“هل هناك أمرٌ مهم يجب أن أعرفه؟ أم أنكم توصلتم إلى شيءٍ بشأن ابنتي؟”
“…….”
“إن لم يكن كذلك، فلا سبب لقدوم البابا إيسيس إلى هذا المكان…….”
نظرت إيلين إليه باستغراب. فقد بدا التوسل واضحًا في عيني الدوق أسيلي.
وعندما التقت نظراتهما، تخلّى الدوق عن الأمل الذي كان يتمسك به للحظة.
“لا، لا شيء. انسَي ما قلته.”
نظر الدوق أسيلي إلى إيلين وإيسيس. بينما كان يتذكر الأمور المذهلة التي حققتها إيلين مؤخرًا.
‘لو كنت وحدي في ذلك المكان، لما استطعت منع المأساة.’
لم يكن قادرًا على حماية الناس من الوحوش وفي الوقت نفسه القضاء على الإمبراطور بمفرده.
لو لم تظهر إيلين في تلك اللحظة، ربما كان مصيره سيكون نهايةً مأساوية كذلك.
رفع بصره ونظر بعين يغمرها الحسد إلى إيلين، التي تعافت بأعجوبة رغم إصابتها بلعنة الإمبراطور. بينما ابنته، الآنسة أسيلي، لم تستيقظ من نومها الطويل حتى الآن.
ورغم أنها ضحّت بنفسها بإرادتها، إلا أن الواقع كان مريرًا إلى هذا الحد.
لم يكن يلوم من نجا. فكل شيء كان نتيجة اختياراتٍ قامت بها ابنته بدافعٍ من شعورها بالواجب.
لكن لم يستطع منع نفسه من الشعور بالشفقة تجاه ابنته التي ترقد وحيدة في صمتٍ بينما ينعم الجميع بالسعادة.
لذلك رفض مؤخرًا حتى طلب فريدين بلقائها، ودخل في عزلة. لأنه لم يكن يعرف ما الذي ينبغي عليه فعله.
الإمبراطور الذي جعل ابنته تصل إلى هذه الحال قد مات، ولا سبيل للانتقام من الأحلام التي عرضت عليها ذلك الخيار.
الشيء الوحيد الذي بقي له الآن هو أن يراقب بهدوء اللحظات الأخيرة لابنته.
تذكر الدوق ابنته. ابنته التي أغمضت عينيها ووجهها شاحبٌ كالأوراق البيضاء، لن تستعيد وعيها مجددًا.
فهذا كان مصير جميع القديسات من قبلها. هكذا، ستختفي إلى حضن السماء دون حتى أن تودعه.
“سيدي الدوق؟”
انتبه الدوق أخيرًا على نداء إيلين.
“قلتِ إنكِ أتيتِ لزيارة ابنتي، أليس كذلك؟”
أومأت إيلين برأسها. ثم قاد الدوق بصمت إيلين وإيسيس نحو غرفة الآنسة أسيلي.
ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى وصلت إيلين إلى غرفة الآنسة، لكنها لم تستطع أن تنبس ببنت شفة.
فقد كان جسد الآنسة قد هزل بشدة. و وجهها، الذي كان يبدو نابضًا بالحياة رغم شحوبه، أصبح الآن خاليًا تمامًا من أي تعبير وكأن روحها قد غادرت جسدها.
كانت مغمضة العينين وتتنفس بصعوبة. و حتى صوت أنفاسها كان ضعيفًا يكاد يتلاشى في أي لحظة.
حتى من لا يملكون معرفةً في الطب، لم يكن ليخفى عليهم أن حياة الآنسة شارفت على نهايتها.
تكلم الدوق أسيلي وهو ينظر إلى ابنته.
“هي على قيد الحياة بفضل الطاقة المقدسة، لكنهم يقولون أن ذلك لن يدوم طويلًا.”
أومأت إيسيس برأسها بوجهٍ يغشاه الحزن. فمهما فاضت عليها من طاقة مقدسة، لم يكن جسدها قادرًا على امتصاص العناصر الغذائية، لذا كان هذا طبيعيًا.
وكان هذا أحد الأسباب التي تجعل النوم الأبدي مخيفًا، فأن يموت المرء ببطء وهو يذبل لهو أمرٌ مرعب.
“لو لم تكوني السيدة إيلين، لما سُمح لأحدٍ حتى بعبور عتبة القصر.”
لم يكن منع الناس من دخول قصر الدوق بلا سبب. فهو لم يشأ أن يرى أحد ابنته بهذا الضعف والهزال.
“فقد كانت تكره أكثر من أي شيء أن تُظهره لأحدٍ ضعفها.”
