10
“يا سمو الأميرة، وضع الجلوس لديكِ ليس جيدًا.”
“ماذا؟”
“ارجعي عمودكِ الفقري إلى وضعٍ مستقيم.”
“هكـ….ـذا؟”
“كثيرٌ من السيدات يخلطن بين فرد الظهر إلى الأمام وبين دفع الوركين إلى الخلف، والاثنان مختلفان تمامًا، تمامًا. اشعري وكأن الجزء أسفل الظهر هو الذي يدعم جسدكِ و أرجعي كتفيكِ قليلًا إلى الخلف وأرخي توترك. لا، ليس إلى هذا الحد، أرخي كأنكِ تتركين جسدكِ ينساب، لقد أرخيتِ أكثر من اللازم. من هناك، ارفعي صدركِ بقدر مناسب، ورقبتكِ…..لا، ليس هكذا. لا تثني رقبتكِ قدر الإمكان، واجذبي ذقنكِ نحوكِ قليلًا. لا. اجعلي تلك المنطقة مستقيمةً تمامًا. ومن هناك…”
بعد أن انهالت عليها ملاحظات أغنيس خمس عشرة مرةٍ متتالية، واضطرت إلى تعديل جسدها يمينًا ويسارًا، توقفت أغنيس أخيرًا عن الكلام.
و شعرت أبيغيب كأنها حبلاً التفّ حولها ثم انحلّ في لحظة. لكن أغنيس سرعان ما أخرجت دفترًا صغيرًا وأخذت تقلّب صفحاته. وانتشر في جسد أبيغيل ذلك الإحساس المشؤوم الذي رأته قبل مدةٍ وجيزة.
“على ما يبدو، يجب أن نصلح وضعية جسدكِ قبل آداب السلوك نفسها.”
عضّت أبيغيل على أسنانها وهمست في نفسها بغضب.
‘تلك الدفاتر الملعونة…..سأحرقها يومًا ما.’
“يا صاحبة السمو، قفي.”
“نعم.”
“يا صاحبة السمو، امشي حتى الأريكة هناك.”
“نعم.”
“يا صاحبة السمو، اجلسي على تلك الأريكة.”
“نعم.”
“يا صاحبة السمو، كل شيءٍ لديكِ في فوضى.”
“نعم..…”
لم يخب الانطباع الأول الذي أوحى بأنها امرأةٌ صارمة.
فبعد أن ذهبت وأتت في الغرفة أكثر من عشر مرات، لم تسمع سوى كلمات تبدأ بـ”أعيدي” و”لا، ليس هكذا، من هناك…”.
ويبدو أن أغنيس أدركت أن إصلاح هذا ليس أمرًا ليوم أو يومين، فقالت في النهاية: “يا صاحبة السمو، اجلسي فقط.” ثم كتبت شيئًا في دفترها وهي تتنهد.
وحين حوّلت أبيغيل نظرتها الحزينة من أغنيس إلى راكييل، وجدته يشرب الشاي بهدوء.
ليت هذا الرجل خرج و لم يبقى معها. وجوده يثير الغيظ.
“لنبدأ بتصحيح وضعيتكِ تدريجيًا من الغد. والآن، هلّا تُريني طريقة تحيتكِ؟”
نهضت أبيغيل بتسليمٍ يائس، فنهضت أغنيس أيضًا ووقفت أمامها بخشوع.
ولأن أبيغيل كانت تستعد لتقديم تحيةٍ تليق بأفراد العائلة المالكة، ابتعدت أغنيس جانبًا قليلًا.
فمهما كانت الظروف تدريبًا، فإن وقوف غير المنتمين للعائلة المالكة في موضع المتلقي للتحية يعتبر إهانةً لهم.
رفعت أبيغيل يدها اليسرى قليلًا على الجزء العلوي من صدرها الأيمن، وأمسكت بيدها اليمنى طرف فستانها وانحنت بانضباط.
