‘أمرته والدتنا بحماية إيلين، فهل غادر دون أن ينطق بكلمة؟’
وعلاوةً على ذلك، حتى لو لم تكن هذه فرقة إبادة رسمية، فإن مغادرة الموقع من تلقاء نفسه في منتصف المهمة لم تكن من طباعه.
ما لم يكن هناك سببٌ واضح، لم يكن لدى رايمون أي مهمة أخرى سوى حماية إيلين.
ومع ذلك، لم يبدو أن أعضاء فرقة الإبادة كانوا ينوون البحث عنه. وخاصةً في عيني كارون، بدا أن فريدين أيضًا من أولئك الذين يسرّهم اختفاء رايمون.
ومع ذلك، ولأجل المجاملة على ما يبدو، استدعى فريدين أحد الفرسان وأصدر له أمرًا.
“اذهب وتحقق مما إذا كان السيد رايمون قد توجه إلى قلعة الماركيز.”
كارون لم يكن ينوي مخالفة رغبة صاحب القرار النهائي، فهو أيضًا كان يعتقد أن تصرفات رايمون في الآونة الأخيرة غريبةً بعض الشيء.
ربما رايمون هو الآخر شعر بأجواء التوتر نحوه داخل فرقة الإبادة، فغادر بهدوء دون أن ينبس بكلمة. كارون كان يعتقد ببساطة أنه لا يمكن أن يكون قد حدث شيء سيئ لفارس رفيع المستوى مثل رايمون.
‘سأسأله لاحقًا حين تنتهي الحملة ونلتقي في قلعة الماركيز، لما لا.’
لكن الحقيقة أن كارون لن يتمكن من لقاء رايمون.
حتى لو عاد من الحملة، فلن يكون رايمون في قلعة الماركيز.
***
الوصول إلى أراضي قبيلة الذئاب كان رحلةً طويلة وشاقة. وبعد مرور عشرة أيام، أصبحت فرقة الإبادة منهكةً تمامًا.
كان عبور السلاسل الجبلية الوعرة أمرًا بالغ الصعوبة. حتى أكثر الفرسان تمرسًا لا بد أن ينهك جسديًا في مثل هذه الظروف.
ومع ذلك، كان الفرسان في حالٍ أفضل نسبيًا، أما بعض طلاب الأكاديمية فكانوا على وشك الانهيار التام. لكن لم يتبق الكثير الآن، فبمجرد التقدم قليلًا، سيصلون إلى أراضي قبيلة الذئاب.
ومع أن آمون كان يعرف هذا جيدًا، إلا أنه شعر برغبةٍ عارمة في أن يستلقي على الأرض مكانه الآن.
حتى هو، رغم أنه اعتاد على تنفيذ المهام الشاقة، لم يستطع إلا أن يشعر بالإرهاق من هذا السير القاسي.
منذ البداية، كانت المهمة مرهقةً إلى هذا الحد لأن الإمبراطور أرسلهم فقط ليُضايق فريدين.
فالإمبراطور كان يُعطيه مهلًا غير منطقية ويُطالبه بإتمام المهام تحت الضغط دائمًا. كانت مختلفةً تمامًا عن المهام السهلة التي تُعطى لديتريون.
‘ربما لهذا السبب هرب الفارس المسمى رايمون.’
هو وفريدين كلاهما لم يثقا برايمون. نظراته القذرة واللزجة نحو إيلين يمكن التغاضي عنها مؤقتًا، لكن……
آمون لم يستطع أبدًا أن يثق بأشخاصٍ من عائلة الماركيز. فما زال لا يستطيع نسيان تلك الآثار التي كانت خلف ظهر إيلين.
لا أحد يعرف بالضبط ما الذي عانته هناك داخل قصر الماركيز، لكن حتى الأحمق قد يشعر أن ما تعرضت له لم يكن طبيعيًا.
عضّ آمون على أسنانه غيظًا وهو يسترجع ذلك.
ربما رايمون، بحس الفارس الرفيع، قد أدرك أن هذه المهمة تخفي مؤامرةً في طيّاتها. وقد يكون هذا هو السبب الذي جعل فريدين لا يبحث عنه.
فرغم أن الفارس الرفيع يمثل قوةً مهمة، فإن وجود شخص لا تثق به لا يُشكل أي فائدة. فقد يطعنك في ظهركَ في لحظة حاسمة، لذا كان من الأفضل له أن يرحل الآن.
“آآااه!”
عندما سمع الصرخة المفاجئة، التفت آمون على الفور نحو إيلين. و كانت تتصبب عرقًا وهي تتصدى لأولئك الحمقى الذين بدت أدمغتهم وكأنها استُبدلت بعضلات.
في الأيام الأخيرة، كان هذا الوضع الغريب كفيلًا بأن يُفقد آمون صوابه.
