كانت إيلين مغمضة العينين، دون أن تجيب. و كان وجهها هادئًا، كأنها نائمة.
“سيدة إيلين؟”
بدأ السواد يغزو عيني فريدين شيئًا فشيئًا، فقد بدأ جسد إيلين ينهار بين ذراعيه دون حراك.
ثم رأى بقعةً سوداء تغطي أكثر من نصف وجهها.
هل وصلت اللعنة إلى حدٍ لا يمكن إنقاذه؟
شعر فريدين بالخطر، وأمسك بسرعة بذراعها، لكن لم يصدر منها أي رد فعل. كأن حديثها قبل لحظات لم يكن سوى كذبة.
بيدين مرتجفتين، رفع فريدين يده ولمس خدها. وتلك البرودة التي شعر بها من جسدها جعلت قلبه يتجمد.
لم تعد تتحرك. و لم يكن هناك أي دفء. كأنها……ماتت.
اشتعل الغضب في قلب فيردين. غضبٌ من عجزه، وغضبٌ من القلادة التي لم تَفِ بوعدها.
لم يكن قادرًا على ترك إيلين ترحل هكذا.
لقد عاشت طوال حياتها دون أن تعرف معنى السعادة، وكان يريد أن يكون هو من يُعرّفها بها، و من يمنحها تلك السعادة التي لم تعرفها من قبل……
“إيلين، أرجوكِ……أجيبي.”
ظل فريدين يكرر تلك الكلمات وهو يمسك بيدها، لكن لم يصدر منها أي رد.
كلماته المليئة باليأس كانت مؤلمةً حتى لأليكسيس، الذي كان يقف إلى جواره.
تحدث أليكسيس بصوتٍ يملؤه الأسى،
“يبدو أن اللعنة قد انتشرت في جسدها بالكامل.”
“….…”
“إنها حالةٌ لا يمكن حتى لسيد السيف التعامل معها. المسألة مسألة وقتٍ قبل أن يتوقف قلبها.”
قال ذلك وهو يهز رأسه بأسف. فلم يكن هناك أي وسيلة يستطيع بها إنقاذها.
و كانت هناك كلماتٌ ثقيلة ومؤلمة راودته، لكنه لم يستطع أن يتفوه بها،
‘ربما……سيكون الأفضل للسيدة إيلين أن نتركها ترحل بسلام.’
لكنه لم يكن يملك الجرأة ليقول شيئًا كهذا أمام فريدين.
وسط الصمت الثقيل الذي خيّم على داخل البرج، صرخ فريدين فجأة،
“أهذا هو معنى العهد؟!”
كان في صوته غضبٌ حاد، موجّه إلى من لا يُعلم من يكون.
عندها، جاءه صوتٌ مألوف يجيبه بدلًا عن الطرف المعني،
“تقول أن العهد لم يُنكث بعد.”
اجتازت إيسيس أليكسيس واقتربت من إيلين. فنظر إليها أليكسيس بدهشة، فقد اخترقت الحاجز الذي كان قد أقامه بنفسه.
‘ما الذي يحدث؟’
لكي يخترق أحدهم هذا الحاجز، كان يجب أن يمتلك على الأقل مهارة سيد سيف، أو قوةً من نوع خاص تدعمه.
كان أليكسيس يعلم أن حالة جسد إيلين لا يمكن علاجها بالقوة المقدسة بعد الآن، ولهذا السبب، ومن باب احترام مشاعر فريدين، لم يسمح لأي شخص، لا إيسيس ولا الكهنة، بالدخول إلى داخل الحاجز.
كان يريد أن تقضي إيلين لحظاتها الأخيرة بهدوء. ومع ذلك، تمكنت إيسيس من اختراق الحاجز والدخول.
راح أليكسيس ينظر إلى إيسيس بعين مرتابة، وفجأة، بدأت إيسيس تتمتم بكلماتٍ كأنما تخاطب نفسها.
“أرجوكِ… فهمت. لا فائدة من غضبكِ. الأمير فريدين لا يستطيع سماعكِ.”
“….…”
“ولولا أن السيدة قلادة جعلت السيدة إيلين تتألم، لما كان هناك ما يُقال أصلًا.”
***
وضعت إيسيس يده على رأسها.
لقد تمكنت من اجتياز حاجز أليكسيس بفضل قوة القلادة. لكن تلك القلادة وكأنها لم تستنزف قوتها، كانت تثرثر باستمرارٍ في رأسها.