ثم انتقلت إلى التحية الشائعة بين النبلاء، فانحنت قليلًا وأومأت بركبتيها. وبحسب رأيها، لم يكن في حركتها ما يُنتقد، لكن أغنيس كتبت مجددًا في دفترها بوجهٍ شديد الجدية.
“يبدو أن لديكِ الكثير لتفعليه بدءًا من الغد. سأضطر للمجيء خمس مراتٍ أسبوعيًا على الأقل.”
أخذت أبيغيل نفسًا عميقًا دون أن تراه أغنيس. أما راكييل، الذي كان يتابع المشهد وهو يسند ذقنه بيده، فقد ضحك بخفوت.
وبينما كانت أغنيس تلقي محاضرةً حماسية عن أكثر زوايا انحناء الرأس رقيًا، دفع كايل باب مكتب العناية بصعوبة ودخل وهو يئن، وبيده صينيتان كبيرتان تفوح منهما رائحة طعامٍ طيبة وصلت حتى إلدروديوم.
بدا مذهلًا أنه تمكن من الصعود إلى الأعلى وهو يحمل صينيتين بهذا الحجم.
أما أبيغيل، فمع رائحة الطعام شعرت بالسكينة، بينما كان كايل يتساءل عن معنى حياته.
قلةٌ قليلة من خدم الدوقية يُسمح لهم رسميًا بدخول الطابق الخامس: كبير الخدم، ورئيسة الخادمات، ونائب كبير الخدم.
غير أن كبير الخدم ذهب في مهمةٍ عاجلة إلى إقليم الدوق، ونائب كبير الخدم كان يؤدي عملًا خارج القصر.
أما رئيسة الخادمات فادعت أن ظهرها يؤلمها في الآونة الأخيرة وأن تنظيف جناح الدوق يوميًا مرهقٌ للغاية، لذا تريد الاكتفاء بزيارة الطابق الخامس مرةً واحدة يوميًا، ولسوء الحظ فقد كانت تلك الزيارة في الصباح الباكر.
وبالطبع، لم يكن بإمكان كايل استدعاء قائد الفرسان لهذه المهمة، فما الذي يمكن لموظفٍ مدني مسكين فعله؟ وهكذا وقع عبء حمل تلك الأطباق الضخمة عليه وحده.
صعد حتى الطابق الرابع برفقة الخادمات بمظهرٍ يليق بمكانته، لكن بمجرد أن وُضعت الصواني في يديه، صارت كل خطوةٍ معركة.
وفجأة أدرك أنه، وهو النبيل، يركز كل قواه على حماية الطعام من السقوط، ومن هنا بدأ شعوره العميق بالعبث.
فنهضت أغنيس ورتّبت الأطباق أمام أبيغيل بلمساتٍ أنيقة،
“حساء الدجاج، توتٌ أزرق وتوتٌ أحمر طازج، طماطم وجبن، كعكة مصنوعة من الجاودار، سلطة خس…..يبدو أن الطاهي جمع بين أصناف الفطور والغداء باقتدار.”
كانت الأطباق أبسط مما تخيلت أبيغيل، لكن جودة المكونات فاقت كل ما رأته في حياتها.
وخاصةً التوت الأزرق…..فقد أكلته ثلاث مراتٍ فقط قبل وفاة والدها.
لم تكن جائعةً في الأصل، لكن رؤية الطعام أشعلت الجوع فيها.
“بما أن صاحبة السمو قد تجاوزت وجبة الصباح، فعليها أن تتناول شيئًا خفيفًا كهذا حتى لا تتعب معدتها. لا يزال الوقت مبكرًا على الغداء، فتناولي حلوى بسيطة بعد ساعتين ونصف. هكذا لن تشعري بالجوع حتى موعد العشاء.”
ارتسمت على وجه أبيغيل علامات تعب.
لماذا تحديد ساعتين ونصف بالضبط؟ ألا يمكنها الأكل عندما تشعر بالجوع؟
“تناولي من الحساء ثلاث ملاعق أولًا، ليسخن جوفكِ.”
