أطلقت كوريليا ضحكةً ساخرة.
كان من المفترض أن تكون إيلين في قصر الدوق أسيلي أو في قصر الدوق ليسيروس، فكيف وصلت إلى هذا المكان؟
كانت أكاديمية أتينس تقع في قلب الإمبراطورية. و لم يكن أحد ليتخيل أن مطاردين سيتسللون إلى هناك لاختطاف الطلاب.
ومع ذلك، كيف عرفت إيلين وجاءت تبحث عنها؟
‘سمعت أن قدرة سيد السيف على استشعار المانا فائقة، لكن لم أظن أنها تستطيع الاستشعار حتى هذا الحد. فلم يخطر ببالي أن إيلين ستأتي إلى الأكاديمية.’
إيلين كانت تقترب بسرعةٍ كبيرة. و على الأرجح ستظهر أمامها قريبًا.
تخلّت كوريليا عن فكرة الهرب. ثم نظرت إلى حجر المانا في يدها.
كان حجر مانا قد منحه لها الإمبراطور قائلاً إنه لاستخدامه في حال واجهت سيد سيف.
‘كنت أظن أن يوماً ما سيأتي لأستخدم هذا……’
ارتسمت على وجهها ابتسامةٌ مشوهة.
منذ أن رأت سيف إيلين لأول مرة في قصر الماركيز ليسيروس، شعرت كوريليا بإحساسٍ غريزي. إن لم تتمكن من قتل إيلين، فستموت على يدها.
إيلين لم تحاول حتى إخفاء نيتها في القتل. و كانت تقترب منها بغضبٍ شديد وعزمٍ قاتل.
وكأنها تحذرها، بأنها قادمةٌ إليها، فلتنتظر وهي ترتجف من الخوف.
نظرت كوريليا نحو الغابة التي كانت إيلين تقترب منها، بعينين محمرتين من الغضب.
“سيدك كوريليا، يجب أن تهربي!”
“ما هذا…..؟ إنها هالة لا تُصدق..…”
“لا يمكننا مواجهة سيدة سيف وحدنا!”
صرخ الفرسان بوجوهٍ شاحبة من الرعب. و أحدهم من شدة الصدمة أسقط سيفه من يده.
كان الفرسان يعرفون أكثر من أي أحد مدى قوة سيد السيف. لذلك كان من الطبيعي أن يرتعدوا خوفًا.
أومأت كوريليا برأسها.
“صحيح. من المؤكد أنه من الصعب مواجهتها.”
امتزج الغضب الهادئ بصوت كوريليا. و لم تستطع تحمل حقيقة أن إيلين قد أظهرت نية القتل تجاهها.
‘هل تجرؤ إيلين الحقيرة على توجيه نية القتل نحوي؟’
إيلين لا يجب أن تتمرد عليها. فذلك كان أمرًا بديهيًا منذ أكثر من عشر سنوات.
اشتعل الغضب في صدر كوريليا كحمم تغلي. و قبضت بقوة على حجر المانا في يدها.
“الهرب…..يجب أن تهربي. لا يمكننا مواجهتها في غياب جلالته!”
هزّت كوريليا رأسها رداً على كلام الفارس. و فجأة خطر ببالها أن الإمبراطور كان يعلم مسبقًا ما الخيار الذي ستتخذه.
لا بد أنه توقع أنها إن توجهت إلى الأكاديمية، فسوف تلتقي بإيلين عاجلاً أم آجلاً بعد أن تسمع بالأمر وتهرع إلى هناك.
‘لا شك أنه يتمنى أن أقوم بالقضاء على إيلين بعد أن أتناول حجر المانا.’
فالإمبراطور لم يكن شخصًا يتصرف بلا سبب.
“لن أهرب.”
قررت كوريليا أن تواجه إيلين. وكانت تمسك بحجر المانا وتنتظر قدومها.
وسرعان ما ظهرت إيلين تقترب من المكان. فأدخلت كوريليا حجر المانا في فمها.
شعرت بضبابيةٍ تملأ رأسها، وبدأت طاقةٌ مزعجة تلتف حول جسدها.
رأت كوريليا جسدها يتحول بشكلٍ مشوه. كانت هذه هي عملية التحول إلى وحش المانا التي تحدث بعد ابتلاع الحجر.
طاقةٌ هائلة بدأت تتفجر من كل أنحاء جسدها. فتراجع الفرسان الذين كانوا بقربها بخطواتٍ مترددة حين رأوا شكلها الغريب.
“لا تزعجوني، انزلوا إلى قبو القصر وراقبوا أولئك المتدربين من الفرسان.”
