لقد كان جميع الطلاب في القسم يتعاملون معها بحماسٍ واضح، وكأنهم متحمسون لشيءٍ ما.
“آنسة إيلين، كنتِ على وشك أن تتعرضي للأذى، أليس كذلك؟”
“إذا لم يكن سيّد السيف قد ظهر فجأة، لكانت فرقة الإبادة قد تعرضت للفناء، هل هذا ممكنٌ حقاً؟”
“هل أنتِ بخير؟ لماذا تبدين هكذا وأنتِ تمشين؟”
“سمعتُ إشاعة أنكِ خضتِ مبارزةً مع السيد آمون وانتصرتِ عليه، هل هذا صحيح؟”
“كيف يكون ذلك صحيحًا؟ من يكون السيد آمون! لا يمكن أن تكون إيلين ليسيروس قد انتصرت عليه.”
ما إن دخلت إلى ساحة التدريب حتى انهالت عليها الأسئلة من كل حدبٍ وصوب.
كان الخبر عن تصدي إيليك لجيشٍ الوحوش أثناء حملة الإبادة قد انتشر على نطاق واسع. وكانت أعين طلاب قسم المبارزة، الذين بدأوا يُظهرون مودةً تجاهها في الآونة الأخيرة، تتلألأ بشدة.
وكان في أعينهم شيءٌ ما يُشبه تمامًا النظرة التي وجّهتها بها الآنسة أسيلي ذلك الصباح، مما جعل القشعريرة تسري في جسد إيلين.
أما أولئك الذين كانوا يكرهونها في البداية، فقد اختفوا جميعًا، وحلّ محلهم طلابٌ يقتربون منها بود، لكن تصرفاتهم بدت غريبةً عنها تمامًا.
ومع ذلك، لا يزال هناك من ينظر إليها بنفور بين الحين والآخر.
“بغض النظر عن مهارتها في المبارزة، كيف يمكنهم أن يحبوا قاتلةً إلى هذا الحد؟”
“أين ذهبت كرامة الفارس؟ تبًا تبًا.”
“دعوها وشأنها. على أي حال، شخصٌ مثلها لن يصل أبدًا إلى عتبة الفارس المتقدم. أنتم تعلمون جيدًا، أليس كذلك؟ أن تصبح سيد السيف يعني أن تبلغ أقصى درجات السمو الروحي. إيلين ليسيروس لن تصبح حتى فارسةً متقدمة.”
لو كان هذا في الماضي، ربما كانت تلك الكلمات ستجرحها. لكن إيلين الآن تجاهلتهم تمامًا.
أجابت على أسئلة الطلاب الآخرين ببرود، ثم اتجهت إلى زاوية الساحة. وهناك، عبس وجهها عند رؤيتها لشخصٍ غير متوقع.
ما الذي يفعله هذا الشخص هنا؟
الشخص الذي كان يقوم بتمارين الإحماء في ساحة التدريب لم يكن سوى آمون نفسه.
رأت طلاب قسم المبارزة من حوله يلقون عليه نظراتٍ خاطفة باستمرار.
فبما أن آمون مشهور بكونه سيصبح سيد السيف في المستقبل، كان من الطبيعي أن ينظر إليه طلاب الصفوف الابتدائية بعيون لامعة. وبما أن معظم الفرسان مجانين بالسيوف، فإن تفكيرهم كله يتمحور حول “السيف”.
ولذلك، حتى لو كان زميلًا لهم في نفس المرحلة، لا بد أن يصبح آمون هيدور، الذي يتمتع بمهارات مبارزة مذهلة، موضع إعجاب.
عندما رأته إيلين، غيرت مسارها وسارت نحو جهة أخرى. فهي قد قررت أن تتصرف داخل قسم المبارزة على أنها عبقرية “متوسطةُ الظهور”، لذلك لم تكن تريد التورط معه.
لكن سرعة اقتراب آمون كانت أسرع من محاولتها في الابتعاد.
