“أ… أتعتقد أن غسل جسد امرأة حامل تعيش في كوخ أمر سهل؟!”
كان في كلامها خجل ومرارة جعلت ليسيا تزمّ شفتيها بضيق.
“يمكنكِ على الأقل مسح جسدكِ بقطعة قماش مبللة، أليس كذلك؟”
“لقد فعلتُ… لكن معاييرك أنتَ المرتفعة جدًا… تجعل الأمر يبدو وكأنه لا فائدة منه…”
كان صوت ليسيا يضعف شيئًا فشيئًا حتى كاد ألا يُسمع في نهايته.
رفع كايلوس زاوية فمه باستهزاء، ثم صعد إلى السرير وجلس بجوارها.
ولحسن حظ ليسيا، كان السرير واسعًا جدًا، فحاولت أن تزحف نحو الحافة قدر استطاعتها.
لكنها لم تلبث أن شعرت بيده تمنعها من الابتعاد.
ثم احتضن كايلوس ليسيا من الخلف، مطوقًا جسدها بيده. لطالما فعل ذلك من قبل، لذا حاولت ليسيا أن تتجاهله وتنام.
“أتعلم… رجاءً، لا تلمس تلك الشامة.”
ما إن لامست يده تلك الشامة التي تشبه ورقة الشجر، حتى ارتعشت ليسيا وأمسكت بعضده المشدود.
حتى بهذا التلامس البسيط، شعرت ليسيا بارتعاش لا تستطيع كتمانه.
“وماذا لو لم أرد؟”
“أرجوك…”
“رجاءً؟”
“……هغ!”
“تتوسلين إليّ بعد أن أطلقتِ تلك الأنات الفاضحة؟ لماذا لا تكونين أكثر صدقًا مع غرائزك؟”
بدأ كايلوس بمداعبة تلك الشامة الحساسة، الشبيهة بورقة الشجر، الواقعة عند النقطة التي تمثل قمة أنوثة ليسيا.
وبينما كانت تتمسك بذراعه وتتنهد متوسلة، راحت شهقاتها تتسارع.
“هاه… كـ… كيف… أتوقف…؟”
“حسنًا، بما أنني كريم القلب، سأوافق على طلبكِ. لكن بشرط. عندما تنادينني، ناديني باسمي.”
ثم رفع يده عن صدرها الذي كان يملؤه بيده وقال ببطء:
“لا أريد أن أسمع منكِ (أنتَ) أو (ذاك). ناديني باسمي من الآن فصاعدًا.”
“…أ-أفهم. كايلوس. أرجوك.”
يبدو أن ليسيا قد ملت من مداعبة تلك الشامة، فقد بدأت تنفذ أوامره دون مقاومة. لكنها لم تكد تنهي كلماتها حتى مدّ كايلوس يده مرة أخرى إلى الشامة.
لم يعد هناك مجال للمقاومة. فقد تم تحفيز تلك الشامة بشكل مفرط. وبات جسد ليسيا يرتجف بالكامل وهي تبكي بهدوء.
كايلوس، الذي كان يشاهد ليسيا تتلوى تحت وطأة المتعة، بدأ يشعر بأن عضلات جسده تتصلب بشكل غير إرادي.
حتى هو، لم يعد قادرًا على كبح رغبته.
لماذا كان عليها أن تكون حاملاً في هذه اللحظة بالتحديد؟
فكر في بطن ليسيا المنتفخ، وسرعان ما شعَر وكأن ماءً بارداً سُكب عليه، وأحسّ بجسده يبرد تدريجياً.
ليسيا دي يلكا، التي لم تكن تعرف حتى بوجود تلك الشامة، صارت الآن ترتعش مع أقل لمسة.
من الذي علمها بهذا؟ هل كان هو؟ أم والد الطفل الذي في بطنها؟
“ليسيا دي يلكا… أنتِ تعلمين الحقيقة، أليس كذلك؟”
شدّ كايلوس شعرها الأحمر بعنف حتى التوى رأسها، لكنها رغم ذلك، استمرت في إطلاق أنينها المتوسل بصوت متقطع.
غرست ليسيا أظافرها في ساعده القوي، وهو إحساس كان كايلوس يعرفه جيدًا، إحساس أعاد له نشوة مألوفة جعلته يعض شفته السفلى بقوة.
“…ماذا؟ أرجوك…!”
“أنتِ تعلمين أن هذه الشامة تمنحكِ المتعة. لا تخبريني أنكِ تجهلين ذلك. من الذي أخبركِ؟ هل والد الطفل؟”
في تلك اللحظة، شعر كايلوس بأنه لا يمانع في أن يفقد صوته إلى الأبد إن كان هذا هو الثمن لقتل ذلك الرجل.
حتى لو كسر قسم الحقيقة… حتى لو فقد صوته للأبد… لا بأس.
❖ ❖ ❖
على عكس الليلة الماضية، كان صباح اليوم التالي باعثًا على الرضا بالنسبة لكايلوس.
كان قد استيقظ بعد أن أمضى الليل متلاصقًا بجسد ليسيا، وقد امتلأ صدره العاري بعلامات أظافرها.
