كان الطفل يرتجف وهو يغطي عينيه بيديه، لكن رجال قوم الذئاب لم يبدوا أي اهتمامٍ بحاله.
في لحظة، سحبت إيلين خنجرًا من عند خصرها وألقته. فأصاب الخنجر يد أحدهم واخترقها مباشرة.
“آخ!”
الآن، لم يعد هناك وقت. السرعة والحسم كانا مفتاح النجاة.
تلاقت نظراتها مع فريدين، فأومأت برأسها ثم اندفعت للأمام، وتبعها فريدين على الفور.
“من هناك؟!”
“إنهم المتسللون!”
صرخ رجال الذئاب عندما رأوا إيلين وفريدين.
ركضت إيلين وضربت أول من صرخ منهم على رأسه بظهر سيفها. وبفضل قوة المانا، فقد وعيه على الفور.
أما فريدين، فقد نجح هو الآخر في القضاء على أحدهم بسرعة عبر هجومٍ مباغت.
لم يكن ما فعلاه ناتجًا عن تفكيرٍ طويل، بل فقط رغبةٌ ملحة في إنقاذ الطفل الذي يتألم أمام أعينهم.
في تلك اللحظة، هاجم أحد رجال الذئاب إيلين بسرعة مستخدمًا مخالبه الطويلة، مستهدفًا جانبها. و حين رفعت سيفها لتصدّ الهجوم، كان فريدين قد سبقها، فقطع ذراع المهاجم بسيفه.
وبتزامنٍ دقيق، ركلت إيلين بطن ذلك الرجل. و بفضل المانا التي غمرت ساقها، طار رجل الذئاب بعيدًا وسقط عاجزًا عن القتال، ومن المحتمل أنه لن يستطيع الحركة لفترة طويلة.
نظر فريدين إلى ما حدث وقد ظهر الذهول في عينيه، وكذلك كانت إيلين.
‘بهذا المستوى……ربما يمكننا الخروج من هنا دون أن أُظهر كل قوتي……’
رغم أن إنقاذ اللاجئين كان لا يزال مهمةً صعبة، الا أن تفكر أن إنقاذ آمون وليليا قد يكون أمرًا ممكنًا وسهلًا نسبيًا.
وإن نجحت في إنقاذهم أولًا، فيمكنها بعدها أن تعود وحدها إلى أراضي قوم الذئاب لإنقاذ اللاجئين. وبهذا، لن يكون هناك ما يدعو الآخرين للشك في قدراتها الحقيقية.
فكّرت بذلك وهي تشعر بأملٍ يملأ صدرها.
كانت تتوق للاستمرار في عيش حياة الأكاديمية المسالمة لأطول وقتٍ ممكن. فإن انكشف أمرها وأنها في الواقع “سيدة السيف”، فلن تتمكن من الاستمرار في هذه الحياة.
في لمح البصر، أصبح عشرةٌ من رجال الذئاب عاجزين تمامًا عن القتال.
اقترب فريدين منها وهو مذهول،
“مهاراتكٍ مذهلة حقًا، آنسة إيلين.”
كان فريدين في الصف المتقدم، بينما كانت إيلين في الصف المبتدئ. ومع ذلك، استطاع أن يدرك أن مهاراتها تفوق مهاراته بكثير.
ما كانت تملك تلك القوة لتكون في الصف المبتدئ. حتى اثنين من الفرسان المتقدمين لم يكونوا ليتمكنوا من القضاء على عشرةٍ من رجال قوم الذئاب بهذه السرعة.
على الأرجح، لو كان غيرها، لأطال القتال ولأصبحوا مطاردين من تعزيزات العدو.
تذكر فريدين حينها محادثة أجراها مؤخرًا مع الدوق أسيلي،
“كنت أظن أنه لم يعد هناك من يستحق المراقبة هذه الأيام……لكني رأيتُ مؤخرًا شخصًا مفيدًا حقًا.”
فريدين كان يظن أن الشخص الذي مدحه الدوق هو آمون، إذ رغم كسله، كان يملك موهبةً فذة.
لكنه تفاجأ حينها من أن الدوق أسيلي وصفه بتلك الكلمات. فالدوق كان من النوع الذي نادرًا ما يثني على أحد، حتى على فرسان الفيلق الأول المعروفين بقوتهم الهائلة.
