رفض آينار بوجه متعب.

 

“الملكة أجنبية ، من المستحيل أن تتقن مثل هذه اللغة الصعبة بعد أن تعلمتها لبضعة أشهر فقط”

 

“قالت السيدة إن الملكة ذكية للغاية و سريعة التعلم”

 

مع إضافة شهادة السيدة النبيلة التي كانت معلمة إلفريدا القديمة ، امتلأت غرفة الاجتماعات بنظرات الاهتمام.  

 

لقد اندهش بعض الناس تمامًا ، بينما ربما أدرك آخرون بالفعل المعنى الحقيقي لهذا الموقف.

 

“أليست الملكة بالفعل في وضع لا يُرَحِّب بها الشعب كثيرًا؟”

 

و بطبيعة الحال ، كان من بين الناس النبلاء. 

 

أومأ إينار كما لو كان يطلب منه أن يقول المزيد.

 

“لذا ، إذا إنضمَّت إلينا في خطاب التهنئة هذا ، فإن الناس سوف ينظرون إليها بشكل مختلف تمامًا مثل أن تعلم لغة قديمة ليس بالمهمة السهلة ، فهي بحاجة إلى إظهار ذلك للناس أيضًا ، يا صاحب الجلالة”.

 

“إنها فكرة جيدة يا صاحب الجلالة ، و سوف تقلل إلى حد كبير من الرأي العام السلبي حول صاحبة الجلالة الملكة”

 

“بالطبع ، إذا قامت بعمل جيد ، فلماذا لا يعترفون بذلك جميعًا؟”

 

ضحك أحدهم فسُمِع الضحك.  

و سرعان ما امتلأت قاعة الاجتماعات بالضحك.  

 

وجد آينار الصوت مزعجًا للغاية ولم يضحك ، بل بقي بلا تعبير.

 

ثم لاحظه شخص ما و توقف عن الضحك. 

 

و مع توقف الضحك واحدًا تلو الآخر ، ساد الصمت فجأة في قاعة الاجتماعات.  

 

سأل اينار بهدوء بينهم.

“ألا مزيد من الضحك؟”

 

“…” 

 

“يبدو أن الجميع يستمتعون في قاعة المؤتمرات المقدسة”

 

أصبح الجو هادئًا جدًا لدرجة أنه يمكن سماع صوت زحف النمل للحظة وجيزة.  

 

كان هناك صمت شديد لدرجة أن آينار كان صامتًا و حتى التنفس كان يُسمع بصوت عالٍ. 

 

“ليس هناك سبب محدد للاعتراض!”

 

على أية حال ، كان ذلك في الظاهر اقتراحًا لصالح الملكة و تعزيز الوحدة الوطنية.  

 

كان الاعتراض الوحيد هو أن لغة ماتشي القديمة التي استخدمتها الملكة لم تكن مثالية بعد ، لكن السؤال كان ما إذا كان هذا العذر سينجح.

 

“لا أعتقد أن الملكة ستقوم بعمل جيد للغاية”

 

“إذا كنت قلقًا ، فلماذا لا تتدرب مسبقًا؟”

 

“نعم يا صاحب الجلالة على أي حال ، كل ما عليك فعله هو تسليم رسالة التهنئة مقدماً”

 

“يمكنها القيام بذلك دون صعوبة بمجرد النظر إليه و قراءتها”

 

نعم ، شيء من هذا القبيل … 

 

أخيراً أطلق آينار تنهيدة قصيرة.  

في النهاية ، لم يتبقَ له سوى بطاقة واحدة.

 

“حسنًا ، فلنقرر وفقًا لرغبات الملكة”

 

***

 

“… كلمة تهنئة لإفتتاح المكتبة؟”

 

إستمعت إلفريدا إلى الأخبار من الماركيزة ماغنوم بتعبير محير.  

 

أومأت الماركيزة برأسها و أضافت ، و كأنها تقول لها ألا تقلق.

 

“يقولون إنهم سيسلمون رسالة التهنئة لكِ مقدمًا على أي حال”

 

“… إذن قد يكون الأمر على ما يرام قليلاً”

 

“إذاً سأفترض أنكِ ستفعلين ذلك و أتراجع”

 

بعد خروج ماركيز ماغنوم ، سألت إيرين بحذر.

“هل أنتِ متأكدة من أن الأمر على ما يرام؟ إذا كنتِ تشعرين بالعبء ، فلا توجد مشكلة في الرفض ، لغة ماتشب القديمة هي شيء يواجهه حتى النبلاء المولودون”

 

“لهذا السبب أريد أن أفعل ذلك يا إيرين” ، تحول تعبير إيرين إلى تساؤل بسبب الإجابة غير المتوقعة ، لكنها أصبحت بعد ذلك مذهولة من التفسير اللاحق.

 

“إنها الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها أن أبدو جيدة للناس هنا”

 

“جلالتكِ …”

 

“الجميع يكرهني ، لكن لا يمكنني تفويت فرصة كهذه”

 

“ليس الجميع يكرهونكِ” ، دحضت إيرين على الفور.  

