أنظار طلاب الأكاديمية جميعاً لم تفارق مكانًا واحدًا.
كانوا ينظرون الى خطى الفيلق الأول، الذي دخل خلف الدوق أسيلي، التي كانت واثقةً لا تعرف التردد.
توقف الدوق المتقدم في المقدمة حين لمح رجلًا يسير في نفس الاتجاه الذي يسلكه.
“إنه السيد رايموند من قصر الماركيز ليسيروس.”
تمتم الفارس الأول الواقف بجانب الدوق أسيلي.
كان رايموند فارسًا رفيع المستوى وبارزًا، وكان من أكثر الفرسان المقربين لماركيز ليسيروس، إلى جانب السيد راكن.
لكن شخصٌ مثله لم يكن من النوع الذي يناسب التواجد في أكاديمية أتينس.
“يبدو أنه جاء بسبب إيلين ليسيروس. بحسب ما قالته زوجة الماركيز، يبدو أن إيلين تسببت في مشكلة أثناء مهمة القضاء على الوحوش.”
“مشكلة؟”
“نعم، لقد استفزّت السيد آمون وتحدّته في مبارزة، وكادت الآنسة أن تتعرض للخطر أثناء حضورها كمراقبة هناك.”
تجمّد وجه الدوق أسيلي عند سماعه كلام الفارس الأول.
كان الدوق أسيلي رجلاً يحافظ على هدوئه في كل الأوقات، لكن عندما يتعلق الأمر بابنته، كان يفقد أعصابه على الفور.
إيلين ليسيروس. لقد رآها الدوق أسيلي عدة مرات من قبل. تذكر تلك الفتاة الصغيرة التي كانت تقف أحيانًا إلى جانب الماركيز ليسيروس عندما يلتقي به.
كانت فتاةً تبدو حزينة ومنعدمة الثقة بالنفس. بنيتها الجسدية لم تكن سيئة، لكن مع تقدمها في السن، بات كل شيء فيها يبدو ضعيفًا.
كان يتذكر كيف كانت تختبئ خلف ظهر والدها بوجهٍ يبدو وكأنها لن ترفع سيفًا في حياتها.
وفوق ذلك، لم يكن الدوق أسيلي غافلًا عن الشائعات التي كان يسمعها عنها.
لم يستطع أن يجد شيئًا جيدًا واحدًا في عائلة ليسيروس.
‘هل يعقل أن عائلة الماركيز ليسيروس في هذا الجيل لم تُختَر من قِبل السيف؟’
لطالما كان هناك نقص في الفرسان الموهوبين.
وكان سبب تمتع عائلة الماركيز ليسيروس بسلطة تقارب سلطة عائلات الدوقات هو أنهم من العائلات التي اختارها السيف.
لكن حتى كارون ليسيروس، الذي رآه مؤخرًا، لم يرقَ لمستوى نظره، ويبدو أن سلالة السيف المتوارثة قد انقطعت في هذا الجيل.
بالنسبة له، كفارس وليس كدوق من الإمبراطورية، كان هذا أمرًا مؤسفًا.
‘جميعهم لا يُعوَّل عليهم. أما تلك الإيلين ليسيروس فلا حاجة حتى للحديث عنها.’
لكن ربما كان من الجيد أن إيلين لم يتم اختيارها من قبل السيف. رغم أن ذلك غير وارد، إلا أن مجرد احتمال أن تصبح إيلين ليسيروس، بشخصيتها هذه، سيّدة سيف، كان أمرًا خطيرًا بحد ذاته.
فلا أحد يعرف ما الذي قد تحاول فعله بذلك النوع من القوة. وإن وصلت بها الحال إلى اضطهاد الأبرياء، فقد يضطر هو بنفسه إلى تلويث سيفه بالدم لإيقافها.
كانت تلك الأفكار قد راودته قبل عدة سنوات. لكن الآن، إيلين ليسيروس في قسم المبارزة؟
تجمد وجه الدوق أسيلي. لكن لم تدم حيرته طويلًا، واتخذ قراره بسرعة.
“سأتوجّه إلى ساحة التدريب.”
تفاجأ الفرسان الواقفون خلف الدوق أسيلي من قراره المفاجئ، وارتسمت الدهشة على وجوههم.
فمن المفترض أن يتوجّهوا مباشرة إلى الآنسة أسيلي. لكن بما أن الدوق قد اتخذ قراره، فلا خيار لهم سوى اتباعه.
