عندما كان صغيرًا، كان هو أيضًا يدخل تحت السرير، يضم جسده ويبكي، تمامًا مثل إيلين.
ولهذا كان يفهم جيدًا كم هو شعورٌ بائس ومُذلّ. وذلك هو السبب الذي جعله لا يستطيع أن يبعد عينيه عنها.
لكن كان هناك من وقف بجانبه، ومع مرور الوقت، أصبح هناك كثيرٌ من الناس يدعمونه ويمنحونه القوة. فتمكن فِريدين من أن يصبح أقوى من أجلهم، ولم يشعر بالوحدة.
أما إيلين التي رآها، فكانت دومًا وحيدة.
حين رآها للمرة الأولى في الأكاديمية، لم يستطع إخفاء اندهاشه.
‘كيف يمكنها تحمّل كل هذا؟’
الجميع كان يوجه لها اللوم والاتهام. وكانت الشائعات التي تُتداول علنًا تقول إن إيلين ليسيروس فتاةٌ شريرة.
لكن، هل كانت إيلين ليسيروس التي التقوا بها فعلًا إنسانةً شريرة؟
هل هي شخص يمكنه قتل الآخرين فعلًا؟
بالطبع، حتى فِريدين لم يكن واثقًا تمامًا من أنها ليست شريرة. كان مايراه مجرد طفلةٍ صغير تبكي في صغرها، ولا يمكنه الجزم بتلك الحقيقة لمجرد أنها حدثت.
لذلك بدأ فريدين بمراقبة إيلين، ليتأكد بنفسه إن كانت شريرةً حقًا أم لا.
‘إنها ليست شريرة.’
ما جعله واثقًا من ذلك هو رؤيته لإيلين وهي تبكي بينما كانت تدفن قطةً ميتة. بعد أن غطت التراب بيديها الجميلتين الخاليتين من أي جرح، نعتت إيلين القطة بكلمات حزينة.
ظل فيردين يراقب ذلك المشهد من الخلف لفترة طويلة. وحين رأى إيلين تذرف الدموع بصمت وكأنها اعتادت ذلك، شعر بأن شيئًا ما في قلبه قد انكسر.
هل يعقل أن يبكي شخصٌ يؤذي الآخرين كما يشاع عنها على قطة؟ ذلك مستحيلٌ تمامًا.
إذاً، ما حقيقة تلك الشائعات؟ ومن سيتحمل عبء الكراهية واللوم غير العادل الذي وُجّه إليها؟
من الذي تجرأ على نشر مثل تلك الشائعات أصلًا؟
“فيما تفكر هكذا، يا فريدين؟”
استفاق فريدين من شروده على صوت الدوق أسيلي.
أكمل الدوق كلامه وقد بدا عليه الاستغراب.
“وبخصوص ما حدث مؤخرًا في حملة القضاء على الوحوش، أعني تلك الحادثة التي قُتلت فيها جميع الوحوش. هل تعرف من كان وراءها؟ لا أعتقد أن فارسًا عاديًا يمكنه القضاء على تلك الوحوش. لم تكن مجموعة ضخمة…..و سمعنا أيضًا إشاعةً عن ظهور سيّد سيف جديد.”
“فيما يخص ذلك، لا أعلم شيئًا. كل ما أعرفه هو أنني حيٌ بفضل من هزم تلك الوحوش.”
“هذا ممكن. يجب أن نراجع من كانوا في الحملة أيضًا.”
“هل يعقل أن من فعلها كان أحد أفراد فرقة التوبار؟”
هزّ الدوق أسيلي رأسه ردًا على كلمات فريدين.
“المؤسف أنه عندما يصل الأشخاص إلى مستوى معين، لا يعود بإمكانهم تقييم قوة بعضهم بدقة. لذا، حتى لو رأينا أحدهم في فرقة التوبار، لا يمكننا التأكد. أنا أيضًا أرغب بشدة في مقابلة ذلك الشخص المختبئ.”
“لقد مر وقتٌ طويل دون أن أجد خصمًا حقيقيًا…..”
أضاف الدوق أسيلي ذلك بهدوء.
رغم وجود اثنين من سادة السيف في الإمبراطورية، إلا أنه لم يكن أيٌّ منهما نِدًا له. و لطالما رغب في العثور على خصم يوازيه في القوة.
