تراجع ديتريون مترددًا إلى الخلف. فلم يتوقع أن توجه إيلين سيفها نحوه دون تردد.

 

“إيلين…..لا تتصرفي بحماقة.”

 

لم يكن يعلم ما الذي تفكر فيه على الإطلاق.

 

هذا المكان هو القصر الإمبراطوري. وإيلين لا يمكن أن تجهل السحر الملقى على القصر. فقتل أحد أفراد العائلة الإمبراطورية يعني أن تضحي بحياتها أيضًا.

 

وقبل كل شيء، الكلمات التي قالها لها لم تكن جوفاء.

 

ديتريون كان يرغب بها حقًا.

 

إيلين التي كانت ساذجةً وغبية في الماضي لم تعد كما كانت. لقد أصبحت قوية. شخصًا ذا قيمة كافية ليُختار كعضو في الإمبراطورية الجديدة.

 

ديتريون لم يكن يريد لإيلين أن تُصاب بأذى.

 

“إذا اخترتني، ستصبح حياتكِ أسهل. سأجعل منكِ إمبراطورة. سأحقق لكِ كل ما ترغبين به.”

 

“……”

 

“وإن أردتِ، يمكنني إنزال العقوبة التي تستحقها كورِيليا. أتمنى فقط ألا تسيئي فهم مشاعري، وأن تستمعي لي.”

 

اقترب ديترون مترددًا، وأمسك بحذر بيدها التي كانت تقبض على السيف. وتحدث إليها بنبرةٍ حزينة،

 

“لا أريدكِ أن تتألمي. ولا أن تموتي…..لذا أرجوكِ، ضعي السيف جانبًا.”

 

أطلقت إيلين ضحكةً ساخرة.

 

“كيف تجرؤ على قول هذا وأنتَ من حاول قتلي؟ يا لك من إنسان وقح بالفعل.”

 

لقد خدع ديتريون حياتها كلها. بل وسخر من إيلين عندما لم تكن تعرف شيئًا.

 

لذا، اعترافه بحبه لها لم يكن فقط مزعجًا، بل كان مقززًا بالنسبة لها. فإيلين لم تكن تتوقع منه شيئًا على الإطلاق.

 

“ديتريون، لا أنوي أن أوكل انتقامي إلى أحدٍ غيري.”

 

تذكرت إيلين الفرصة التي منحها لها فيردين. 

 

لقد تخلى عن رغبته في الانتقام من الإمبراطور، ومنحها فرصة لحياة جديدة. كان كل ما يريده هو أن تكون سعيدة.

 

أدركت إيلين حينها سبب تحقيق طلب فيردين. ربما لأنه كان يعلم بأنها ستنتقم في النهاية.

 

فقط بعد أن تُنهي هذا الانتقام، ستكون قادرةً على نيل السعادة.

 

شعر ديترون بعيني إيلين وهما تغرقان في ظلمةٍ ساكنة.

 

“إيلين، حتى لو كنتِ سيدة سيف، مهاجمة أحد أفراد العائلة الإمبراطورية جريمة لا تُغتفر. إن قتلتني…..هل تظنين أنكِ ستتمكنين من العيش في هذه الإمبراطورية بعد الآن؟”

 

“….…”

 

“وفوق ذلك، نحن في القصر الإمبراطوري. هناك سحرٌ قديم هنا، وإن قتلتني، ستموتين أنتِ أيضًا.”

 

ارتسمت على وجه ديترون ابتسامةٌ خبيثة.

 

“الوحوش الموجودة هنا خاضعةٌ لأوامري الآن. لكن إن متُّ، سيندفعون فورًا إلى الخارج ويذبحون الناس.”

 

بكلامه هذا، أنزلت إيلين سيفها. فأومأ برأسه وكأنه كان يتوقع منها ذلك.