 

مع وجه أحمر قليلاً ، إعترفت و هي تمسك يد إلفريدا بإحكام.

 

“أنا معجبة بكِ يا صاحبة الجلالة ، لذلك أشعر بالحزن قليلاً عندما تقولين ذلك”

 

كانت إيرين على حق هذه المرة أيضًا.  

 

لأنه لم يكن هناك أي ادعاء في التعبير على وجهها عندما قالت تلك الكلمات.

 

شخص واحد على الأقل معجب بي.  

 

جلبت هذه الحقيقة قدرًا كبيرًا من الراحة ، و أصبح تعبير إلفريدا أكثر استرخاءً بعض الشيء.  

 

تحدثت إلفريدا إلى إيرين بصدق.

 

“شكرًا لكِ ، إيرين ، أنتِ لا تعرفين كم تعني كلماتك بالنسبة لي”

 

“لماذا بهذا القدر …”

 

لمست إيرين جسر أنفها كما لو كانت محرجة و تحدثت بلطف.

 

“على أي حال ، بما أنكِ تريدين القيام بذلك ، سأبذل قصارى جهدي للمساعدة”

 

“نعم ، أنا لستُ جيدة في حفظ الأشياء ، لكنني سأبذل قصارى جهدي”

 

“الحفظ؟ ليس هناك حاجة لحفظ خطاب التهنئة”

 

“فعلاً؟”

 

“نعم ، أنتِ فقط بحاجة إلى معرفة كيفية نطقها ، لا تقلقي ، جلالتكِ ذكية ، لذلك سوف تقومين بعمل جيد!” ، شجعت إيرين إلفريدا بشجاعة.  

 

ابتسمت إلفريدا قليلاً عندما نظرت إلى ذلك.

 

لا تزال إيرين بجانبي.

شعرتُ أنني أستطيع القيام بعمل جيد.

 

***

 

… و بعد بضعة أيام من التفكير ، تصدعت تلك الثقة.

 

“إنها طويلة جدًا”

 

و لم تستطع إلفريدا إخفاء توترها لدى تلقيها رسالة التهنئة من الماركيزة ماغنوم.  

 

كانت عبارة عن ورقتين ، لكن المشكلة كانت أن الكتابة كانت صغيرة مثل النملة.  

 

شعرت إلفريدا بدوار حتى النخاع عندما رأت الرسائل المكتظة.

 

“الأستاذ الذي كتب رسالة التهنئة كان لديه توقعات خاصة بإفتتاح المكتبة”

 

هزت الماركيزة ماغنوم كتفيها و كأنها تفهم.

 

“لكن عليكِ فقط أن تعرفي كيف تنطقيها”

 

“أعتقد ذلك …”

 

“سيأتي المعلم و يعلمك كيفية النطق ، إنه حدث مهم ، لذا لا يجب أن تشعري بالتوتر”

 

فكرت إلفريدا للحظة بعد سماع ذلك ثم سألت.

“ماذا سيحدث إذا لم أقم بعمل جيد؟”

 

“سوف تتعرضين للسخرية و الاحتقار أكثر مما أنتِ عليه الآن”

 

ردت ماركيز ماغنوم وكأنها تسأل لأنها لا تعرف حقًا.  

 

أشارت إيرين بتعبير موجز.

“يا ماركيزة ، لقد تحدثتِ كثيرًا مع صاحبة الجلالة الملكة …”

 

“يبدو الأمر كما لو أن الناس فخورون جدًا بلغة ماتشي القديمة ، لذلك إذا قام أحد “الماكيريين” بشيء قذر ، فسيعتقد الجميع أن ماكيري قد تجاهلهم” ، واصلت الماركيزة ماغنوم حديثها ، متجاهلة إيرين.  

 

و لأن ذلك كان صحيحًا ، أصبح تعبير إيرين متصلبًا.  

 

و لأسباب التيسير ، تم تحسين و استخدام لغة ماتشي القديمة ، لكن أهل ماتشي لم يكن لديهم أدنى شك في أن لغة ماتشي القديمة هي أجمل و أكمل لغة في العالم.

 

و بغض النظر عن وضعهم ، كان فخرهم عظيماً.  

 

لذلك ، إذا حاولت ملكة أجنبية التحدث بها بطريقة خرقاء في إطار رسمي ، كان من الواضح أن الكراهية تجاه إلفريدا ستزداد بسبب الاعتقاد بأن اللغة العظيمة قد “لوثت” من قبل ماكيري.

 

‘ربما كان الجميع يهدف إلى ذلك’

 

سألت إلفريدا بصوت ضعيف إلى حد ما.

“لماذا لا أتوقف الآن إذن؟”

 

“هذا غير صحيح” ، أجابت الماركيزة ماغنوم بصوت متعجرف إلى حد ما.