كايلوس، الذي لطالما كان محاربًا لا يعرف الخوف، اعتبر كل أثر تركه القتال في جسده وسامًا.
لكن آثار أظافر ليسيا على جسده، كانت أثمن لديه من أي ندبة خلفتها الحروب.
احتضن ليسيا، التي كانت نائمة في زاوية السرير، بهدوء. فتمايل جلدها الناعم كأنه كان ينتظره.
ليسيا دي يلكا، كونها جنية، كانت رغم قلة استحمامها تنبعث منها دائمًا رائحة زهرية حلوة.
وكلما كان كايلوس قريبًا منها، ازدادت لديه رغبة جامحة بأن يلعق كل جزء من جسدها بلسانه.
بحركة اعتيادية، مدّ يده ببطء إلى شامة الجنية.
ما إن لمست يده تلك الشامة، حتى عبست ليسيا في نومها. ابتسم كايلوس بارتياح وبدأ يربّت بلطف على أنفها المجعَّد.
كانت حاملاً، ولم يكن بإمكانها تحمل المزيد من الإرهاق الليلة الماضية أو هذا الصباح. شعر بخيبة أمل تتراكم في كفيه، لكنه أجبر نفسه على النهوض من السرير.
لم يستطع رفع قدميه ومغادرة غرفة النوم، وكأن قدميه مشدودتان إليها. لكنه كان عليه أن يتحقق من أمر ضروري.
خطواته قادته في النهاية إلى مكتبة القصر الإمبراطوري.
وجه بصره عبر الأرفف المصفوفة بلا نهاية. لم يكن الشخص الذي يبحث عنه في الأفق، وكل ما كان يشتمه هو رائحة الرقوق والورق القديمة التي ملأت صدره بثقل.
“ظننتُ أن مولاي قد نسي هذا العجوز.”
انطلق صوت مشبع بثقل الزمن من بعيد. وسرعان ما ظهر شيخ برداء بني داكن من بين رفوف الكتب.
كان ذلك الرجل هو “إيفيه”، أحد شيوخ عائلة ديمون، وأمين مكتبة القصر الإمبراطوري.
“لدي سؤال أريد أن أطرحه عليك.”
“هاه، ما الأمر العاجل الذي يجعلك لا تسأل عن حالي قبل أن تستعجل الأمور هكذا؟”
كان في ملاحظة “إيفيه” طعنٌ واضح. لم يكن من عادة كايلوس أن يرتكب مثل هذا الخطأ. لكنه كان مستعجلاً للغاية،
ولم يكن لديه وقت لإضاعة الكلمات في مجاملات النبلاء المليئة بالزيف.
“كيف حالك؟ لقد كنت مشغولًا بحروب الغزو، فلم أستطع الالتفات إليك. أعتقد أنني سأستعيد لقبي قريبًا، لذا سأكون أكثر اهتمامًا بك من الآن فصاعدًا. لكن… أجبني، هل حقًا لا يمكن لعائلة ديمون إنجاب وريث من جنية؟”
بعد سؤال مجاملة عابر، دخل في الموضوع مباشرة.
عندما انتحر والديه، مات العديد من شيوخ القبيلة معهم، ولم ينجُ في ذلك الوقت سوى “إيفيه”، الموظف الرسمي في القصر الإمبراطوري.
لذا، لم يكن هناك أحد آخر ليسأله. بدأ إيفيه يشرح للشاب سيده كل ما يعرفه بهدوء.
كلما طال حديث إيفيه، ازدادت تجاعيد العبوس في جبين كايلوس.
كما كان يتوقع، لم يختلف حديثه عن كلام ثيودور، فغادر كايلوس مكتبة القصر الإمبراطوري دون الحصول على أي نتائج تذكر.
استفاق من أفكاره بسبب ضجيج صراخ اخترق أذنيه.
عند نهاية الرواق الذي يربط القصر الرئيسي بمكتبة القصر، كان عدد من الخدم يتجادلون بصوت عالٍ.
“اتركوني! هل تعرفون من أكون لتفعلوا بي هذا؟!”
“ديلفينا دي يلكا، وضعكِ الآن خادمة! جلالة الإمبراطورة أمرت بأن ترافقكِ إلى جناح جلالة الإمبراطور الليلة، فاعملي بجد. إن أردتِ أن تُعاملي كأميرة، فعليكِ أن تؤدي واجبكِ أولًا!”
“اتركوني! قلت اتركوني! لن ألوث جسدي بالاختلاط مع ذلك الحيوان!”
“كيف تجرؤين على تشبيه جلالة الإمبراطور بالحيوان؟!”
رفع أحد الخدم يده عالياً وكأنه على وشك أن يضرب ديلفينا. أغمضت ديلفينا عينيها بشدة، مستعدة لتلقي الضربة.
لكن، مرت لحظات طويلة ولم يحدث شيء. عندما فتحت ديلفينا عينيها ببطء، كان كايلروس يقف أمامها.
“هل من الحكمة أن تُجرَح وجه الأميرة، وهي مُرسلة لمرافقة جلالة الإمبراطور في جناحه؟”
ظهر كايلوس أمام ديلفينا في غفلة منهم، كان وجهه خالٍ من التعابير لكن نبرته كانت باردة تثير القشعريرة.