 

“قرارٌ حكيم. مهما يكن من أمر-”

 

لكن ديترون لم يكمل جملته. لأن إيلين رفعت سيفها مجددًا وهاجمته به مباشرة.

 

“آآآه!”

 

سقط ديترون على الأرض من شدة الألم الذي اجتاح كتفه وكأنه يحترق.

 

نظرت إليه إيلين ببرود وقالت بهدوء،

 

“إذًا، كنتَ تنوي فعلاً ارتكاب مجزرة بحق الناس؟”

 

حاول ديترون أن يبتعد عنها مستخدمًا ذراعه السليمة، لكنه لم يلبث أن أمسك بكتفه المصاب.

 

كيف…..كيف حدث هذا؟ هل السحر القديم لا يؤثر عليها؟ 

 

لم يستطع تصديق أنه تعرض لهجوم منها.

 

وفي تلك اللحظة، رأى قطرات الدم تتساقط من ذراع إيلين. و كما توقع، لقد تعرضت لإصابة بالغة بسبب السحر القديم.

 

تلوى وجه ديترون من شدة الألم الذي لم يعد قادرًا على تحمله، كان الألم فظيعًا لدرجة أن يديه أخذتا ترتجفان بشدة.

 

لكن إيلين، التي كان من المفترض أن تكون بحالة مشابهة له، كانت تحمل تعبيرًا خاليًا من أي مشاعر، بوجهٍ بارد إلى حد مرعب.

 

“أنتِ…..قمتِ بخيارٍ أحمق..…”

 

“….…”

 

“تظنين أنكِ قادرةٌ على الخروج من هنا حية بهذا الحال؟”

 

انكمش وجه ديترون بالألم واليأس. فضحكت إيلين عند سماع كلماته.

 

“كما قلتَ، من المستحيل أن أقتلكَ هنا.”

 

نظرت إيلين إلى ديترون من الأعلا. 

 

كانت تعلم أنه إذا تجاهلت سحر القصر الإمبراطوري وهاجمته هنا، فستموت في النهاية. ولن تتمكن من إيقاف الوحوش أيضًا.

 

أمسكت إيلين بسيفها من جديد، ثم هوت به على ديترون دون تردد.

 

***

 

قطّب فريدين حاجبيه. 

 

كان يرى كابوسًا مروعًا. رأى نفسه يحتضر في الغرب. و حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، كان يتمنى السعادة لإيلين.

 

لكن مع ذلك، لم تكن إيلين قادرةً على أن تصبح سعيدة في ذلك الحلم الكئيب.

 

وفي نهاية ذلك الحلم…..رأى إيلين وهي تقطع ديتريون بضربة سيفٍ واحدة.

 

“هاه!”

 

استفاق فريدين وهو يلهث. و تحسس بطنه، وشعر بالجُرح الذي سببه له سيف كورِيليا.

 

كان يظن أنه سيتلقى ضربة السيف الموجهة نحو الماركيز بجسده، ويموت على الفور…..

 

وأنا…..على قيد الحياة؟’

 

نهض ببطء. و كان يشعر بألم نابض في بطنه، لكنه لم يكن عاجزًا عن الحركة.

 

ثم نظر حوله، وسرعان ما أدرك أنه في قصر الماركيز ليسيروس.

 

‘هل الماركيز بخير؟’

 

وضع يده على رأسه.

 

تذكر أنه رأى كورِيليا تهرب قبل أن يفقد وعيه، لكنه لم يتمكن من التأكد مما إذا كان الماركيز ليسيروس قد نجا.

 

و ربما بسبب الحلم الذي رآه، شعر بانزعاجٍ غريب وشعورٍ ثقيل بالتشاؤم. فكان عليه أن يتحرك بسرعة.

 

وفي اللحظة التي حاول فيها الوقوف وهو يترنح….

 

“سموك فريدين؟”

 

فتحت ليليا عينيها بعدما كانت تغفو من شدة الإرهاق.

