“جلالتك، الدوق الأكبر ديفان يطلب مقابلتك.”
“في هذا الوقت المتأخر؟، أرسله بعيدًا.”
توقف الإمبراطور لويد، الذي كان على وشك طرد النبيل الوقح الذي يزوره في وقت متأخر من الليل، مترددًا.
كان قد أنهى مهام يومه ويستعد لمغادرة مكتبه.
لكن عندما كرر الاسم في ذهنه، لم يستطع إلا أن يتوقف.
“لحظة، من قلت؟”
“الدوق الأكبر، جلالتك، يبدو أنه وصل لتوه إلى العاصمة.”
“…أدخله، لكن ليس هنا، بل في غرفة الاستقبال.”
كان قد أبلغه الدوق الأكبر بالنصر مسبقًا، وطلب منه لويد عدم التسرع.
لكن صديقه الملتزم بالمبادئ بدا أنه هرع إلى العاصمة دون أن يرتاح من إرهاق الرحلة.
لم يكن هذا السلوك متوقعًا لنبيل عادي، الذي قد يزور في صباح اليوم التالي، لكنه كان تصرف متوقع من إيان.
طرق الباب في القصر في هذا الوقت كان أمرًا يعكس شخصيته تمامًا.
“أقدم تحياتي لجلالتك.”
كما هو متوقع، ركع إيان على ركبة واحدة فور دخوله غرفة الاستقبال، مقدمًا التحية بأقصى درجات الاحترام، كما لو كان فارسًا.
أطلق لويد تنهيدة خفيفة ممزوجة بالبهجة، وأمسك بكتفي إيان وساعده على الوقوف وقال.
“لقد طلبت منك أن تأتي إلى غرفة الاستقبال، وليس المكتب، لتجنب هذه المجاملات.”
“لا يمكنني إهمال واجبي كتابع.”
“لو أن نصف نبلاء العاصمة يفكرون مثلك، لما كان لدي أي ندم.”
ضحك الإمبراطور، الذي كان يحافظ على وجه خالٍ من التعبير، وأشار إلى الأريكة أمام الطاولة.
“كفى، تعال واجلس، إيان.”
“أشكرك.”
“لقد تلقيت تقريرك بالفعل، فلا داعي لأن تسرده لي، بعد وصولك بهذا السرعة، أريد حقًا أن أتحدث مع صديقي بصراحة، ألست ترغب بذلك أيضًا؟”
“لويد…”
ابتسم الإمبراطور برضا عندما تخلى إيان، على مضض، عن الألقاب الرسمية.
“هكذا، هل تعافيت تمامًا من إصابتك؟، لقد كنت قلقًا، بالطبع، قلق جانين كان أكبر.”
كانت جانين، حبيبة لويد منذ ما قبل تتويجه، والآن إمبراطورة الإمبراطورية، وكانا معروفين كزوجين متعلقين ببعضهما.
إذا كان إيان قد حمى لويد بقوته، فقد ساهمت جانين، من عائلة الماركيز برويل العريقة، في إقناع والدها لتأمين دعم لويد.
‘أتمنى أن يجد الدوق الأكبر امرأة يمكنه الوثوق بها والاعتماد عليها مثلنا.’
كان إيان قد تلقى مساعدة من ماركيز برويل لتثبيت نفسه في العاصمة.
بفضل هذا الارتباط، كانت العائلة قريبة منه، وكان من الطبيعي أن تهتم الإمبراطورة بزواجه.
“تلك الإصابة لا تستحق القلق، فلا داعي له.”
لكن كان هناك شيء من الإحراج في وجه إيان الهادئ.
بدأ حدس لويد الحاد، الذي جعله إمبراطورًا، يعمل.
حتى بالنظر إلى شخصيته، كان وصوله مبكرًا جدًا، كما لو أنه جاء مسرعًا دون التوقف لإعادة التنظيم في أراضيه.
كان يرتدي عباءة سوداء بسيطة تحمل شعار عائلته، بدلاً من العباءة الفاخرة التي منحه إياها الإمبراطور.
“إيان، هناك شيء ما، أليس كذلك؟”
طرق لويد على مسند الكرسي، وتشقق وجه إيان الخالي من التعبير.
“لا يوجد هناك شيء.”
“لا شيء؟، هذا مستحيل، سأسأل نائبك، السير كاين…”
بينما يتظاهر بالنهوض، أمسك إيان بذراع الإمبراطور على الفور، وقال بإحراج.
“أردت رؤية الأميرة شارتيه.”
“شارتيه؟، حقًا؟، هل اصبحت معجبًا بها؟، ستسعد جانين بذلك، لكن متى أعجبت بها؟، أنتما لم تتحدثا سوى مرة واحدة وجهًا لوجه.”
تألقت عينا لويد بالفضول، وسأل بإلحاح.
رد إيان بنبرة صلبة، كما لو كان يتراجع خلف درع.
“لقد تبادلنا الرسائل.”
“رسائل!، يا لها من رومانسية، أنا وجانين تبادلنا رسائل مليئة بالمشاعر العميقة أيضًا.”
ضرب لويد مسند الكرسي بحماس، دون خجل من إظهار حبّه الشديد لزوجته، وهو سلوك قد يراه البعض مبالغًا فيه لولا كونه إمبراطورًا.
