لكن، لم يكن ذلك ممكنًا. فلا بد أن هناك سببًا ما يمنع إيلين من كشف الحقيقة كاملة.
اهتزّت يد فريدين التي أمسكت بكتفها بخفة. كان يشعر وكأن الحقائق التي لا يستطيع تحمّلها تنهال عليه دفعةً واحدة.
***
ليليا وآمون كانا محتجزين داخل سجن قبيلة الذئاب.
كانت ليليا تحدّق في القضبان الحديدية التي تسد طريقها بنظرة تنمّ عن الضيق.
وعلى عكسها، لم تُصب بأي جراح، أما آمون فبدا وكأنه قاوم بشدة أثناء جره إلى هنا، إذ كانت هناك إصاباتٌ عديدة متناثرة على جسده.
و رغم مظهره البائس، إلا أن عينيه ظلّتا تتلألآن بقوة.
نظر آمون إلى ليليا وتحدث،
“لا يمكنكِ استخدام السحر إطلاقًا؟ قبيلة الذئاب مذهلةٌ حقًا. من أين حصلوا على حجر التحكم بالمانا؟”
“إنهم مجانين بالسحرة…..على أي حال، أعتقد أننا تسببنا بإزعاجٍ لسموه فريدين. ماذا نفعل؟ هل يمكننا الخروج من هنا؟”
“ذلك الفريدين…..لا بد أنه هرب، أليس كذلك؟”
تمتم آمون بقلق.
من المحتمل أن الكونت ليون لن يأتي لإنقاذهم. فهو يكره التأخير عن المواعيد، وقد بدأ آمون يشك في الأمر منذ أن لم يكن الكونت متواجدًا في أراضي قبيلة الذئاب.
مع أنهم لم يتوقعوا أبدًا أن يُؤسَروا من قبلهم…..
لكن ما يقلقه أكثر من أي شيء الآن، هو أن فريدين قد يحاول إنقاذهم بنفسه.
تمنى آمون من أعماقه ألا يدخل فريدين إلى هذا المكان. لأنه إن فعل، استطاع أن يتخيّل النهاية التي ستؤول إليها الأمور بالنسبة له وليليا.
ومع ذلك، شعر أن ذلك أفضل من أن يكون عبئًا على فريدين.
رغم أنهما يتصرفان بحرية داخل الأكاديمية، إلا أن آمون كان قد عقد العزم على خدمته كسيّده بعد التخرج. وبصفته فارسًا تحت التدريب، كان يرى أن الموت أشرف من أن يتسبب في أذى لسيده.
تصلبت نظرات آمون بعزم.
إن حدث الأسوأ…..فليذهب متمسكًا بشرفه. هذا ما عاهد نفسه عليه.
***
“تباً!”
صرخ آمون وهو يضرب الأرض بقبضته، يلوم نفسه على عجزه.
و في تلك اللحظة، سمع صوت ليليا الضعيف وكأنها فقدت بعض قوتها،
“إيلين ليسيروس؟”
رفع آمون رأسه بسرعة عند سماع ذلك الاسم. وكان على وشك أن يصرخ قائلاً: “كيف يمكن أن تكون إيلين هنا؟”،
لكن ما إن رأى وجهها ظاهرًا أمام عينيه، حتى انعقد لسانه وسكت.
لم تكن إيلين وحدها من دخلت إلى السجن تحت الأرض. فخلفها، ظهر أيضًا فريدين.
وفوق ذلك، كان في حضن فريدين طفلٌ غريب لم يسبق أن رآه آمون من قبل.
شعر آمون بالذهول من ظهور أشخاص لم يكن يريد رؤيتهم هنا إطلاقًا.
ما الذي يجري؟ لماذا هم هنا أصلًا؟ هل يُعقل أنهم أيضًا أُسروا على يد قبيلة الذئاب؟
إذاً، ماذا سيحدث الآن؟ ومن يكون هذا الطفل؟
في عقل آمون، مرّت صورة الإمبراطور وهو يبتسم بخبث بينما يُحتجز فريدين كرهينة.