 

“إذا كنتِ تريدين أن يتم الاعتراف بك كملكة ماتشي ، عليكِ أن تفعلي ذلك”

 

“لكنكِ لا تعترفين بي بالفعل”

أشارت إلفريدا بوجه خالٍ من التعبير.

 

“لم أعد ماكيري هنا يا سيدتي ، كوني حذرة فيما تقولينه”

 

“….” 

 

“أليس من الأفضل أن يكون الشخص الذي يخدم أيضًا شخصًا من ماتشي و ليس شخصًا من ماكيري؟”

 

“… سوف أكون حذرة”

 

كان تعبير الماركيزة ماغنوم مجعدًا قليلاً لأنها شعرت بشعور من الازدراء في الكلمات الأخيرة.  

 

لقد كانت معركة مألوفة ، لكنها كانت متعبة جدًا في كل مرة حدثت فيها ، لدرجة أن إلفريدا شعرت بالصداع.  

 

لا ، ربما لأنني قلقة بشأن الوضع المستقبلي.

 

و لكن يجب أن أحاول ذلك أولاً-!  إذا كان كلام الماركيزة ماغنوم صحيحًا ، فإن إدراكها لنفسها قد يتحسن قليلاً اعتمادًا على نتائج هذا العمل.  

 

و بما أن الوضع الحالي لم يكن الوقت المناسب للحكم على ما إذا كان الجو حارًا أم باردًا ، قررت إلفريدا القيام بكل ما يلزم لتحقيق النجاح ، حتى لو كان ذلك يعني الخروج عن طريقها.

 

***

 

“لماذا لا تتوقفين الآن؟”

 

كان هذا أول ما قاله آينار ، الذي زار قصر الشمس ، عندما رأى إلفريدا ، التي كانت تحمل رسالة التهنئة في يدها حتى لحظات قليلة. 

 

تابعت إلفريدا شفتيها و قالت: “يجب أن تعتقد أنني لستُ جديرة بالثقة”

 

لم يكن سؤالاً ، بل كان يقينًا.  

 

ضحك آينار: “أنتِ سريعة جدًا في الملاحظة”

 

“أنا أحاول”

 

“إنها ليست مسألة جهد ، هل الملكة عبقرية؟”

 

“علي فقط أن أكون جيدة في القراءة ، و ليس من الضروري أن أكون عبقرية”

 

تنهد إينار فجأة في الإحباط.

 

“إنه ليس شيئًا يمكنكِ القيام به من خلال القراءة فقط”

 

كانت إلفريدا تفكر بسذاجة شديدة.  

لكنني لم أستطع أن أخبر إلفريدا بهذه الحقيقة.

 

لا ، لم يكن هناك سبب للإخبار.  

إذلال ألفريدا لا علاقة له به.  

 

إذا كانت الملكة لا تستطيع التحدث بلغة ماتشي القديمة ، فلن تسقط سلطة العائلة المالكة ، و لكنها ستكون مشكلة الملكة فقط.

 

لذلك ، من المضحك جدًا أنه يهتم بهذه القضية ، و ربما ينبغي له أن يأمل ذلك أكثر من أي شخص آخر.  

 

لكن-

 

لكن … عندما نظرتُ إلى هذه المرأة البريئة التي لم تكن تعرف شيئًا ، و رؤيتها تحاول جاهدة ، شعرتُ بالغضب دون سبب.  

 

ربما لأنني محبط لأنني لا أستطيع أن أقول ما أعرفه.

 

“أحاول أن أقرأها بشكل مثالي”

 

نعم ، هذا ما يبدو عليه الأمر.  

 

أثبت ذلك زوايا عينيها المظلمة حديثًا و التي لم تُرِهِ هذه الحقيقة.  

 

لن تكون مهمة عادية حيث سيتعين عليهل التدرب على إلقاء خطاب التهنئة استعدادًا لحفل الافتتاح.  

 

لم يعجب آينار برؤيتها و هي تحاول جاهدة. 

 

إنه شيء يمكنه هو بنفسه القيام به إذا تركت الأمر و قالت أنها لن تفعل ذلك.  

 

لماذا تجد صعوبة في ذلك؟ 

 

ضيّق آينار حاجبيه و نظر إلى إلفريدا ، التي لم تستطع أن ترفع عينيها عن الرسالة.  

 

كانت عيناها تضيقان.  

 

على الرغم من مجيئه ، إلا أنها كانت منشغلة بشكل واضح لأنها كانت جالسة على المكتب بدلاً من السرير.

 

جلس آينار على السرير و شاهد إلفريدا بهدوء.

 

“لذلك ، أعتقد أن لغة ماتشي لا بد أنها خلقت من قبل الحاكم …”

 

في تلك اللحظة ، أغلقت عيون إلفريدا ببطء. 

نهض آينار بشكل منعكس و ركض نحو إلفريدا.

 

قبل أن يميل جسد إلفريدا و يسقط على الأرض ، أمسك آينار بأكتاف إلفريدا.