 

“ليليا؟ ماذا تفعلين هنا؟”

 

“يا إلهي، هذا ليس المهم الآن! هل أنتَ بخير؟ سموك فربدين؟”

 

أسرعت ليليا تتفقد حالته، وحالما تأكدت من أنه بخير، أطلقت تنهيدة ارتياح.

 

“كم من الوقت كنت فاقدًا للوعي؟ هل عادت السيدة إيلين بسلام من القصر الإمبراطوري؟ وهل الماركيز ليسيروس بخير؟”

 

سادت لحظة صمت قبل أن تجيب ليليا على أسئلة فربدين.

 

“إيلين ذهبت إلى القصر الإمبراطوري برفقة الدوق أسيلي. والماركيز ليسيروس بخير، بفضل سموك.”

 

عند سماع ذلك، شعر فربدين وكأن صدره ينقبض. و تذكّر الحلم الذي رآه للتو، ذلك الحلم الذي أراه أسوأ ما قد يحدث.

 

“إلى القصر الإمبراطوري؟ مع الدوق أسيلي؟ لماذا؟ هل ما زالوا لا يعترفون بها كسيّدة سيف؟”

 

وبتعبير معقّد، شرحت ليليا ما حدث خلال غيابه.

 

ثم تغيّر وجه فريدين ليصبح صارمًا، ونهض بسرعة كما لو كان سيلحق بها على الفور.

 

“إلى أين تظن أنكَ ذاهب؟”

 

“عليّ أن أذهب إلى السيدة إيلين.”

 

“وفي حالتك هذه؟ لن تستطيع مساعدتها في شيء.”

 

“….…”

 

“الدوق أسيلي أوصانا بألا تتحرك من هنا. هو والفرقة الأولى من الفرسان يرافقون السيدة إيلين، علينا فقط أن نثق بهم وننتظر. فهم أقوى الفرسان في الإمبراطورية.”

 

قالت ليليا ذلك محاولةً منعه، لكن فريدين لم يستطع التخلص من شعور القلق العميق الذي بدأ يتملّكه.

 

لم يستطع أن يمنع نفسه. كان يعلم أن كلام ليليا منطقي. لكن…..مجرد أن يكون الشخص قويًا، لا يعني أنه لن يواجه الخطر.

 

“لا، ليليا. عليّ الذهاب. ليس لأنني لا أثق بها، لكن..…”

 

في تلك اللحظة، سُمع صوتٌ من خلف الباب.

 

“الساحرة ليليا، هناك شخصٌ من برج السحر جاء لمقابلتكِ.”

 

فور سماع ذلك، ارتسم بعض الارتياح على وجه ليليا. و فتحت الباب بسرعة، وما إن رأت الوجه المألوف حتى ابتسمت ابتسامةً واسعة.

 

“باهان!!”

 

ركض باهان بسرعة نحوها وتعلّق بساقها. ومن خلفه، دخل سحرة برج السحر الواحد تلو الآخر. 

 

نظر فريدين إليهم باستغراب. لكن عينيه اتسعتا فجأة عندما رأى آخر من دخل.

 

كان رجلًا شابًا، في أوائل الثلاثينات على الأرجح، يحمل على شفتيه ابتسامةً هادئة.

 

حدّق فيه فريدين وضاق ما بين حاجبيه، فقد عرف من يكون.

 

رجلٌ لا يمكن تقدير عمره الحقيقي من مظهره الخارجي…..سيد برج السحر، أليكسيس.

 

كان يُقال أن عمر أليكسيس لا يقل عن مئة عام. وبالطبع، هذا مجرد ما يُشاع، ومن المرجح أن عمره أكبر من ذلك بكثير.

 

لم يكن أليكسيس ذا بنيةٍ ضخمة، لكنه كان يبثّ حضورًا طاغيًا لا يمكن تجاهله.

 

“سيد البرج.”

