ما إن أنهى الفارس الأول كلامه. حتى اندفعت إيلين بسرعة إلى داخل الأكاديمية.

وخلال ذلك رأت عددًا هائلًا من الوحوش جعلها تقشعر من الرعب.

وسط تلك الفوضى العارمة تمكنت إيلين من العثور على فريدين مباشرة. فتنفست الصعداء على الفور.

‘هذا مُطمئن، لم يُصب بأذى.’

منذ أن سمعت أن فريدين دخل إلى داخل الأكاديمية لم تستطع إيلين إخفاء قلقها. و رغم علمها أن البقاء بجانب الدوق أسيلي هو الأكثر أمانًا.

لأن الموقف كان مشابهًا جدًا للكابوس الذي رأته في أحد الأيام. و وجود وحش بجانب فريدين وحده كان كافيًا لتغذية أسوأ مخاوفها.

راقبت إيلين الموقف الذي انكشف أمام عينيها.

كانت الدماء تملأ المكان من كل الجهات. و رأت أبرياء ووحوشًا تطاردهم. و صرخات، و ألم، و حزن، و دموع، وخوف.

شعرت بكل المشاعر السلبية تتدفق حولها. فبدأ قلبها ينبض بسرعة.

و شعرت بالغضب يتصاعد حتى بلغ رأسها.

‘ما السبب وراء ارتكابهم لهذا الفعل؟ لماذا؟’

كانت هذه المرة الأولى التي تمر فيها إيلين بموقفٍ كهذا. ففي حياتها السابقة، ماتت قبل أن يظهر الإمبراطور طموحه الحقيقي. 

لكن الحقيقة التي كانت مخفيةً في الداخل كانت أكثر فظاعة ووحشية. فالذين يُذبحون أمام عيني إيلين الآن لم يكونوا سوى أبرياء لا ذنب لهم.

‘من يكون هؤلاء يا ترى؟’

لم تكن إيلين تعرف أسماءهم. ولا تعرف كيف كانت حياتهم. لكنها كانت تعلم، كما حدث في الغرب، أن هناك شيئًا واحدًا فقط يمكنها فعله من أجلهم.

هوووووم-

هبت ريحٌ قوية. و تطاير شعر إيلين في الهواء. 

كانت مصابةً بالفعل من معركتها السابقة مع كوريليا. لكن بسبب الغضب الذي كان يشتعل في رأسها، لم تكن تشعر بأي ألم على الإطلاق، وهو أمرٌ غريب.

نظرت إيلين إلى السيف الذي كانت تمسك به في يدها. ثم حدّقت في أعلى برج في الأكاديمية.

‘لا بد أن الدوق قد أدرك الأمر أيضًا.’

ربما الآخرون لم يلاحظوا، لكنها كانت قادرةً على الشعور به. 

الإمبراطور يختبئ داخل ذلك البرج بالتحديد. و كان على الأرجح يستخدم سحر الإخفاء ليخفي نفسه.

‘في النهاية، أسرع طريقة لإنهاء هذا الوضع هي…..’

كان القضاء على الإمبراطور الذي يتحكم في الوحوش هو السبيل الوحيد لإنهاء الأمر.

لكن الدوق أسيلي لم يكن قادرًا على التحرك من مكانه، لأنه كان يحمي السحرة الذين يقيمون الحاجز السحري.

‘في النهاية، أنا الوحيدة القادرة على التحرك.’

في تلك اللحظة، رأت عددًا لا يُحصى من الوحوش تهاجم الدوق أسيلي.

كواآااانغ-!

سيف الدوق المشبع بالمانا أطلق صوتًا خارقًا وهو يشق الهواء، قاطعًا العشرات من الوحوش بضربةٍ واحدة.

ورغم خطورة الموقف، لم يتمالك الفرسان الواقفون بجانبه أنفسهم من الإعجاب.

“كما هو متوقع من الدوق أسيلي.”

“مهارة سيف لا تُصدق..…”

القوة الهائلة التي انبعثت من جسده القوي كانت مرعبةً حتى لحلفائه.

أعادت إيلبن نظرها إلى الأمام. و بدأت وحوش بأعداد لا تُقارن بما سبق تندفع نحوهم. فانقلبت كفة المعركة في لحظة.

رغم أن سيف الدوق أسيلي استمر في قطع الوحوش بلا توقف، إلا أن عدد الوحوش التي كانت تهجم كان أكبر وأكبر.

تبدلت ملامح وجوه الفرسان الذين كانوا يراقبون ذلك المشهد إلى شحوب تام. فقد كان الدوق أسيلي محاصرًا في موقفٍ دفاعي.

