تعاون الفيلق الأول والدوق أسيلي وسحرة برج السحر معًا من أجل ما تبقى في القصر الإمبراطوري. و تم القضاء على جميع الوحوش.
باستثناء المكان الذي كان فيه ديتريون، كانت الوحوش محتجزةً في الأقفاص، لذا انتهى الأمر بسلاسة.
توجه تلدوق أييلي إلى غرفة ابنته فور وصوله إلى القصر. لذلك، كان بجانب فريدين الآن فقط أليكسيس وليليا.
“حقًا إنه أمرٌ يثير الصدمة. أن يخفوا الوحوش في سرداب القصر الإمبراطوري!”
قال أليكسيس ذلك وهو ينهال بالانتقادات.
“لو لم نتعجل، لكانت المناطق القريبة من القصر قد تحولت إلى خراب. السحر الأسود يُفسد شخصية وروح مستخدمه. لا شك أن الأمير الأول استخدم السحر الأسود لفترةٍ طويلة.”
“….…”
“في الآونة الأخيرة، صار جلالته يقول أمورًا غريبة كأنه قد خرف. و اختفاؤه مع كوريلّيا…..ربما كان بسبب استخدامه للسحر الأسود.”
عند كلماته، أومأت ليليا التي كانت بجانب أليكسيس برأسها. فهي من أوصلت إلى أليكسيس كل ما يعرفونه بدلًا عن فريدين الصامت.
وعندما أنهت ليليا حديثها، بدا الغضب في عيني أليكسيس.
“هكذا إذاً. فتى أصغر مني بكثير وأصيب بالخرف؟ لا شك أنه جُنّ بسبب السحر الأسود. لا يستحق حتى أن يُنادى بجلالة الإمبراطور.”
كان أليكسيس من نوعٍ مختلف تمامًا عن الآنسة أسيلي حين يتعلق الأمر بالانتقادات اللاذعة.
الآنسة إن أرادت قول شيء، لا تهدأ حتى تُنهي كلامها، أما أليكسيس فكان لا يتردد في السخرية اللاذعة من الإمبراطور بالذات.
“سيد البرج، شيوخ البرج في الآونة الأخيرة يشكون من التهابات في المعدة. مهما كان، فهو لا يزال الإمبراطور، لذا يجب أن تتحفظ في كلامكَ..…”
تجهم وجه أليكسيس وكأنه غير راضٍ عن ذلك. ثم وجّه حديثه إلى فريدين.
“في الفترة الأخيرة، تراودني رغبةٌ في ترك منصب سيد برج السحر. أن تعجز عن قول ما تريد بحرية، إنه لأمرٌ مؤلم.”
قال ذلك واقترب من إيلين.
“من حالة جسدها، يبدو أن الكثير من الإرهاق تراكم في فترةٍ قصيرة.”
“….…”
“لذا، لا داعي لكل هذا القلق. إنها قوية. هي فقط نائمة من شدة التعب. ستفتح عينيها قبل حلول المساء.”
“أنا أعلم ذلك.”
“ما الذي تنوي فعله الآن؟ ديتريون محتجزٌ حاليًا في قبو قصر الدوق.”
لم يجب فربدين على سؤاله، بل اكتفى بإزاحة شعر إيلين خلف أذنها.
كانا إيسيس وهيليكس في طريقهما إلى قصر الدوق أسيلي بعد أن استدعاهما فربدين.
وتذكر أيضاً الآنسة التي غرقت في نومٍ عميق لا يمكن إيقاظها منه.
ما إن وصل فربدين إلى قصر الدوق، حتى لاحظ على الفور أن هناك أمرًا غير طبيعي في حالة الآنسة أسيلي. فلو كانت بخير، لكانت أول من يركض إليه بقلق وحزن على إصابة إيلين.
‘لا بد أنكِ كنتِ تعلمين كل شيء..…’
شعر تجاهها بالأسف والامتنان معًا.
بسبب طمع الإمبراطور القاسي، تأذى الكثير من الناس. ومات من لا يجب أن يموت. لكن من يستحق العقاب ما زال حيًا يرزق.
لم يستطع فريدين احتمال هذه الحقيقة. فنظر إلى أليكسيس،
“سأذهب لرؤية ديتريون.”
***
اتجه فربدين وأليكسيس نحو قبو قصر الدوق.
كان ديتريون محتجزًا في زنزانةٍ سفلية مصنوعة من حجر مانعٍ للمانا.
لم يُعالَج جرح كتفه، لذا اختفى لون الدم من وجهه تمامًا. ومع ذلك، فإن النظرة في عينيه الموجهة إلى فريدين كانت لا تزال مشتعلة.
و ما إن رأى ديتريون فربدين حتى صرخ بغضب.