بإشارة منه للمتابعة، استمر إيان على مضض.
“لقد ذكرت أنت إصابتي لها، فبدت الأميرة قلقة جدًا، لذا أردت أن أطمئنها وجهًا لوجه…”
أدرك إيان، عند رؤية ابتسامة لويد المسلية، أنه تحدث أكثر من المعتاد.
“إيان، ماذا كنت تخطط لفعله؟، أنت لا يمكنك التوقف عن الحديث هكذا.”
“لهذا سأذهب مباشرة إلى قصر الدوق.”
“وماذا بعد؟، هل أصبحت مشاعرك التي نبتت من الرسائل لا تُطاق، لذا تريد الاعتراف لها وطلب الزواج منها غدًا؟”
“لا، على أي حال، الزواج من الأميرة هي رغبتك كإمبراطور، أليس كذلك، يا لويد؟”
تحول وجه الإمبراطور فجأة إلى تعبير بارد، خالٍ من الحماس، لأن إيان أثار الموضوع، مما يتطلب مناقشة رسمية.
“نعم، أريده، لمصلحتك ولاستقرار سلطتي.”
“أنت تعلم أنني دائمًا هنا لخدمتك كإمبراطور…”
“…ويمكنك تحمل أي شيء واتباعه، نعم، أعلم، لهذا اتخذت قرارًا أنانيًا كإمبراطور، دافعًا زواجًا لا يبدو أنه سيكون سعيدًا مع أميرة يُشاع عنها سوء الخلق.”
كانت هناك خلافات بين الإمبراطورة جانين والإمبراطور بشأن هذا الأمر.
على الرغم من أن الإمبراطورة كانت عادة عقلانية وباردة مثل الإمبراطور، إلا أنها، التي تعتبر إيان كأحد أفراد العائلة، شعرت بالأسف على هذا القرار.
على الرغم من علم إيان بأسفها، أكد ولاءه وخرج بموقف أكثر صلابة.
“لويد، أنت لست أنانيًا، بل تتخذ قرارًا عقلانيًا كحاكم، مهما كانت، سأحترمها كزوجتي إذا كانت تلك رغبتك.”
“ومع ذلك، آمل ألا تكون تعيسًا، هذا يعتبر أنانية مني، لكن…”
تنهد لويد بعمق، ثم ابتسم قليلاً وقال.
“لكن إذا لم تُعمِ عيني أنانيتي، يبدو أن الأميرة وجدت مكانًا في قلبك بصدق.”
بدلاً من شرح طويل بأن الأميرة ليست سيئة الخلق، بل لطيفة وودودة، رد إيان بإيجاز.
“لقد بدت وكأنها امرأة جيدة.”
“من خلال الرسائل فقط؟”
“نعم.”
“حكمك لا يخطئ أبدًا، لذا يبدو أن الإشاعات خاطئة.”
شعر الإمبراطور بالارتياح بصراحة.
كان هذا عبئًا في قلبه منذ قرر ربط إيان بعائلة شارتيه.
كان يأمل أن يستقر إيان كدوق أكبر، لكن السبب الرئيسي كان استقرار السلطة الإمبراطورية.
لذلك، شعر كما لو أنه يستخدم صديقه الوحيد كأداة، متخليًا عن آخر ذرة من ضميره.
لكن بشكل غير متوقع، كان إيان يتجنب نظراته مع إظهار إعجاب واضح بالأميرة.
“حسنًا، أتمنى لك الحظ الجيد، بالطبع، أنت لم تُحضر هدية لها، أليس كذلك؟، سأعطيك هدية أنا، فانت لا يمكنك الذهاب خالي اليدين لها.”
من تجربته الطويلة مع الإمبراطورة، من الحبّ إلى الزواج، تعلم أن الهدايا كلما كثرت كان أفضل.
علاوة على ذلك، من الصعب إحراج شخص يحمل هدية.
“شكرًا على اهتمامك.”
“وأعتقد أن جانين ستود مقابلة الأميرة شارتيه على انفراد، اطلب منها زيارة القصر إذا سمح وقتها.”
“حسنًا.”
كانت الإمبراطورة الطيبة والصارمة سترغب بالتأكيد في مقابلة الأميرة على انفراد، دون التأثر بآراء الآخرين.
ومن المؤكد أنها ستحبّ الأميرة شارتيه الصادقة والبسيطة.
ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه إيان.
هز الإمبراطور رأسه، وهو يرى إيان غارقًا في أفكار أخرى بشكل غير معتاد، واستدعى الخدم.
على أي حال، بدا أن نصف عقل إيان في مكان آخر، فلا فائدة من مواصلة الحديث الآن.
‘الأميرة شارتيه…’
على عكس تأكيد إيان أن إشاعات العامة خاطئة، كانت الأميرة في آخر مأدبة متعجرفة ومتغطرسة بالتأكيد.
لذلك، كان هناك شعور بعدم الارتياح في صدر لويد.
لكن، حتى لو لم تكن طيبة، لم يكن هذا ‘الفرق البسيط في شخصيتها ورسائلها’ سببًا كافيًا لإلغاء الزواج من عائلة شارتيه.
كل ما يمكن لويد فعله هو الأمل أن تكون الأميرة، من أجل إيان، امرأةً جيدة.
التعليقات لهذا الفصل " 11"