اتباعًا لكلامها، شربت أبيغيل من الحساء ثلاث مراتٍ بهدوء، فإذا بالدفء ينتشر في جسدها كما قالت، وانشرح صدرها من غير قصد.
ومع ذلك ساورها شعورٌ صغير غريب، وكأنها لو تناولت الملعقة الرابعة لارتكبت خطأً لا يجوز.
ولحسن الحظ، وبعد أن رتّبت أغنيس كل الأطباق الأخرى بإتقانٍ أمامها، لم تجلس في ذلك الموضع، بل أشارت بأدب إلى راكييل.
كان الطعام المجهَّز من نصيبه، لا من نصيب أغنيس.
و يبدو أنها كانت تستعد للرحيل.
تألق بريقٌ في عيني أبيغيل فرحًا، فهي، مهما كان راكييل مزعجًا، يظل أفضل بكثيرٍ من معلمة الآداب تلك عندما يتعلق الأمر بالطعام؛ فلو كانت كل حركةٍ بالشوكة تجرّ وراءها ست قواعد آداب، فكيف يمكن لإنسان أن يأكل؟
“إذاً يا صاحبة السمو، أتمنى لكِ وجبةً شهية.”
“هل أنتِ راحلة؟”
“لا يمكنني الابتعاد طويلًا عن جلالة الملكة. سأعود غدًا صباحًا. يا سمو الدوق، تأكد من أن الأميرة لا تفوّت وجبة الصباح غدًا. وقد نقلت جلالة الملكة أمرًا بأن تُرافق الأميرة إلى الطابق الرابع أثناء النهار. فاستمرار دخولي إلى إلدروديوم بصفتي ضيفةً هو أمرٌ غير مناسب، ولا يمكن أن تبقى أميرةً غير متزوجة يومًا كاملًا في جناح الدوق-”
كان واضحًا أن كلامها سيتحوّل إلى سلسلةٍ طويلة من الوعظ، فقطع راكييل حديثها بابتسامةٍ هادئة.
“سأفعل ذلك.”
فقد كان هناك عرفٌ غير مكتوب يحظر دخول أي ضيف إلدروديوم. حتى وإن كانت زيارتها غير رسمية، فمجرد دخولها ذاك المكان يكفي لجعل الكونتيسة غيلدي في غاية التوتر.
وبدا على وجه راكييل أنه يتفهم ذلك تمامًا، فابتسمت أغنيس بدورها، وقدّمت لهما تحيةً أنيقة، ثم غادرت مُسرعةً برفقة كايل.
كانت مشغولةً على ما يبدو. وهي بالفعل واحدةٌ من أكثر النساء انشغالًا في القصر الملكي.
راقبتها أبيغيل تختفي وهي تشعر بقليلٍ من التحرر.
‘حقًا، كان من حسن حظهم أنها امرأةٌ مشغولة.’
وما إن أُغلق باب المكتب في آخر الممر حتى ملأت نكهة التوت الأزرق فم أبيغيل فور أن وضعت حبةً منه في فمها. وارتسمت على شفتيها ابتسامة راضية.
ثم جلس راكييل أمامها بلا مبالاة، وكأنه ينهار في مكانه.
الأطباق الموضوعة أمامه لم تكن سوى ثلاثة فقط، وكلها من اللحوم. وحتى تلك الثلاثة كانت مجرد أطباقٍ رئيسية بلا أي تنويع تقريبًا، أما الخضروات فاقتصرت على بضع قطع صغيرة موضوعة كزينة.
يبدو أنه كان فارسًا بحق، رغم كل شيء. ولم تستطع أبيغيل إلا أن تحدق فيه بدهشة.
كانت قد تخيّلته ذا بنيةٍ ضخمة بما أنه فارس، فالقليل من الفرسان الذين رأتهم في حياتها كانوا جميعًا ذوي أجساد ضخمة.
