حدث أمرٌ لم يتوقعه أحد. خصوصًا كوريليا وشارلوت، لم يخطر ببالهما على الإطلاق.
في أرض قبيلة الذئاب، كان هناك سيد سيف.
الكلمات التي قالها الدوق أسيلي لفريدين على سبيل المزاح أصبحت حقيقة.
“من يدري؟ ربما يساعدنا سيد سيفٍ عابر هذه المرة أيضًا.”
في هذه الأثناء، كانت إيلين، التي بلغت مرتبة سيد السيف بعد ثلاث حيوات، تحدق بعينين مثقلتين في الشخص الذي ظهر أمامهم.
الشخص الذي رمى الرمح نحو ليليا كان زعيم قبيلة الذئاب الذي ظهر فجأة.
عينيه فقدتا الإدراك، وجسده كان يفيض بطاقة المانا غير المنضبطة.
لم يكن يبدو طبيعيًا أبدًا. لكن فقدان العقل لم يكن مقتصرًا عليه، فإيلين كذلك لم تكن في حالتها الطبيعية.
الشخص الذي أرادت حمايته أصيب في لحظةٍ غفلت فيها عن الحذر.
ولحسن الحظ، حالة فريدين، الذي أصيب بالرمح بدلًا من ليليا، لم تكن خطيرةً كما كان متوقعًا. ففي اللحظة التي كان الرمح على وشك أن يغرس في جسده، أطلق الطفل الذي أنقذوه طاقة مانا أبطأت من سرعة الرمح للحظات.
لكن الرمح كان قد أُلقي من قبل سيد سيف، ومهما كانت سرعته قد انخفضت، فقد ألحق ضررًا داخليًا بفريدين.
كان ذلك كافيًا لإلحاق الضرر.
صرخ آمون وركض نحو فريدين، بينما كانت ليليا بجانبه لا تكف عن استخدام سحر الشفاء.
إيلين حاولت أن تهدأ وهي تراقب ذلك المشهد.
ليست إصابةً قاتلة. أنت تعلمين ذلك، إيلين ليسيروس. لذا اهدئي.
لكن مهما حاولت تهدئة نفسها، كانت يداها ترتجفان من شدة الغضب.
إيلين رأت العديد من حالات الموت، وقد اختبرت الموت بنفسها أيضًا.
فريدين أُصيب بأذى داخلي، لكن بما أن الجرح ليس عميقًا، فبضعة أشهر من الراحة ستكون كافيةً للتعافي.
لكن في اللحظة التي أُصيب فيها، تدفقت إلى عقل إيلين ذكريات الماضي كأنها شظايا متناثرة.
فريدين، الذي غادر لتنفيذ مهمة أمر بها الإمبراطور، وهي التي انتظرته بقلق في برد قصر الماركيز آمِلةً عودته سالمًا.
ثم وصل الفارس حاملًا الخبر، والوجه المصدوم لآمون عند سماع ما حدث. وذلك الإحساس بالعجز الذي اجتاحها حينها وأطلق من أعماقها صرخةً مؤلمة…..
شعرت إيلين حينها وكأن شيئًا ما في داخلها قد انقطع فجأة.
نظرت إلى الزعيم الذي أمامها وتمتمت،
“من أنت بحق؟”
وغاصت عيناها في الظلام.
في الحقيقة، كانت تُكنّ بعض الأمل في قلبها طوال هذا الوقت. ألم يكن من الممكن أن تعيش بهذه الطريقة؟ فقط هكذا…..أن تنسى الماضي وتعيش بسلام؟
الحياة في أكاديمية أتينس كانت مختلفةً عن الماضي. قضاء الوقت في التدريب على المبارزة مع طلاب قسم المبارزة، والضحك معهم، لم يكن أمرًا سيئًا.
لا، في الواقع، كانت سعيدة.
لو كانت قادرةً على العيش حياةً طبيعية كهذه، فقد تتمكن من نسيان كل ما عانته من كوريليا في الماضي.
‘لكنّكِ تعرفين، يا إيلين.’
شعرت إيلين وكأن هناك من يجرّها نحو هاوية عميقة.
طالما لم تعرف من كان يحاول إسقاط عائلة الماركيز……وطالما لم تقم بالقضاء عليهم جميعًا، فالمستقبل سيعيد نفسه لا محالة.
