فريدين تنخفض أكثر.”
“…….”
“كل ما عليكِ فعله هو أن تطيعي أوامري. أليس هذا ما علمتكِ إياه كورليا؟ لا تقولي لي أنكِ نسيته؟”
اقترب ديتريون أكثر فأكثر من إيلين، ثم مد يده نحوها،
“حاولي أن تهربي إن استطعتِ. لنرَ ماذا سيحدث حينها.”
وقبل أن تلمس يده إيلين، أمسك أحدهم بيده.
‘من تجرأ على ذلك؟’
لو كان شخصاً عادياً، لكان الحراس المختبئون قد فصلوا رأسه قبل أن يقترب منه حتى.
تشنج وجه ديتريون بغضب وهو ينظر إلى الرجل الذي أمسك به. و أول ما لفت نظره كان وجهه الوسيم بطريقةٍ تثير الاشمئزاز.
شعر ديتريون بالغثيان بمجرد أن رأى ذلك الوجه.
نظر إلى الرجل وكأنه يمضغه بأسنانه ونطق اسمه باحتقار
“فريدين ليكسيا……!”
كان فريدين يقف هناك.
***
أطلقت إيلين زفرة ارتياح وهي تحدق بفريدين.
لقد كان أمراً مريحاً حقاً. لولا حضوره، لكانت قد وقعت في فخ استفزاز ديتريون، مما كان سيهدم كل الجهود التي بذلتها حتى الآن.
وقف فريدين بين ديتريون وإيلين.
و بسبب أنه كان قد ركض وهو لم يتعافَ بعد من إصاباته في مهمة القضاء على قبيلة الذئاب، كان نفسه ثقيلاً.
“دعني.”
دفع ديتريون بحدة يد فريدين التي كانت تمسك بذراعه.
“مر وقتٰ طويل، فريدين.”
قال ذلك وهو يمد يده إلى الخلف، فناولَه أحد الفرسان الذين ظهروا فجأة منديلًا.
شد آمون، الذي كان يقف خلف فريدين، ملامح وجهه عندما رأى ذلك الفارس. الذي لم يكن قد أدرك حتى وجوده.
وهذا معناه أن ذلك الفارس كان لا يزال قوياً إلى حد لا يستطيع آمون مجابهته.
فرسان ولي العهد الأول للإمبراطورية، ديتريون، كانوا بهذه القوة. و حتى فرقة الفرسان الاحتياطية التي شكلها فريدين من طلاب الأكاديمية لم يكن بإمكانها مواجهتهم بشكلٍ صحيح.
رمق آمون ديتريون بنظرةٍ حادة.
‘يا له من ذوق فاسد.’
لم يستطع إلا أن يفكر بذلك.
لابد أن ديتريون كان يعتبر إيلين مجرد طالبةٍ عادية في قسم فنون السيف بالأكاديمية. و أن يأمر فتاةً مثلها بمواجهة فارس من الرتبة العليا……
كان تصرفاً يظهر بوضوح تام أنه لا يكترث مطلقاً بكرامة إيلين.
بدأ ديتريون يفرك بقوةٍ موضع ذراعه الذي أمسكه فريدين مستخدماً المنديل، وكأنه ينظف شيئاً قذراً، مما جعل آمون يعبس دون أن يشعر.
“هل لدى سموكَ عملٌ مع السيدة إيلين؟”
“بصفتي أميراً للإمبراطورية، أردتُ أن أرى بنفسي مهارات طالبةٍ متميزة من الأكاديمية.”
“السيدة إيلين لديها موعدٌ مسبق معي.”
عند كلمات فريدين، راح ديتريون ينظر حوله. و شعر بنظرات طلاب الأكاديمية الذين كانوا يتابعونهم بعينين يملؤهما الفضول.