ومع تسارع خطوات الدوق، بدأ الفرسان أيضًا بالإسراع خلفه. ولأن جميعهم سبق وأن تخرّجوا من قسم المبارزة في أكاديمية أتينس، لم يكن من الصعب عليهم إيجاد الطريق.
كانت ساحة التدريب التي وصلوا إليها هادئةً تمامًا. و شعر الدوق أسيلي بالغرابة.
فمن المفترض أن يسمع منذ اقترابه أصوات صراخ الطلاب وتصادم السيوف المعتادة من قسم المبارزة. لكن الساحة بدت وكأنها واقعة تحت تعويذة صمت، فلم يُسمع منها أي ضوضاء.
ثم، وعلى بُعد غير بعيد، لمح الدوق أسيلي طالبين يتبارزان. وكان جميع طلاب قسم المبارزة منشغلين بمشاهدتهما لدرجة أنهم نسوا تدريباتهم الخاصة.
كان أحدهما ذا وجهٍ مألوف جدًا. آمون هيدور. وريث الدوق هيدور الذي لا يكف عن التفاخر به في كل مناسبة.
كان آمون طالبًا مليئًا بالموهبة، حتى أن الدوق أسيلي نفسه اعترف بذلك.
هل هناك طالبٌ يستطيع القتال نِدًا لند معه داخل أكاديمية أتينس؟
ثم نظر الدوق أسيلي إلى خصم آمون، ولم يستطع إخفاء دهشته.
وكأنّ الفارس الأول بجانبه كان يُعبّر عن مشاعر الدوق، إذ تكلّم بوجه مذهول،
“إيلين ليسيروس؟”
كانت إيلين ليسيروس تبتسم بمرح، وشعرها البني المُحمر المربوط يتطاير خلفها. وكانت حركات سيفها ساحرة.
بدا سيف إيلين بسيطًا، لكن منظمًا إلى حدٍ يثير الدهشة. و كانت في ضرباتها سلاسة لا يملكها إلا من لوّح بالسيف عشرات بل آلاف المرات.
حدّق الفارس الأول بها وفمه مفتوحٌ دون أن يشعر.
هل من المعقول أن تكون هذه هي نفسها الفتاة السيئة السمعة التي سمع عنها؟
وأثناء متابعته لمبارزة آمون وإيلين، شعر بحماسة لم يشعر بها منذ زمن.
منذ متى كانت آخر مرة رأى فيها نزالًا كهذا، لا من أجل القتل، بل لمجرد الاستمتاع بمواجهة السيوف؟
استفاق الفارس الأول من شروده على صوت الدوق الواقف بجانبه،
“موهبةٌ مذهلة.”
أن يعترف الدوق أسيلي بنفسه بموهبته؟
‘صحيح أن إيلين ليسيروس، التي تتبارى مع السيد آمون على قدم المساواة، ليست سيئةً على الإطلاق، لكنها لا تزال لا ترقى إلى مستواه.’
اشتعلت نار التحدي في عيني الفارس الأول. فطالب عادي من الأكاديمية قد نال الاعتراف الذي لم يحصل عليه هو قط رغم عمله تحت إمرة الدوق أسيلي لسنوات.
ومع ذلك، لم يدرك شيئًا بالغ الأهمية. وهو أن عيني الدوق أسيلي لم تكن تتجه نحو آمون منذ البداية، بل نحو إيلين وحدها.
نظراته وهي تتابع مسار سيفها كانت حادةً ومركّزة.
***
تصادم السيوف-
المبارزات باستخدام السيوف الحقيقية كانت دومًا تحمل توترًا خاصًا. وإيلين كانت تعشق ذلك الإحساس.
جسدها كان ثقيلًا، لكنها لم تكن ترى في ذلك عائقًا.
سيف آمون، المحمّل بالقوة، انقضّ عليها بقوةٍ تكاد تحطم سيفها، لكنها ببراعة امتصّت تلك الضربة وحرفتها بسلاسة.
لاحظت على الفور أن سيف آمون قد تغيّر. فالسيف الذي كان يومًا أرستقراطيًا وأنيقًا بات الآن يحمل روحًا مليئةً بالحماسة.
يبدو أنه، بعد مبارزته السابقة معها، بدأ في تجربة أساليب جديدة.
لكن حتى أسلوبه السابق لم يكن سيئًا. هو خسر في ذلك النزال ببساطة لأنها كانت أقوى منه.
