1
الحلقة الأولى.
كان السماء ملبّدة بالغيوم، كأن المطر على وشك الانهمار.
لم يكن في الجوار ما يدلّ على الحياة سوى أعشاب برية تنمو متشابكة هنا وهناك.
القرية المتداعية لم يبدُ فيها أثر لإنسان، بل حتى نباح كلب لم يُسمع.
حفيف…
هبّت ريح عبر زقاق ضيق، دفعت بأوراق متناثرة في الأرض إلى زاوية واحدة.
كانت قصاصة إعلان قديم، حروفه باهتة على ورق مصفرّ.
على الورقة كانت بقايا كلمات.. “مستودع كبير… افتتاح”.
أحد الجنود رمقها بنظرة عابرة تحت قدميه، ثم أعاد بصره صوب الأمام، رافعًا يده بإشارة سريعة للرجال الذين يتبعونه.
ثلاثة رجال بزيّ عسكري تحركوا بصمت بين المباني المهدّمة، أعينهم تراقب بحذر وهم يخطون بخفة، تسلّحهم وطريقتهم لا توحيان بأنهم جنود عاديون.
كان المكان الذي وصلوا إليه مبنى مهجور، نوافذه الزجاجية مهشّمة ومفاصله المعدنية تتأرجح.
مبنى كان فيما مضى قاعة أعراس يملؤها الفرح، لكنه الآن بدأ أكثر كآبة من قاعة جنائز.
بوجه متوتّر، سمحت يون سيو-إي للرجلين خلفها أن يسبقاها إلى الداخل، ثم لحقت بهما سريعًا.
“تم تحديد الهدف.”
جلس هان-شيك على ركبة واحدة أمام عبوة متفجّرة صغيرة وهو يومئ بيده.
النقطة الحمراء على جهاز التتبّع في معصمه تطابقت مع موقعهم.
العداد في العبوة كان قد تخطى الدقائق الثلاث.
تأخروا قرابة دقيقة عمّا توقعوا، لكن الوقت لا يزال كافيًا لتفكيكها.
“نفّذوا ما تدربتم عليه حرفيًا ، من الآن، ماهي الخطوة التالية؟”
كان صوت يون سيو-إي باردًا، يحمل في نبرته تحذيرًا صارمًا.
نظر إليها الرجلان المبتدئان وقد ابتلعا ريقهما في ارتباك، قبل أن يعودا إلى وعيهما.
مدّ هان-شيك يده نحو العبوة وهو يراقب الأسلاك المتشابكة، لون شفتيه ازرقّ من فرط التوتر، وجفافها كان خشنًا كأنها تتشقق.
“التركيبة غير منتظمة… أظنها عبوة متفجرة يدوية الصنع.”
ابتسمت يون سيو-إي ابتسامة خفيفة، وهي المعروفة بصرامتها.
رؤية تلك الابتسامة على شفتي قائدتهم جعلت هان-شيك يتنفس الصعداء قليلًا.
“حسنًا، تحقق أولًا من المفجّر والأسلاك.”
“نعم!”
ثم التفتت إلى مين وو ، الذي جلس بجوار هان-شيك.
“راقب جيدًا وتعلّم، الدور القادم سيكون عليك.”
“أمرك، سيدتي!”
“حسنًا، ما الذي يجب تفكيكه أولًا؟”
“إنه… التفجير عن بُعد.”
“صحيح، لكن انتبه، إن قطعت ترتيب الأسلاك خطأً فسينفجر.”
أخذ هان-شيك يراجع في ذهنه تدريباته مرارًا، وبدأ يتفحص الأسلاك المتشابكة.
والوقت يمضي بسرعة مخيفة؛ الدقائق تتآكل حتى بقيت أقل من دقيقتين.
قلبه يخفق بعنف حتى خُيّل إليه أن نبضاته تصطدم بحنجرته.
بعد أن ضبط أنفاسه، مدّ يده نحو السلك الأزرق.
راقبت يون سيو-إي المشهد بعين راضية.
“طَق.”
“قُطع!”
أخيرًا…!
بدت الفرحة على وجوه الثلاثة.
لكن فجأة…
“بييب! بييب! بييب!”
انطلقت صفارات إنذار، والعداد الذي كان يُظهر أكثر من دقيقة قفز فجأة إلى 10 ثوانٍ.
“ماذا…؟!”
“ألم تكن عبوة تدريبية؟!”
ارتسم الجمود على وجه يون سيو، أما المبتدئان فحدّقا فيها بوجه مرتعب.
“8… 7… 6…”
“اخرجوا!”
“الرقيب؟”
“ألستما تفهمان؟! أخرجا فورًا!”
كان يفترض أن تكون عبوة تدريبية، لكن ما ارتج أمام أعينهم الآن حقيقي.
صرخت يون سيو-إي ودفعتهما بكل قوتها بعيدًا، ثم أمسكت بالعبوة الوامضة وألقت بها من النافذة.
“بووووووم!”
انفجرت بالخارج، لكن شظايا الخرسانة المتطايرة ارتطمت مباشرة برأسها.
“اهخ.”
“الرقيب يون!”
” الرقيب!”
أصواتهما كانت آخر ما التقطه وعيها، وقد شعرت بالراحة لأنهما بخير.
