***

من المؤكد أنه كان حلمًا سخيفًا.

استيقظت كوريليا من نومها وهي تلهث بشدة مع كلمات إيلين.

كان الشعور مقززًا ولا يُحتمل. لماذا ترى مثل هذا الحلم؟

إيلين لم تكن تستحق أن تهتم بها على الإطلاق. فرايمون كان قد حل كل شيء على الأرجح.

موهبة؟ يا لها من نكتة سخيفة.

لكن رغم تفكيرها بهذا الشكل، لم تتوقف يدها عن الارتجاف.

“شارلوت!”

نادت الخادمه بصوت عالٍ. التي كانت تنتظر خلف الباب. ففُتح الباب بحذر وظهرت خادمةٌ طويلة القامة.

انحنت برأسها نحو كوريليا.

“يبدو أنك استيقظتِ من حلمٍ مزعج.”

عند كلمات الخادمة، شدّت كوريليا على أسنانها.

“ماذا عن ذلك الأمر الذي تحدثنا عنه سابقًا؟ الفتاة الساحرة، المتدربة في فرقة فرسان فريدين ليكسيا.”

“التقيتُ بها بنجاح وأوصلت الرسالة.”

“وهل وافقت……؟”

“لم تعطِ جوابًا قاطعًا، لكن……هل يمكنها الرفض فعلًا؟”

رغم كلمات شارلوت الواثقة، بدا القلق على وجه كوريليا.

“لكن أنت تعرفين طبيعة أولئك البشر. أناسٌ مليئون بروح العدالة السخيفة.”

“ولهذا السبب لن تتمكن من الرفض. إن كانت تملك عدالةً حقيقية، فلن تستطيع أن تغض الطرف عن من قتلت أخاها.”

“…….”

“في الحقيقة، وقبل كل شيء، لا أعتقد أن رايمون سيفشل. رغم مظهره، هو فارسٌ من الدرجة العليا.”

عند كلمات شارلوت شعرت كوريليا أن قلبها بدأ يهدأ.

نعم، كانت محقة. رايمون سينجح في مهمته. وحتى إن فشل رايمون، فمن المفترض أن تكون فرقة المطاردة قد وصلت إلى أراضي شعب الذئاب الآن، لذا ستكون النتيجة واحدة.

قبيلة الذئاب هم أحد أجناس الشبه بشريين من ذوي الهيئة نصف البشرية ونصف الحيوانية، ويُعرفون بطبيعتهم الشرسة. و من المؤكد أنهم سيشعرون بالتهديد إن اقترب أحد دون إذنٍ من أراضيهم.

لو كان الكونت ليون موجودًا، لكان الوضع مختلفًا……لكن فرقة الفرسان التي يقودها لن تتمكن من الوصول إلى أراضي الذئاب بسبب الأمطار الغزيرة المفاجئة التي قطعت طريق السفينة.

فرقة المطاردة ستنتظر دعمًا لن يأتي، وستُمنى بخسارة كبيرة.

ابتسمت كوريليا ابتسامةً خفيفة وهي تفكر بالمأساة التي ستقع قريبًا.

***

وأخيرًا وصلوا إلى أراضي الذئاب. و رغم أن الوقت لا يزال منتصف النهار، كانت الغابة الكثيفة مظلمة وباردة.

بدأ التعب واضحًا على أفراد فرقة المطاردة منذ الآن.

 تذكّرت إيلين ما عليها فعله في أراضي الذئاب. أهم شيء هو منع وقوع المأساة التي ستصيب فريدين، لكن إلى جانب ذلك، هناك أمرٌ آخر عليها التحقق منه داخل أراضي الذئاب.

في المستقبل، يظهر مستئذب بصحبة ساحر. ويُلحق ذلك الساحر، الذي ظهر فجأة، ضررًا كبيرًا بالبشر المتواجدين على الحدود.

لكن المستئذبين جنسٌ لا يستطيع استخدام السحر. ولهذا السبب، تريد إيلين التأكد مما إذا كان ذلك الساحر أحد “اللاجئين الذين اختُطفوا على يد الذئاب”.

في الأحوال العادية، ما كانت لتعير أحدًا غير فرقة فرسان فريدين اهتمامًا، لكن هذه المرة كانت مختلفة. ففي المستقبل، ستنتشر إشاعةٌ تقول إن ذلك الساحر كان لاجئًا لم يتم إنقاذه في السابق، وسيتعرض فريدين لانتقادات شديدة بسببه.