عند سماع كلماتها، أومأ الفرسان برؤوسهم ووجوههم شاحبة، ثم تحركوا فورًا.
وبعد لحظات، ظهرت إيلين أمامها.
رغم أن إيلين قد ركضت لمسافةٍ طويلة، إلا أنها لم تُظهر أي علامةٍ على التعب. ر كانت الهالة الثقيلة المميزة لسيدة سيف تنبعث منها بوضوح.
ثم تلاقت عينا إيلين وكوريليا.
رغم أنها كانت مستعدة، إلا أن ضغطًا هائلًا خنق أنفاس كوريليا.
سألت إيلين كوريليا بصوتٍ هادئ،
“هل أنتِ من أخذ آمون؟”
لم تنكر كوريليا كلماتها.
“نعم، أنا من أخذه.”
ابتسمت كوريليا بعينيها وضحكت بجمالٍ مصطنع.
“لم آخذه فقط. بدا أنه سيقاوم كثيرًا، فأصيب بجروح. ولم أعالجه أيضًا، لذا قد يكون قد مات بحلول الآن.”
“….…”
“وكل هذا بسببكِ.”
“….…”
“إيلين، آمون انتهى بهذه الطريقة لأنه كان صديقًا لفتاةٍ مثلكِ.”
نظرت إيلين مباشرةً في عيني كوريليا بينما كانت تتفكر في معنى كلماتها.
كوريليا كانت تحاول إثارة الذنب في نفسها وبثّ الخوف فيها. لكن إيلين كانت تشعر بطاقة مانا خاصة بآمون تنبعث من تحت الأرض.
“رغم أنه غير مستقر، لكنه لا يزال بخير. لم يفت الأوان بعد.”
كلمات كوريليا السخيفة لم تكن ذات أهمية لإيلين. ففريدين وفرسانه المتدربون جعلوها تدرك أن كل الكلمات السلبية التي كانت كوريليا توجهها لها لم تكن صحيحة.
لم تعد كلماتها تؤذيها. و كل ما شعرت به هو الشفقة على نفسها حين كانت صغيرة.
“في وقتٍ ما، كنت أتمنى أن أحصل على حبكِ. ولهذا كنت أتألم حتى من كلماتك التافهة.”
نظرت كوريليا إلى إيلين بابتسامة دنيئة، لكنها تجمدت في مكانها عندما سمعت الكلمات التالية التي نُطقت بهدوء.
“لكن الآن، لم أعد كذلك. لم تعودي قادرةً على إيذائي بشيء.”
نظرةُ إيلين المليئة بالازدراء جعلت كوريليا تشعر وكأن كل ما عاشته قد تلاشى.
‘إيلين تنظر إليّ بازدراء؟ أتجرؤ على ذلك؟’
صرخت كوريليا بشكلٍ هيستيري،
“ما هذه النظرة؟ كيف تجرؤين على النظر إليّ هكذا؟!”
أدركت كوريليا أنها لم تعد تشكل أي تهديدٍ لإيلين.
فإيلين لم تعد تخافها. وكان هذا أكثر ما لم تستطع كوريليا تحمّله.
“إيلين، كل هذا بسببكِ!”
“لم أعد أستطيع الاستماع إلى هذا الهراء بعد الآن.”
“ماذا؟!”
“أنا لم أفعل شيئًا خاطئًا. من ارتكبت الأخطاء مدفوعةً بعقد النقص هي أنتِ.”
“لقد فعلت كل هذا لأجلكِ! كنتِ فتاةً تخطئ في كل شيء، في تصرفاتكِ، في طريقتكِ بالكلام، في كل شيء!”
لاحظت إيلين أن حالة كوريليا لم تكن عادية.
كان سبب استمرارها في الحديث معها هو محاولةٌ لفهم ما الذي فعلته كوريليا بالضبط.
‘لا يمكنني الذهاب إلى آمون فورًا.’
كانت تشعر بزيادةٍ سريعة في طاقة المانا لدى كوريليا. نفس الحالة التي رأتها من قبل في الخادمة شارلوت في الغرب.
لكن قوة كوريليا كانت تفوق تلك التي امتلكتها شارلوت بكثير.
“أنتِ تعلمين أنني الآن أقوى منكِ، أليس كذلك؟ ترجّي لحياتكِ، ربما أترككِ تعيشين يا إيلين.”
“أتريدين مني أن أصدق كلامكِ مرة أخرى؟”
ضحكت كوريليا كما لو أن الأمر ممتعٌ للغاية.
“صحيح، كل ما قلته قبل قليلٍ كان كذبًا. حتى لو توسلتِ إليّ أن أترككِ، خطتي لن تتغير. سأقتلكِ هنا مهما كان الثمن.”