في الماضي، تعرّض فريدين لإصابةٍ خطيرة هنا. وإيلين كانت تعلم ذلك، لذا لم تبتعد عنه أبدًا. ومع ذلك، انتهى به الأمر مصابًا مرة أخرى.
المكان الذي أُصيب فيه تغيّر، لكن حقيقة أنه أُصيب مرة أخرى جعلت إيلين تشعر وكأنها تسقط من على حافة الهاوية.
“كان من الأفضل لو تركتني وشأني..….أنا..…”
لماذا تُغضبني؟
كـــرااااه-!
اندفع زعيم قبيلة الذئاب نحو إيلين وهو يطلق صرخةً وحشية.
وسط تلك الهالة المرعبة، صرخ آمون بإيلين بوجه شاحب كالثلج.
“إيلين، انتبهي!”
كان من الواضح أن حالة الزعيم غير طبيعية.
هل كان هذا هو حال الفرسان الملوثين بالسحر الأسود الذين سمع عنهم فقط في الشائعات؟
قوة زعيم قبيلة الذئاب، الذي قيل أنه يضاهي سيد السيف، كانت خارجة عن نطاق التصور.
عيناه كانت مقلوبتين، والمانا كانت تثور حوله كعاصفة عاتية.
شعر آمون في قرارة نفسه أن حتى لو وُجد سيد سيف ماهر في هذا المكان، لكان من الصعب مواجهته. حتى وإن كانت إيلين نفسها سيدة سيف، فلن تستطيع التغلب عليه.
وفي تلك اللحظة، انغرست مخالب زعيم قبيلة الذئاب في خصر إيلين. و تغلغلت قوته مباشرة في جسدها وهزّته بعنف.
حدث كل شيء بسرعة لم يستطع آمون حتى تتبعه بعينيه، وصرخت ليليا التي كانت بجانبه،
“لا!”
تمزق ثوب إيلين، وامتلأ جسدها كله بالدماء.
حاول زعيم قبيلة الذئاب مجددًا أن يهاجمها باستخدام مخالبه. فقد كان ينوي إنهاء حياة هذه المرأة البشرية التي أمامه بضربة واحدة. لكنّه لم يتمكن من التحرك أكثر من ذلك.
لأنّ إيلين كانت تمسك بيده التي انغرست في جسدها.
و آمون أدرك أن إيلين قد تعمّدت تلقّي الهجوم.
ظهرت العروق المنتفخة على ذراع زعيم قبيلة الذئاب، ومع ذلك لم يكن قادرًا على الحركة، إذ كان ممسوكًا بيد إيلين الصغيرة.
كانت قد استجمعت أقصى قدرٍ من المانا في جسدها للإمساك به، وابتسمت له بهدوء.
ثم، وبيدها الأخرى، رفعت سيفها ببطء. وقد تجمّعت على طرفه مانا زرقاء قاتمة. و غرست إيلين ذلك السيف مباشرة في قلب الزعيم.
***
يد ليليا كانت ترتجف بخفة.
إيلين ليسيروس كانت ممتلئةً بالدماء وملقاةً على الأرض.
وبسبب السحر العلاجي المتواصل الذي استخدمته دون توقف، بدأت تشعر بالدوار.
“لقد جنّت..…”
إيلين ليسيروس فقدت عقلها، لماذا فعلت ذلك بنفسها؟ هل كانت في كامل وعيها حقًا؟
خرجت تلك الكلمات منها دون أن تشعر. بل إن حالة إيلين بدت أسوأ من حالة فريدين.
ليليا، التي كانت قد استنزفت ماناها بالفعل أثناء علاج فريدين، راحت تُلقي سحر الشفاء على إيلين دون وعي أو توقف.
وأثناء ذلك، شعرت فجأة بالريبة من تصرفاتها.
‘لماذا أفعل هذا؟’
لو توقفت الآن، لربما تمكنت من قتل إيلين ليسيروس دون أن تبذل جهدًا. عندها كانت ستحقق الانتقام الذي ظلت شارلوت تكرر الحديث عنه مرارًا.
لكنها كانت تستخدم كل ما تبقى لها من قوة لعلاج إيلين…..لأن كلمات فريدين كانت قد زعزعتها من الداخل.
