عند عودتها إلى الغرب، زارت إيسيس المعبد المركزي على الفور. لأنه كان هناك شخص لا بد من لقائه لتعزيز قوة فريدين.
“هذا هو السبب الذي أرسلني سموه إلى هذا المكان من أجله.”
نظرت إلى الشخص الذي أمامها. كان شيخٌ مسن ينظر إليها بعينين حادتين. و شعرت إيسيس دون أن تدرك بأنه يبتسم بسخرية.
رغم أنها لا ترغب بالاعتراف بذلك، إلا أن الشخص الذي يلمع في عينيه بريقُ الطمع أمامها هو زعيمهم، البابا.
“جلالته استخدم السحر الأسود؟ هل تستطيعين تحمّل مسؤولية ما تقولين؟”
“أنتَ تعلم ذلك. أنا لا أستطيع الكذب.”
“حتى القديسة التي يمكنها كشف الحقيقة قد فقدت وعيها، تسك تسك.”
ابتسمت إيسيس بسخرية مرة أخرى.
‘لو أن القديسة كانت معنا، لكان إقناع البابا أسهل بكثير.’
رغم أن البابا يعلم أنه لا يمكنها الكذب، إلا أنه لم يصدقها.
‘لا، حتى وإن كان الأمر كذلك، قد يكون البابا يرى فقط ما يريد رؤيته، كما هو الآن.’
أصبح بريق عيني إيسيس بارداً. أما هيليكس، الذي كان يقف بجانبها، فقد بدا وكأنه على وشك أن يهجم على البابا في أية لحظة، و ينبعث منه جوٌ مهيب.
أمسكت إيسيس بذراع هيليكس لتمنعه من سحب سيفه. فصرخ البابا وهو ينظر إلى هيليكس بدهشة واستنكار.
“ذلك الوغد! كيف تجرؤ على النظر إليّ، أنا كبير المعبد، بتلك النظرة؟”
فرسان الهيكل الذين كانوا بجانبه سارعوا جميعاً ليقفوا أمامه وكأنهم يحمونه. لكن لم يكن جميعهم يرغبون في حماية البابا.
فمن بين فرسان الهيكل الذين كانوا واقفين ينظرون إلى إيسيس وهيليكس، كان هناك من يرسل نظراتٍ خفية نحو إيسيس.
إلا أن إيسيس هزت رأسها بحزم رافضاً.
أغلق هيليكس عينيه بإحباطٍ وبملامح ممتعضة.
إيسيس شخص تتمتع بقدر كبيرٍ من الصبر. لقد تحمّلت أكثر من عشر سنوات من أجل فريدين. فكم من الإهانات احتملتها حتى أصبحت تُذكر كمرشحةٍ لخلافة البابا؟
استخفاف البابا بها لم يكن له أي أثرٍ عليه.
“من الأفضل أن تختار بحكمة.”
قالت إيسيس هذا وهي تنهض واقفةً.
“أليس سماحتكَ على دراية بشخصية الإمبراطور؟ لا أفهم لماذا تقف إلى جانبه.”
“….…”
“ألا تدرك المعنى الحقيقي للإرادة؟ أم أنكَ….تخفي شيئاً ما؟”
إيسيس كانت تقول له: لا تتجاهل ما تعرفه.
نظر إليها البابا بوجهٍ ممتلئ بالغضب، لكنه كبح جماح غضبه حين رأى فرسان الهيكل يحدقون بإيسيس وهيليكس.
استدارت إيسيس وغادرت المكان بخطى هادئة، وتبعها هيليكس،
“ماذا سنفعل الآن؟”
“مهما عارض البابا، فلن يستطيع في النهاية منع الأمير فريدين من اعتلاء العرش.”
الكهنة الكبار قادرون على تقييم الموقف بموضوعية. حتى لو عارض البابا، فموافقة الأغلبية من الكهنة الكبار تكفي.
“لكن هذا لا يعني أنه يمكن تركه وشأنه.”
قالت إيسيس ذلك وهي تحدق في المكان الذي كان فيه البابا.
لم يكن يعجبها منذ البداية، لكن تصرفات البابا الآن كانت مثيرةً للريبة. و لا شك أنه يخفي شيئاً ما.
“لو أمرتِني…..سأقطع رأسه.”
عند سماع كلمات هيليكس، هزت إيسيس رأسها بوجه حرج.
“هيليكس، ليس الآن. أنتَ تتسرع دائماً عندما يتعلق الأمر بالأمير فريدين أو بالسيدة إيلين.”
رغم ما قالته، كان شعور إيسيس مماثلاً لشعور هيليكس. كانت تقمع رغبتها في القضاء على البابا فوراً.