و بدأ الفرسان يتوترون من هول الموقف الذي يصعب تصديقه.

“هل الوضع تحت السيطرة حقًا؟”

“متى سيكتمل الحاجز؟”

إيلين التي كانت تراقب الموقف شدّت قبضتها على السيف بقوة. و شعرت بثقل سيفها على غير العادة هذا اليوم.

ولكي تهزم الإمبراطور، كان عليها أن تمر عبر مركزٍ يعج بالوحوش كهذه. فقامت بقطع الوحش الذي أمامها.

تشاااانغ-!

صدر صوتٌ كأن سيفها اصطدم بسيف آخر.

وحوش الإمبراطور كانت قويةً للغاية. و لقد أصبح بإمكانها أن تفهم لماذا ارتكب الإمبراطور فعلًا كهذا.

“يا دوق! لم نعد نتحمل أكثر!”

“سيوفنا لا تؤثر على الوحوش!”

تعالت صرخات الفرسان.

رغم أن سيف الدوق أسيلي كان فعالًا، إلا أن الموقف كان يفوق قدرته وحده.

وفي تلك الأثناء كانت إيلين تحاول الاقتراب من الإمبراطور الموجود في البرج. لكنها كانت وحدها، وعدد الوحوش كان مذهلًا وكبيرًا للغاية.

رغم أنها كانت تقتل الوحوش بجنون، إلا أن التقدم إلى الأمام كان له حدوده.

نظرت إيلين سريعًا إلى الوراء. و رأت فيردين وهو يصد الوحوش ويساعد الدوق أسيلي.

فبدأ سيفها يفقد هدوءه تدريجيًا، وأصبح مضطربًا. و بدأ التسرع ينعكس في ضرباتها.

‘لا…..إن لم أتحرك الآن، فقد..…’

وحوشٌ بهذا العدد قد تجرف فريدين معها أيضًا.

بمجرد أن خطرت هذه الفكرة في بالها، شعرت أن قلبها ينكمش من الألم.

ثم رأت الوحوش تقترب من فريدين. و فجأة، تذكرت تلك اللحظة التي وصلها فيها خبر وفاة فربدين أثناء رحلته إلى الغرب.

رفعت رأسها ورأت الإمبراطور واقفًا في أعلى البرج يبتسم. كان يستمتع بلحظة وقوع فريدين في الخطر.

أن تكون هي في خطر لم يكن يهمها. لكن إن تعرّض فريدين للأذى، فالأمر يختلف تمامًا.

رغم أن مخالب الوحوش كانت تخدش كتفها وساقها، إلا أنها كانت تحاول الإفلات بسرعة لإنقاذ فريدين.

وفي تلك اللحظة، التقت نظراتها بنظرات فريدين البعيد.

رأته يفتح عينيه بدهشة كبيرة. و تمكنت إيلين من سماع صوته حتى من ذلك البعد، لأنه كان نداءً يائسًا يخرج من أعماق قلبه.

“لا تفعلي ذلك، سيدة إيلين! اهربي!”

رأت فريدين يحاول جاهدًا الاقتراب منها، لكن الدوق أسيلي وقف في طريقه قبل أن يتمكن من ذلك.

كان الفرسان بالكاد ينجحون في صد الوحوش المتجهة نحو السحرة، وبدا الموقف خطيرًا للغاية. ر إن تأخروا ولو قليلًا، فسيكون أولئك في خطر.

وإن تأخرت هي…..فكل الجهود التي بُذلت حتى الآن ستذهب سُدى. وسيُعاد تكرار المصير ذاته الذي واجهته في حياتها الأولى.

لمجرد التفكير بذلك، شعرت إيلين وكأن صدرها يتمزق.

وفي تلك اللحظة، سمعت صوت رايمون يهمس في أذنها.

“ألم أقل لكِ من قبل يا إيلبن؟ أنتِ لا فائدةَ منكِ على الإطلاق. وفي النهاية، حدث الأمر نفسه. لم تتمكني من تغيير أي شيء. لا أحد سيحب فتاةً مثلكِ…..سواي.”

ثم تبع ذلك صوت شارلوت.

“ما الذي تعتقدين أنكِ قادرةٌ على تغييره؟ فقط استسلمي. في النهاية، سيحقق جلالة الإمبراطور النصر.”

حتى ديتريون سخر منها وتوجه بكلامه إليها.

“إيلين ليسيروس، يا لكِ من مسكينة. ألم أخبرك منذ البداية أن تأتي إليّ؟ لو فعلتِ، لما كان فيردين سيموت بهذا الشكل.”

وأخيرًا، انضمت كوريلليا إلى الأصوات.

“إيلين، في النهاية ستُهزَمين. أراكِ قريبًا في الجحيم.”