لكن هيئته، رغم أنها طويلةٌ وعريضة الكتفين ومتناسقة، لم تكن قريبةً من ضخامة الفرسان. بل بدا أشبه بموظف مدني مرموق، وهو انطباعٌ زادته يداه نصاعةً وانضباطًا، يدان تتخيلهما تمسكان بقلم فاخر أكثر من سيف.
وفجأة توقفت تلك اليد الأنيقة التي كانت تقطع اللحم بمهارة. فرفعت أبيغيل بصرها عن يده، و وجدت راكييل ينظر إليها وهو يمضغ اللحم بلا تعبير.
“ما الأمر؟”
“آه…..”
“أنا لا أحب أن تُطيل النسوة وقت الطعام.”
حقًا هذا كلام يصدر عن أحد النبلاء؟ في هذا البلد تحديدًا، حيث يأكل الجميع—رجالًا ونساء—ببطءٍ يشبه بطء جفن سلحفاة؟
تمتمت أبيغيل ساخطةً في داخلها.
صحيحٌ أن سيدات غرانتونيا يتناولن طعامهن ببطءٍ مبالغ فيه كأنهن سيتخذن المائدة وطنًا أبديًا. أما هي فقد اعتادت الأكل بسرعةٍ لانشغالها الدائم، حتى أصبحت غير قادرة على الأكل ببطءٍ إن أرادت.
وتعبيرًا عن الضيق الذي اعتراها، ابتسمت له ابتسامةً رقيقة، ثم بدأت تمضغ ورقة الخس في فمها بأبطأ ما يمكن، تمضغ وتطحن كأن الزمن لا يتحرك. فهي قادرةٌ على الأكل بسرعة إن شاء، ولكن…..هكذا يكون الرد.
لكن الرجل لم يكن من النوع الذي يترك مثل هذا التحدي يمر.
فرمى راكييل شوكته بضيقٍ و تحدّث بحدّة وهو ينطق الكلمات كمن يمضغها،
“في القصر الملكي، لكِ أن تمضغي ثلاثين ثانيةً أو ساعة، لكن ليس هنا، إلا أمام الكونتيسة غيلدي. أكره تضييع الوقت.”
“لكنني لستُ مضطرةً للأكل كأنني مطاردة.”
“أمامكِ الكثير لتفعليه بعد اليوم، وسيصبح الأمر عادةً يومية. إن أردتِ بعض الوقت لالتقاط أنفاسكِ، فلتأكلي بسرعةٍ وتنامي أقل.”
كان في عينيه ما يشبه الأمر أكثر من النصيحة، فاستسلمت أبيغيل ودفعها نظره إلى بلع الطعام دون أن تمضغه خمس مراتٍ كاملة.
“ألا تخشين أن تُصابي بعسر هضم؟ لا تأكلي كأن شبحًا يطاردكِ، فهذا يفتقر تمامًا إلى الذوق.”
أطلقت أبيغيل زفرةً طويلة، ثم أخذت تمضغ بسرعةٍ ولكن بترتيب، إلى أن انتهت الوجبة بلا كلمةٍ واحدة بينهما.
كانت وجبةً أشبه بمعركة—على الأقل من جهة أبيغيل.
مسح راكييل فمه بمنديله بلمساتٍ مرتبة، ثم نهض من مكانه ونظر إلى أبيغيل من أعلى إلى أسفل.
“…..لماذا تنظر إليّ هكذا؟”
“انهضي.”
“نعم؟”
“إلى متى ستظلين ممددةً في غرفة نوم رجل طوال اليوم؟ حتى المحظيات لا يعشن هكذا. اتبعي مَن يقودكِ.”
وما إن أنهى كلامه حتى مشى بخطواتٍ واسعة دون أن ينتظرها.
‘أنا هنا لأنه قال لي أن أبقى، لا لأني أرغب بالبقاء. وإن كان سيذهب، فليذهب معي على الأقل…..’
“لا ذوق ولا مراعاة.”
تمتمت أبيغيل بضيق وهي تلمس شفتيها بمنديلها بخفة، ثم نهضت مسرعةً تلحق به.
