الفصل 24
بعد أن أنهى حديثه مع سيسيليا، عاد آينس إلى قصر دوق غراهام. وما إن وصل إلى مكتبه، حتى جاءه خبر بزيارة الدكتور وات رفقة جاكوب إلى القصر.
قال جاكوب وهو يطرق الباب طرقًا خفيفًا:
“يا دوقي، لقد جلبتُ الدكتور وات.”
كان آينس يتمشى جيئة وذهابًا في المكتب لتهدئة أفكاره المضطربة، فرفع رأسه ونظر نحو الباب.
“ادخل.”
وما إن أذن له حتى فُتح الباب ودخل شيخ وقور. لقد كان دايموند غراهام، جده، وكذلك الطبيب الخاص بسيسيليا، الدكتور وات.
قال الطبيب وهو ينحني احترامًا:
“السلام عليكم يا دوقي؟ سمعتُ أنكم طلبتم مقابلتي.”
“صحيح. اجلس أولًا.”
أشار آينس إلى الأريكة الموضوعة في جانب المكتب، فجلس الدكتور وات حيث أُشير إليه، وجلس آينس قبالته.
“أتود أن تشرب شيئًا؟”
“شاي أسود من فضلك.”
فالتفت آينس إلى جاكوب وقال:
“أحضر كوبين من الشاي الأسود.”
“أمرك، يا دوقي.”
انحنى جاكوب مغادرًا.
ظل آينس يحدق في وجه الدكتور واتوبملامح معقدة، لكنه لم يستطع فتح فمه مباشرة. وبعد قليل دخلت خادمة حاملة صينية فيها الشاي وبعض الحلويات، وضعت أمام كل منهما فنجانًا، ثم غادرت بعد أن حيّت بصمت.
تنفس آينس بعمق وقال:
“لقد استدعيتك للتأكد من أمر ما.”
“تفضل، يا دوقي.”
“لقد علمتُ من سيسيليا ومنك أن تناولها للعلاج قد خلّف آثارًا جانبية.”
“نعم، هذا صحيح.”
“أليس هناك حل سوى المُسكّنات للتخفيف من تلك الأعراض؟”
“لا، هناك طريقة أخرى.”
جاء الرد مفاجئًا، فأدار آينس رأسه بسرعة نحو الطبيب وقد ظهرت على وجهه دهشة واضحة.
“وما هي؟ قلها.”
قالها آينس بنبرة ضغط واضحة.
تردد الدكتور وات قليلًا، مستغربًا من هذا الاهتمام غير المعتاد. فهو يعلم جيدًا أن آينس لم يكن يومًا مهتمًا بحالة سيسيليا من قبل، لكن منذ الطلاق تغيّر الموقف، وهذا ما جعله متعجبًا.
وبعد لحظة صمت تكلم الطبيب بحذر:
“المشكلة عند الليدي مارفيس الآن هي الـ(مانا). كما قلت سابقًا، مرض (ترينتز) هو مرض يجعل المانا تتصلب تدريجيًا، أما العلاج فيعتمد على زهرة (تييريا) التي تُنشّط المانا. فحين يجتمع صفتا التصلب والحركة في الجسد، تتصادم الطاقتان حتى بعد تناول العلاج.”
“……”
“لهذا السبب تحدث الآثار الجانبية: انفلات المانا. لو كان مجرد اضطراب بسيط لاقتصر على الغثيان والصداع، لكن إذا انفلتت بقوة فقد تصل إلى تقيؤ الدم أو الدخول في غيبوبة.”
ازداد توتر آينس أكثر وهو يستمع. فقد رأى بعينيه سيسيليا وهي تتقيأ دمًا.
“إذن ما الحل؟”
قالها بعجلة، فتنحنح الطبيب وأكمل:
“إذا تمكن جسدها من التكيّف مع المانا حتى تجري داخله بسلاسة، ستزول الأعراض. ولتسريع هذا التكيّف هناك طريقتان.”