فما إن انتهى اجتماع فرسان الأكاديمية، وسمع بأن إيلين قد استعادت وعيها، حتى أتى مباشرة.
لم يكن يظن أنها ستعود للتدريب بهذه السرعة، لكنه اكتشف أنها فعلت.
بدت على وجه آمون علامات عدم الرضا.
“آنسة إيلين، هل يُسمح لكِ بالخروج بهذا الشكل؟ لقد سمعت أنكِ استعدت وعيكِ فقط هذا الصباح……”
ارتجفت إيلين. آمون هيدور يخاطبها بلغةٍ رسمية؟
رفعت بصرها نحو السماء للحظة. هل طلعت الشمس من الغرب اليوم؟
لكن الشمس كانت في موقعها الطبيعي. إذاً ما الذي يجري بالضبط؟
وبينما كانت إيلين تفكر في السبب، وصلت إلى استنتاج سريع، ربما أصيب آمون في رأسه أثناء معركة الإبادة ضد الوحوش.
في موقفٍ لم تتوقعه إطلاقًا، لم تجد إيلين ما تقوله. هل
هذا أيضًا من نتائج تغييرها للمستقبل؟ إذًا، كيف من المفترض أن تُصلح رأس آمون؟
“يبدو أنكِ تجدين صعوبةً في الحركة، كان بإمكانكِ أخذ قسط من الراحة قبل القدوم.”
ورغم أن نبرة صوته ما زالت حادة بعض الشيء، إلا أنها اختلفت تمامًا عمّا كانت عليه من قبل.
نظرت إيلين إلى آمون بدهشة وارتباك.
هذا أيضًا لم يكن كما في المستقبل الذي تعرفه.
كان آمون هيدور قد التحق بالفعل بالصف المتقدم في قسم المبارزة. وبالتالي، لم يكن هناك أي سببٍ لوجوده في صف المبتدئين الذي يشرف عليه إدوارد.
ما عدا يوم تقييم المبارزة في أول يوم، لم يكن من المفترض أن يلتقي طلاب الصف المبتدئ بالصف المتقدم أثناء الحصص الدراسية.
حتى خطيبها فريدين، لم تره منذ تلك الحصة.
وهذا يعني أن وجود آمون هنا سببه أنه قد انتقل رسميًا إلى صف المبتدئين الذي يديره إدوارد.
لكن لماذا؟
ولكي يعود مجددًا إلى الصف المتقدم، عليه وفقًا لتقاليد أكاديمية أتينس أن يُتم مهمةً يُكلفه بها الإمبراطور شخصيًا.
وإيلين، التي تعرف جيدًا كم عانى آمون هيدور في الماضي حتى يتمكن من دخول الصف المتقدم، لم تستطع أن تتخيل أبدًا السبب الذي قد يدفعه للعودة إلى صف المبتدئين.
وفوق ذلك، كان الفرق في المستوى بين الصف المبتدئ والمتقدم كبيرًا للغاية. فمستوى آمون كان مرتفعًا جدًا لدرجة أن طلاب الصف المبتدئ لن يكونوا خصومًا له بأي شكل.
وبالطبع، لم يكن الوضع ليختلف كثيرًا حتى في الصف المتقدم، لكنه على الأقل لو أراد التدريب، لكان من الأفضل أن يكون مع من هم في مستواه.
“ما الذي تفعله هنا؟”
عندما طرحت إيلين سؤالها، لزم آمون الصمت.
ثم أخذ ينظر بصمت إلى السيف المعلّق عند خصرها.
“حين تتحسن حالتكِ…..هل يمكننا أن نتبارز؟”
“ماذا؟”
“…..لا، لا شيء.”
بدأ آمون يتكلم، لكنه أغلق فمه مجددًا حين أدرك حالة إيلين الصحية. و احمرّ وجهه.
شعر بالخجل لأنه لم يتمالك مشاعره وطلب منها شيئًا وقحًا. خاصة وأن إيلين التي أمامه لم تستيقظ سوى هذا الصباح فقط.
