لو كان في الأوقات العادية، لتظاهر بالجهل وتغافل، لكنه الآن لم يستطع فعل ذلك.
لهذا الحد كان رايمون محاصراً من الناحية النفسية.
نظرت إليه إيلين وابتسمت. عندها صرخ رايمون، وقد شحب وجهه كلياً.
“أنا…..أنا،…..استسلم…..تعامل الفارس مع من استسلم له بهذه الطريقة…..هذا ليس صواباً.”
لم يستطع أن ينطق بكلماتٍ صحيحة من شدة الألم. لكن رايمون فتح فمه بيأس، فقد شعر بشدة أنه إن توقف عن الكلام هنا فلن يتمكن من الرجوع أبداً.
“أنتِ…..كنتِ تؤمنين…..أن من يقتل إنساناً…..يسقط في الجحيم…..”
“صحيح، رايمون. ما زلتُ أؤمن بذلك.”
وافقت إيلين على كلامه.
في حياتها الأولى، كانت ساذجةً وتؤمن بأنها ستذهب إلى عالمٍ جميل. كانت تعتقد أنها لن تقتل أحداً، ولن تكره أي إنسان.
لأنهم قالوا أن من يعيش بلطف يمكنه الذهاب إلى أجمب عالم، لذا قررت أن تعيش بتلك الطريقة.
في زمنٍ بعيد جداً، في الأكاديمية، في اليوم الذي ماتت فيه القطة “تيتي” التي كانت تطعمها. بكت إيلين أمام قبر “تيتي” و تمنت.
“سأستمع لكلام أمي جيداً، وسأعيش بلطفِ من الآن فصاعداً، لذا أرجو أن ألتقي بـ تيتي في عالمٍ أجمل. لن أكره أحداً. أرجوا ذلك. أريد أن ألتقي بـ تيتي مجدداً.”
لكنها الآن عرفت. كي تواجه الشياطين، عليها أن تصبح شيطاناً مثلهم. و لن تتمكن من لقاء “تيتي”. لأنها ستسقط في الجحيم.
رفعت إيلين سيفها.
وعندما رأى رايمون ذلك، تشوّه وجهه من الرعب. و بدأ جسده يرتجف بشدة.
صرخ رايمون موجهاً صوته إليها.
“أنتِ شيطان…..!”
لم تكن إيلين تنوي إنكار ذلك.
عندها، اتجه سيفها نحو رايمون مباشرة. ونقلت إليه الألم الذي عانته في ماضيها كما هو.
ثم همست له.
“اذهب أولاً وانتظرني هناك.”
عندما ينتهي كل شيء، سنلتقي مجدداً في الجحيم.
***
لم يكن تنظيف ما بعد الحادث أمراً صعباً. ففي حياتها الثالثة، كانت إيلين كثيراً ما تتعرض لمطاردة الوحوش، وأصبحت تعرف ما الذي يجب فعله لطمس الآثار.
جمعت الأوراق التي التصقت بها بقع الدم، ونثرت مسحوقاً لإزالة الروائح. و كانت قد أعدّت كل ذلك قبل الخروج في حملة الإبادة.
كان الطريق إلى جبال الجنوب وعراً جداً، وفيه الكثير من المنحدرات، كما أن قلةَ وجود الوحوش في تلك المنطقة جعلت منها مأوىً لأنواعٍ متعددة من الحيوانات المفترسة.
تركت إيلين جثة رايمون تحت أحد المنحدرات.
‘مع كثرة الذئاب الجائعة، ستختفي الجثة بسرعة.’
كان على فرقة الإبادة أن تصل إلى أراضي قبيلة الذئاب خلال فترةٍ محددة. لذا لم يكن بإمكانهم نشر عدد كبير من الأشخاص للبحث عن شخصٍ واحد اختفى فجأة.
وفوق ذلك، كان رايمون فارساً من الرتبة العليا. لم يكن من السهل تصديق أنه تعرّض لحادثٍ في الجبل. و لن يتمكنوا من استيعاب الأمر.
من المرجح أن كثيرين سيفترضون أنه عاد إلى قصر الماركيز نتيجة تغيّرٍ ما في مشاعره.
فهو لم يكن طالباً في الأكاديمية، ولا نبيلاً. لكنه، بصفته فارساً متمكناً، كان يُعامل في المجتمع الأرستقراطي كما لو كان نبيلاً حقيقياً، غير أنه في هذا المكان ليس سوى فارسٍ آخر.
كثيرون سيظنون أن فارساً رفيع المستوى قد يموت في هذا الجبل بسبب وحشٍ أو كائن غير متوقع، لا يستحق أن يُأسف عليه.
كما كانت وفاتها في حياتها الأولى بائسة، كانت وفاة رايمون أيضاً بائسةً إلى حدّ مؤلم.