حتى وإن لم يُقتل أحد، فإن مكانة الأمير الثاني فريدين ستُداس بالأرض. ويبدو أن ليليا كانت تفكر بالأسوأ أيضًا، فقد شحب وجهها تمامًا من شدة الذعر.
لكن لم يكن هناك أي أثر لأفراد من قبيلة الذئاب يحيطون بإيلين وفريدين أو يقودونهما. فسأل آمون إيلين،
“آنسة إيلين…..كيف دخلتِ إلى هذا المكان؟”
لكن إيلين وفريدين لم يجيبا.
نظر آمون إليهما وقرر أن يتمسك ببعض الأمل. ربما لم يُؤسروا، بل جاؤوا لإنقاذه هو وليليا.
لكن سرعان ما أدرك كم أن تلك الفكرة بعيدة عن الواقع، فابتسم بسخرية مريرة.
كانوا لا يزالون داخل سجن قبيلة الذئاب. وقد رأى آمون بنفسه عدد الحراس من أفراد القبيلة الذين يقفون أمام السجن عندما جُرّ إلى الداخل.
وفقًا للمنطق الطبيعي، لم يكن من الممكن لهما الوصول إلى هذا المكان بعد القضاء على كل تلك التهديدات.
شعر آمون بالغضب يتصاعد حتى رأسه. كان غاضبًا من نفسه، لأنه أُسر بغباء وتسبب في عبء على فريدين.
لكن بينما كان يصرخ، التقت عيناه بعيني إيلين. وفي تلك اللحظة، انتابه شعورٌ غريب. فقد تغيّر جوّ إيلين بشكلٍ مفاجئ.
وكأنها قد اتخذت قرارًا، تقدّمت نحو القضبان، ثم سحبت السيف المعلّق عند خصرها.
ما الذي تحاول فعله؟
تساءلت ليليا في ذهول وهي تراقبها. فبسيفها هذا، لن تتمكن من خدش حجر التحكم بالمانا حتى.
مهما تكن لم تتعلم فنون السيف، لكن من المستحيل أن تكون عائلة الماركيز قد أهملت تعليمها مثل هذه المعلومات البديهية.
ليليا، التي كانت تراقب تصرفات إيلين، فتحت فمها بدهشة،
“إيلين ليسيروس، هذه حجرةُ تحكم بالمانا. لا يمكن أنكِ لا تعرفين ذلك، صحيح؟”
“….…”
“لا تقومي بأي حماقة! محاولة تحطيم حجر التحكم بالقوة قد تقتلكِ!”
وافق آمون على كلام ليليا، وتمتم بوجه شاحب،
“صحيح، إيلين…..لا تفعلي هذا، من الأفضل أن تخرجي…..وتستسلمي لقبيلة الذئاب.”
لم يكن يجهل ما تشعر به إيلين، لكنه لم يكن يريد أن تتأذى بسبب لحظة اندفاع عاطفي.
لكن ما فعلته بعد ذلك جعل آمون وليليا يتجمّدان في مكانهما. فمن دون أن تتيح لهما فرصةً للصراخ، رفعت إيلين سيفها وضربت به قضبان السجن المصنوعة من حجر التحكم بالمانا.
فانشقّت القضبان كما لو أنها قُطعت من البداية، بطريقةٍ نظيفة لا تصدق.
فهم ليليا وآمون فورًا ما يعنيه ذلك، فتجمدت أفواههما من الذهول. وبعد لحظة، تمتمت ليليا بوجه شاحب خالٍ من الحياة وكأنها غير مصدقة،
“هذا جنون..…”
أما آمون، فقد فرك عينيه غير مصدّق، ظنًا منه أنه يتوهّم ما يراه. و فريدين والطفل أيضًا حدّقا في إيلين بدهشة، غير قادرين على النطق بكلمة.
أن تتمكن من قطع حجر التحكم بالمانا بالسيف؟ ما حدث كان أمرًا لم يتوقعه أحد.
“كيف يمكن أن…..؟”
حجر التحكم بالمانا معدنٌ شديد الصلابة. لا يمكن قطعه إلا بسحر من المستوى السادس أو على يد سيّد السيف.
