أصبح فريدين متوترًا. في مثل هذا الموقف، إلى أين يمكن أن تكون قد ذهبت؟
بينما كان يتلفت حوله بقلق، نظر إلى الجهة التي يغطيها الغابة، فشحبت ملامحه. فقد رآها بعينيه، إيلين، وهي تُغري أفراد قبيلة الذئاب وتقودهم إلى داخل أراضيهم.
كان ذلك يحدث بينما كان باقي الفرسان يفرّون.
“فريدين، ماذا تفعل! تعال بسرعة! ما هذا……لماذا إيلين ليسيروس تفعل هذا مجددًا! هل جنّت فعلًا؟ هل قررت أن تموت؟”
صرخ ديريك بذعرٍ وهو ينظر نحو المكان الذي توجهت إليه إيلين، ثم أمسك بذراع فريدين ليجذبه.
الدخول إلى أراضي المستئذبين أو عدم دخولها، كان الفارق بينهما كبيرًا من حيث الخطورة.
إن دخلت هناك، فهذا يعني النهاية تمامًا. فالمستئذبين معروفون بأنهم لا يتركون أي بشري يخرج حيًا من أراضيهم إذا دخلها.
“فريدين، على عاتقك أرواحٌ الكثيرين. أنا آسفة لأنني حمّلتك هذا العبء. لكن أرجوكَ، اوعدني……حتى لو كانت الحياة مؤلمة، أن تبقى على قيد الحياة مهما كلف الأمر……”
تذكّر فريدين كلمات والدته.
كانت تلك إحدى الأسباب التي جعلته يصمد طوال حياته الجحيمية حتى الآن.
إن واجه عددًا كبيرًا من المستئذبين بقوته الحالية، فربما لن يعود حيًا. بل قد يُؤسَر لديهم ويصبح عبئًا على الإمبراطورية.
وإن حدث ذلك، فسوف يبتهج الإمبراطور، ويغتنم الفرصة لينقض عليه أكثر. كان هذا أمرًا أحمق.
كان فريدين يعلم بعقله أن ما يفعله الآن لا يجب فعله. هل سيتغير شيء إن تبِع إيلين ودخل تلك الأرض؟
لا، لن يتغير شيء. تمامًا كما أن حياته لم تتغير رغم محاولاته المستميتة للهروب من القدر.
‘لكن يا أمي، لدي شعور غريب……شعور بأني سأندم إن لم أذهب الآن.’
لم يدم تردده طويلًا. قبض فريدين على القلادة البسيطة التي كانت تتدلى من عنقه. ثم دفع ذراع ديريك الذي كان يمسكه، واندفع دون تردد نحو أراضي الذئاب.
***
“أنا أكرهكِ.”
تذكرت إيلين الماضي. لم يمضِ وقتٌ طويل على وفاة فريدين حين جاءت لِيليا لزيارتها.
حينها، كانت قد تركت فرقة فرسان فردين قائلة إنها لم تعد تطيق رؤية إيلين، وكان اسمها يلمع في برج السحرة كأصغر ساحرةٍ من الدرجة الخامسة.
كانت حياتها مشرقةً بمستقبل واعد.
كانت إيلين تعتقد أن لِيليا قد تعود يومًا ما لتنتقم منها. لذا، كانت تنتظر ذلك اليوم بهدوء.
منذ وفاة فريدين، فقدت إيلين كل معنى للحياة.
لكنها لم تستطع أن تضع حدًا لحياتها بيدها. فكلمات فردين حين طلب منها أن تعيش بسعادة، بقيت عالقةً في قلبها، ومنعتها من التخلي عن آخر خيطٍ للحياة.
لذا، حين جاءت لِيليا في ذلك اليوم، شعرت إيلين ببصيصٍ من الأمل. و اعتقدت أخيرًا أنها ستتمكن من الخروج من هذا الجحيم.
وكان كل ما تفكر فيه أنها ستلتقي بفريدين حين تصل إلى العالم الآخر.
“فكرتُ بالأمر عشرات المرات. كيف سأقتلكِ. كيف سأُرضي قلبي.”