سخافة.

‘لن أدع أمثالكم يتحكمون بي بعد الآن.’

في تلك اللحظة، تجمعت كميةٌ هائلة من المانا في سيف إيلين بشكلٍ غريب.

تخلّت عن كل التشويش في ذهنها، واستعادت ذكريات حيواتها الثلاث التي عاشتها. 

كانت حيواتٍ اعتادت فيها الخسارة. ومع كل حياة، كانت تعقد العزم مرة بعد مرة.

إن مُنحت فرصة، فلن تفقد من تحبهم مرة أخرى. لن تسمح لنفسها بأن تعاني مجددًا.

لقد أصبحت قويةً لتحميهم. ولهذا، كان عليها الآن أن تكون أقوى من أي وقتٍ مضى لتُدافع عن من تحبهم.

وحينها فقط، أدركت إيلين الحقيقة. لماذا اختارتها فريدين لإعادتها.

إيلين شعرت بطاقةٍ تكاد تُمزق صدرها. و تدفقت منها مانا متلألئة ومتوهجة.

خيم الصمت فجأةً على الأكاديمية. و توجهت أنظار الجميع نحو إيلين.

بدأت تقطع الوحوش بسرعة لا تُصدق. و كانت قوتها في السيف مختلفة تمامًا عن أي وقتٍ مضى.

وبقوتها وحدها أعادت ترتيب الصفوف، ثم قفزت وهي محشوةٌ بالمانا في قدميها.

بينما كان الفرسان قد فقدوا تركيزهم من هول المشهد، ولم يعودوا يقاتلون، بل كانوا يحدقون بإيلين بدهشة.

***

لم يفهم الإمبراطور ما يحدث في تلك اللحظة.

كانت وحوشه تضغط على الدوق أسيلي بشكلٍ ممتاز. ر لو لم يكن هناك طارئ، لكانت الأمور ستسير كما خطط لها.

كان يتوقع منذ البداية أن الساحر الماهر أليكسيس سيقيم حاجزًا لحماية الناس. وكان يعلم أيضًا أن الخصم سيصل إلى قلب الأكاديمية.

على الأرجح، كانوا سيصبحون ضعفاء وهم يقاتلون الوحوش، وكان الإمبراطور يخطط لاستغلال هذه الفجوة ضد الدوق أسيلي.

كان ينوي القضاء عليه. لكن هناك متغيرًا لم يتوقعه.

ذلك المتغير لم تكن سوى إيلين. فقوتها تجاوزت توقعاته بكثير.

اندهش الإمبراطور من تدفق المانا المفاجئ الذي خرج منها.

“هذا مستحيل، هل هي قويةٌ لهذه الدرجة؟”

تذكر الإمبراطور عندما جاءت إيلين إلى القصر لتثبت له أنها سيدة السيف. و في ذلك الوقت، لم تكن إيلين بهذه القوة.

كان يظن أنها تملك مهاراتٍ قريبة من الدوق أسيلي أو أقل قليلاً.

“لكن الآن…..هي أقوى من الدوق أسيلي.”

شعر الإمبراطور بأن الأمور قد تغيرت. و لم يستطع إلا أن يتذكر كلمات القديسة التي نطقت بها له.

“هل ستتحقق كلماتها حقًا؟”

لكنه لم يستطع الاعتراف بذلك. و هز رأسه محاولًا محو الأفكار السوداوية من ذهنه.

كان يردد لنفسه أن مثل هؤلاء البشر الضعفاء لا يمكنهم هزيمته. وأن اللعنة التي أرسلتها القديسة عليه ما هي إلا أمرٌ تافه.

لكن القوة التي تغيرت فجأةً لدى إيلين ألحقت به شعورًا بالخوف حتى وإن كان هو.

“هل من الممكن أن تصبح قويةً هكذا فجأة؟”

في تلك اللحظة التي ظن فيها ذلك، التقت عيناه بعيني إيلين.

منذ أن تعلّم السحر الأسود، لم يشعر بالخوف قط. كان واثقًا حتى من أنه يستطيع هزيمة العالم بأكمله.

لكن عند رؤية إيلين، انتابه شعورٌ سيء، كأنه كلمات القديسة التي سمعها في الماضي البعيد على وشك التحقيق.

وسرعان ما تحولت تلك الأحاسيس السيئة إلى واقعٍ ملموس.

فإيلين، التي كانت تذبح الوحوش، قفزت باتجاه البرج.

____________________

ايلين تغدت كوريليا ورايحه تتعشى الامبراطور✨

فريدين ياعمري هو عارف ان ايلين اقوى منه بس يقولها انحاشي 😭

Dana