إيلين كانت تفكر بذلك وهي تقود سيف آمون. كانت تنوي إخباره عبر تصادم السيوف أن سيفه لم يكن سيئًا.
فجأة ظهرت علامات الارتباك على وجهه. لأنه كلما دافع عن سيفها، أدرك إلى أي اتجاه يذهب سيفه هو.
أسلوب هيدور في المبارزة.
آمون كان يُنفّذ دون وعي أسلوبه الأصلي في القتال.
كيف يكون هذا ممكنًا؟
لكن لم يكن لدى إيلين ما يكفي من الهفوات لتمنحه وقتًا للتفكير. فحتى الحركات البسيطة من قطع وطعن كانت تشعره بشيء مختلف حين تقوم بها هي.
آمون شعر بشيء شبيهٍ لما أحس به في أول مرة تبارز فيها مع إيلين.
كان هناك جبلٌ شاهق ارتسم أمام عينيه. و شعر أنه مهما هاجمه، فلن يتمكن من اختراقه.
لكن الأمر لم يكن تمامًا كما في السابق. فإيلين كانت تُعلّمه. تُريه الطريق الذي يجب أن يسلكه بسيفه.
وفي هذه الحالة، لم يكن أمامه إلا أن يرقى لتوقعاتها.
آمون عضّ على أسنانه وأطلق أفضل ما لديه من مهارات السيف. وإيلين بدورها قابلت أفضل ما لديه بأفضل ما لديها.
طَنْ-
تصادم السيفين صنع صوتًا صافياً.
هل كان التلويح بالسيف ممتعًا إلى هذا الحد؟
راود آمون هذا التفكير للحظة.
إيلين التي كانت تلوّح بسيفها أمام عينيه بدت وكأنها ترقص. كل حركةٍ منها كانت خاليةً تمامًا من أي قوة زائدة لا داعي لها.
والاتصال بين حركة وأخرى كان طبيعيًا إلى درجة أنه بدا جميلًا فحسب.
سيف آمون توقف للحظة بينما كان يحدق بإيلين شاردًا.
وإيلين لم تكن لتفوّت تلك الفجوة. فصدّت بسيفها نصل سيفه، وتوقفت مباشرة أمام منتصف جبينه.
نهاية مماثلة تمامًا لأول مبارزةٍ بينهما.
“السيد آمون، كيف تشيح بنظرك أثناء المبارزة؟”
لم يكن لديه ما يقوله. فآمون كان يعلم كم كان تصرفه غبيًا.
ما فعله كان إهانة لإيلين، وإهانة لطريق الفارس الذي يسلكه.
أمسك آمون بسيفه وانحنى برأسه أمام إيلين. فتغير وجهها على الفور، وظهر عليه الارتباك.
“كانت مبارزةً جيدة، ولا عذر لي.”
“…..السيد آمون، ألا يمكنك التصرف كالمعتاد؟”
رد فعله فاجأها. فلم تتوقع أبدًا أن يعترف بخطئه بهذه السهولة.
وحين رفع آمون رأسه، كانت عيناه تتلألأان.
“لماذا ينظر إليّ بتلك العينين؟”
رأت إيلين كثيرًا من العيون مثل عيني آمون في حياتها الثالثة. كلما كانت تمنح أحدهم بصيرةً أو وعيًا، كان الفرسان الذين يتبعونها ينظرون إليها بذلك البريق المتوهج نفسه.
وحين نظرت إلى آمون، شعرت وكأن ذكريات ذلك الوقت تعود إليها من جديد.
“لأنني لا أرتاح لذلك، فقط تصرف بطبيعتكَ المعتادة.”
“هل هذا يريحكِ أكثر؟”
“نعم، فعلًا.”
أومأ آمون برأسه ردًا على كلمات إيلين. لكن عينيه المتألقتين لم تتغيرا.
من الغريب أن تشعر بالراحة مع آمون الذي كان ينتقدها يومًا بأنها لا تعرف معنى الشرف.
بالفعل، كان هذا اليوم غريبًا.
__________________
اصبري باقي الدوق اسيلي ✨
ودي الآنسه اسيلي تعلم ابوها بكل الي صار وتطلع عيونها المعجبه بإيرين او تعلمه انها شافت الهاله اي شييي
مب حلو كلهم عندهم سوء فهم لها وانتظر كل واحد يعرف الصدق 😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 21"