آمون فكّر. لو كان ذلك في الماضي، لكان تصرّف كما قال فيليب. و كان سيفعل المستحيل كي لا يكون عبئاً على فريدين.
لكن الأمر لم يكن كذلك الآن. فقد تذكّر حديثه مع إيلين.
وبعد لحظة من التردد، فتح فمه،
“سأعيش…..سأبقى، يا فيليب.”
نظر فيليب إلى آمون لوهلة. ثم سأله بوجهٍ يعلوه شيء من الدهشة،
“لم أكن أظن أن السيد سيختار ذلك.”
ابتسم آمون بمرارة على كلام فيليب. فهو أيضاً لم يكن يتوقع أن يقول شيئاً كهذا.
“إيلين قالت لي..…”
“…….”
“قالت لي أن أعيش. إنها غريبةٌ فعلاً. هي من تتصرف دائماً بتهوّر وتعريض نفسها للخطر، لكنها كانت تتصرّف وكأن من حولها هم من سيموتون.”
قال آمون ذلك ثم نظر في عيني فيليب.
“ما زال عليّ دَينٌ يجب أن أردّه لإيلين. لقد أنقذت حياتي، تلك الحياة التي كنت قد عقدت العزم على التخلي عنها.”
عند سماعه هذه الكلمات، أظلم وجه فيليب.
“أنا فارسٌ أعتبر الشرف أغلى ما أملك.”
“أنتَ..…”
“لكن كلامكَ أيضاً صحيح. أنا أيضاً لديّ دَينٌ يجب أن أردّه لإيلين. الاستسلام للحياة قبل ذلك لن يكون سوى هروب من المسؤولية.”
“…….”
“كدت أرتكب خطأً فادحاً.”
قال فيليب ذلك وابتسم ابتسامةً باهتة فيها شيءٌ من الخواء.
“لو فكرت بالأمر، كان تفكيراً غبياً فعلاً. هل تعرف ما هو هدفي، سيد آمون؟”
“ما هو؟”
“أن أنتصر على إيلين في نزالٍ يوماً ما.”
نظر إليه آمون بنظرةٍ فاترة.
“أعرف، الأمر صعب! لكني فقط أريد أن ألمس طرف ثوبها ولو من بعيد.”
ضحك آمون وهو يطلق زفيراً كمن فقد الأمل.
“إذاً عليكَ أن تعيش طويلاً، أكثر من أي وقتٍ مضى.”
لم يكن يهتم كثيراً بطلاب المستوى المُبتدئ، باستثناء إيلين. ولولا أن فيليب كان مقرّباً منها، لما أثار اهتمامه أيضاً.
‘يبدو أنه شاب لا بأس به فعلاً.’
فكّر آمون بذلك وهو يحدّق خارج القضبان.
لم يدرك أن فيليب شاب جيدٌ إلا الآن، لكنهم كانوا في وضع لا يُعرف فيه متى وكيف قد يموتون.
لا، بل لم يتوقف الأمر عند ذلك.
‘الأكاديمية كلها في خطر.’
لا بد أن هناك سبباً وراء استهداف كورِيليا لهؤلاء الفرسان المتدربين.
مجرد أن مجموعةٌ يلاحقها فريدين تسللت خلسة إلى الأكاديمية هو أمر يثير الذعر، لكن ربما…..كان هدف الإمبراطور هو الأكاديمية نفسها.
تفقد آمون حالته الجسدية.
‘ذهني صافٍ، لكن جسدي لا يزال في أسوأ حال.’
عندما رأى قميص فيليب الممزق، خمن أنه استخدمه على عجل لوقف النزيف في كتفه.
لكن يبدو أن الجرح كان عميقاً، إذ إن النزيف لم يتوقف تماماً. وليس لديهم خيط وإبرة لخياطة الجرح.
الغريب أن هذا الوضع جعل ذهن آمون يزداد صفاءً.
‘لحسن الحظ، القضبان ليست مصنوعةً من حجر تحكّم المانا.’
قضبان حجر تحكّم المانا باهظة جداً، لذا لا تُستخدم إلا لاحتجاز المجرمين الخطرين جداً.
والقضبان التي حُبسوا فيها الآن كانت عادية. ربما رأى خصمهم أن تجريدهم من أسلحتهم كافٍ لحبسهم.
وحين تأكد آمون من تلك الحقيقة، لمع بريقٌ في عينيه.
***
طلبت إيلبن من لِيليا استخدام سحر الانتقال الآني، ووصلت بأمان إلى أكاديمية أتينس.
ولأن لِيليا رأت تعابير القلق الشديد على وجه إيلين، لم تتردد للحظة في تلبية طلبها.