“إيلين، موتي!”
“هيه……فيليب، حتى لو كان الأمر كذلك، أليس قولكَ ‘موتي’ قاسيًا بعض الشيء؟”
“الدور لي الآن، فيليب! تنحَ جانبًا! أنتَ نزلت في نزالٍ سابقًا!”
“بل أنت من عليه أن يبتعد!”
كان المتدربون يطلقون صيحاتٍ غريبة ويهاجمون إيلين بسيوفهم.
كانت حماسهم شديداً لدرجة أنه بدا قادراً فعلًا على شطرها الى نصفين، ما جعل القشعريرة تسري في جسد آمون.
أولئك الفتيان كانوا جادين بحق، يبذلون قصارى جهدهم ليصيبوا إيلين بأي طريقة. ومع ذلك، كانت إيلين تصد جميع تلك الضربات، وأحيانًا كانت ترد الهجوم أيضًا.
حتى آمون، بعد مبارزته معها، حاول بجد أن يُطور نفسه في استخدام السيف، لكنه لم يجرؤ على الانضمام لذلك المشهد.
فقط المشي كان مرهقًا بما فيه الكفاية، فمن الذي خطرت بباله فكرة المبارزة في كل فرصة ممكنة؟
أما باقي طلاب الأكاديمية، فكانوا ينظرون إليهم بوجوهٍ شاحبة كأن الدم انسحب منها. ففي وضع بالكاد يستطيع فيه المرء أن يتنفس، كان من المستحيل اعتبار هؤلاء المتدربين الذين لا يتوقفون عن التلويح بسيوفهم طبيعيين.
‘الحق يقال، لا يجب تصديق كل ما يُشاع.’
تذكّر آمون واحدةً من تلك الشائعات الخبيثة التي سمعها عن إيلين.
“إيلين ليسيروس كسولة ولا تتدرب على استخدام السيف.”
لكنها تقضي اليوم كله في التلويح بسيفها!
‘تكره الأعمال الشاقة……’
فمن تكون إذًا تلك التي تتبارز هناك مع أولئك الحمقى مفتولي العضلات؟
بدأ نفس إيلين يتسارع، وآمون لم يستطع أن يبعد عينيه عنها وكأنه مسحور.
عندما وجهت طعنةً سريعة بسيفها، ارتعد فيليب وتراجع مذعورًا. لكن المبارزة لم تتوقف عند هذا الحد. فقد انقض اثنان من المتدربين الآخرين من جانب فيليب وهاجموها في آنٍ واحد، متسللين إلى الفراغ بينهما.
تدفقت السيوف نحو ذراعيها وساقيها. لكنها تراجعت إلى الخلف في اللحظة المناسبة، وأوقفت السيف المتجه نحو ساقها، ثم، بحركةٍ بهلوانية تكاد تكون خيالية، تفادت الهجمة التي كانت تستهدف ذراعها.
كان بالإمكان أن تشعر بأن باقي الفرسان الذين كانوا يراقبون قد حبسوا أنفاسهم عند رؤيتهم ذلك المشهد. وبرقت في أعينهم لمحةً من الدهشة.
كانت عشرة الأيام التي قضوها في طريقهم إلى أراضي قبيلة الذئاب كافيةً لأن يرى آمون إيلين ليسيروس بعينٍ مختلفة.
‘إنها جميلة.’
شعر آمون بنفس الإحساس الذي راوده عندما تبارز معها في المرة السابقة.
احمرّت وجنتاه، وشعر بحرارةٍ غريبة تنتشر في جسده دون أن يعرف السبب.
‘مرة أخرى أفكر بهذه الأفكار غير النقية……’
فقرص فخذه عقابًا لنفسه.
إيلين كانت في وسط مبارزة، والاشتباك بالسيف وإثبات القوة أمر مقدس، والشعور بمثل تلك المشاعر أثناء ذلك لم يكن صحيحًا……على الأقل، هذا ما كان يراه آمون.
فيليب، الذي كان منهمكًا في القتال منذ قليل، بدا وكأنه أدرك شيئًا فجأة، فقام بمنع الطلاب الآخرين من مهاجمة إيلين.
“توقفوا، هذا يكفي الآن.”
حتى إيلين، رغم كونها عبقريةً عظيمة، كانت لها نقطة ضعف، وهي أن قدرتها البدنية كانت أضعف من غيرها.
وبناءً على كلام فيليب، سحب باقي الفرسان سيوفهم بلباقة، وانحنوا وهم يهتفون،
“لقد كانت مبارزةً شريفة، يا سيدة إيلين.”
‘مبارزة شريفة؟ أي شرف، وأنتم هاجمتموها ثلاثتكم دفعةً واحدة!’
هكذا فكّر آمون، ثم اقترب من إيلين وناولها منديلًا. لكن عندما رأت المنديل الممتد أمامها، تجمد تعبير وجهها فجأة.
