ظهرت أمامي رسالة النظام تُذكّرني بالمكافأة التي كنت قد نسيت أمرها.
‘عرض الجوهرة السحرية… مهما قرأت ذلك، لا أفهم المعنى حقًا.’
وفي تلك اللحظة تمامًا—
“الآنسة يوري!”
سمعت صوتًا يناديني من المنصة العليا.
“اقتربي إلى هنا!”
كان الإمبراطور هو من ناداني.
‘ما الأمر…؟’
رغم أنني شعرت ببعض الحيرة، إلا أن الأمر لا يحتمل التردد، بما أنه نداء من الإمبراطور نفسه.
شققت طريقي بين نظرات الفضول التي انطلقت نحوي من الحضور، وتقدّمت نحو المنصة التي يجلس عليها الإمبراطور.
“مولاي.”
كان والدي واقفًا أيضًا أمامه. وشعرت بشيء من الارتياح لرؤيته هناك.
“لقد أتيتُ تلبيةً لندائك.”
“أحسنتِ، سعدتُ بحضوركِ.”
كانت عينا الإمبراطور الذهبيتان تحدّقان بي، لكن نظراته هذه المرة بدت مختلفة عن المعتاد.
‘يبدو أن نظره مشوش قليلاً أكثر من المعتاد…؟’
“همم، أعطني كوبًا من الماء أولاً.”
حين رأيت الإمبراطور يصدر أمره بذلك للخادم، أدركت ما يجري.
‘إنه ثمل.’
ما إن ارتشف قليلاً من الماء الذي قدّمه له الخادم، حتى بدا وكأنه بدأ يستعيد بعضاً من تركيزه.
“الآنسة يوري.”
“نعم، يا مولاي.”
“لقد فكّرت مليًا، وقرّرت أن أمنحكِ فرصة جيدة.”
“نعم؟”
‘فرصة جيدة؟’
ابتسم الإمبراطور نحوي، ووجهه متورد بفعل تأثير الخمر.
“غدًا، خلال احتفال يوم تأسيس الإمبراطورية، أود أن تظهري جوهرة روزانهير المقدسة أمام الناس جميعًا.”
“آه… عفواً؟”
كان كلامه مفاجئًا للغاية.
“جلالة الإمبراطور يقصد…”
بدا أنني لم أفهم مقصده مباشرة، فبادر والدي بالشرح.
“جلالته يرغب في أن تكوني جزءًا من الحدث، لتُظهري للرعية أن إمبراطورية روزانهير قد شهدت ظهور ساحرة مقدسة بعد مرور مئتي عام، وأنكِ من أعدتِ تفعيل الجوهرة.”
“آه…”
أومأت برأسي ببطء، وبدأت أفهم لماذا اعتُبر ذلك مكافأة.
‘إذا ظهرت أمام الناس بهذا الشكل، فسيرتفع مستوى شهرتي، وسترتفع أيضًا قدراتي.’
كان عرضًا جيدًا في الحقيقة. فمن أجل الحصول على مؤهلات كافية خلال عام واحد تؤهلني لتولي منصب أستاذة في أكاديمية فيرغانا، عليّ أن أتمتع بذلك القدر من الشهرة على الأقل.
نظر إليّ الإمبراطور بعينين راضيتين، وقال بلطف:
“كنت أنوي إبقاء أمر ظهوركِ كساحرة مقدسة طي الكتمان، لكنّ ظهوره كان عظيمًا لدرجة أنه بات من الصعب إخفاؤه.”
وكان ذلك صحيحًا بالفعل.
“ولذا، فكّرت أنه من الأفضل أن أُعلن في هذا اليوم التاريخي عن ظهور موهبة عظيمة كهذه في ربوع إمبراطوريتنا.”
“إنني أغبط نفسي على هذا الشرف العظيم، مولاي. لكن، هل يليق بي نيل مثل هذا المجد…؟”
“لقد تحدثت مسبقًا مع والدكِ، الدوق. لا داعي للتواضع، وأرجو أن تتقبّلي طلبي برحابة صدر.”
في الواقع، ظهور ساحرة مقدسة بعد قرنين من الزمان يمنح انطباعًا قويًا بأن حكم الإمبراطور الحالي هو عهد استقرار وازدهار.
رغم تداخل الأفكار في رأسي، لم يكن أمامي سوى الامتثال، لا سيما وقد وافق والدي أيضًا.
فأومأت برأسي، وجثوت على ركبتي أمامه.
“إن كان هذا هو أمر جلالتك، فأني أنفذه بكل طاعة واحترام.”