“الموت…..لا يختلف كثيراً في النهاية.”
إيلين، رغم أنها بيدها قطعت الكابوس الذي كان يعذبها لسنين طويلة، الا أنها لم تشعر بأي شيءٍ مميز.
فقط كانت تحدّق بصمت في يديها لفترة طويلة، بوجه خالٍ من التعابير.
هل كان أمراً تافهاً إلى هذا الحد؟
كان قلبها ينبض ببطء وثقل.
وفجأة، عادت إليها ذكرى من الماضي. الردهة الرئيسية في الأكاديمية. غرفة الاجتماعات التي كانت مقر الفرسان المتدربين لفريدين، كانت إيلين قد ذهبت إليه هناك ذات مرة.
ما السبب يا ترى؟ لا، في الواقع لا تذكر أن هناك سبباً حقيقياً. في الماضي، كانت تذهب لرؤيته بمجرد اشتياقها، حتى لو لم يكن لديها أي مبررٍ حقيقي.
بالطبع، توقفت عن تلك التصرفات بعد أن أدركت أن وجودها بحد ذاته كان يشكّل عبئاً على فريدين…..لكن قبل أن تدرك ذلك، كانت تقترب منه عدة مرات متظاهرةً بأن لديها سبباً لرؤيته.
كامن تتذكّر بأنها في تلك المرة زعمت أنها أحضرت شايًا لذيذًا من القارة الشرقية وذهبت للقائه.
كانت تعلم في عقلها أنه لا يبادلها نفس المشاعر، لكنها لم تستطع التوقف عن التصرف بهذا الشكل. وفريدين، كما كان دائماً، استقبلها بلطف.
لكن في ذلك اليوم، حدّق فيها أكثر من المعتاد. وحين بدأت وجنتاها بالاحمرار من نظراته، تكلّم بصوتٍ خافت.
“لا أظن أن الآنسة إيلين هي من قتلت كاي.”
“…….”
“لأنك لستِ من النوع الذي يقتل الأبرياء. على الأقل، الآنسة إيلين التي أعرفها لم تكن كذلك. وإن لم تكوني ترغبين في الحديث عمّا تمرين به، فلا بأس. فقط…..عندما تكونين مستعدة، سأكون دائماً هنا لمساعدتكِ.”
لم تستطع إيلين الردّ على كلماته. لأنها كانت المرة الأولى التي يقول لها أحدٌ مثل هذا الكلام.
‘لكن يا فريدين، هذه المرة…..أنت مخطئ. يبدو أنني لست الشخص الطيب الذي كنت تظنه. فلم أستطع أن أسامح رايمون……وأعتقد أنني لن أستطيع مسامحته أبداً.’
فكّرت إيلين بوجه خالٍ من التعبير. لو كانت بالطيبة التي يظنها بها فريدين، هل كانت ستغفر لرايمون؟ ولو علم بما فعلته الآن، هل سيحتقرها؟
فريدين طيبٌ جداً، ربما كان سيغفر لها حتى وهي على هذه الصورة.
وأعضاء فرسانه المتدربين، أليسوا كذلك أيضاً؟ كلهم كانوا لطفاء أكثر مما يجب.
كانت إيلين تعرف أن آمون كلما نظر إليها، كان يتردّد في طرح سؤالٍ ما.
ربما لا يزال منشغلاً بالجُرح القديم الذي ترك ندبة. ومع ذلك، كان يعرف أيضاً أنها لا تريد التحدث عن الأمر، لذا لم يفتح الموضوع أبداً.
أسندت إيلين جسدها إلى الشجرة بجوارها، وأخذت تحدق في فريدين البعيد.
كان لا يزال يتجول حول المخيم، يراقب المكان بحثاً عن شيءٍ ما، دون أن يعود إلى الداخل.
راقبته من بعيد، وفكّرت مجدداً. حتى لو عادت إلى الماضي الآن، كانت ستكرر نفس ما فعلته.
لا بأس إن احتقرها فريدين. ولا بأس إن رآها الناس شريرةً بلا رحمة بسبب قسوتها. فهي معتادةٌ على الكراهية منذ زمن بعيد.
إذا كان هناك من يهدد فريدين أو فرسانه، فكانت مستعدةً لأن تصبح شيطاناً من جديد.
***
فجأة، أصبح المعسكر الهادئ في حالةٍ من الفوضى. كان ذلك لأن فريدين، الذي خرج من المعسكر وعاد، قد أيقظ الجميع قائلاً أنه يجب العثور على إيلين.
لكن إيلين وُجدت داخل المعسكر.
عندما خرجت من الخيمة بشكلٍ طبيعي، كان فريدين في حالة من الذهول.