ومع ذلك، لم يستطع أن يصرف بصره عن سيفها. فتنهدت إيلين من شدة نظراته المتقدة.
لهذا السبب يصعب التعامل مع الفرسان.
على ما يبدو، كانت قد بذلت جهدًا كبيرًا بصدق حين قاتلت آمون هيدور، أكثر مما ينبغي.
هل كان عليّ أن أتساهل معه بعض الشيء الى ان أفوز بالصدفه؟
لكن ذلك “البعض الشيء” كان دومًا هو الأصعب. وفوق ذلك، كانت إيلين دائمًا ضعيفةً أمام تلك النظرات.
نظرات فارس حقيقي يسعى للقوة.
وبوصفها شخصًا أراد أن يصبح فارسًا أكثر من أي أحدٍ آخر، كانت تفهم جيدًا ما تعنيه تلك النظرات وما تحمله من إصرار.
لا شك أن آمون قد توصل إلى نوع من الإدراك بعد مبارزته معها. وقد وجد من خلال تلك المبارزة خيطًا يمكنه من خلاله أن يصبح أقوى، ولهذا جاء إلى هنا مدفوعًا بعطشه لذلك.
‘طالما يرغب بذلك إلى هذا الحد، فعليّ أن أجيبه.’
رفعت إيلين سيفها.
لم تكن بحاجة لانتظار تعافي جسدها بالكامل.
فبما أنها تعرف تمامًا ما الذي يريده آمون، كانت تنوي أن تُريه بوضوح.
ربما يكفي أن تقاتله بشكلٍ متكافئ؟ طالما لا تسحقه بشكل ساحق، فلن يكون هناك ضرر.
لكن حتى وهي تفكر بذلك، كانت إيلين تعلم الحقيقة جيدًا. ما دامت تخوض مبارزةً متكافئة مع آمون، فإن فكرة أن تعيش حياةً عادية كطالبة في قسم المبارزة قد ولّت إلى الأبد.
لكن هناك أشياء، حتى وإن كنا نعلم عواقبها، لا يمكننا التوقف عنها.
إيلين أيضًا لم تكره فكرة تبادل ضربات السيوف مع آمون. فقيادة عبقري يملك الإمكانيات كانت دومًا أمرًا ممتعًا بالنسبة لها.
“لا مانع لدي من المبارزة الآن، السيد آمون.”
قالت إيلين ذلك وهي تسحب سيفها.
***
رونالد أسيلي. كان يُعرف بلقب “الدوق أسيلي” أكثر من اسمه.
واحدٌ من ثلاثة فقط في إمبراطورية ليكسيا العظيمة يحملون لقب “سيّد السيف”. رجل بلغ ذروة فنون السيف، ونال احترام جميع الفرسان.
لكن لا توجد أي ألقاب أو أوصاف يمكنها أن تُجسّد عظمته حقًا.
كانت خطواته الآن سريعة ومُستعجلة. و خلف ظهره العريض والضخم، تبعه عددٌ لا يُحصى من الفرسان.
هؤلاء كانوا فرسان الفيلق الأول، الذي يقوده الدوق أسيلي بنفسه. ويتكون الفيلق الأول بشكل رئيسي من فرسان من الرتبة المتقدمة، ويُعدّ من أقوى وحدات النخبة في الإمبراطورية بأكملها.
وكانت مهمتهم الأساسية حماية المناطق المحيطة بسلسلة الجبال الجنوبية، حيث تعيث الوحوش فسادًا، مما يجعلهم نخبة النخبة داخل الإمبراطورية.
كان ذلك هو فرسان الفيلق الأول الذين ذاع صيتهم في كل مكان. ولذا، كان من الطبيعي تمامًا أن يرغب طلاب قسم المبارزة في أكاديمية أتينس في الانضمام إلى الفيلق الأول.