لذلك، فإن عبارة “شخصٍ مفيد” كانت من أعظم عبارات المديح التي يمكن أن تصدر منه.
لكن الآن، بدأ يخطر له أن الشخص الذي كان الدوق يتحدث عنه ربما لم يكن آمون، بل إيلين. وكان ذلك……بالفعل أمرًا غريبًا.
أن تكون إيلين أقوى من آمون وهو الذي تدرب لعشرات السنين.
“لا، فقط لأن التناغم بيننا كان جيدًا أكثر مما توقعت……”
“نعم، كان هناك تناغمٌ جيد فعلًا.”
راوده شكٌ بسيط، لكنه لم يكن يملك وقتًا للتفكير بعمق الآن.
اقترب على عجلٍ من الطفل الملقى أرضًا، وقطّب جبينه حين رأى أن إصابته كانت أخطر مما ظن.
خفض فريدين جسده ليلتقي بعيني الطفل مباشرة. وفي تلك اللحظة، تدفقت إلى ذهنه ذكريات الطفل.
“ما هذا؟ كيف يمكن أن يحدث شيءٌ كهذا؟”
“أليس وحشًا؟”
“ابتعد أيها الوحش!”
أناسٌ يتهامسون بعد أن رأوا الطفل يستخدم السحر. طفلٌ نُبذ وتُرك لأنه وُصف بالوحش.
تاه الصبي بلا وجهة، ثم اختلط باللاجئين الفارين، وهناك أُلقي القبض عليه من قبل قبيلة الذئاب. وبعد أن كُشف أنه ساحر، بدأ يتعرض لعذابٍ لا يمكن وصفه بالكلمات.….
أمسك فريدين رأسه بيديه.
قراءة ذكريات الآخرين كانت أصعب مما تخيّل. فقدرته الخارقة كانت تفرض نفسها على ذهنه، دون إرادته، في أي وقتٍ ومكان، لتغرس ذكريات الآخرين في عقله.
وكلما كانت تلك الذكريات أكثر رعبًا، ازدادت درجة إرهاقه بشكل مرعب.
عض على أسنانه بحزم، ورفع الطفل بحذر بين ذراعيه.
لم يكن لدى الطفل حتى القوة ليرد على أي أحد، فقد نظر إلى فريدين بنظرة خاطفة، ثم انكمش على نفسه.
كان يخفي وجهه بذراعه النحيلة كأنه يحاول الاختباء بيأس.
ما مر به كان كافيًا ليصيب أي بالغٍ بالذعر، فكيف بطفل صغير في مثل هذا الوضع؟
أن يدخل في حالة ذعر كان أمرًا طبيعيًا تمامًا.
همس فرسدين للطفل بوجه جاد،
“لن نؤذيكَ.”
عند سماع تلك الكلمات اللطيفة، فتح الطفل عينيه على اتساعهما وهو بين أحضانه.
ربّت فريدين على ظهره بلطف ليطمئنه قدر الإمكان. لكن لم يكن هناك وقت.
عليهم أن يفرّوا من هذا المكان فورًا. طالما أن هذا الطفل ساحر، فإن قبيلة الذئاب لن تتخلى عن ملاحقته.
وإن أُمسك هو أيضًا كرهينة مع الطفل، فستطالب قبيلة الذئاب بالمزيد من السحرة بلا شك.
ظل الطفل صامتًا، مدفونًا برأسه في حضن فريدين. يبدو أن الصدمة كانت شديدة لدرجة أنه لم يعد قادرًا حتى على الكلام.
“آنسة إيلين، سأذهب لإنقاذ آمون وليلّيا والعودة. هل هذا ممكن؟”
كان يجب إنقاذ ليلّيا حالًا لأنها ساحرةٌ وقد تتعرض لشيء فظيع، لكن لم يكن لديهم القدرة على إنقاذ اللاجئين أيضًا.
اشتدت وتيرة قلب فريدين وهو يتخيل أن قبيلة الذئاب قد تفعل بليلّيا ما فعلته بذلك الطفل.
“المشكلة أننا لا نعرف مكانهم……”
“أنا أعرف.”
“……؟”
“أستطيع أن أشعر بالمانا الخاصة بآمون.”
كيف؟ أراد فيردين أن يسأل بدهشة.
لقد سمع أن من يصبح سيدًا للسيف يمكنه تتبع رفاقه حتى في نطاق واسع.
