قبل أن يصل إلى الأكاديمية، لم يخطر ببال فريدين أبدًا أن يتخيل مشهد احتراق أكاديمية أتينس.
لكن ما رآه عند وصوله كان مباني تلتهمها ألسنة اللهب العنيفة. و كان الناس يصرخون ويهربون من النيران. ولو تأخر ولو قليلًا، لكانت قد وقعت كارثةٌ لا يمكن تداركها.
“من حسن الحظ أنني استطعت تحريك الجيش الإمبراطوري.”
لم يجرِ فريدين بعد مراسم تتويجه. ورغم أن العرش الإمبراطوري كان شاغرًا، لم يكن من المسموح له تحريك الجيش كما يشاء.
لكن بفضل الدوق هيدور، قائد مجلس الشيوخ، الذي أقنع النبلاء، استطاع أن يحصل على سلطة القيادة المؤقتة.
تنهد فيردين. فالسبب الذي جعل الدوق يساعده إلى هذه الدرجة، كان ابنه.
“يُقال أن السيد آمون قد اختُطف على يد مجهولين.”
وقد زاد خبر اختفاء آمون، الذي بلغه وسط الفوضى، من اضطرابه وقلقه.
لكن مهما كان، فلن يكون كمن فقد ابنه.
في الحقيقة، كان تصرف الدوق هيدور من أجل ابنه مفاجئًا إلى حد ما. وذلك لأن العلاقة بينه وبين آمون لم تكن جيدةً منذ أن انضم آمون إلى فرقة فرسان الأمير الثاني، عديم النفوذ، في الإمبراطورية.
فمن الطبيعي ألا يفرح أي نبيلٍ بانضمام وريثه إلى فرقةٍ لا سلطة لها. ولعل ذلك هو السبب في أن آمون لم يعد إلى منزل عائلته، دوقية هيدور، حتى خلال عطلة الأكاديمية.
تذكّر فربدين ما كان آمون يتمتم به دائمًا في حديثه معه.
“لا تتصور كم يتوق والدي لطردي من العائلة.”
“على أي حال، ذلك العجوز الشرير، لن يرف له جفن حتى لو متّ.”
لكن آمون كان مخطئًا. فالدوق هيدور كان أكثر من أي أحدٍ آخر قادرًا على الغضب من اختفاء آمون.
فقد سارع إلى إقناع مجلس النبلاء القديم بالتحرك، ثم توجّه إلى فريدين بالرجاء.
“ما أريده بسيط يا سموك. أرجو أن تعثروا على ابني الذي اختفى في الأكاديمية. وإن كان قد مات، فانتقموا ممن قتله.”
توقّف فيردين عن التفكير وسط صرخاتٍ تتردد من كل اتجاه. و رأى الناس يفرّون بوجوهٍ يملؤها اليأس.
كانت ألسنة اللهب الهائلة، التي أشعلها الإمبراطور بالسحر، تتصاعد في كل أرجاء الأكاديمية. و بدت الأكاديمية وكأنها واقعةٌ تحت سيطرة الخوف.
رفع فريدين سيفه، وقطع الوحش الذي اعترض طريقه. ومع ذلك، كانت الوحوش لا تزال تتدفق بلا انقطاع.
“فريدين، لم أمنعك من المجيء إلى هنا، لكن يجب أن تكون حذرًا.”
استدار فريدين نحو من تحدث إليه. و إلى جانبه كان يقف الدوق أسيلي وألكسيس.
وكان من تحدّث هو الدوق أسيلي نفسه.
إلى جانب ألكسيس، وقف سحرة برج السحر، وهم يغمضون أعينهم ويتمتمون بالتعاويذ.
و كان ألكسيس، بمساعدة سحرة البرج، يقيم حاجزًا سحريًا واسع النطاق حول الأكاديمية. قيل أن هذا الحاجز سيمنع الوحوش من الخروج من الأكاديمية.
“في قلب الأكاديمية، هناك حجر مانا ضخم يُستخدم لتوفير الطاقة للحياة اليومية. وباستخدام ذلك الحجر، سيتعاون السحرة معًا لإقامة الحاجز.”
وكان فريدين وفرقة فرسانه يحمون ألكسيس أثناء قيامه بذلك.
وقفت ليليا بجانب أليكسيس تنظر إلى فريدين بقلق، لكنها لم تتمالك نفسها واقتربت منه.
“هل عرفت أين إيلين؟”
إيلين قد اختفت هي الأخرى بعد ذهابه للبحث عن آمون.
هزّ فريدين رأسه بصمت ردًا على سؤال ليليا.
“في الصباح، طلبت مني استخدام سحر الانتقال الآني إلى أكاديمية أتينس. هل كانت تعرف شيئًا؟”
بصفتها ساحرة، كانت تشعر بطاقة السحر الأسود أكثر من أي أحد آخر، ولهذا كانت أكثر اضطرابًا من غيرها.