رغم أن ذلك لم يسره، إلا أنه كان عليه أن يتراجع خطوةً في الوقت الحالي. فبعد أن أنقذ فريدين اللاجئين، أصبح يتمتع بسمعةٍ عالية جداً. و إظهار ازدراء له هنا لن يكون قراراً حكيماً.
انتقل بصر ديتريون إلى إيلين. و لاحظ كيف كانت تنظر إليه ببرود، لكنها بمجرد أن وقع بصرها على فريدين بدت مضطربةً ومتوترة.
‘تهتمين بهذا الحشرة أكثر مني؟’
أثار ذلك غضب ديتريون.
ففي النهاية، لم تكن إيلين سوى قطعة شطرنج موضوعة على رقعة لعبه. وكذلك كان فريدين.
كان ينبغي أن يشعر بالسخرية تجاه ما يفعله هذان الإثنان، مهما كان، لكنه وجد نفسه منزعجاً بشكلٍ غريب من تصرفات إيلين التي تغيرت عن السابق.
أخفى فريدين إيلين خلف ظهره وهو يحدق في ديتريون بنظراتٍ حذرة.
اقترب ديتريون حتى وقف بجانب فريدين، ثم حدق في إيلين وهمس بجانب أذن فريدين.
“سمعت كثيراً هذه الأيام إشاعاتٍ تقول أنكَ تحب إيلين ليسيروس، فريدين. هل وقعتَ في الحب فعلاً؟”
“…….”
“أنت تعرف جيداً، ما الذي يحدث عندما تبدأ بتقدير شيءٍ ما……لا تقل لي أنكَ نسيت؟”
عندها صرّ فريدين أسنانه بقوة.
“لا تُهنها.”
احمرت عينا فريدين بالغضب عند كلمات ديتريون.
لم يكن يمانع الإهانات الموجهة له شخصياً، لكن إهانة من حوله لم يكن ليغفرها.
“لم أكن مهتماً في البداية……لكن يبدو أنني غيرتُ رأيي.”
“إن مسستها، فلن أتمالكَ نفسي.”
“سيكون ذلك ممتعاً. ماذا عن رهان؟ لنرَ من منا سيفوز بإيلين ليسيروس.”
لم يحوّل ديتريون بصره عن إيلين ولو للحظة.
‘هل حقاً كانت إيلين ليسيروس هي التي اختارها السيف؟’
عندما رأى كم تغيرت إيلين عن آخر مرة رآها، فهم لماذا كان والده يسعى للحد من قوة عائلة ليسيروس. وفهم أيضاً لماذا كان يسعى للعثور على من اختاره السيف، لكسر موهبته وقتله.
تلألأت عينا ديتريون باهتمامٍ شديد.
***
‘ستكون بخير. إيلين سيدة سيف.’
ردد فريدين هذه الفكرة في نفسه وهو يمسك معصم إيلين ويتحرك مبتعداً بها.
حتى لو حاول ديتريون اضطهادها، لن يتمكن من هزيمة سيدة سيف.
ولكن……الإمبراطور يمتلك سيدي سيف، الكونت ليون والماركيز إيرمان.
‘ماذا لو هاجموها معاً؟’
تخيل فريدين أسوأ السيناريوهات. كان يعلم كم أن هذه الفكرة غير واقعية، لكنه لم يستطع كبح تفكيره.
‘هل يجرؤ ديتريون على التلاعب بابنة عائلة ليسيروس؟ لكن قبل ذلك……هل عائلة ليسيروس بالفعل إلى جانبها؟’
عند هذه الفكرة، أصبح وجه فريدين بارداً كالثلج.
“سيدي فريدين.”
أفاق فريدين من شروده عندما نادته إيلين. و دون أن يشعر، كان قد قادها معه حتى وصلا إلى مكتبه.
_______________________
اعزمها و تقهووا وعينوا من الله خير
الي بيدْبح ديتريون بيصير راس تاجي 😘
وابوه معه طبعاً بكج واحد
نظرات آمون هي حرفيا نظراتنا😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 41"