لكن في اللحظة التالية أدركت النهاية؛ كان الدم يتدفق من رأسها وبطنها معًا.
“تبا… مؤلم بحق.”
مع أزيز يفتك بأذنيها، غاب صوتهما بعيدًا… وغاب بصرها كذلك.
***
استفاقت يون سيو-إي وهي تشعر بيد تهز كتفها.
فتحت عينيها ببطء، لكن الضوء كان ساطعًا حتى اضطرت لإغلاقهما مجددًا.
داهمها النعاس بشدة، كأنها تُريد النوم أكثر بلا وعي أين هي.
“السيدة يون سيو-إي؟”
جاءها صوت امرأة غريبة.
“دعيني… أنام قليلاً…”
تمتمت متثاقلة، ثم فجأة اتسعت عيناها. ذكريات الانفجار اخترقت ضباب النوم.
“المتدربان هان-شيك و مين وو ! … ما مصيرهما؟!”
انتفضت جالسة، لكنها سرعان ما صمتت في ذهول.
المكان من حولها غريب تمامًا.
لا أسِرّة، لا محاليل، لا أطباء.
مجرد جدران بيضاء خالية.
أما على جسدها فكانت ترتدي ثوبًا أبيض ناعمًا خفيفًا، كأنها لا ترتدي شيئًا تقريبًا.
“هل… متّ؟”
“نعم، توفيتِ.”
“آه!”
ارتجفت خوفًا وهي تواجه الصوت نفسه مجددًا.
أمامها وقفت امرأة متوسطة العمر، شَعرها ذهبي وعيناها زرقاوان، والدموع تتساقط من وجهها بلا توقف.
يون سيو تكره البكّائين أشد الكره… حتى بكاء الأطفال، لكنها الآن، ولأول مرة، شعرت بانقباض غريب وهي ترى دموعها.
“لماذا… تبكين؟”
“أرجوك…”
“ماذا؟”
“عيشي حياتي بدلاً مني.”
مدّت يدها نحوها كما لو أنها تطلب مصافحتها، وقبل أن تفكر، مدّت يدها وأمسكت بها.
في تلك اللحظة دوى صوت عظيم في الفضاء.
“تمّ العقد، بناءً على أمنية إستيلا كاردين، ستُدمج روح يون سيو-إي بجسد إستيلا كاردين.”
خلف المرأة ظهر ثقب أزرق صغير يتسع مثل ثقب أسود.
الريح جذبت شعر يون سيو-إي القصير وثوبها الأبيض كأعلام ممزقة، فيما بقي شعر تلك المرأة ساكنًا لا يتزحزح.
لم تجد ما تتمسك به، فتشبث بذراعها.
لكن اليد التي أمسكتها قبل لحظة لم تعد ملموسة.
وها هي تُسحب بقوة في الثقب.
ــ “ما هذا؟!”
صرختها الأخيرة دوّت، ثم انغلق الثقب بسلاسة.
“هل انتِ راضية الآن؟”
صوت مهيب جاء من العدم.
أومأت إستيلا والدموع ما تزال تهطل على وجنتيها.
“شكرًا… حقًا شكرًا.”
“ليكن اختيارك صائبًا.”
“سوفَ تنجح… صدقني، ستنجح.”
“آآآآااه!”
صرخت يون سيو-إي وهي تنتفض فجأة، كمن سقط من هاوية سحيقة.
لكن الغريب أنها لم تجد ألمًا، لا كسرًا ولا جرحًا.
وضعت يدها على صدرها لتستعيد أنفاسها، لكن شيئًا لم يكن على حاله.
“هذا… طري…؟!”
خفضت رأسها، فشهقت.
صدرها اكبر من قبل، وذراعها بدت ممتلئة وكبيرة.
“ماذا… أرتدي؟”
الفستان الموشّى بالدانتيل جعل عقلها أكثر ارتباكًا.
الغرفة من حولها لم تكن عنبرًا عسكريًا باردًا، بل سرير ضخم بأعمدة محفورة بأزهار، أغطية لامعة كالسحب، ونوافذ يتسلل منها نسيم لطيف.
“هل أُختطفت؟”
انقبض قلبها، وقد تملّكها التوتر.
حتى جسدها بدأ أثقل كأنها تحمل أثقالًا عند مفاصلها.
لم يكن أمامها إلا أن تفكّر بالهروب أولًا… والانتقام لاحقًا.
جالت ببصرها حتى وقعت على مرآة ضخمة بإطار مذهّب يليق بأميرة من الحكايات.
اقتربت بخطوات حذرة فوق السجادة الوثيرة.
“ما هذا…؟”
انعكس في المرآة وجه امرأة شابة شقراء، بعينين زرقاوين عميقتين، وجسد ممتلئ كبرميل.
“عيشي حياتي بدلاً مني…”
تذكرت صوت تلك المرأة وسط ذلك البياض.
إنها… إستيلا كاردين.
وفي لحظة، انهمر على عقل يون سيو-إي كل ذكريات إستيلا دفعة واحدة، كصاعقة تخترق السماء.
رواية جديدة وديڤا جديدة ، تحمسوا لها لانها رواية قوية !
كامل الحب ،
المترجمة بينا –
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"