كان شعور غامض بالقلق ينهش قلب إيلين، فلم تستطع البقاء مكتوفة الأيدي. و كانت تشعر أن نهاية هذا الطريق قد تحمل لها الجواب الذي تبحث عنه.
“هل سمعتِ تلك الشائعة؟ الأمير فريدين سيقيم حفل تتويجه هذه المرة..…”
“ماذا؟ كيف يكون ذلك ممكناً وجلالة الإمبراطور ما زال على قيد الحياة؟”
تناهت إلى مسامعها أصوات الناس يتحدثون.
عندما وصلت إيلين إلى أكاديمية أتينس، شعرت بعيون الطلاب تلاحقها.
“إنها إيلين ليسيروس.”
“يا إلهي. كنت أظن أنها غادرت الأكاديمية نهائياً، أليس كذلك؟”
“ربما مرت مروراً سريعاً. ما حاجتها للبقاء؟ إنها سيّدة السيف.”
“هل تظن أنها ستوافق على نزالٍ لو طلبنا منها؟”
“لا تكن وقحاً.”
النظرات التي كانت توجّه إليها تغيّرت بوضوحٍ عمّا كانت عليه من قبل. لكن الوقت لم يكن مناسباً للاكتراث لمثل هذه الأمور الآن.
توجّهت إيلين إلى غرفة العناية حيث كان آمون، لكنها لم تجده هناك.
و لم يكن في الغرفة سوى طالب يبدو صغير السن وذو ملامح ساذجة، وقد اتسعت عيناه بدهشة وهو ينظر إلى إيلين.
“سيـ، سيدة إيلين؟”
“هل رأيتَ السيد آمون؟”
ارتجفت يدا الطالب وهو ينظر إليها، وكان يبدو عليه التأثر الشديد. لكن ما لبث أن استوعب سؤالها، فعقد وجهه وتحدث بتردد،
“آه، في الواقع…..أنا أيضاً في وضعي هذا لا أعرف الكثير، لكن سمعت أن لا أحد رآه منذ البارحة. سمعت أن الأكاديمية تبحث عنه.”
“منذ البارحة؟”
“نعم. قال لي أمس وهو يغادر غرفة العناية أنه سيتوجّه مباشرة للتدريب. فهو معروفٌ بجديته. لكن حتى من كانوا في ساحة التدريب لم يروه.”
“…….”
“وليس السيد آمون وحده. سمعت أن بعض الفرسان المتدربين الآخرين اختفوا معه أيضاً.”
“شكراً لك.”
عندما شكَرته إيلين، احمرّ وجه الطالب. و أخذ يومئ برأسه يميناً ويساراً، ثم انحنى لها بانحناءةٍ احترام.
كان وجه إيلين متجمّداً ومخيفاً وهي تخرج من غرفة العناية.
‘إن كان قد اختفى منذ البارحة، فالأوان لم يفت بعد.’
لم تكن تعرف تماماً ما الذي يحدث، لكن الوضع برمّته بدا مشابهاً لما رأته في حلمها.
وإن كان الأمر كذلك، فهناك احتمالٌ كبير أن كورِيليا لها علاقةٌ باختطاف آمون.
أغلقت عينيها وركّزت قواها.
يجب أن تعثر عليه بسرعة.
***
في تلك اللحظة. كان آمون يقبض بقوةٍ على قضبان الزنزانة. وقد احمرّت يداه وبدأ الألم يتسلل إليها، لكنه لم يتوقف.
“سيد آمون، ماذا تفعل؟”
سأله فيليب بنظرةٍ يملؤها الاستغراب.
“لا يمكن أن نموت هنا ونحن محبوسون. علينا المحاولة ولو كانت محاولةً يائسة.”
“…….”
“يجب أن نصل إلى السلاح الموجود هناك في الخارج ونهرب قبل أن تأتي كورِيليا. هيا، ساعدني بسرعة.”
“هل تعتقد فعلاً أن بوسعكَ الهرب بهذه الطريقة؟ حتى لو لم تكن القضبان من حجر تحكّم المانا..…”
“هذا مستحيلٌ أيضاً.”
رغم كلام فيليب، استمر آمون في قبض يديه حتى احمر وجهه وهو يحاول ثني القضبان.
“حتى إيلين فعلت هذا عندما هربت.”
صمت فيليب.
كانت قصة هروب إيلين من زنزانة مصنوعة من حجر تحكم المانا عن طريق ثني القضبان بيدها مشهورةً في الأكاديمية.
حين سمع بها، أصابه الذهول حتى فقد وعيه لفترة طويلة.
‘حتى لو كانت سيدة سيف، لم أتوقع أبداً أن يكون بإمكان الإنسان ثني حجر تحكم المانا.’
والآن، آمون يقلد ما فعلته إيلين.