وما إن خرجت من إلدروديوم حتى انغلق الرفّ الثقيل خلفها بعنف. و وقفت مندهشةً للحظات قبل أن تلتفت.
لم يكن راكييل في مكانه؛ كان قد خرج من المكتب من زمن. فأسرعت أبيغيل تخطو لتلحق به.
كادت تلومه بشأن الصبر والذوق حين لمحته في الردهة، لكنها أعادت لسانها إلى مكانه فورًا خشية العواقب. و ارتفعت أصوات خطواتهما على أرضية الرخام اللامعة، ترتد في السقف العالي.
في ذلك الرواق الطويل الواسع، الممتد بأقواسٍ مرتفعة كقبة، بدت هي وهو صغيرين للغاية.
وشعرت من جديد بذلك الإحساس الساحق أمام الفخامة المهيبة التي لم تنتبه لها حين جُلبت باكيةً إلى هنا أول مرة.
وبعد اجتياز بوابةٍ شاسعة كأنها بابٌ لقصر آخر، ظهر أمامهما درجٌ كلاسيكيٌ رائع.
ومجرد نزولهما طابقًا واحدًا إلى الرابع جعلها تشعر كأنهما دخلا بيتًا آخر.
كان المكان أكثر بريقًا، أكثر شبهًا بقصر مأهول…..لكنه في الوقت نفسه يوحي بأن أحدًا لا يعيش فيه. شعورٌ غريب.
تبعت راكييل إلى داخل إحدى الغرف، وما إن ولجتها حتى انفلت من فمها صوت الدهشة.
كانت غرفةً بيضاء بالكامل: أرضيةٌ رخامية ناصعة، ستائر عاجية مطرزة بخيوط الذهب، لحاف السرير، بيانو أبيض ضخم، وأثاثٌ فاخر يغمر الغرفة بلونه الحليبي الهادئ.
وعلى جانب من الجدار امتدت صفوف فساتين مذهلة الألوان، بينما تدلّت مظلة سريرٍ عاجية من السقف كالدانتيل.
“هذه الغرفة كانت لجلالة الملكة عندما كانت عذراء. بلا فائدة، وتُتعب العين بشدة-”
“إنها…..مذهلة!”
قاطعت أبيغيل تقييمه البارد بعبارةٍ مفعمة بالانبهار. و راحت تخطو داخل الغرفة خطوةً خطوة، بعينين تتلألآن بالسعادة.
كان راكييل يراقبها بصمت، ثم أغلق الباب خلفه. فالتفتت أبيغيل نحوه بابتسامةٍ مشرقة وهي تقف وسط الغرفة.
وفي الحقيقة، كانت تنظر إلى شيءٍ خلفه، لا إليه. ولكن راكييل رأى عينيها تنحنيان بنعومة، ولون الزمرد فيهما يختفي لحظةً ثم يلمع من جديد، فتجمد وجهه فجأة.
مع حركة رأسها، انساب شعرها الكستنائي الطويل مع أطراف الفستان الأبيض مرسومًا في الهواء كقوسٍ خافت.
لم يكن في وجهها أي طمعٍ أو فرحةٍ متعالية كون الغرفة ستصبح لها، بل الامتلاء الصادق لروحٍ ترى جمالًا خالصًا فتُبدي دهشتها ببساطة وحسن نية.
لم يرَ راكييل فتاةً من النبلاء تشبهها يومًا.
“هل يمكنني حقًا استخدام هذه الغرفة؟”
“لا أحد غيركِ يمكنه استخدامها أساسًا.”
“إنها أجمل غرفةٍ رأيتها في حياتي! هل جلالة الملكة هي من زيّنها بنفسها؟”
“لسنا في إلدروديوم الآن. نادِها…..أمي.”
أطلقت أبيغيل صوتاً صغيراً وهي تهمس بحذر،
‘أمي..…؟’
“هل المكان هنا غير آمن؟”
“لا يوجد مكانٌ أكثر أمانًا من القصر الملكي في العاصمة، لكن الخادمات يترددن حتى الطابق الرابع. لا، ببساطة…..خارج إلديرديوم عليكِ أن تكوني حذرةً تمامًا.”