 

“ليليا، ما قلتِه لي كان صحيحًا.”

 

لم يفهم فربدين ما كان يعنيه، فبدت عليه علامات الاستغراب.

 

لكن بمجرد أن أنهى أليكسيس حديثه، شهقت ليليا فجأة.

 

“لا يمكن..…!”

 

“بلى، كانت العائلة الإمبراطورية هي من اشترت الهيتاشيا*.”

 

*العشبه الي في الدوا

 

“….…”

 

“بصراحة، ما زلت غير قادر على تصديق ذلك…..لكن هذا يعني أن الإمبراطور نفسه كان يقود تجارب باستخدام السحر الأسود.”

 

تلألأت عينا أليكسيس بشكلٍ غريب.

 

“لكي يتم استخدام الهيتاشيا، يجب أن يكون المستخدم قادرًا على استخدام السحر القديم. وإلا، فهي مجرد عشبة طبية عادية لا أكثر.”

 

“….…”

 

“وهذا يعني أن من استخدمها كان ساحرًا أسود قويًّا بدرجة تمكّنه من خداعي واستخدام سحر قديم دون أن أكتشفه.”

 

تنفّست ليليا بذهولٍ عند سماع كلمات سيد البرج.

 

“يا للهول..…”

 

“لو اكتشفت الأمر بعد سنوات، ربما لم أكن لأتمكن من مواجهته.”

 

“….…”

 

“ما الذي كان يفكر فيه ليفعل مثل هذا الشيء..…”

 

عبس السحرة الموجودون مع ليليا، وكأنهم يسمعون كلماتٍ مروعة.

 

وأثناء تجواله في الغرفة، لاحظ أليكسيس فريدين أخيرًا وانحنى له احترامًا.

 

“آه، لقد كنت وقحًا تجاه صاحب السمو و الإمبراطور المقبل.”

 

“إمبراطور؟”

 

“بغض النظر عمن استخدم السحر الأسود، من المستحيل أن يكون الإمبراطور لم يكن يعلم بذلك. ولا يمكننا بالطبع الاستمرار في خدمة شخصٍ كهذا إمبراطورًا.”

 

تغير تعبير فريدين بطريقةٍ معقدة.

 

كان يعلم أنه ليس شخصًا يخشى عيون الإمبراطور، لكن هذا تصريحٌ خطير جدًا. فالإشارة إلى ‘الإمبراطور المقبل’ ليست أمرًا يُقال بسهولة.

 

نظرت ليليا إلى أليكسيس بتعبيرٍ محرج.

 

كان سلوك سيد البرج الغريب معروفًا حتى خارج برج السحر.

 

“سيد البرج، نشكركَ على اعترافكَ بفريدين…..لكن لو سمع حكماء البرج هذا الكلام، كانوا سينفجرون غضبًا.”

 

تجمد وجه أليكسيس، وهو يستمع إلى كلمات ليليا، حتى بدا مخيفًا. ثم تحرك بسرعة نحو النافذة.

 

كانت ليليا مندهشة من تغير تعبيره المفاجئ. فأليكسيس، الذي لا يفارق ابتسامته عادةً، عندما يغيّر ملامحه، يكون ذلك دلالة على وقوع أمر خطير حقًا.

 

مال أليكسيس برأسه مستغربًا،

 

“أشعر بطاقةٍ غريبة..…؟”

 

“…….”

 

“لقد استُخدم السحر القديم في القصر الإمبراطوري.”

 

“…….”

 

“هل أصيب أحدٌ من العائلة الإمبراطورية؟”

 

____________________

 

وين أليكسيس ذاه من زمان شخصيته حلوه 

 

ها وش رايك تمر على الآنسة أسيلي يمكن تساعدها؟  

 

فريدين قام اخيراا خلك رجال والحق ايلين🤏🏻

 

المهم ديتريون ضحكني يوم صار فجأه عاشق ولهان😭

 

Dana