ماذا لو لم تكن إيلين ليسيروس…..هي حقًا الهدف الذي وضعت عليه كل كراهيتها طوال هذه المدة؟
شعرت ليليا وكأن أحدهم يخنقها، وكأن الهواء انقطع عنها.
وفي تلك اللحظة، أمسك أحدهم بمعصمها. فنظرت بذهول إلى من أمسك يدها…..
كانت إيلين تنظر إليها بعينين نصف مغلقتين.
“أنتِ…..ما هذا الذي..…”
“ليس أنا…ططاهتمي بسموه فريدين..…”
“ما هذا الهراء…..فريدين لم يُصب بقدر ما أُصبتِ أنت! لقد عالجته بالسحر بالفعل وهدأت حالته! لا يوجد شيء آخر يمكنني فعله له الآن!”
“أنا…..بخير.”
“أي خيرٍ هذه التي تتحدثين عنها؟!”
لماذا تُضحي إيلين ليسيروس بنفسها بهذا الشكل؟
كانت ليليا تريد أن تتجاهل كل ذلك، لكنها كانت تعرف جيدًا السبب الذي جعل إيلين تبذل كل تلك القوة لقتل زعيم قبيلة الذئاب بضربةٍ واحدة.
لو لم تمسك به بجسدها وتضحي بنفسها، لكانت المعركة بين سيد السيف وذلك الخصم الذي لا يقل عنه قوتها قد ألحقت أضرارًا بالغة بكل من حولها.
وليليا كانت تدرك ذلك. كانت تعلم أن إيلين وصلت إلى هذه الحالة فقط لأنها أرادت حمايتهم.
‘لكن…..هذا غير منطقي. إن كانت بهذه الطيبة…..فلماذا قتلت كاليبس؟..…’
وأثناء تلك الأفكار، لمحت ليليا خرزةً سوداء متدلية حول عنق الزعيم.
“تلك…..لماذا هذه موجودة هنا؟..…”
كان ذلك حجر مانا خاصًا ذا طاقة غريبة، عرضته عليها شارلوت من قبل.
صحيحٌ أنها لم تثق تمامًا في شارلوت التي جاءت إليها في وقت لم يكن لديها فيه شيء، ووعدتها بالانتقام، لكنها لم تشكك فيها بشكلٍ جدي أبدًا.
فبعد موت كاي، لم يكن هناك أحد بجانبها سوى شارلوت. وفي كل مرة تنظر فيها إلى شارلوت، التي ادعت أنها كانت الصديقة المقرّبة لكاي، كانت ترى ظل أخيها الراحل.
كانت ترغب في الشعور بأثره حتى لو كان ضئيلًا. ولهذا، حاولت بوعي أن تتجاهل شكوكها تجاه شارلوت.
‘حتى لو كانت تخفي عني شيئًا…..فبعد رحيل كاي، لم يكن هناك أحد يهتم لأمري سواها…..’
عندما فكرت بالأمر، لم يكن هناك شيءٌ واحد لم يبدُ مشبوهًا من البداية إلى النهاية.
هل يُعقل أن قاتلة كاي هي إيليى ليسيروس؟ فتاةٌ صغيرة في مثل سني آنذاك؟
عندما اجتمعت كل الأدلة، شعرت وكأن الضباب الكثيف الذي كان يملأ رأسها قد انقشع فجأة، لتكشف الحقيقة الملتبسة.
‘والآن وأنا أفكر…..لماذا صدّقت ذلك بهذه السهولة؟’
وضعت ليليا يدها على فمها، فقد كادت أن تتقيأ.
لم تستطع نسيان حالة الزعيم حين فقد عقله، ولا حتى لحظة تفكك جسده بعد موته. لكن أكثر ما أرعبها كان ذلك الحجر الأسود الذي أعطته شارلوت لها، والذي كان يتدلّى حول عنق الزعيم.
لم تعرف ليليا كيف انتهى به الأمر هناك. لكنها فهمت بوضوح ما كانت شارلوت تحاول فعله.
لقد خدعتها…..وكانت تنوي تحويلها إلى شيءٍ شبيه بذلك الزعيم.
____________________
ياااااااااااس حلو الاكتشاف يا ليليا الى الامام يختي
بس ايلين باعمري انت ليه كل ذاه يوجع😔
الورع يجنن انقذ اخوه🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 36"