‘وإن لم يكن موجودًا، أليس بوسعي أن أصنعه بنفسي؟’
فجأة خطرت له هذه الفكرة، فتلألأت عيناه.
أليس هناك شخص يملك موهبةً مدهشة؟ ماذا لو اتّخذ إيلين ليسيروس تلميذةً له؟
ستتعلّم منه أكثر مما ستتعلّمه في الأكاديمية، وستتقدّم بسرعة أكبر.
ابتسم الدوق أسيلي برضا وهو يومئ برأسه.
لم يخطر في باله أبدًا أن إيلين قد ترفض أن تصبح تلميذته.
أليس كذلك؟ أي فارس قد يرفض فرصة أن يصبح تلميذًا له؟ إنه أقصر طريق للوصول إلى مرتبة سيّد السيف!
تذكّر الدوق كيف أن إيلين اكتفت بانحناءةٍ صامتة حين التقته. حتى كبرياؤها المتعالي بدا مناسبًا تمامًا لتكون تلميذته.
كلما فكّر في الأمر، شعر أنه خطةٌ مثالية، مما جعله في مزاج جيد.
لقد كان رجلًا أبسط مما يبدو.
‘حين أزور أكاديمية أتينس مرة أخرى، عليّ أن أقدّم عرضي فورًا.’
فكّر الدوق أسيلي بذلك، ثم تحدث لفريدين،
“بالمناسبة، يبدو أن الإمبراطور سيكلفكَ بمهمةٍ قريبًا.”
“ها نحن نبدأ من جديد.”
“لكن لا تستهين بهذه المهمة. ستذهب إلى أراضي قبيلة الذئاب من أجل القضاء عليهم وإنقاذ اللاجئين. صحيحٌ أن الفيلق الثاني بقيادة الكونت ليون سيرافقكم، لكن..…”
“….…”
“من يدري. هذه المهمة خطيرة جدًا، ولهذا أرجو أن تنجو مجددًا. لعلّ سيّد سيف آخر يظهر فجأةً لمساعدتك كما في المرة السابقة.”
وبعد أن قال ذلك، نهض الدوق من مقعده و غادر.
***
مرّ شهران بسرعة.
جلست إيلين على الطاولة، تمسك بريشةٍ صغيرة في يدها وترسم دوائر. وخلال ذلك، أخذت تسترجع ما حدث خلال الشهرين الماضيين.
شاركت إيلين بجدية في دروس قسم المبارزة. وبفضل ذلك، تمكنت من أن تكون ضمن الخمسة الأوائل المؤهلين لأداء المهام بفضل درجاتها الممتازة.
وأحيانًا كانت تصادف فريدين داخل الأكاديمية. وعندما يلتقيان، كانا يتبادلان التحية بوجوه يغمرها الحرج ويمضيان في طريقهما.
وحين فكرت فيه، شعرت بمشاعر لا تستطيع وصفها. فضغطت برفق على صدرها عند موضع القلب، ثم تابعت أفكارها.
أحيانًا كانت الآنسة أسيلي تأتي لزيارتها وتثرثر عن يومها. و غالبًا ما كانت الأحاديث تدور حول أشياء بسيطة،
الطقس الجميل اليوم، أو أن هناك متجرًا يقدّم حلوى لذيذة وتدعُوها لتناولها معها.
وأيضًا…..كانت تتبارز مع آمون.
رسمت إيلين على الورقة ملامح آمون الغاضبة المميزة.
كان يتجول دائمًا بتعبير غاضب، حتى دون سبب. وكان يطلب منها المبارزة من حين لآخر، لكنها لم تكن ترفض أبدًا.
بفضل ذلك، تطوّرت مهارات آمون بسرعة، مما جعل طلاب قسم المبارزة الآخرين يطلبون منها التبارز معهم أيضًا، فتجد نفسها في مواقف محرجة أحيانًا.
لا تعرف كيف وصلهُ الخبر، لكن حتى كارون طلب مبارزةً منها، مما جعل إيلين تعجز عن الرد.
ومع ذلك، لم تتجنب المبارزة مع شقيقها الأصغر أيضًا. وبعد أن تلقى كارون ضربًا مبرحًا من إيلين، لم يتوقف عن ترديد عبارة “لا أصدق هذا.”
ثم بدأ من اليوم التالي يتصرف مثل آمون، أي أنه لم يتوقف عن طلب المبارزة منها طوال اليوم.