كيف وصلت إيلين، التي اختفت من أمام عينيه في لحظة، إلى المعسكر قبله؟
ورغم أن سرعتها كانت مثيرةً للدهشة، الا أن ما فاجأه أكثر هو أنها بدت هادئةً للغاية رغم أنها كانت هي من طلبت فسخ الخطوبة.
توجهت إيلين إليه وكأن شيئاً لم يحدث، وأومأت له برأسها مودعةً. فنظر إليها فريدين بلا كلام.
ديريك، الذي كان واقفاً بجانب فريدين، نبهه وضربه برفق،
“ألم تقل أنكَ كنت ستتحدث مع إيلين ليسيروس؟ كانت تعبيرات وجهكَ قاتمةً للغاية حينها…..لكن لماذا جئتما معاً وحدكما؟ هل حدث شجارٌ بينكما؟”
لم يرد فريدين على كلام ديريك. فلم يكن يريد أن يخبره عن طلب إيلين بفسخ الخطوبة. فإذا سمع ديريك عن طلك، سيكون محط اهتمام كبير.
بالطبع، كان ديريك سيفرح ويقفز فرحًا. فقد كان صوته، وهو يسأل إن كان قد حدث شجار، يحمل بين طياته نوعًا من التوقعات.
ربما، بمجرد أن يعرف ما دار بينهما، سيشجعه على فسخ الخطوبة فورًا، قائلاً إنه أمرٌ جيد.
لكن فريدين شعر بقليلٍ من الانزعاج. و نظر إلى ديريك،
“اغلق فمكَ، ديريك.”
تصنّع ديريك تعبيرًا غاضبًا، لكن سرعان ما أغلق فمه وهو يلاحظ نظرات فريدين الحادة. لم يعرف السبب، لكن كان من الواضح أن فريدين كان في مزاجٍ سيء.
عادةً، كان فريدين شخصًا متسامحًا، ولكن في مثل هذه المواقف، كان من الأفضل عدم المبالغة في المزاح.
تذكر ديريك ذلك، فبدأ يراقبهما بعينين ضيقتين.
‘هناك شيءٌ ما بالتأكيد.’
كانت حواسه الحادة تقول ذلك.
لكن نظرًا لأن الشخصين المعنيين لم يظهر عليهما أي شيء غريب، لم يكن هناك طريقة لمعرفة ما حدث.
***
لم يشعر الآخرون بشيءٍ غريب إلا في صباح اليوم التالي.
لقد اختفى رايمون منذ الأمس. فكروا بأنه ربما كان غائبًا لفترةٍ قصيرة، لكن عندما لم يظهر حتى قبل مغادرة الحملة، كان من الواضح أن هناك شيئًا غير طبيعي.
كان كارون أول من تحدث.
“رايمون اختفى؟”
لقد كان دائمًا قريبًا من إيلين، لذا كان من السهل ملاحظة اختفاءه.
“ماذا؟ هل عاد إلى قصر الماركيز من دون أن يقول شيئًا؟”
“أليس من المفترض أن نبحث عنه؟”
“لكنّه فارسٌ رفيع المستوى. ولا أعتقد أنه تعرض لمكروه في الغابة التي لا يوجد فيها الكثير من الوحوش…..”
“ربما كان لديه أمر عاجل. بالطبع، إذا ترك الحملة من دون أن يقول شيئًا، يجب أن يُعاقب.”
“ربما هرب…..على أي حال، لا يمكننا التأخير الآن. الكونت ليون يكره التأخر عن مواعيده.”
كان رايمون جزءًا من الحملة، لكنه لم يكن ملزمًا بمرافقتها. فقد كان هدفه حماية إيلين فقط، ولم يقدم أي مساعدةٍ كبيرة للحملة.
حتى أنه كان يراقب إيلين بنظرات تبدو مريبةً للآخرين.
“ذاك الرجل كان يبدو غريبًا بعض الشيء، أليس كذلك؟ نظراته للآنسة إيلين كانت أحيانًا تشعرنا بالقشعريرة…..”
“نعم، صحيح. نعلم أنه كان مخلصًا في مهمته، لكن تصرفاته كانت مبالغًا فيها.”
بعض أعضاء الحملة بدوا مسرورين من اختفاء رايمون. لكن كارون كان الوحيد الذي هز رأسه باستفهام.
_________________
كارون يالخوي احمد ربك بس
بس لحظه ايلين صدمتني يوم قطت يد رايمون والحين دْبحته؟ تجنن مجنونه😭😭😭😭
وهي تقول بصير شيطان عشان فريدين وفرسانه تصيييح
تدرون وش الي يجنن؟ فريدين مب مهتم في رايمون ولا طق له خبر ههعهعهخخهعاااااا
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 27"