كانت القضبان ليست من حجر تحكم المانا، لذا كان ذلك ممكناً. لكن رغم ذلك، كان الأمر لا يزال مستحيلاً تقريباً.
“قد تكشفنا كورِيليا. علاوةً على ذلك، حالتكَ الصحية ليست جيدة..…”
“حينها، سأقاتل بشرف.”
“تراجع، سأجرب أنا الآن.”
“حسناً، سنتناوب.”
تنهد فيليب وبدأ يساعد آمون.
***
كانت كورِيليا تنتظر الإمبراطور مع الفرسان.
“ماذا نفعل بالفرسان المتدربين في الأسفل؟”
“حين يصل جلالته، سيتصرف كما يجب.”
“…….”
“يمكننا استخدام آمون هيدور كرهينة.”
“آه، صحيح. الدوق هيدور هو زعيم الفصيل الأرستقراطي.”
ثم انحنى قليلاً،
“وابنه هو أحد المتدربين في فرسان الصف الثاني. الإمبراطور يرغب به كثيراً.”
قالت كورِيليا ذلك بابتسامةٍ عميقة.
كان من الممتع تحويل آمون إلى وحش، لكن استخدامه كرهينةٍ أيضاً فكرةٌ جيدة.
“لا تعالجوا جروحه أبداً. إنه مقاتلٌ عنيد، وإذا تعافى فقد يفعل أشياء لا يمكن التنبؤ بها.”
كانت تعرف أن إصابة آمون خطيرة، لكنها تركته دون علاج. ولكونه وصل إلى مرتبة فارسٍ متقدم، لم تعتقد أن جرحه بهذه الدرجة قد يقتله.
سواء حولته إلى وحشٍ أو استعملته كرهينة، كانت كورِيليا تنوي أن تسبب له ألماً شديداً. لأنها اكتشفت في زيارتها الأخيرة للأكاديمية أنه قريبٌ جداً من إيلين.
‘كنت بحاجة إلى مكان أفرغ فيه غضبي بدلاً من إيلين، و هذا مناسبٌ تماماً. كان يجب أن تختاري أصدقائكِ بحذر.’
في الحقيقة، كانت كورِيليا تشعر داخلياً بأن قتل إيلين قد يكون أمراً مستحيلاً.
ففشلها في قتل الآنسة أسيلي منذ البداية، وخسارتها للوحوش في الغرب، وطردها من عائلة الماركيز ليسيروس، كل ذلك بدا وكأنه يشير إلى هزيمتهم.
‘بالطبع، وحوش جلالته قوية، لكن هل فعلاً نستطيع هزيمتهم؟’
لأول مرة في حياتها، شعرت بالخوف. وكان شعورها الذي بدأ عند رؤيتها لإيلين في القصر يتعمق مع مرور الوقت.
ومنذ ذلك الحين، بدأت الكوابيس المرعبة تتكرر كلما نامت.
سألت فارساً كان بجانبها،
“هل تؤمن بالأحلام التنبؤية؟”
“هل تقصدين الأحلام التنبؤية؟ لا أعرف الكثير عنها.”
“حسناً، أنا لا أصدق مثل هذه الأحلام.”
قالت كورِيليا ذلك وهي تحدق أمامها. فالكوابيس التي تراودها هذه الأيام كانت بسيطة.
‘كان ذلك في هذا القصر.’
كان حلمها أن إيلين تأتي لزيارتها وهي جالسةٌ في القصر. فشعرت بشيءٍ بارد ومرعب يمر في قلبها.
‘إنه حلمٌ سخيف. لا داعي للقلق…..’
بينما كانت كورِيليا تحاول تهدئة نفسها، فتحت عينيها بشدة. و بدأ قلبها ينبض بسرعة. فقبضت يديها بقوة.
وبينما بدأ ينساب عرق بارد من جبينها، سألها أحد الفرسان بجانبها،
“سيدة كورِيليا، هل أنتِ بخير؟”
كان الفرسان حولها يشعرون باضطرابها بوضوح.
حدقت كورِيليا إلى الأمام. لم تشعر يوماً بالخوف حتى من الدوق أسيلي. لكن في هذه اللحظة، شعرت بخوفٍ غريزي.
و بصوت منخفض، تحدثت الى لفرسان،
“إنها…..قادمة إلى هنا.”
حول الفرسان أنظارهم نحو المكان الذي أشارت إليه كورِيليا. و كان شخصٌ ما يقترب بسرعة من جهة الغابة.
“إيلين ليسيروس.”
________________________
عشانا اليوم كباب كوريليا ✨
أمون يجنن انفدا المقدام شجااااااااع محزم
ايلين وهي تركض يصلح لها ضوءٌ لمع وسط المدينه ✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 106"