“دي… ديمن سير…”
“إن أصبحت سمو الأميرة لاحقًا إحدى زوجات الإمبراطور، هل تظنون أنكم ستبقون سالمين بعد أن ضربتموها؟”
حتى الخدم الذين كانوا يتفاخرون بكونهم من حاشية الإمبراطور والإمبراطورة لم يستطيعوا إخفاء ارتجافهم أمام حضور كايلروس.
“سأقوم بإقناع سمو الأميرة. فقط امنحوني بعض الوقت.”
“مفهوم، سننتظر قليلاً. فنحن أيضاً لا نملك وقتاً طويلاً للبقاء هنا.”
تراجع الخدم مسافة عن الاثنين.
نظر كايلوس لوهلة إلى ديلفينا الملقاة على الأرض ثم حول بصره عنها، وجلس على عارضة رخامية في أحد أعمدة الرواق.
بعد أن رتبت ديلفينا مظهرها قليلاً ونهضت، تقدمت نحوه. كانت تحدق في كايلوس بنظرة عدائية، رغم أنه أنقذها.
“لماذا تساعدني في كل مرة؟”
“هل ساعدتكِ حقاً، سمو الأميرة؟”
كايلوس كان يعلم جيدًا كبرياء ديلفينا، لذا ادعى الغفلة ببرود.
منذ اختفاء ليسيا، كان يحرص على سلامة ديلفينا وروبلين. ليسيا، بحمقها اللطيف، لم تكن لترغب بموت أختيها حتى لو كانتا قد أساءتا إليها.
كما أنه، عندما تعود ليسيا، أراد أن يتفاخر أمامها بأنه لم يترك أختيها تموتان.
بالنسبة لروبلين، لم تكن تحتاج إلا لدعم مادي بسيط بفضل قابليتها السريعة للتكيف. لكن ديلفينا كانت مشكلة أخرى.
بسبب كونها وريثة العرش، رفضت العمل كوصيفة في جناح الإمبراطور، مما جعلها تهبط إلى مرتبة خادمة.
“ليس اليوم فقط. كم مرة أنقذتِ حياتي من قبل؟”
رغم أنها كانت ترتدي ملابس خادمة، فإنها وقفت مستقيمة، بكل كبرياء، وحدقت في كايلوس.
كانت تدرك أن بقائها على قيد الحياة حتى الآن كان بفضل كايلوس. لقد أنقذها مرات لا تُحصى.
كما أن ديمن قد تحملوا عبء جريمة أديْني، مما جعل كايلوس يتخلى عن منصب قائد الفرسان.
في كل مرة كانت ترفض النوم مع الإمبراطور، وتتعرض للتعذيب من الإمبراطورة، كان كايلوس هو من يحميها.
في وضع لم يعد لليسيا فيه أثر، كان من الممكن ألا يهتم أحد لأمرها… لكنها أرادت أن تعرف: لماذا، رغم ذلك، ظل ينقذها؟
“لأنكِ أخت ليسيا دي يلكا. هل هذا جواب كافٍ؟”
ابتسم كايلوس بخفة، وهو يمسح شعره الأسود المتدلي بلا مبالاة.
لم يكن في رده أي تعقيد أو نية خفية. كان واضحًا وبسيطًا.
خلف الرواق، كان فناء القصر الداخلي مغطى بأوراق الخريف الملونة، بينما بدا كايلوس جالساً هناك وكأنه لوحة فنية داخل إطار حجري.
شعرت ديلفينا أن هذه الأفكار غريبة في وضعها المزري، لكنها لم تستطع إنكارها.
رغم أن حياتها في نُوكت كانت جحيمًا، لم يكن هناك من وقف إلى جانبها سواه.
حتى روبلين، شقيقتها الوحيدة المتبقية، كانت تدفعها مرارًا لتذهب إلى الإمبراطور وتخضع له.
“سمعت أنك عثرت على ليسيا.”
“نعم. لحسن الحظ، كانت بخير.”
لأول مرة، ارتسمت على وجه كايلوس الصلب ابتسامة خفيفة عند ذكر اسم ليسيا. كان كايلوس معروفًا ببروده ووحشيته، لكن ذكر ليسيا جعله يبدو وكأنه يذوب.
في تلك اللحظة، شعرت ديلفينا بغضب عارم، غضبٌ لم تكن تعلم أنه لا يزال مختبئًا في أعماقها.
ليسيا، ليسيا، ليسيا دي يلكا!
كل الرجال الذين اختارتهم بعناية، كانوا يلتفتون إلى ليسيا فقط.
مارييوس تانشي فعلها،
وكايلوس ديمون أيضًا ليس استثناء.
بينما كانت هي تواجه خطر أن تُجبر على النوم مع الإمبراطور العجوز البغيض، ظلت ليسيا تنعم بلقاء رجل كامل ككايلوس، وستصبح زوجة دوق وتعيش حياة مترفة.
لم يكن هناك ما هو أكثر ظلماً من هذا المصير.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 25"