لكن ذلك كان من خصائص ذوي القدرات الخارقة. لم يكن شيئًا يمكن لمتدرب في صف المبتدئين أن يقوم به.
ومع ذلك، فإن ما فعلته إيلين حتى الآن ضد قبيلة الذئاب، لم يكن أمرًا عاديًا كذلك.
كان فريدين على وشك أن يسألها كيف فعلت ذلك. لكن فجأة، تعالى صوت الهتاف.
“دخلاء!”
أمسكت إيلين بذراع فريدين وسحبته. و كانت تركز بكل حواسها لمحاولة تعقّب طاقة المانا الخاصة بآمون.
شعرت بوجوده في مكانٍ غير بعيد، ويبدو أنه محتجز في ما يشبه السجن تحت الأرض.
‘يوجد حوالي عشرين من رجال الذئاب حوله……’
لم يكن الوضع سيئًا.
وفور تلك الفكرة، أمسكت إيلين بسيفها وبدأت بالركض إلى الأمام. و لحق بها فريدي وهو يحتضن الطفل بذراع واحدة. بينما كان أفراد من قبيلة الذئاب يلاحقونهم من الخلف.
ظهر بعضهم من الأمام أيضًا، لكن إيلين هزمتهم بسرعة جعلت فريدين يشعر بالدهشة.
و سرعان ما وصلوا إلى أمام السجن تحت الأرض، وذلك بفضل قدرة إيلين المذهلة في التتبع، التي جعلتهم يقطعون المسافة بسرعة كبيرة.
رأى فريدين أن بإمكانهم ربما إنقاذ آمون وليلّيا والعودة إلى الأكاديمية دون خسائر جسيمة. لكن عند مدخل السجن كان هناك عشرون رجلاً من أفراد قبيلة الذئاب يحرسونه.
‘كما توقعت، الأمر أصعب مما ظننت.’
فكر في ذلك وهو يحدّق فيهم بعينين حادتين.
كان من المتوقع أن يكون هناك حراس، لكن لم يتخيل أبدًا أن يكون هذا العدد الكبير منهم يحرس المكان.
صحيح أنهم لم يواجهوا الكثير من أفراد قبيلة الذئاب في طريقهم إلى هنا بشكل غريب. ويبدو أن حظهم قد انتهى عند هذه النقطة.
فكر فريدين بذلك وهو ينظر إلى إيلين.
كان ينوي أن يقول لها بأنها بذلت جهدًا كبيرًا للوصول إلى هنا، وأنه لا يمكنهم التقدم أكثر، لذا عليها أن تهرب مع الطفل. لكن ما رآه في وجهها كان نظرة شخصٍ قد عقد عزمه بالفعل.
نظرت إليه و تحدثت أولاً،
“دعنا نقتحم المكان، سموك فريدين.”
“آنسة إيلين، من المستحيل علينا نحن الاثنين أن نواجه عشرين من قبيلة الذئاب.”
لكن إيلين هزّت رأسها وفتحت شفتيها لتتكلم،
“في الحقيقة……أنا أقوى بكثير مما تتخيل يا سموك فريدين. لذا أرجوكَ، ثق بي.”
كانت تعلم أنه لا بأس إن لم يصدقها. لو قالت هذا الكلام لأي شخص آخر، لاعتُبِرت مجنونة.
فأن يتجرأ طالبان من طلاب الأكاديمية محدودو الخبرة على تحدي عشرين من أفراد قبيلة الذئاب هو أمرٌ غير منطقي حتى في نظرها.
وكانت على وشك أن تكشف عن نفسها وتغلف جسدها بالمانا لتُظهر أنها سيّدة السيف، في حال لم يصدقها.
لكن دون حاجة لكل ذلك التفكير، وبعد أن حدّق فريدين في إيلين لبرهة وكأنه يفكر بشيء، سرعان ما أومأ برأسه.
“سأثق بكِ.”
“ماذا؟”
“أثق بكِ، آنسة إيلين.”
تجمدت إيلين في مكانها تمامًا عند سماع كلمات فريدين.
_______________________
يجننون😭
الوضع صعب وبيدخلون قتال وانا مستانسه بذا المومنت القصير🤏🏻
الورع نجااا ابي يتمسك في فريدين ويناديه اخي 🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 32"