قالت لِيليا ذلك وهي تمسك بعنق إيلين بيدها. لكن إيلين لم تُبْدِ أي مقاومة. فقط تمنت أن تغمض عينيها بأقل قدرٍ من الألم.
غير أن لِيليا لم تُحكم قبضتها، بل ظلت تحدّق في وجهها لفترةٍ طويلة، ثم أدارت ظهرها ورحلت.
وفي اليوم التالي، انتشر الخبر بأن أصغر ساحرة من الدرجة الخامسة أنهت حياتها بنفسها. لقد اختارت لِيليا أن تقتل نفسها بدلًا من أن تقتل إيلين.
احمرت عينا إيلين بشدة. حين عادت بتفكيرها إلى ذلك اليوم، و تباطأت خطواتها دون أن تشعر.
كان الشعور الثقيل يخنق أنفاسها، لكن لم يكن بوسعها التوقف عند هذا الحد.
أغمضت إيلين عينيها، وأحسّت بما حولها من هالات وأثر للطاقة. و شعرت بأن أفراد قبيلة الذئاب يلاحقونها من الخلف عن كثب.
لقد دخلت عمدًا إلى أراضيهم لتجذبهم خلفها. فقد اختارت ذلك عن علمٍ بمدى تعصبهم لأرضهم ورفضهم لتدنيسها من أي دخيل.
في تلك اللحظة، تجعّد جبينها الجميل.
“فريدين؟”
شعرت بوجود شخصٍ ما لا ينبغي أن يكون في هذا المكان.
لماذا فريدين هنا؟
شعرت بالارتباك، لكن لم يكن وقت التشتت. فيبدو أن خمسة من المستئذبين قد رأوا فريدين أيضًا، لا هي وحدها.
وقفوا في مكانهم مترددين، وكأنهم يفكرون،
هل يواصلون مطاردتها؟ أم يغيرون هدفهم إلى الوافد الجديد؟
وبعد لحظة من التردد، شعرت بأنهم بدأوا يتحركون نحو المكان الذي يوجد فيه فريدين.
‘كيف يجرؤون……’
غاصت نظرة إيلين، وثقل بصرها بغضبٍ قاتم. ثم قفزت بجسدها بخفة، بسرعة تفوق ما كانت تجري به قبل لحظات.
“أنتِ……!”
عندما ظهرت إيلين فجأة، حاول أحد أفراد المستئذبين أن يصرخ. لكنها كانت أسرع، فقطعت عنقه قبل أن ينبس بكلمة.
تناثر الدم على وجهها، وفي لمح البصر كانت قد قضت على واحدٍ منهم.
ثم غرست سيفها في بطن آخر حاول مباغتتها، وبعد أن لوّحت بسيفها مرتين إضافيتين، سقط الاثنان المتبقيان دون أن يصرخا حتى.
“مـ……من أنتِ؟ أأنتِ بشرية؟ أم لستِ كذلك؟”
بان التوتر واضحًا على وجه آخر من تبقّى منهم. لقد أدرك من النظرة الأولى أن المرأة البشرية أمامه ليست من نوعٍ يستطيع مواجهته.
كانت إيلين في الأصل تخطط لأن تقتادهم بهدوء إلى حيث توجد ليليا، لكن الأمور تغيّرت الآن.
“لن أقتلكِ……سأبقيك حيًا لأن هناك من يجب أن تصله رسالة.”
تراجع المستئذب خطوةً للوراء. فرغم قولها أنها لن تقتله، إلا أن الهالة التي تحيط بها كانت تنذر بقطع عنقه في أي لحظة.
شعر بالخوف الحقيقي. فالذين قُتلوا للتو كانوا من أفضل المحاربين في قبيلته. ورغم ذلك، سقطوا جميعًا على يد امرأةٍ بشرية في لحظة.
قبيلة الذئاب كانت تسعى دومًا وراء القوة.
شعر من بقي منهم برعشةً تسري في جسده وهو ينظر إلى المرأة الواقفة أمامه. لقد أدرك بغريزته أنها قوية. فعيناها البشريتان كانتا مرعبتين، وكأن الظلام نائمٌ في أعماقهما.
“انقل هذا لزعيمكم……إذا مسستم بالبشر الذين اختطفتموهم……”
قالت إيلين ذلك وهي تقترب بسيفها من عنقه. فلامس النصل البارد بطنه، وانساب الدم منه ببطء.