“كما تعلم، كهنة المعبد فقدوا ثقتهم به بالفعل. الجميع يهمس بأنه فقد قوته المقدسة.”
“لقد أصبحت مجرد إشاعة يتداولها الجميع.”
فالفعاليات التي يجب على البابا أن يقيمها بصفته سيد المعبد، لم يقم بها منذ سنوات.
‘ربما بالفعل فقد قوته المقدسة.’
كانت إيسيس تشعر بذلك بحدسها.
الوقت في النهاية كان في صالحهم. البابا الموجود هناك، والإمبراطور أيضاً، سيسقطان في نهاية المطاف.
***
‘هذا… حلم.’
كانت إيلين تنظر إلى الشخص الذي أمامها.
كان آمون يلوّح بسيفه. ثم توقّف سيفها أمام وجهها مباشرة.
أدركت إيلبن حينها أيّ لحظة كانت هذه. كانت تلك المرة الأولى التي خاضت فيها مبارزةً مع آمون.
‘لقد أصيب آمون بصدمةٍ كبيرة حينها.’
تجاهل الحلم تسلسل الزمن وبدأ يعرض ذكرياتٍ أخرى بسرعة.
كان آمون يتدرب بتركيزٍ مذهل، لدرجة أدهشت إيلين.
اعتقدت أن جهوده كانت رائعة. ولم يكن آمون وحده كذلك. ففي لحظة ما، بدأت تحب رؤية طلاب الصف المبتدئ وهم يجتهدون، وأصبحت تحب كل واحدٍ منهم على حدة.
‘ربما، قد يتمكن السيد آمون من أن يصبح سيد السيف هذه المرة، على عكس الماضي.’
فكّرت إيلين أنه لو استمر بالتدريب بهذا الإصرار، فلا شك في أنه سيصل إلى ذلك.
في تلك اللحظة، قال آمون داخل الحلم موجهاً كلامه لإيلين،
“إيلين، يمكنني أن أفعل أي شيءٍ من أجل سموه فريدين.”
“حتى لو تعرّضت حياتي للخطر…..إن كان ذلك سيساعده، فسأموت بسعادة.”
كانت تلك كلماتٍ قالها لها آمون بعد حادثة قبيلة الذئاب.
كانت إيلين تعلم أن آمون حاول أن يضحي بنفسه داخل أراضي الذئاب.
فارسٌ نبيل يرى أن الانتحار أفضل من أن يتسبب في أذى لسيده.
كانت طريقته في التفكير نابعةٌ من شرف الفروسية أكثر من أي شخصٍ آخر، لكن إيلين لم تكن ترغب في أن يتخلى عن حياته بنفسه.
“لا تمت تحت أي ظرف. سموه فريدين بالتأكيد يفضّل أن تبقى على قيد الحياة.”
“عليكَ أن تبقى حياً مهما حدث، سيد آمون.”
في تلك اللحظة، ما الذي قاله آمون ردًا على ذلك؟
فجأة انقلبت رؤية إيلين رأسًا على عقب.
كانت تحدق أمامها بوجهٍ متجهم. و كورِيليا كانت واقفةً أمامها، ويداها ملطختان بدم أحمر لا يُعرف لمن يعود.
و وجهها كان مشوّهًا بالغضب وهي تصرخ في وجه إيلين بملامح حاقدة.
“إيلين، أنتِ فتاةٌ عديمة الفائدة.”
“إنه خطؤكِ، كل شيءٍ بسببكِ..…”
“ستموتين.”
نظرت إليها إيلين بوجه خالٍ من التعبير.
لأنها كانت داخل حلم، فقد كانت المشاهد تظهر بشكل غير مرتب. و بعد أن أراها الحلم أحبّ الأشخاص إليها، بدأ الآن يُظهر من تكرههم أكثر من أي أحد.
مدّت يدها نحو سيفها المعلّق عند خصرها، محاولةً سحبه. وعند رؤيتها تفعل ذلك، بدأت كورِيليا تضحك بشدة حتى بدا وكأن فمها قد تمزق من الاتساع.
ثم قالت كورِيليا موجّهةً كلامها إلى إيلين.
“سآخذ كل ما هو ثمينٌ بالنسبة لكِ، إيلين.”
في تلك اللحظة، استيقظت إيلين من الحلم. و وضعت يدها على جبينها، وشعرت بعرق بارد يتصبب منها.
ارتجف جسدها خفيفًا من الانزعاج، فالكوابيس التي تظهر فيها كورِيليا كانت دائمًا تُفسد مزاجها تمامًا.
‘لماذا أحلم بهذا النوع من الأحلام..…’
عَضّت على أسنانها بقوة.