وكانت غالبًا تمارتحدث عن مدى وقاحة فريدين، لأنه يجهل كم عانت لأجلهم، وتغضب منه الآن.
[ذلك الوقح! إنه يغضب ولا يعلم حتى ما كان يدور في رأسه.]
رغم أنها شعرت بالفضول حيال ما كان يفكر به فريدين، إلا أن إيسيس لم تسألها. فلو قال شيئًا غير لائق تجاهها، ربما تتسبب مشاعره في إعاقة عملية شفاء إيلين.
ولهذا، كان عليها أن تحافظ على أقصى درجات الصبر في قلبه.
لكن فريدين كان مفهوماً إلى حدٍّ ما. فحالة إيلين الآن كانت بائسةً للغاية.
[لقد كان ذلك أفضل ما يمكن فعله.]
“أنا أعلم ذلك.”
فقط بمجرد التفكير في مقدار الألم الذي عانته إيلين حتى تصل إلى هذه الحالة بسبب اللعنة، كانت تشعر وكأن صدرها يتمزق.
هي تتفهم اختيار القلادة. فحتى السلام الذي يتحقق عبر تضحية شخصٍ ما يمكن أن يكون حقيقياً. ولو لم تُضحِّ إيلين، لكانت قد وقعت أمورٌ مروعة.
‘أنا أيضًا……أُنقذتُ بفضلها.’
تأملت إيسيس إيلين بنظرةٍ حزينة. فهي تعلم من خلال ما أظهرته لها القلادة، ما كان مصيرها ليكون لولا وجود إيلين. ولهذا، عليها أن تسدد دينها لها.
جلست إيسيس بجانب فريدين مباشرة، لكنه لم يعرها أي اهتمام، وظل يحدّق بإيلين وحدها.
كانت عيناه فارغتان تمامًا……و كانت الكآبة التي تنبعث منه تنذر بشيءٍ سيئ.
عندها فقط، أدركت إيسيس سبب استعجال القلادة لها.
بعيدًا عن كون إيلين في خطر، لم يكن وضع فريدين طبيعيًا هو الآخر.
[ابدأ بسرعة، قبل أن يفقد ذلك الفتى عقله تمامًا. قد يقول في أي لحظة أنه سيأتي لقتلي.]
تمتمت القلادة وكأن الأمر بات صداعًا مزعجًا لها.
من حسن الحظ أن إيسيس لم تسأل عن أفكار فريدين.
وبينما تفكر بذلك، أمسكت إيسيس ذراع إيلين بحذر. ثم انطلقت من جسدها قوةٌ مقدسة هائلة.
شعرت وكأن كل قواها تُستنزف، ففقدت توازنها وسقطت على ركبتيها.
فطاقة البابا كانت أقوى مما يحتمل. وبدأ الدم يسيل من أذنها. لكن إيسيس لم تتوقف.
بدأت أطراف إيلين، التي كانت قد تحولت للسواد، تتعافى تدريجيًا. و تنفسها، الذي كان يضعف، بدأ يستعيد قوته. واللون يعود إلى وجهها الشاحب.
كان المشهد وكأن ميتًا قد عاد إلى الحياة.
“يا للروعه……”
أطلق أليكسيس تنهيدة إعجابٍ وهو يراقب المنظر. ورأت إيسيس ذلك أيضًا.
فمع اختفاء اللعنة من جسد إيلين، عاد الضوء إلى عيني فريدين.
لكن كان هناك شيء لم ينتبه له أحد. ففي اللحظة التي استخدم فيها إيسيس قواها المقدسة لعلاج إيلين، بدأ شرخٌ خفيف يظهر في القلادة التي كانت معلقةً حول عنقها.
***
دخلت أشعة الشمس من خلال النافذة. ففتحت إيلين عينيها بسبب إحساس خفيف يداعب خدها.
ثم رمشت بدهشةٍ وهي تحدّق في السقف المألوف.
‘هل هذا……قصر الماركيز ليسيروس؟’
لكن لم يمضِ وقت طويل حتى أدركت أمرًا غريبًا.
‘أنا……أستطيع أن أرى؟’
رأت السقف بوضوح، ورفعت يدها تتحسس عينيها بدهشة. ثم جفلت فجأة وتجمد جسدها من الدهشة بسبب يدها التي تتحرك بحرية.
كانت متأكدةً أن جسدها كان مشلولًا بالكامل بسبب لعنة الإمبراطور، غير قادر على الحركة. ولكن الآن……أصبح جسدها يتحرك بحرية.