“فريدين!…..ما هذا الذي تفعله الآن؟ أتجرؤ على حبسي في زنزانة؟”
فرّد أليكسيس بسخرية من جانب فريدين.
“لقد احتجزنا مستخدم سحرٍ أسود وُجد في نفس المكان الذي كانت فيه الوحوش.”
“سيد برج السحر أليكسيس، كنتُ أعلم أنك شخصٌ لا يزن كلماته، لكنكَ تجاوزت الحدود.”
“وأنا أيضًا لم أكن أتخيل أبدًا أن أحد أفراد العائلة الإمبراطورية التي أخدمها هو ساحرٌ أسود. من تجاوز الحدود هو أنتَ، أليس كذلك؟”
“….…”
“هذا ليس خيارًا يتخذه شخصٌ عاقل. فاستخدام السحر الأسود-”
ارتفع صوت ديتريون بنفاد صبر أمام كلمات أليكسيس.
“وأين دليلكَ على أنني ساحرٌ أسود؟”
“لقد عثرنا على أدوية قرب المكان الذي سقطتَ فيه. ويا للمصادفة، كانت هي نفسها المواد التي كنا نُجري أبحاثًا عليها.”
“….…”
“كما اكتشفنا أن القصر الإمبراطوري كان يشتري نبتة الهيتاشيا بشكلٍ منتظم. وأنت تعرف جيدًا ما الذي يعنيه هذا.”
تشوّه وجه ديتريون في لحظة، بينما نظر إليه أليكسيس بعينين باردتين.
كانت نظراته مليئةً بالعداء لدرجة يصعب تصديق أنها موجّهة إلى أمير الإمبراطورية.
ثم تحدث فريدين بعد صمته الطويل،
“سيد البرج، لدي حديثٌ مع ديتريون.”
فانحنى أليكسيس بأدبٍ احترامًا لكلامه. و عندها ضحك ديتريون بسخرية.
“تتصرف وكأنكَ أصبحت الإمبراطور يا فريدين. إن عرف والدنا بما تفعله، فلن يبقى مكتوف اليدين!”
لكن أليكسيس لم يُجبه وغادر الزنزانة بصمتٍ. و تجاهلٍ واضح.
عند رؤيته لذلك، عض ديتريون على شفتيه غيظًا.
“فريدين…..أنتَ ترتكب حماقةً كبيرة.”
اكن فريدين تجاهل كلماته و نظر إليه وسأله،
“لماذا فعلتَ ذلك؟”
قطب ديتريون حاجبيه.
“عن أي شيءٍ تتحدث؟”
“هل كان لا بد من قتل الناس بهذه الطريقة؟ هل كان لا بد من استخدام السحر الأسود؟”
“.……”
“لو كنتَ قد عشت حياةً طبيعية، لكان العرش من نصيبكَ. فأنا لم أطمح لتلك المكانة أبدًا.”
“أنت وإيلين…..لماذا تطرحان أسئلةً غريبة هكذا؟”
لم يستطع ديتريون أن يفهم.
“ما قيمة من ماتوا؟ لا معنى لموت من لا قيمة لهم أساسًا، أليس كذلك؟”
“.……”
“أنت أيضًا كنت تُزعجني، لذا أردتُ قتلكَ. لا أفهم لماذا تُضفي كل هذا المعنى على موتهم.”
عند سماع كلمات ديتريون، اتخذ فريدين قراره في تلك اللحظة.
و في الحقيقة، لم يكن هناك ما يستحق التفكير.
“ديتريون…..ما الذي تظن أنه مؤلمٌ في الموت؟”
“ماذا؟”
“هل تتذكر عندما كنا صغارًا؟”
نظر ديتريون إليه بارتباكٍ وأمال رأسه إلى جانب، وكأنه لم يفهم.
“قد لا تتذكر.”
“….…”
“لقد حبستني مرةً في إسطبل القصر الإمبراطوري.”
قطب ديتريون حاجبيه، فمن الواضح أنه لم يتذكر. لكن فريدين لم يُعر الأمر اهتمامًا، وأكمل حديثه بهدوء.
“كان الجو باردًا، وكنت خائفًا حقًا. مهما صرخت، لم يكن هناك من يخرجني من ذلك المكان.”
“وماذا ستفعل إذًا؟ هل تنوي قتلي؟ هل تظن أن والدي سيغفر لكَ إن فعلت؟”
“.……”
“هناك الكثير مما لا تعرفه، وأنا أعرفه. هل تظن أن الوحوش الموجودة تحت القصر هي النهاية؟”
تذكر ديتريون الوحوش التي صنعها بمساعدة الإمبراطور.
و لم تكن وحوش الإمبراطور محصورةً في سرداب القصر الإمبراطوري فقط. فقد سمع منذ مدة أنه تمكّن من صنع وحشِ قوي بما يكفي لمواجهة أساتذة السيف.