“لطالما كانت تُخفي شيئًا ما. ربما…..ربما تكون في خطر الآن.”
جعلت كلمات ليليا توتر فريدين يتزايد.
“لقد سمعنا من أحد طلاب قسم فنون السيف أنه رأى إيلين، وقال إنها كانت تسأل عن مكان آمون. لا بد أن إيلين ذهبت للبحث عن آمون.”
“أنا أؤمن بالسيدة إيلين. وإن كانت قد خرجت للبحث عنه، فهذا يعني أن آمون بخير.”
كان فريدين يثق بإيلين. فكل تصرفاتها حتى الآن كانت دائمًا تحمل سببًا منطقيًا.
حتى عدم إخبارها له بأي شيء، لا بد أن له سببًا أيضًا.
وبينما كان يُفكر بذلك، ركّز نظره إلى الأمام. فقد كان يشعر برغبة جامحة في إرسال قواته فورًا للبحث عنها.
لكن معظم القوات التي جاء بها كانت منشغلة بمساعدة المدنيين على الهروب. ولو أرسل بعضهم للبحث عن إيلين، فمن المؤكد أن ذلك سيترك ثغرة هناك.
“لا تقلق بشأن السيدة إيلين.”
اقترب الدوق أسيلي من فريدين وقال ذلك.
كان الدوق يرتدي درعه الكامل، وكان جسده المصفح مغطى بدماء الوحوش.
“إن كانت فارسةً بمستواها في خطر، فلن يكون هناك مكانٌ آمن في هذا الإمبراطورية.”
كانت عينا الدوق أسيلي تنطقان بالحدة والاضطراب وهو يتحدث. ويبدو أنه كان غاضبًا إلى درجة أنه لم يعد يخفي الهالة القوية التي يتمتع بها سادة السيف عادةً.
وكانت قوة غضبه شديدةً لدرجة أن الفرسان من حوله انحنوا دون وعيٍ أمام هيبته.
“الإمبراطور فقد عقله. لقد أصبح عدوًا للإمبراطورية. كيف تجرأ على ارتكاب مثل هذا؟…..”
نظر الدوق أسيلي إلى ما يحدث في الأكاديمية بعينين تملؤهما الغضب.
ربما يُغيّر اختيارٌ واحد مجرى الحياة، لكن الدوق لم يتخيل قط أن اختياره لأن يكون سيف الإمبراطورية الذي أقسم عليه سيقوده إلى مثل هذه النتيجة.
“إنها غلطةٌ ارتكبتها.”
هزّ فيردين رأسه ردًا على كلامه.
“ليست غلطتكَ يا دوق. لم يكن أحدٌ يتوقع أن يستخدم والدي السحر الأسود.”
رغم ما قاله، لم يستطع فريدين أن يُخفي اضطراب مشاعره.
أكاديميةٌ تشتعل بالنيران، وأناس يموتون. و الفرسان كانوا يبذلون أقصى جهدهم لصد الوحوش، لكن من المؤكد أن هناك من لن يتمكنوا من حمايته.
وفي تلك اللحظة بالضبط…..
ووووش-
دوى صوت ريحٍ باردة وموحشة، وفي نفس الوقت بدأ اهتزاز قوي يتصاعد من الأرض.
كان الدوق أسيلي يعرف ذلك الاهتزاز جيدًا، فقد اعتاد مواجهته بالقرب من حدود الإمبراطورية. كان ذلك ناتجًا عن تحرك أعداد هائلة من الوحوش دفعةً واحدة.
وبعد لحظات، بدأت موجةٌ جديدة من الوحوش في التدفق، وكأن كل ما ظهر حتى الآن لم يكن سوى مقدمةٍ بسيطة.
الفرسان الواقفون بجانب الدوق أسيلي أطلقوا صيحات الذعر.
“مـ-ما هذا..…”
“علينا الفرار!”
“لا يمكننا مواجهة وحوشٍ بهذا الحجم!”
حتى أقوى العقول وأكثرها ثباتًا لا بد أن ترتعد في مثل هذا الوضع.
ومع ذلك، ظل الدوق أسيلي ممسكًا بسيفه، يحدّق إلى الأمام دون أن يطرف له جفن.
***
كان الإمبراطور يراقب فريدين و الدوق أسيلي من بعيد بوجه خالٍ من التعابير.
“عديمو الفائدة.”
فشلت كورِيليا في قتل إيلين. وقد عرف الإمبراطور تلك الحقيقة بكل تفاصيلها من خلال عيني كورِيليا.
فقد أكلا حجر المانا وربطا روحيهما ببعض، مما جعله يرى كل ما رأته بوضوح كما لو كان يحدث أمامه.
كانت صورة إيلين التي ظهرت أمامه واضحةٌ تمامًا وهي تقطع كورِيليا دون تردد.