كانت تلك اللطافة شيئًا لا يمكن التعود عليه، مهما تكررت.
أخذت إيلين المنديل ومسحت به جبينها، بينما ابتسم آمون وهو ينظر إليها برضا.
***
حتى ديريك كان يراقب مبارزة إيلين من مكان بعيدٍ قليلًا.
كان يفتح فمه بدهشة من القتال الذي كان ثلاثةً ضد واحد، ثم التفت إلى فريدين،
“واو، حقًا مذهل……مذهلٌ جدًا. أن تكون مهارات إيلين ليسيروس بهذا المستوى أمرٌ مدهش بحد ذاته……لكن، هل رأيت آمون وهو يعطيها المنديل؟ ما الذي غيّره بهذا الشكل؟ لقد أصبح غريب الأطوار منذ مهمة القضاء على الوحوش الأخيرة.”
لكن فريدين بدا وكأنه لا يستمع لكلام ديريك. فنظر إليه ديريك باستغرابٍ وسأله،
“فريدين، في ماذا تحدق هكذا؟”
كان فريدين يحدق في نقطة ما دون أن يرمش. فتبع ديريك نظراته، ليكتشف أن عينيه كانت موجهةً نحو منديل آمون تحديدًا.
لم يستطع ديريك إخفاء دهشته.
‘ما الذي يميّز هذا المنديل حتى ينظر إليه هكذا……؟’
شعر بالفضول، لكنه لم يجرؤ على سؤال فريدين عن الأمر. فلسببٍ ما، بدا أن فيردين في مزاجٍ سيئ للغاية.
***
كوريليا كانت غارقةً في نومٍ عميق. وفي حلمها، كانت جالسةً في أعلى برج قصر الماركيز، كعادتها في كل يوم.
الخادمات كنّ يتسابقن لكسب رضاها، ولم يكن ذلك مقتصرًا عليهن فقط، بل كان الجميع يفعل الشيء نفسه.
كانت دومًا تؤدي دور السيدة الصارمة الحنونة، زوجة الماركيز الجديدة. لكنها، بين الحين والآخر، كانت تُظهر جانبًا ضعيفًا من شخصيتها. فذلك يُجبر الآخرين على الاهتمام بها أكثر، ويزيد من ولائهم لها.
كان يكفي أن تذرف بضع دموعٍ حزينة لأنها لم تستطع منع ابنتها من التمادي في سلوكها.
‘بشرٌ حمقى.’
هكذا كانت كوريليا تفكر بينما تنظر من أعلى قصر الماركيز إلى ساحة تدريب الفرسان في الأسفل.
كانت هناك فتاة تلوّح بسيفها. وكانت الهالة المنبعثة من سيفها حادة للغاية.
مرة، مرتين، ثلاث……وبينما كانت تكرر ضرباتها عشرات المرات، لم تستطع كوريليا أن تُبعد عينيها عن حركتها.
فأي شخص يحمل سيفًا كان سيتمكن من إدراك أن مهارة تلك الفتاة لم تكن عاديةً على الإطلاق.
شعرت كوريليا أن ظهر الفتاة كان مألوفًا لها.
“إيلين ليسيروس……؟”
كانت تلك الفتاة هي إيلين.
لكن كيف يمكن أن يكون سيف إيلين حادًا إلى هذه الدرجة؟ حتى لو كان هذا حلمًا، أليس ذلك مضحكًا؟
تسارعت نبضات يد كوريليا، التي اهتزت بخفة. وكان رأس إيلين، التي كانت تتلوح بالسيف، يرتفع تدريجيًا إلى الأعلى. ثم نظرت مباشرةً إلى كوريليا.
كان ذلك أمرًا غريبًا. كانت كوريلليا تدرك أنها الآن في حلم. فبعض الأحيان، كانت ترى مثل هذه الأحلام. وفي كل مرة، كانت الأمور تسير بسلاسة في الحلم، ثم تستيقظ على الواقع.
لكن هذه المرة كان هناك شيء مختلف.
إيلين، التي كان من الصعب عليها أن تلتقي بنظرات الآخرين، كانت الآن تحدق بها بثبات……؟
في تلك اللحظة، تحدثت إيلين إليها. ورغم المسافة بينهما، استطاعت كوريليا أن تفهم ما كانت تقوله على الفور.
“حتى لو أردتِ بشدة……فلن تتمكني من امتلاكي.”
تشوه وجه كوريليا بغضب.
_______________________
اجد يقول لكوريليا ان ذاه حلم وقعي هاهاهاهاهاهاعا
المهم فريدين غيران😭✨ ضحكت معصب عشان منديل
آمون توقعت يصير طرف ثالث بس الصراحه مابيه يوصل لمشاعر الحب ابيها ولاء بس
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"