‘إن خرجتُ من هنا، فلن يكون له أي فرصةٍ أمامي…..’
نظر ديتريون إلى فريدين وملامحه متجهمة. لكن فريدين كان ينظر إليه بابتسامةٍ خفيفة. و وجهه كان جميلًا على نحوٍ مبالغ فيه.
ديتريون لم يكن من النوع الذي يشعر بالخوف بسهولة. فقد كان دائمًا أفضل من الآخرين، وكان في مكانةٍ تُفرض فيها له الهيبة والاحترام.
لكن لسبب ما…..عندما رأى ابتسامة فريدين، شعر بقشعريرةٍ غريبة.
لم يرد أن يعترف بأنه، في تلك اللحظة، شعر بالخوف من فيردين. فنظر ديتريون إلى فريدين بقبضةٍ مشدودة.
“وأنا محبوس في الإسطبل، راودتني فكرة…..أن تموت منسيًا من الجميع هو أكثر ما يمكن أن يكون مرعبًا..…”
“….…”
“أكثر من البرد، وأكثر من الإهانة…..كان أكثر ما يخيفني أن لا يتذكرني أحد، أن أُنسى كأني لم أكن.”
“….…”
“أتذكر جيدًا كيف كنت أرتجف من فكرة الموت في مكانٍ لا يعرفني فيه أحد، ولا يدري بوجودي أحد.”
شحُب وجه ديتريون، فقد بدأ يدرك ما ينوي فيردين فعله.
“ديتريون، سأستغلّكَ. سآخذكَ كرهينة. لكن…..أنت تعرف، أليس كذلك؟ تعرف جيدًا كيف هو والدنا.”
“….…”
“ربما، وبشكل غير متوقع…..سيتخلى عنكَ بسهولة. فوالدنا رجلٌ بلا رحمة. حتى لو كنتَ ابنه المفضل، إن أعقت طريقه، فلن يتردد في سحقكَ. وفي تلك اللحظة…..ستصبح بلا قيمة حتى كرهينة.”
“فيردين…..أنتَ..…”
“قلتَ بنفسكَ أن الإنسان عديم القيمة لا بأس في موته. سأعيد إليكَ كلماتك.”
تراجع ديتريون خطوةً إلى الوراء مرتعشًا، و لم تعد ساقاه قادرتين على حمل جسده.
سقط على الأرض متراجعًا إلى الوراء. بينما ظل فيردين يحدق فيه بصمت، بنظرة تحتقر الضعفاء.
لم يكن في نيته أن يغفر لديتريون. بل كان عازمًا على أن يمنحه أسوأ نهايةٍ ممكنة.
“ديتريون، إذا فقدت قيمتكَ كأداة، فسوف تُترك هنا مهملًا.”
“…….”
“لقد وافق الدوق أسيلي على ذلك بسخاء. قال أنها نهايةٌ تناسبكَ.”
“أيها الحقير ذو الدم النجس..…”
“مُت وأنت تدرك مدى رعب الموت وحيدًا في مكانٍ لا يزوره أحد.”
بعد أن قال ذلك، استدار فريدين ومضى. فحاول ديتريون أن يمسك به لكنه لم يستطع، فقد كانت القضبان المصنوعة من أحجار تحكم المانا تمنعه من الوصول.
صرخ ديتريون وهو ينادي فريدين بغضب.
“إلى أين تذهب! عد إلى هنا، أيها الوغد القذر! كلامي لم ينتهِ بعد!”
لكن فريدين لم ينظر خلفه. و خرج من الزنزانة تحت الأرض دون تردد.
لم يصدق ديتريون أن فريدين قد رحل.
‘سيعود بالتأكيد.’
لم يكن ممكنًا أن يغادر فيردين هكذا ببساطة. فلم يخبره بعد بالكثير من الأمور.
فريدين سيعود إلى هنا على الأقل ليستخرج منه المعلومات التي يمتلكها.
لكن مع مرور الوقت، بدأ ديتريون يعيد التفكير في كلمات فريدين. نعم، لم يكن هذا المكان مكانه. و لم يتخيل يومًا أن تكون نهايته هكذا.
صرخ ديتريون بأعلى صوته.
“فريدين! عُد إلى هنا!”
لكن فريدين لم يجب، ولم يعد. وكان صدى صراخه وحده يملأ الفراغ في الأعماق تحت الأرض.
____________________
نهايته مثيرة للشفقه😂
المهم هاه نروح مسحب كوريليا من شوشتها؟😘
فريدين ان كانك رجال رح جب ابوك وكوريليا واحبسهم مع ديتريون وقوم ايلين قل ها فداس ✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 102"