كانت ضربةً لا رحمة فيها، لا تشبه أبدًا ضربة موجهة لأحد أفراد العائلة التي عاشت معها لسنوات.
وقد ذكّره ذلك بتصرفات الدوق أسيلي الباردة، وكأن بينهما شبهٌ خفي.
“ومع ذلك، يبدو أنها أصابت إيلين ليسيروس بجرح.”
أن يعتبر ذلك مدعاةً للارتياح…..يا للسخرية.
لم يستوعب الإمبراطور كيف آل به الحال إلى هذه النقطة. فكل ما يحدث الآن كان مخططًا له منذ أن وجد كتاب السحر الأسود في أعماق القصر الإمبراطوري.
وبما أن الأمر كان وليد سنوات طويلة من التحضير، فقد كانت خطته مع كورِيليا مثالية. ولو أن كل شيء سار كما خُطط له، لكانت هذه الأرض كلها قد سقطت في قبضته.
كان قد أعد أيضًا سحرًا أسودًا لتمديد عمره. و كان ينوي التضحية بأرواح عديمي الفائدة ليحكم العالم مدى حياته.
لكن كل شيء انقلب رأسًا على عقب.
“تباً لسادة السيف هؤلاء. كان يجب أن أقتلهم جميعًا.”
صر على أسنانه وهو يحدق بالدوق أسيلي الذي كان يقاتل الوحوش.
كان لديه تحف فنية صنعها خصيصًا لهذا الوقت. و مع تلك التحف، سيكون قادرًا على مواجهة الدوق أسيلي بشكل كافٍ.
“هل تظن أن الأمور ستسير كما قالت تلك المرأة؟”
تذكر الإمبراطور ذكرياته القديمة.
كان يستدعي القديسة كثيرًا ليسألها عن مستقبله. و كان يعلم أن النطق بالمستقبل يقصر من عمرها.
لكنه لم يكترث. فقد كانت بالنسبة له مجرد أداة استهلاك.
لم يكن يهتم إذا ماتت أو عاشت. لكن عندما سألها الإمبراطور عن مستقبله، سخرت القديسة منه وأطلقت عليه اللعنات.
“كل مخططاتكَ ستفشل.”
“أنا سأفشل؟”
“نعم، هل تريد أن أخبركَ بمصيرك؟ ستدفع ثمن كل ذنوبك التي ارتكبتها حتى الآن. ستعاني في جحيمٍ مرعب لزمن يقارب الأبدية.”
“أنتِ مجنونة.”
“ومن هو المجنون حقًا؟ سأخبرك بما سيحصل.”
“…….”
“أولئك الذين تريد القضاء عليهم بشدة هم من سيجلبون لكَ مصيرًا رهيبًا. لذا انتظر الألم الذي ستتلقاه.”
شعر الإمبراطور بازدراءٍ شديد من كلمات القديسة. والأكثر ما أثاره للقلق هو أن جسم القديسة بدأ يضعف بسرعة بعد أن أدلت بهذا. وهذا يعني أن كلامها كان حقيقة.
‘من الأساس، هم لا يستطيعون الكذب.’
والخبر المريح أنه كان يعرف بالضبط من هم الذين يريد القضاء عليهم.
كان يكره أشخاصًا مثل الدوق أسيلي. الأقوياء الذين يستطيعون الخروج عن أوامره.
في النهاية، هؤلاء ليس لهم مكانٌ في العالم الجديد الذي ينوي خلقه.
لذا بدأ الإمبراطور بالتخلص من أولئك الذين قد يصبحون أقوياء.
نظر الإمبراطور إلى يديه التين كانتا مغطاتين بالدماء.
لم يندم على أفعاله لحظةً واحدة. ولم يكن ليندم على ما سيحدث في المستقبل أيضًا.
وبينما كان يفكر هكذا، وجه نظره نحو الدوق أسيلي.
الوحوش التي صنعها بإتقان كانت تحاصر الدوق أسيلي وتضعه في مأزق. فابتسم الإمبراطور ابتسامةً عميقة.
لكن عينيه امتلأتا بالدهشة عندما رأى شخصًا يقترب بسرعة من الدوق أسيلي وفريدين.
كان ذلك الشخص أكثر وحشيةً من الوحوش نفسها.
كانت إيلين.
وبينما نظر إليها، تمتم الإمبراطور بلا وعي،
“يا إلهي…..تلك الوحشية..…”
_____________________
اها يعني ايلين صارت وحش وانت طالع منها؟
ودي الدوق اسيلي يخلي ايلين عند الوحوش ويروح هو يصلخ الامبراطور
ثم ايلين وهي عند الوحوش مع فريدين واليكسيس يقطعونها ثم هي تطيح وفريدين يركض لها ويصير مومنت ودموع😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 111"