‘هذا غريب……لا توجد الكثير من الزهور في قصر ليسيروس……’
جلست إيلين في سريرها. فقد كان عليها أن تعرف ما الذي يحدث.
والآن وقد فكرت بالأمر، شعرت أن هذا المكان ليس تمامًا كمنزل الماركيز……فشيءٌ ما كان مختلفًا.
“آنسة؟”
استدارت إيلين نحو مصدر الصوت الذي ناداها، وكانت هناك الخادمة سينا، التي رافقتها أول مرة إلى الأكاديمية.
عندما تم التخلص من الخدم الذين انضموا إلى كورِيليا، كانت سينا من القلائل الذين نجوا.
تفاجأت إيلين لرؤية سينل بعد غيابٍ طويل، وكانت الدموع تملأ عيني الخادمة وهي تنظر إليها.
“آنسة! ظننتُ أنكِ لن تستيقظي أبدًا! لا، لماذا نهضتِ الآن؟ يجب ألا تتحركي!!”
قالت سينا ذلك وهي تندفع نحو إيلين، ثم أعادتها بلطفٍ إلى السرير.
“يا إلهي،حقًا……لقد فقدتِ وعيكِ لفترةٍ طويلة، وكنتُ قلقةً للغاية. الطبيب والكهنة قالوا أنكِ بخير، لكنك لم تبدِ أي إشارة للاستيقاظ……”
“…….“
“هل تعلمين كم كنتُ مرعوبة؟! أنتِ، التي لم تكوني حتى تستطيعين الإمساك بسيف، لكنهم أصبحوا يقولون أنكِ ‘سيدة سيف’ الآن! تحملتِ اللعنة وحدكِ، وجرحتِ نفسكِ بنفسك……”
قالت سينا ذلك وهي تمسح أنفها وتشهق بالبكاء.
“كم من الوقت فقدت وعيي؟”
“أسبوعٌ كامل. وخلال هذا الأسبوع، حصلت الكثير من الأحداث!”
“أحداث؟!”
“نعم، كل الجرائم التي ارتكبها جلالة الإمبراطور كُشفت! استخدم السحر الأسود وقتل العديد من الناس……ثم، تولّى الأمير فريدين العرش……آه، لم تُقام مراسم التتويج بعد.”
كانت كلمات سينا غير مرتبة، وكأنها لا تعرف من أين تبدأ.
بدت سينا مرتبكةً أيضًا من الأحداث المتسارعة والمفاجئة، وكأنها لم تستوعب كل ما حدث.
وأخيرًا، وبعد أن عجزت عن الشرح، سألت سينا إيلين،
“آنستي، هل تعلمين أين نحن الآن؟”
“أليس هذا قصر الماركيز؟”
“لا، نحن في القصر الإمبراطوري.”
قالت سينا ذلك وهي تمسك بيد إيلين بشدة.
“صاحب السمو، لا، جلالة الإمبراطور، كان قلقًا من أن تشعري بعدم الراحة، فقام ببناء غرفةٍ تشبه تمامًا غرفتكِ هنا في القصر. وأحضرني أيضًا لأكون معكِ.”
“….…”
“لقد اعتنى بكِ كثيرًا في هذه الفترة……ولو لم يكن لديه اجتماعٌ اليوم، لكان هنا ليراكِ عندما استيقظتِ. فمنذ لحظاتٍ فقط، أخذَه سيد برج السحر معه.”
أشرق وجه سينا بابتسامة.
“يا للراحة……سعُدتُ للقاءكِ بشخصٍ رائع. يبدو حقًا أنه يُقدّركِ كثيرًا.”
عند سماع كلمات سينا، نهضت إيلين مجددًا من السرير. و حاولت سارا إيقافها بقلق، لكن إيلين أومأت برأسها نافية.
ثم توجهت إيلين إلى النافذة وفتحتها. وبمجرد أن فتحتها، استنشقت عبير الزهور العطر بقوة.
و خرجت منها تنهيدة إعجابٍ خافتة.
“آه……”
ثم تسللت إحدى بتلات الزهور إلى خدها واستقرت عليه.
كانت البحيرة التي رأتها في أحلامها أمامها تمامًا. و في تلك اللحظة، أدركت إيلين الحقيقة.
لقد حلّ الربيع.
لقد مضى الشتاء، وجاء الربيع.
_____________________
حل الربيع في حياتس بعد اخيرا 😭
طيب الصراحه اسبوع شوي كان رقدت اكثر عشان فريدين ينهار اذا شافه وكذا 😘
بس ضحكني بنى غرفة في اقل من اسبوع😭!
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 116"