تجمّد المستئذب من رعب الهالة التي بثّتها كلماتها وصمتها.
“من الأفضل أن تتهيأوا لما هو قادم.”
***
“سموك فريدين.”
التفت فريدين، الذي كان يركض بجنون، عند سماعه صوتها يُنادي. كانت إيلين واقفةً فوق شجرة، تنظر إليه من الأعلى.
تفاجأ للحظة، ثم تنفس الصعداء.
‘يا للراحة……لم تقع هي الأخرى في يد المستئذبين.’
لم يكن يعلم ما الذي فعلته بالتحديد، لكن يبدو أنها استطاعت التخلص من أولئك الذين كانوا يطاردونها.
“لماذا أنتَ هنا؟”
“بل أنتِ، الآنسة إيلين، لماذا دخلتِ إلى هذا المكان؟”
عندما قال فريدين ذلك، لزمت إيلين الصمت. فلم يكن لديها ما تبرر به ما فعلت. كيف لها أن تخبره أنها كانت تنوي هزيمة المستئذبين وحدها، وإنقاذ ليليا وآمون؟
بدلًا من الرد، قفزت من على الشجرة ووقفت أمام فريدين. ثم بدأت تحدّق في وجهه بصمت.
‘لماذا فريدين هنا؟ هل من الممكن أنه رآني أدخل، فتبِعني؟’
لا، لا يمكن……ابتسمت بسخرية من الفكرة التي راودتها فجأة، وتحدثت،
“عُد من حيث أتيتَ.”
تصلّب وجه فريدين عند نبرتها الباردة.
“وأنتِ؟”
“لدي أمرٌ يجب أن أنجزه.”
“لا تقصدين أنك دخلتِ إلى هنا لإنقاذ ليليا وآمون……وحدكِ؟”
لم تستطع إيلين الرد على كلماته. فهي لم تكن بارعةً في الكذب، وغالبًا ما كانت تختار الصمت عندما يُجبرها الموقف على الكذب.
ظل فريدين ينظر إليها بصمت لفترة، ثم وقف إلى جانبها.
“إذا كان هناك ما يجب فعله، فلنُنجِزه معًا ونرحل. لا تفكّري في الذهاب وحدكِ.”
تجهم وجه إيلين كما لو أنها وقعت في مأزق، فلم تكن تتوقع أن يقول شيئًا كهذا.
فريدين لا يعلم أنها سيّدة سيف. ولو رأى إنسانٌ عادي تصرّفها ودخولها إلى أراضي الذئاب، لاعتبرها مجنونة.
ولهذا، كانت إيلين تتوقع أن يقول لها فريدين إن عليهما مغادرة المكان حالًا، وكانت تنوي إقناعه بأي شكلٍ لتبقى هي وحدها.
لكن……ربما من الأفضل أن الأمور سارت هكذا.
فمع أنها الآن في أكثر مكان خطورة، إلا أن وجود فريدين بجانبها وسط أراضي الذئاب، قد يكون المفارقات الأكثر أمانًا.
بهذا التفكير، بدأت إيلين تمشي، وتبعها فريدين بصمت.
لم تغفل إيلين عن تتبع أثر أفراد المستئذب الذي تركته خلفها. و لم تتردد لحظة، بل واصلت التقدم بخبرة وهي تشق الأدغال بيديها بثبات.
لا أحد يعلم كم تحرّكا. وحين بدأت الشمس بالغروب، توقفت إيلين.
“لنرتح قليلًا……علينا الحفاظ على طاقتنا.”
فجسدها ما زال ضعيفًا بشكلٍ ملحوظ، وكانت بحاجةٍ إلى بعض الراحة قبل المواجهة التي تنتظرها لاحقًا.
فوافقها فريدين على الفور.
_______________________
كارون وينه؟ كأنه اختفى فجأه ولا هو الي ارسله فريدين يشوف رايمون؟ ماظني هو قوي مفروض يقعد معهم ولا ظني يخيلي ايلين لحالها😂
المهم فريدين وايلين يجننوووووووون
قصة ليليا توج😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 30"