عادةً ما كانت تتجاهل مثل هذه الأحلام، لكن هذه المرة شعرت بإحساسٍ غريب، حدسٌ لا يمكنها تجاهله.
‘أمون في الأكاديمية.’
شعرت أنه يجب أن تذهب إليه فورًا.
فريدين و الدوق أسيلي من الصعب عليهما التحرك باتجاه الأكاديمية الآن. فهم منشغلون برصد تحركات الإمبراطور، وفي الوقت ذاته، ينفذون خطتهم لإسقاطه.
إخبارهم بأنها رأت حلمًا مريبًا وتريد التوجه إلى الأكاديمية لذلك، لن يكون مقنعًا.
وقفت إيلين من مكانها.
‘لا يمكنني أن أكون سعيدةً بدون الأشخاص الذين أحبهم.’
منذ أن غابت الآنسة أسيلي في نوم أبدي، أصبح تحقيق سعادة إيلين أمراً مستحيلاً. فالتضحيات التي يقدمها الآخرون كانت تجرح قلبها فقط.
وقد وقفت هنا من أجل منع تضحيات أحبائها.
بعد أن رتبت أفكارها، ارتدت إيلين زي الفارس، وعلّقت سيفها عند خصرها.
***
أدرك أمون أنه محاصرٌ في مكان مظلم. و مهما حاول رفع جسده، كان الأمر كأن ثقل حجر يمنعه من القيام.
شعر بألم حاد في كتفه، وبدأ يرتجف من البرد الذي يتسلل من الأرض تحت قدميه.
‘إذا استمر هذا، قد أموت حقًا.’
قبض آمون على كتفه متألماً، وتنفس بصعوبةٍ متزايدة.
“سيد أمون، هل أنت بخير؟”
أدار رأسه ببطء، وفتح عينيه على مصراعيهما عندما رأى فيليب.
كان فيليب ينظر إليه بعينين مليئتين بالقلق.
‘لماذا فيليب هنا بالذات؟’
حاول أمون استرجاع ذاكرته.
‘فجأة ظهرت كورِيليا، وهاجمتني بسيفها وطعنتني.’
كان فيليب أيضًا مصابًا، وإن لم يكن بحالته، لكنه كان في وضعٍ سيئ.
ولكن…..لم يكونا وحدهما في هذا المكان. فقد سمع صوتًا غريبًا في أذنه.
عبس آمون ووجه كلامه إلى فيليب،
“لماذا أنتَ هنا؟”
“لقد قبضت عليّ الماركيزة كورِيليا وأحضرتني إلى هنا.”
عند سماع ذلك، قَبَضَ أمون عينيه بغضب.
“…..ساعدني على النهوض.”
“الحالة ليست جيدة، أنا بخير، لكنكَ يا سيد أمون مصابٌ بجروح خطيرة. من الأفضل أن تبقى مستلقيًا.”
صرخ أمون بعينيه مفتوحتين على وسعها،
“فقط…..ساعدني على النهوض!”
“رغم إصابتكَ، لا تزال شخصيتك مشتعلة الغضب. أنا قلقٌ من أن تتعرض لصدمة.”
ثم قام فيليب بمساعدته على النهوض.
و تمكن أمون من فهم كلام فيليب فورًا. كما قال فيليب، لم يكن أمامه إلا أن يصاب بالصدمة. فلم يكن محاصرًا هنا وحده.
“كورِيليا تلك…..ما الذي تفكر فيه حقًا؟”
“لا أعرف ما الذي تنوي فعله، لكن عندما أرى تلك الوحوش، يبدو أنها ليست على عقلها.”
وافق آمون على كلام فيليب.
نظر إلى طلاب قسم فنون المبارزة المحبوسين داخل الأقفاص الحديدية. والأمر الأكثر رعبًا هو الوحوش المحاصرة في الفراغ المتبقي.
أدرك آمون أن الأمر مشابهٌ لما حدث أثناء قمع قبيلة الذئاب، حيث أصبحوا عبئًا ثقيلًا.
سأل فيليب أمون، وقرأ أمون في عينيه الإصرار والعزم.
“سيد أمون، ماذا ستفعل؟”
“…….”
“لقد قررت كفارسٍ أن أواجه موتًا مشرفًا بالانتحار. فلا فائدة من البقاء رهينةً والحفاظ على حياتي.”
__________________
فيليب يامجنون وش تقول! مابي أمون يفطس يكفي أسيلي في غيبوبه شخصيااااتتتييييييي
ايلين وانا اختس اعدي اجمحي اركضي اسبقي اي شي بس بسرعه😭
خذي معس كارون بعد نقنقه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 105"