كانت الآنسة أسيلي تحاول دائمًا التغلب على القوة المقدسة التي كانت تؤلمها بقوة إرادتها. وفي الوقت نفسه، كانت تتمنى ألا يلاحظ أحدٌ أنها مريضة.
“لا أريد أن يراني أحد بشفقة لمجرد أنني مريضة.”
“حتى هذا الألم……كان خياري.”
في البداية، لم يكن الدوق ينوي الاستجابة لطلب إيلين بزيارتها. لكن بعد أن حلم بابنته، تغيّر رأيه.
شعر أنه يجب أن يتيح لإيلين فرصة اللقاء بابنته. وكأن حضور إيلين سيحل كل شيء، وكأن ابنته ستفتح عينيها عندئذ.
“في الليلة الماضية، رأيتها في الحلم. ثم نهرتني لأنني كنت أفعل شيئًا غريبًا.”
“شيئاً غريب؟”
“أجل، غضبت مني لأني قلت أنني سأقتل حكّام هذا العالم. و قالت أن هذا أمرٌ مستحيل.”
تفاجأت إيسيس من كلام الدوق، وظهر ذلك جليًا على وجهها.
“ثم قالت لي ألا أمنعكِ من القدوم.”
قال الدوق ذلك وهو يبتسم بسخرية من نفسه. لأنه اعتقد أن سبب ذلك الحلم هو رغبته العميقة في أن تستيقظ ابنته.
“أنا……لم أعد أعلم ما الذي ينبغي عليّ فعله.”
نظرت إيلين إلى الدوق أسيلي. الرجل الذي كان يبدو دومًا قويًا ومتماسكًا بدا لها فجأة غريبًا.
لأنها شعرت منه بعاطفةٍ أبوية تشبه تلك التي كانت تعرفها من والدها.
اقتربت إيلين من الآنسة وأمسكت يدها بحذر. لكن لم يحدث شيء.
ظلت الآنسة أسيلي مغمضة العينين، كأنها ميتة. و ظلت إيلين تمسك بيدها وبدأت تتحدث إليها بصوت خافت.
“لقد قلتِ لي ذات مرة أنني شخصٌ لطيف.”
بدأت إيلين تلمس قلادتها كما اعتادت أن تفعل كلما تمنت شيئًا من أعماق قلبها. وبالطبع، لم تأتها أي إجابة.
“لكن الحقيقة أن الآنسة ألطف مني بكثير.”
“….…”
“قلتِ أيضًا أنكِ كنتِ تتمنين أن تصبحي فارسةً قوية مثلي. وأن تصبحي شخصًا قويًا.”
“…….”
“لكن الحقيقة أنكِ أقوى مني بالفعل.”
ثم حدث ذلك في اللحظة التي أنهت فيها إيلين حديثها. تحطمت الجوهرة في القلادة المعلقة على عنقها وتناثرت شظاياها.
***
داخل العربة التي كانت تغادر قصر الدوق أسيلي. لم تستطع إيلين إخفاء اضطراب مشاعرها. فقد شعرت ببعض الأمل عندما تحطمت القلادة حول عنقها.
فكلما أضاءت القلادة أو طرأ عليها تغيير، كانت تمنحها قوةً في كل مرة.
و فكرت: ‘ربما……ستستيقظ الآنسة الآن.’
لكن بعد أن تحطمت القلادة، لم يحدث أي شيء.
نظرت إيلين إلى القلادة المحطمة بنظراتٍ شاردة. و لم تستطع أن تزيح وجه الآنسة عن خاطرها.
عندها، تكلمت إيسيس التي كانت تراقبها بصمت.
“في الحقيقة، لم أكن أنوي إخباركِ، لأنك ستعرفين ذلك عاجلًا أم آجلًا. لكن تعبيركِ الآن لا يسمح لي بالصمت.”
تنهدت إيسيس قليلًا وقالت لإيلين،
“القلادة قطعت وعدًا لكِ، أليس كذلك؟”
“إيسيس؟”
“قالت أنها ستجعلكِ سعيدة.”
“….…”
“عندما تصلين إلى أقصى درجات السعادة……ستتمكن القديسة من فتح عينيها مجددًا.”
قالت إيسيس ذلك وهي تهز رأسها، وعلى وجهها تعبيرٌ يدل على الحيرة وكأنها منزعجة.
“لا يمكنني إخباركِ بالتفاصيل. لكنكِ كنتِ حزينةً جدًا، ولهذا طلبت مني القلادة أن أقول لكِ ذلك.”
“إذاً، هل هذا يعني أن الآنسة أسيلي ستستيقظ حقًا؟ هل هذا صحيح؟”
عندما سألت إيلين ذلك، ابتسمت إيسيس ابتسامةً خفيفة.
“نعم، لذا لا داعي للقلق، يمكنكِ العودة إلى الأكاديمية مطمئنة.”