لم تكن لتنوي ترك أي أمرٍ قد يضر به.

تفقد فريدين أطراف أراضي الذئاب قبل أن يوقف فرقة المطاردة.

الغابة الخالية من أي حركةٍ كانت هادئة إلى درجة غريبة تبعث على التوتر. ولم يظهر أي أثر للكونت ليون الذي كان من المفترض أن يصل أولًا.

“هناك شيءٌ غريب.”

“أين هو الكونت ليون؟”

سادت أجواءٌ من القلق في صفوف فرقة المطاردة.

“يجب أن نعود.”

عند كلمات فريدين، تجمد وجه ديريك.

“لكن أنت تعرف يا فريدين. إن علم الإمبراطور فلن يترك الأمر يمر. إن فشلت في المهمة، من يدري ما الذي سيفعله بكَ هذه المرة……”

كانت إيلين تستمع من بعيد إلى حديثهم الذي بدا جديًا للغاية.

رغم أن فريدين وديريك تحدثا بصوت خافت لا يُسمع من قبل الآخرين، إلا أنهما لم يتمكنا من خداع سمعها الحاد. 

هذه المهمة ستفشل. إيلين كانت تعرف هذا جيدًا أيضًا.

ولم تكن مجرد فشل في المهمة. نصف من شاركوا في فرقة المطاردة فقدوا حياتهم، مما أثار غضب الإمبراطور.

“علينا على الأقل إرسال فرقةٍ استكشافية. حتى لو لم يأتِ الكونت ليون، يجب أن نُثبت للإمبراطور أننا بذلنا أقصى ما في وسعنا.”

قال ديريك ذلك بينما كان يتفحص أفراد فرقة المطاردة بعناية. كان يبدو عليه الشك في أن بينهم أحد جواسيس الإمبراطور. وكلامه لم يكن بلا مبرر.

في النهاية، لم يكن أمام فريدين سوى إرسال فرقةٍ استكشافية. 

لكنه لم يلبث أن ندم على هذا القرار. فقد تم اختطاف ليليا وآمون على يد الذئاب.

***

“ماذا تقول؟ ليليا وآمون اختُطفا؟”

عند صرخة ديريك، ارتجف الفارس المتدرب الواقف أمامه. و بدا كأنه غارق في رعب شديد.

“تباً، تباً!”

صرخ ديريك وهو يرمي القفاز الذي كان يحمله.

دخلت فرقة المطاردة في فوضى تامة خلال لحظات. فقد عاد بعض أفراد فرقة الاستكشاف مصابين بجروحٍ خطيرة، وأُكدَ أن آمون وليليا قد وقعا في قبضة الذئاب.

لم تستطع إيلين إخفاء تعبير الصدمة على وجهها بعد سماع ذلك التقرير.

في وقتٍ لم يكن فيه السحرة موجودين بعد بين الذئاب، ستكون ليليا رهينةً لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة لهم.

هذا أمرٌ لم يحدث في الماضي أبدًا. كان من المفترض أن يعود كل من آمون وليليا إلى الأكاديمية دون أي أذى.

هل غيرت إيلين الكثير من المستقبل؟ هل أدى ذلك إلى اختلال المصير المرسوم؟ لم تكن تملك الإجابة.

لكن ما كانت تعرفه على وجه اليقين هو أنها ستنقذهما مهما كلف الأمر.

أدارت إيلين رأسها ونظرت إلى الفرسان الآخرين. كان من الواضح على وجوههم أنهم مرعوبون ويريدون الرحيل.

باستثناء فيليب وبعض طلاب قسم المبارزة، كان الجميع يحمل النظرة نفسها.

“سموك فريدين، ما الذي تنوي فعله؟”

أحد أفراد فرقة الفرسان المتدربين تعرض للاختطاف. لكن داخل أراضي الذئاب، من المفترض أن يكون زعيمهم مساويًا في القوة لسيد السيف.

لو كان الكونت ليون موجودًا، لكان من الممكن القيام بعملية بحث، لكن في هذا الوضع، فإن الهرب فورًا هو الخيار الأكثر منطقية.