وحقيقة أن هذا الحجر قد انشق بسهولة تحت سيف إيلين…..جعلت قدمي ليليا تخونانها، فانهارت جالسةً على الأرض.
لبضع لحظات، شعرت أن عقلها قد تجمّد، ولم تستطع ترتيب أفكارها.
تمتمت ليليا،
“هل هذا ممكن؟”
لم تستطع تصديق ما يحدث أمامها.
حجر التحكم الذي انشطر بسهولة، وإيلين ليسيروس التي تقف أمامهم بوجهٍ هادئ وكأن ما فعلته أمر عادي.
وذلك لا يعني سوى شيء واحد.
إيلين ليسيروس…..هي سيّدة السيف.
المرتبة التي يحلم بها كل فارس، قد بلغتها إيلين بالفعل.
غاصت أظافر ليليا في التراب من شدة الصدمة.
‘قاتلةٌ مثلها…..وتكون سيّدة السيف؟’
في هذا العالم، يوجد الكثير من الفرسان الذين يعرفون معنى الشرف، لكن ليس جميعهم يبلغون مرتبة سيّد السيف.
مرتبةٌ لا يصل إليها حتى من يكرّس حياته كلها في السعي إليها…..فهل من العدل أن تبلغها تلك الفتاة في هذا العمر الصغير؟
شعرت ليليا وكأن أنفاسها تنقطع.
…..لم يكن من المبالغة القول أن حياتها بأكملها كانت تدور حول رغبتها في قتل إيلين ليسيروس يومًا ما.
فمنذ مقتل كاي، أصبحت حياتها جحيمًا. ولم تقرر أن تعيش مجددًا إلا بعدما أدركت أنها تملك موهبةً سحرية.
أرادت أن تصبح ساحرةً عظيمة، تملك ما يكفي من القوة لقتل الابنة النبيلة لعائلة ليسيروس متى ما شاءت.
لكن إن كانت إيلين ليسيروس سيّدة السيف…..فهذا يعني أن هدف حياتها قد انهار بالكامل.
“هذا مستحيل…..في هذا العمر؟ كيف يمكن أن تكون سيّدة سيف؟ هذا لا يعقل!”
في وسط صرخة اليأس التي أطلقتها، أمسك آمون بكتفها،
“ليليا..…”
فأدارت وجهها نحو فريدين،
“فريدين…..أنتَ…..هل كنت تعلم أن إيلين ليسيروس هي سيّدة السيف؟ هل كنت تعرف؟ هل لهذا السبب كنت تحميها دائمًا وتدور حولها؟…..كيف يمكنكَ فعل ذلك؟”
بدأت يدا ليليا ترتجفان، وحدقت بإيلين بعينين محمرتين من الغضب والدموع.
مرت في ذهنها تلك السنوات الطويلة التي كانت تبكي فيها كل ليلةٍ شوقًا لرؤية كاي.
طوال ذلك الوقت، كانت تتألم بشدة. لم يكن الألم جسديًا، بل كان ألمًا روحيًا لا يُحتمل…..
كانت تشتاق لرؤيته رغم علمها بأنها لن تراه مجددًا.
بعد موته…..بقيت تنتظر أخاها في الكوخ الذي كانا يعيشان فيه، دون أن تعرف لماذا لم يعد.
“لماذا لم يعد أخي…..أشتاق إليه.”
وعرفت أنه مات فقط عندما جاءت إحدى خادمات قصر الماركيز.
كانت تلك الخادمة تُدعى شارلوت، وقد انهارت باكيةً وهي تقول إن كاي قُتل بسبب إيلين ليسيروس. ثم أخرجت من جيبها كيسًا صغيرًا، وقالت أنه تعويض من سيدة القصر.
ثمن حياة كاي…..لم يكن سوى بعض القطع الذهبية القليلة.
____________________
اتمنى في ذا الفصول تقتنع ليليا انه مب ايلين القاتله☹️
شسمه ماتوقعت تكشف لهم انها سيدة سيف بسرعه تضحكني كل شي تسوين بسرعه حتى انتقامها من رايمون😭
يبدو ان فريدين وقع دامه ساكت طول ذا الوقت🙂↕️
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 34"