شعرت إيلين بالراحة بعد سماع كلامها، وبدت السعادة على وجهها وهي تنظر إلى الخارج من نافذة العربة.
ورغم أنها لم تكن بحاجةٍ للتخرج من الأكاديمية بعد أن أصبحت سيدة سيف، إلا أنها لم تكن تريد مغادرة الأكاديمية.
فالتخرج منها كفارسةٍ مكتملة من أكاديمية آتينس كان حلمًا لطالما رغبت بتحقيقه منذ الماضي.
صحيحٌ أن عليها واجبًا بصفتها سيدة سيف و أن تتقدم إلى الجبهات وتقاتل الوحوش، لكن الدوق أسيلي وفريدين قررا التخفيف عنها في هذا الأمر، مراعاةً لصغر سنها.
واصلت إيسيس الحديث إلى جانبها.
“وجودي هنا معكِ كان فقط لأجل إخباركِ بهذه الحقيقة، يا سيدة إيلين. لكن التحدث عن المستقبل أمر يثقل كاهلي أيضًا، ولهذا لم أستطع إخبار أحدٍ غيركِ.”
قالت إيسيس ذلك وهي توجه نظره إلى خارج النافذة. بينما استمعت إيلين إلى كلامه وأمالت رأسها بتساؤل.
فهي بالفعل كانت تشعر بالسعادة. لكن إن عادت الآنسة إلى الحياة، فبالتأكيد سيكون ذلك أسعد لحظة في حياتها.
“لا أعلم……متى سيكون ذلك الوقت الذي سأكون فيه في قمة سعادتي؟”
بردت عليها إيسيس بنبرةٍ تحمل مغزى خفيًا،
“ستفهمين ذلك فور عودتكِ إلى الأكاديمية.”
***
عندما عادت إيلين إلى الأكاديمية، شعرت بنظراتٍ شديدة ومتقدة موجهةً نحوها أكثر من أي وقتٍ مضى.
و كان كارون يصد عنها الطلاب وكأنه يحمي أخته،
“أسرعي يا أختي. أفهمهم، لكن هؤلاء مزعجون حقًا.”
فقد جاء عددٌ لا يحصى من طلاب قسم المبارزة بعد سماعهم بخبر عودة إيلين إلى الأكاديمية.
تجاهل كارون نظراتهم المزعجة وهو يلتفت إلى إيلين.
“سمعت أن جلالته شعر بالحزن الشديد. بما أنه الآن في القصر الإمبراطوري، فلن يستطيع رؤيتكِ كثيرًا بعد الآن. هل أنتِ بخير مع ذلك؟”
“لا مفر من ذلك. فمجرد أن نكون بعيدين لا يعني أنني……لم أعد أحب فريدين.”
تذكرت إيلين فريدين. و وفي كل مرة تفكر فيه، كانت تبتسم من غير وعي.
فرغم انشغاله بالتحضيرات لحفل التتويج، لم يفارقها فريدين. وعندما كانت تطرأ له أعمال طارئة، كان أليكسيس يأتي ليبحث عنه عند إيلين.
تذكرت تعبير وجهه حين أخبرته بنيّتها العودة إلى الأكاديمية.
“بما أن هذا ما تريده إيلين……فأنا لا بأس لدي.”
رغم أنه لم ينجح في إخفاء حزنه، إلا أنه تركها تذهب بابتسامة. وحين تذكرت ذلك، ارتسمت على شفتي إيلين ابتسامةٌ لطيفة.
“هذا جيد……تبدين بخير. وكأنكِ سعيدة.”
“سعيدة؟”
“أنا ما زلت أشعر بالغصة. بسبب كورِيليا، فقدتِ الكثير من الأشياء التي كان يجب أن تنعمي بها منذ الطفولة.”
“….…”
“وكان من المفترض أن تحصلي على هذه النظرات المُعجبة منذ زمنٍ بعيد.”
قال كارون ذلك وهو ينظر حوله. كان يرى طلاب الأكاديمية يرمقون إيلين بنظرات ملؤها الإعجاب والحسد.
بعضهم كان يحمل روح التنافس، والبعض الآخر ينظر إليها بكل احترام وتقدير. والأمر المؤكد هو أن جميعهم كانوا يتطلعون إلى إيلين كمن حقتت هدفاً يسعون لتحقيقه.
______________________
الدوق ذاه مستحيل ما ادمع معه مشاعره الابويه توجع 💔
المهم يعني أسيلي بترجع؟ تكفيييين يا ايلين اضحكي شقي وجهس ابتسامة
بس مب على كيف المؤلفه وش ذا السبب عشان تقوم اسيلي؟
فريدين يضحك امبراطور مجنون عند خطيبته😭
اليكسيس صار فجأه مساعد فريدين وديريك طار ولا وش؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 118"