ابتسمت إيلين بخفة وهي تتذكر كارون، ثم خطرت في ذهنها واقعةٌ حدثت مؤخرًا.
فبينما كانت تمشي في الطريق، سمعت دون قصد حديثًا بين بعض طلاب قسم المبارزة.
“أنا مؤخرًا لم أعد أصدق أي إشاعة. الشائعات عن الآنسة إيلين غريبةٌ جدًا.”
“مثل ماذا؟”
“الآنسة إيلين طيبة.”
“صحيح، من الصعب تصديق أنها ارتكبت تلك الأفعال فعلًا.”
رغم أنها كانت تتمنى في الماضي أن يعترف بها الناس، فإنها حين سمعت تلك الكلمات لم تشعر بشيء يذكر.
كان الأمر يبدو غير واقعيٍ فحسب.
أما رايمون، فكان يبدو كعنصر غريبٍ دخل فجأة في حياتها الهادئة. فكلما بدأت تنساه، كانت تضبطه وهو يراقبها خلسةً أثناء تدريبها على المبارزة.
حين نظرت إليه، بدأت إيلين تفكر في كيف ينبغي لها أن تعيش هذه الحياة بعد عودتها بالزمن.
ما الذي سيحدث لاحقًا، وما الذي يجب عليها منعه، ومن…..الذين عليها أن تقتلهم.
إيلين في الماضي لم تكن تستطيع قتل حتى حشرة، ولم يخطر في بالها قط أن تقتل إنسانًا.
حتى حين كانت تتعرض للضرب من زوجة الماركيز، لم تفكر إلا في “إنه مؤلم.” و”أنا خائفة.” ولم تجرؤ أبدًا على التفكير في الانتقام.
كانت تعتقد أن الحكم على حياة أو موت الآخرين ليس من شأنها.
لكن، ماذا لو كان ذلك الشخص يحاول قتلها؟ هل عليها أن تتحمل ذلك أيضًا؟
هل ستسامح من استغلها حتى النهاية ثم تخلّى عنها كما تُرمى القمامة؟
في الماضي، دخول رايمون إلى قسم المبارزة حدث بالطريقة نفسها. بما أن الآنسة أسيلي ماتت بسبب إيلين، فقد جاء ليراقبها ويتأكد من أنها لن ترتكب حادثةً أخرى.
في ذلك الوقت، شعرت إيلين بالراحة لوجود رايمون.
ظنّت أن وجوده يعني أن أحدًا أخيرًا صار في صفها.
وكما توقعت، أبدى رايمون سعادته برؤيتها، وابتسم بتلك الابتسامة المألوفة، وقال بنفس الطريقة،
“آنسة إيلين! مضى وقتٌ طويل، أليس كذلك؟”
لكن بعد ذلك، بدأت تسمع الشتائم من الحميع بلا سبب مرارًا وتكرارًا. رغم أن الخطأ لم يكن خطأها، بدأ كثير من الناس يأتون إليها غاضبين ويصبّون عليها غضبهم.
ومنذ مجيء رايمون، بدأت المآسي في حياة إيلين تتزايد أكثر فأكثر.
‘لكن بما أن رايمون موجود، فسيكون كل شيء بخير.’
ربما كانت تدرك الحقيقة، لكنها فضّلت أن تعيش في وهمٍ مطمئنة. فقد كان رايمون يواسي إيلين في كل مرة يحدث فيها ذلك.
ثم استعادت إيلين ذكرياتها من هذا الوقت في الماضي.
فحتى في الماضي، تلقى فريدين نفس المهمة، القضاء على قبيلة الذئاب وإنقاذ اللاجئين الذين أُخذوا كرهائن.
لكن إيلين لم تعرف في ذلك الوقت إن كان فريدين قد أتم مهمته أم لا، لأنها كانت تصارع الموت بعد سقوطها في البحيرة.
وكان ذلك قد حدث عندما كانت برفقة رايمون.
____________________
شف المجنون لايكون دفها؟
تكفيين انتقمي من رايمون قبل زوجة ابوس ينرفز يقهر يعني وش عاجبك وانت تعذبها كذا؟ لايكون هو بعد خايف من موهبتها؟
خطة الدوق أسيلي حلوه لاتطول بالله تعال خذ ايلين😭
فريدين يجنن😔🫂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 24"