<النظام> تم تفعيل “الحلقة المخفية: الساحرة المقدسة للإمبراطورية”!
يرغب الإمبراطور في أن تظهري أمام شعب الإمبراطورية خلال احتفال يوم التأسيس، لتقدّمي عرضًا لجوهرة روزانهير التي فككتِ ختمها.
عند نجاح العرض، ستحصلين على مكافآت:
الشهرة +1000
المانا +50
الجاذبية +50
الوقار +50
تُمنحين “عفو الإمبراطور (مرة واحدة)”:
يستطيع الإمبراطور أن يعفو عنكِ مرة واحدة، أو أن يغفر لأحد تطلبين أنتِ العفو له.
يُرفع لقبكِ من “ظهور القوة المقدسة” إلى “الساحرة المقدسة للإمبراطورية”:
تأثير اللقب: +1000 قوة تطهير، تحظين بإعجاب وتقدير سكان الإمبراطورية.
تنتهي الحلقة “الطريق إلى القديسة”.
‘تنتهي طريق القديسة…؟’
باستثناء هذا الجزء المشكوك فيه، كانت المهمة كبيرة في حجمها وعظيمة في مكافآتها.
“جلالة الإمبراطور يمنح الآنسة يوري هذا الشرف…!”
“من المؤكد أن جلالته يُكنّ لها معزة خاصة. أن يمنحها هذا الدور المشرف في يوم التأسيس…!”
“هل من الممكن أن جلالته يفكر بها كزوجة مستقبلية لولي العهد…؟”
“يا إلهي، قد يكون الأمر كذلك فعلاً!”
ورغم همسات الناس وضجّتهم، بدا أن الإمبراطور غير مكترث على الإطلاق.
“شكرًا لكِ امتثالكِ، رغم أن الأمر جاءكِ على عجل. سأترقب عرضكِ غدًا.”
“كمواطنة في الإمبراطورية، فإنني أقوم فقط بواجبي. وسأبذل قصارى جهدي لن أُخيّب ظن جلالتك.”
وهكذا، انتهت سهرة ما قبل يوم التأسيس، تاركة خلفها الكثير من الضجة.
***
في طريق العودة إلى المنزل…
“أبي، كلما فكّرت في الأمر، كلما بدا لي أنه ليس صحيحًا.”
قال كاليكس بلهجة ثقيلة.
“…ماذا تقصد، كاليكس؟”
“لا أفهم لماذا على شقيقتي، وهي في حالة صحية غير مستقرة، أن تتصدر هذا الموقف الصعب، لترفع من هيبة جلالة الإمبراطور.”
“كإحدى رعايا الإمبراطورية، فإن امتثال أوامر جلالته أمر بديهي.”
“لكن، أبي…”
“رغم أن الأمر قد يبعث على بعض القلق، إلا أنه يعود بالنفع على شقيقتك أيضاً، أليس كذلك؟”
“…هذا صحيح… لكنه كذلك…”
قالها كاليكس بتردد، ورغم شعوره بعدم الارتياح، التزم الصمت في النهاية.
عندها، تدخلت إيليني التي كانت صامتة حتى اللحظة.
“أبي، أعتقد أن لكلام أخي كاليكس وجهاً من الصحة. أظن أن أختي الكبرى ما زالت غير مستعدة تمامًا لتحمل هذا النوع من المسؤولية…”
لم أستطع أن أحدد ما إذا كانت تشير إلى حالتي الصحية أم إلى كفاءتي.
“إن نجحت، فطبعًا سيكون في ذلك خير لها، لكن إن فشلت، فقد لا يتضرر شرف عائلتنا فحسب، بل قد يتأثر حتى شرف جلالة الإمبراطور.”
“…لكن، ما الخطر في الأمر، وهي ستعرض جوهرة قد فُك ختمها مسبقًا؟ لا داعي للقلق الزائد، فهو يُعد إساءة غير مقصودة لشقيقتكما، فلنتوقف هنا.”
“…نعم، أبي.”
أطبقت إيليني شفتيها بهدوء، وساد الصمت للحظة داخل العربة.
ثم التفت إليّ أبي فجأة وقال:
“يوري، إن لم تكوني راغبة في الأمر…”
“كلا، أبي. لا بأس، أنا بخير.”
أسرعت بالإشارة بيدي نافية. لم يكن بوسعي التخلي عن مهمة كهذه بكل ما تحمله من مكافآت.
“لقد أبلغت جلالة الإمبراطور بموافقتي أمامه بالفعل.”
“…صحيح، بالفعل.”