كان وجه ديريك شاحبًا. و كان يشعر بالذنب في تلك اللحظة. لو لم يقترح هو القيام بالبحث، لما حدث كل هذا. لكن الأمر قد وقع بالفعل.

من المؤكد أن هناك شخصًا من رجال الإمبراطور بين هؤلاء الفرسان. إن وصل خبر اختطاف الرهائن إلى آذان الإمبراطور، فإن فريدين سيواجه انتقاداتٍ شديدة بغض النظر عن نتيجة اختياره.

‘حتى لو لم نتمكن من العثور على آمون وليليا……’

اهتز ديريك فقط عند التفكير في مثل هذا الاحتمال.

“سموك فريدين! عليكَ اتخاذ قرار!”

“بغض النظر، لا يمكننا إنقاذ المختطفين. يجب أن ننجو نحن على الأقل.”

“سموك فريدين!”

في نفس لحظة صراخ الفرسان، تحركت إيبين. كان هدفها إيقاف الرمح الذي كان يتجه نحو فريدين.

تشينغ-!

دوى الصوت النقي، وسقط الرمح على الأرض.

بينما كانت إيلين تقطع الرمح بسيفها، أمسكت بفريدين وسحبته بسرعة للخلف.

كان ذلك أمرًا غريبًا للغاية. فحتى لو كانت إيلين ليسيروس قد أصبحت سريعةً وقوية بشكل استثنائي،  فإن الرمح كان سريعًا جدًا لدرجة أن فيردين، الذي كان قد يصبح فارسًا من الدرجة العليا قريبًا، لم يكن ليلحق به.

لكن إيلين منعت الرمح بسهولةٍ تامة.

لكن باقي أفراد فرقة المطاردة لم يلاحظوا ذلك. فقد كانوا منشغلين بالضيف غير المرغوب فيه الذي ظهر فجأة، ولم يدركوا ما حدث بدقة.

تحولت أنظار فرقة المطاردة إلى اتجاه واحد.

“ها هم الحشرات مختبئون هنا.”

كان هناك مجموعةٌ من المستئذبين.

شحب وجه أعضاء الفرقة، وبدأوا يتراجعون إلى الخلف خطوةً بعد خطوة. كان ذلك رد فعل طبيعيًا، فحتى الفرسان نادرًا ما يخوضون معارك ضد الشبه بشريين لا ضد الوحوش.

بعد أن ضمنت إيلين سلامة فريدين، تقدمت بهدوءٍ إلى الأمام. و راحت تحلل الوضع الحالي بحدّة.

كان عدد المستئذبين خمسةً فقط. وبغض النظر عن مدى قوتهم، فإن عددهم لم يكن كبيرًا. لذا فإن الأعداء الموجودين أمامها الآن لم يكونوا الخطر الحقيقي.

لكن، إن دارت معركة في هذا المكان، فبسبب سمع المستئذبين الحاد، فإن من في أعماق أراضيهم سيصلون فورًا كدعم.

اقترب المستئذبين من فرقة المطاردة بخطواتٍ بطيئة للغاية، وكأنهم قطط تلعب بفأر حُشر في الزاوية، يتحركون بثقة واستهزاء.

في تلك اللحظة، صرخ فريدين بوجه جامد،

“اهربوا!”

كان ذلك أمرًا مهينًا لأي فارس، لكن حتى الشعور بالإهانة لا يمكن أن يحدث إلا عندما تكون على قيد الحياة.

القضاء على المستئذبين وإنقاذ اللاجئين، لم تكن مهمةً يمكن تنفيذها دون دعم الكونت ليون، سيد السيف.

وبمجرد أن صدر أمر فريدين، بدأ بعض الفرسان بالفرار على الفور. وحاول فريدين أن يتحرك هو الآخر بسرعة، بينما كان ديريك يشد ذراعه وكأنه يقول له أن يسرع.

قد يموت بعض الفرسان، لكن ذلك كان أفضل من أن يُبادوا جميعًا. 

ولكن لم تمضِ سوى لحظات حتى شعر فريدين بشيءٍ غريب. فالمستئذبين، الذين كان من المفترض أن يهاجموهم، لم يكونوا موجودين.

ثم……لم تكن إيلين هنا أيضًا. لقد اختفت.

___________________________

معليك ايلين راحت ترقص مع المستئذبين شوي وترجع

المهم ثقة كوريليا في رايمون تدرس 😭😭😭😭😭

Dana