ابتلع آينس ريقه ببطء، فأكمل الطبيب دون إطالة:
“إما أن تهدّئ الليدي مارفيس المانا الجامحة بنفسها، أو أن يكون هناك شخص يجيد التحكم بالمانا إلى جانبها باستمرار ليساعدها على تثبيتها. وأيٌّ من الطريقتين أفضل بكثير من الاعتماد الدائم على المسكّنات.”
أومأ آينس برأسه بينما عقد حاجبيه. لم يعد يرى الطبيب أمامه، بل غرق في تفكير داخلي.
فهو، مثل أبيه، بلغ مرتبة عالية في فنون السيف، وكان التحكم بالمانا أمرًا يسيرًا بالنسبة له. خطرت له فكرة: أليس بإمكانه هو أيضًا أن يهدئ المانا الجامحة داخل جسد سيسيليا؟ إن كان الأمر كذلك، فقد يتمكن من مساعدتها.
وبعد فترة صمت سأل بحذر:
“هل يكفي أن يكون الشخص قادرًا على التحكم بالمانا، حتى لو كان مبارزًا مثلي؟”
“نعم، سواء كان ساحرًا أو مبارزًا، طالما يستطيع توجيه مانا الآخرين.”
“أفهِمت.”
أومأ آينس وقد وجد في كلام الطبيب بارقة أمل، وإن كان لا يعلم ما إذا كانت سيقبل سيصيليا مساعدته.
“هل لديك ما تضيفه عن حالتها؟”
“لا، غير ما ذكرتُه اليوم.”
صمت آينس طويلًا وهو يمعن النظر في عيني الطبيب، محاولًا التأكد من صدق كلامه. لكن عيني واط كانتا ثابتتين لا تهتز.
“حسنًا، يمكنك الانصراف إذن.”
لكن ما إن همَّ الطبيب بالقيام حتى استوقفه قائلًا:
“يا دوقي.”
نظر إليه آينس بترقب، فتابع واط بتردد واضح:
“أليس لديك ما تود سؤالي عنه بخصوص صحة الدوق السابق، اللورد دايموند غراهام؟”
كان واضحًا للطبيب أن آينس لا يتجاهل سيصيليا فقط، بل أيضًا جده، الدوق السابق. ومع أنه يعلم أن السؤال قد يُعدّ تدخّلًا، لم يستطع كتمان قلقه.
تحركت شفتا آينس قليلًا ثم أطبقهما ثانية.
لقد كان حقده على جده كبيرًا. ففي نظره، هو من دفع والده ألكس إلى حملة القضاء على الوحوش، والتي انتهت بموت أبيه هناك. ولولا جده لما فقد والده وأمه في فترة قصيرة.
كان حمل ذلك الألم بمفرده يفوق طاقته، فتحوّل إلى حقدٍ وكراهية. حتى اعتاد الجد على أن يعيش مكروهًا من حفيده. ومع مرور الوقت لم يبقَ سوى الكراهية، وغدا الجفاء بينهما أعمق.
“……لا شيء.”
أدار آينس ظهره مرة أخرى. لكن الطبيب لم يستسلم وقال بجدية:
“ألن تندم يا دوقي؟ إن أيام الدوق السابق معدودة، وأنت تعلم ذلك جيدًا.”
لقد أراد أن يعطيه فرصة أخيرة لمسامحة جده، وربما تكون الأخيرة حقًا. لكن آينس خفض بصره وهز رأسه.
“لا أظن أن الوقت قد حان بعد. وأرجو ألا تعيد فتح هذا الموضوع مرة أخرى يا دكتور وات.”
كانت كلماته تحذيرًا مبطنًا: ألا يتجاوز الطبيب حدوده أكثر من هذا. فهو قد سامحه هذه المرة، لكن إن تمادى فقد لا يتساهل معه لاحقًا.
“مفهوم.”
أجاب الطبيب مستسلمًا، مدركًا أن الأمر ليس من شأنه. ثم نهض وقال:
“إذن أستأذن بالانصراف.”
انحنى بتحية، ثم غادر بخطوات ثابتة مكتب الدوق آينس.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"