اقترب الفارس الأول من الدوق أسيلي ووقف بجانبه. كان قد أنهى للتو المهمة التي كلّفه بها الدوق منذ فترة وجيزة.
انحنى الفارس مطأطئًا رأسه ووضع قبضته على صدره.
وضع اليد على القلب هو أعلى درجات الاحترام التي يمكن أن يُبديها الفارس.
“لحسن الحظ، لم تُصب الآنسة بأذى.”
“هل عرفت كيف كان ذلك ممكنًا؟”
“عفوا؟”
“لقد واجهوا قطيعًا من الوحوش تضمن وحشًا من الدرجة العليا. هذا ليس من مستوى فرقة التصفية التابعة لأكاديمية أتينس.”
“يبدو أن أحد سادة السيف المارّين هو من..…”
لم يستطع الفارس إكمال حديثه. إذ نظر إليه الدوق أسيلي بنظرةٍ باردة.
لم ينطق بكلمة، لكن هيبته كانت تخنق أنفاس الفارس.
“لا تهذِ بكلام فارغ.”
وعندما نطق بهذه العبارة، توتر كل الفيلق. وشعر الفارس الأول، الواقف أمام الدوق، بعرقه البارد يسيل على ظهره.
في هذه اللحظة بالذات، شعر الفارس الأول أن الرجل الواقف أمامه أكثر رعبًا من مواجهة قطيع من الوحوش العليا.
“هل تعلم ما يعنيه أن يصبح المرء سيّد السيف؟”
“…….”
“إياك أن تتجرأ على التحدث عن مقامٍ لم تبلغه بعد.”
وبالتزامن مع تلك الكلمات، قبض الدوق أسيلي يده.
حتى الفرسان المحيطون به تمكنوا من رؤية الهالة الخفيفة من المانا التي تجمعت في يده.
ورغم التوتر، لم يستطع بعض الفرسان إخفاء بريق أعينهم وهم يشاهدون هذا المشهد المذهل.
ذلك هو المقام الذي يطمحون إليه. تغليف الجسد بالمانا لا بالسيف فقط.
أن يشق الجبال بسيفٍ واحد، ويقضي على قطيع من الوحوش العليا بمفرده، متجاوزًا حدود البشر.
ابتلع الفرسان ريقهم من شدة التوتر. وكان الفارس الأول قد أدرك أيضًا فداحة الخطأ الذي ارتكبه.
قد يظن من يسمع ذلك الكلام أنه متغطرس، لكن لم يكن هناك أحد من الفرسان يظن ذلك. فالدوق أسيلي كان أهلًا تمامًا لقول مثل هذه الكلمات.
“مقام سيّد السيف ليس شيئًا يمكن الوصول إليه بسهولة. عليك أن تتجاوز الموت عشرات المرات، وتقطع آلاف الوحوش قبل أن تبلغه. ولو كان كذلك، لكان ذلك الشخص قد ذاع صيته بالفعل.”
كما قال الدوق أسيلي، فإن جميع سادة السيف عبر التاريخ قد ذاع صيتهم حتى وإن لم يرغبوا بذلك.
ولذا، إن كان هناك سيّد سيف جديد قد ظهر فعلًا، فلا يمكن أن يخفى أمره عنهم.
لكن لم يتحرك أي سيّد سيف نحو هذه المنطقة مؤخرًا. إذاً، من هو ذلك الذي واجه قطيع الوحوش؟
راح الدوق أسيلي يُفكّر بذلك وهو ينظر إلى الأمام من حيث يقف.
أكاديمية أتينس.
في الأصل، كان من المفترض أن يزورها بعد شهر، لكنه قرر التوجّه إليها الآن ليكتشف السبب بنفسه.
_________________
آمون مايعرف الولاء ياديريك؟ ذاه سحب على فريدين وراح لإيلين😭
اهخ ضحكت وهي مستغربه من أدبه معها😭😭😭
المهم الدوق أسيلي هيبه واضح مز✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 20"