لم تحاول كوريليا حتى أن تبرر نفسها. فكما قالت إيلين، لم تكن لديها نيةٌ لتركها على قيد الحياة.
كان لا بد من قتلها قبل أن تزداد قوتها أكثر.
“إن كنتُ أندم على شيء، فهو أنني تركتكِ على قيد الحياة حتى الآن. لم أكن أتصور أنكِ ستصبحين سيدة سيفٍ حقًا…..هذا الشيء المقزز!!”
في تلك اللحظة، شعرت إيلين بهالة غريبة وقوية بشكلٍ غير طبيعي تنبعث من كوريليا.
اندفعت كوريليا بسرعة مذهلة نحو إيلين وطعنتها بسيفها. ثم انحنت إيلين إلى اليمين وتفادت الهجوم.
لكن الأمر لم ينتهِ عند ذلك. فذراع كوريليا التوت بزاويةٍ عجيبة، وقطعت كتف إيلين مباشرة.
“سيدة سيف؟ لا يبدو أنكِ بشيءٍ مميز!”
ثم وجهت كوريليا سيفها نحو فخذ إيلين، لكن إيلين كانت قد تراجعت بالفعل وتفادت الضربة.
دوّى صوتٌ عنيف، واهتزت الأرض تحت أقدامهم. ثم تراجع الفرسان الذين كانوا إلى جانب كوريليا خطوةً إلى الوراء بذهولٍ وخوف.
كانت قوةً هائلة قد انطلقت من سيفها. قوة حجر المانا كانت أكبر بكثيرٍ مما توقّعته كوريليا نفسها.
شعرت كوريليا بقوة المانا التي انفجرت فجأة في جسدها، وبحيويةٍ تتدفق في أوصالها.
راحت تتمايل بسيفها في حماسٍ مشتعل، وبدت إيلين وكأنها تهرب منها دون أن تتمكن من الرد.
‘يا لها من قوةٍ مذهلة حقًا.’
كان من الواضح أن السحر الأسود للإمبراطور قد وصل إلى مستوى يعادل قوة سيد سيف.
انغمست كوريليا في لذة القوة الهائلة التي جعلت شعر جسدها يقف من شدتها. وفي الوقت نفسه، تملكتها قناعةٌ غريبة بأنها قادرةٌ على هزيمة إيلين.
“أجل، الأحلام تبقى مجرد أحلام.”
استعادت كوريليا ذكرى الكوابيس التي لطالما عذّبتها.
لا شك الآن أنه لم يكن هناك شيءٌ اسمه حلمٌ تنبؤي. فكل تلك الأحلام السخيفة لم تكن سوى أوهام، وفي النهاية، ستقوم بقتل إيلين كما ينبغي.
ضيّقت عينيها نحو إيلين و تحدثت بسخرية،
“أنتِ أضعف مني الآن بكثير! حتى قدراتكِ الجسدية والمانا لديكِ تافهة و لا تُذكر.”
أعادت إيلين سيفها إلى موضعه بصمت. وأشارت بطرفه مباشرة نحو كوريليا.
شعرت كوريليا بشيءٍ غير مريح، كما لو أن الهواء المحيط قد تغير بالكامل في اللحظة التي رفعت فيها إيلين سيفها.
“لهذا السبب لم تصبحي يومًا سيدة سيف.”
“ماذا؟!”
شكّت كوريليا في أذنيها.
ما قالته إيلين مسّ وترها الحساس. كانت تلك أكثر الكلمات التي لم ترغب قط في سماعها من إيلين.
“القوة الجسدية أو المانا ليست هي الأهم.”
لو أن تلك الأمور كانت فعلاً ضروريةً لتصبح سيدة سيف، لما كانت إيلين لتقف هنا اليوم.
كانت لتموت على يد زعيم قبيلة الذئاب في أراضيهم، أو لمَا نجت حين واجهت شارلوت في الغرب.
“اصمتي!”
صرخت كوريليا وانطلقت نحو إيلين. و سيفها المغمور بالمانا القوية اندفع وهو يستهدف قلب إيلين مباشرة.
كانت ضربةً حاسمة تُفرغ فيها كل طاقتها، وكأنها تريد أن تضع حدًا نهائيًا لكل شيء.
_____________________
شكلنا بنتعشى كوريليا الفصل الجاي مب ذاه
عشان كذا بنزل الفصول في وقت العشا هاهاهاهاعااهااععاا
شسمه عسا المومنتات بين ايلين وفريدين عاد تعوضنا عن ذاه😔
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 107"