“حسنًا.”
“يبدو أنكِ تحبين هذه الغرفة، سأرفع الأمر إلى جلالة الملكة لتُزيَّن غرفتكِ في القصر الملكي بالطريقة نفسها. هل يرضيكِ ذلك؟”
فتلألأت عينا أبيغَيل بفرحٍ مفاجئ.
“أحب ذلك جدًا!”
كانت تعبث بأطراف الستارة المعلقة على السرير بينما ارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ رقيقة.
و راقبها راكييل للحظات بنظرةٍ مائلة قبل أن يلتفت إلى الصوت الذي طرق الباب، ثم خطى نحو المدخل وفتحه. و كان الطارق لودريك.
“من.…”
استدارت أبيغيل بسعادةٍ لتسأل عن هويته، لكن كلماتها تلاشت، ومعها تلاشت ملامح وجهها.
و لم تكن تنظر إلى وجهه أصلًا، بل إلى ما يحمله بين يديه.
اقترب لودريك، ثم انحنى تحيةً مقتضبة لراكييل قبل أن يضع ما جلبه على الطاولة الصغيرة حتى امتلأت عنها.
أما هوية لودريك فلم يعد لها أي وجودٍ في رأسها. و الجميع في الغرفة أدرك ذلك، لكن البروتوكول بروتوكول.
وقف أمامها مباشرة، لكنها كانت مشغولةً تمامًا بالطاولة. وبغير أن تنتبه، أخذ يدها الجامدة المرفوعة في الهواء، وجذبها بخفّة ليطبع قبلةً رسمية على ظاهرها.
فانتفضت مذعورةً وسحبت يدها على الفور، بينما نهض هو بثبات، يعلو وجهه الهادئ شعرٌ رماديٌ مرتب بدقة.
“لودريك ثونتون.”
“إنه فارس من بيت الدوق. سيكلف بحماية سموّ الأميرة من الآن فصاعدًا.”
“أيعقل أنكَ..…”
“نعم، أنا شقيقه الأصغر.”
ظنته الأخ الأكبر. فابتلعت كلماتها دون أن تنطقها.
حدّقت في لودريك طويلًا قبل أن تزفر تنهيدةً ثقيلة وتشيح بوجهها. معرفة الجميع بكل شيءٍ أصلًا جعل الأمر أقل حاجة للحذر.
ثم تقدمت إلى الطاولة بخطواتٍ منهكة.
ما وضعه لودريك هناك كان كتبًا…..بل كومةً ضخمة.
الطاولة لا ترتفع سوى إلى مستوى حوضها، لكنها وجدت الكتب مكدسةً حتى ذقنها. أشبه ببرجٍ مصغر.
فتمتمت أبيغيل وهي تحدق فيها بذهول،
“معالم المنتجات الإقليمية في قارات الشرق والغرب…..سياسات الصناعات في جرانتونيا…..العالم الآن…..القوى الخفية التي تحرك الاقتصاد العالمي – جزآن…..168 من روائع الأدب العالمي…..250 من قصائد العالم….تطور الكذب…..تمرد الشعوب…..كيف يموت الإنسان…..إرينسيا: البحث عن الإجابات في تناقضاتهم…نظريات الاستراتيجية….في الحرب….فن الإقناع…تاريخ المال…الحرب والإنسان…”
__________________________
يوم دخل لودريك ذاه حسبت معه شي للأميرة فيوليتا ولا معه رسايل من اهلها ولا معه شي يصدمها طلعت كتب 😭😭😭😭😭😭
ولودريك طلع اخو كايل عشان كذا انصدمت😭
المهم راكييل وقععععع يا الخفييييبف طلع سحب البراءة؟ مدري بس يالخفييييييييييييف تسوندري مسوي معصب من كل شي وهو تسذوب بس يبي له احد يطبطب عليه🤏🏻
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 10"