“وكما قلت، ما سأفعله لا يتعدى عرض جوهرة فككتُ ختمها مسبقًا أمام الناس. لا داعي للقلق.”
أومأ والدي برأسه ببطء وثقل، ولم يعلّق كاليكس هذه المرة.
***
وفي اليوم التالي مباشرةً…
وجدت نفسي وقد أوكلت إليّ فجأة مهمة ضخمة خلال احتفالات يوم التأسيس، فكان عليّ أن أجهّز نفسي بشكل أكثر فخامة مما كنت أتصور.
ولحسن الحظ، كنت أملك…
<النظام> تم ارتداء “فستان النور المقدّس”، تحفة السيدة روزيتا الخالدة!
بفضل تأثير ارتداء الفستان، تزداد الجاذبية بمقدار 50، والوقار بمقدار 50، والقوة الذهنية بمقدار 50.
يشاهد الناس حولكِ وهجًا طفيفًا يشعّ من حضوركِ.
الفستان كان من صنع السيدة روزيتا، استلهمته من لحظة ظهور قواي المقدّسة. كان تحفة فنية بكل ما للكلمة من معنى.
كان يتضمن حتى طرحة تغطي الرأس، وقد بدا لي مبالغًا فيه حينها، لذا تركته في الخزانة، ولم أتصور أنني سأرتديه يومًا كهذا.
“تبدين أكثر إشراقًا من العروس في يوم زفافها، آنستي.”
“أنتم من زينوني بهذه الطريقة، ألا يُعتبر هذا مدحًا لأنفسكم؟”
ضحكت إينا وهيلي على مزاحي.
ثم سُمع طرقٌ خفيف على الباب.
“شقيقتي، جئت لأرافقكِ…”
وما إن فتح الباب حتى توقف صوت كالكس في منتصف حديثه.
ابتسمتُ له بخجل.
“أهلًا بك، كاليكس.”
نظر إليّ للحظة صامتًا وكأنه أُصيب بالذهول، فبادرت بالسؤال خجلى:
“هل أبدو غريبة؟”
“أبدًا، لستِ كذلك.”
أجاب بسرعة.
“منذ متى تملكين مثل هذا الفستان…؟”
“إنه من تصميم السيدة روزيتا، صنعتْه لي خصيصًا.”
“إنها بارعة بحق.”
“أجل، كذلك هي.”
اقترب مني بحذر أكثر من المعتاد، ومدّ يده نحوي. بدا عليه الارتباك، فترددت لحظة قبل أن أضع يدي في يده.
“تفضّلي، آنستي.”
“إلى اللقاء، وسأعود قريبًا.”
قلت ذلك بينما كنت أغادر الغرفة برفق، ثم نظرت إليه.
“لم أتوقع أن تكون أنت من سيرافقني. ظننت أن أبي من سيفعل.”
“آه، في الواقع…”
ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة، وكأن فكرة ما أسعدته. أثارت فضولي فقلت وأنا أميل برأسي:
“هل هناك شيء ما؟”
“لا شيء، أبدًا.”
أجاب مبتسمًا، وبدا وجهه أكثر إشراقًا من المعتاد.
لابد أن هناك شيئًا بالفعل…
قلت في نفسي، بينما كنت أنزل معه بهدوء نحو البهو الرئيسي.
“يوري.”
“…”
كان والدي وإيليني بانتظارنا هناك.
“أعتذر على التأخير.”
“…لا بأس، هذا التأخير مبرر بالنظر إلى مظهركِ الآن.”
“يا إلهي، لو أن والدي يقول هذا، فهذا يُعد مديحًا نادرًا.”
“أيتها الفتاة…”
ضحك والدي ضحكة صغيرة إثر مزاحي.
“فلننطلق الآن، لا ينبغي أن نتأخر.”
“حسنًا.”
“هل أحضرتِ الجوهرة؟”
“بالطبع، لا يمكنني نسيان شيء كهذا.”
كانت إيليا قد أعادت لي الجوهرة في وقت متأخر من الليلة الماضية، بعد أن سمعت كلام الإمبراطور.
“كأب، لا يسعني إلا أن أقلق.”
“لا تقلق كثيرًا، أبي. سأقوم بالأمر على خير ما يرام.”
“حسنًا.”
ركبنا العربة وانطلقنا. وعلى عكس الأمس، ركبنا اليوم في عربتين منفصلتين، بناءً على إصرار كاليكس، الذي أصر على أن لا يتضرر مظهري في أدنى تفصيل.
كنت أظن أنني سأركب مع والدي، لكن أول من صعد إلى العربة التي ركبتها كان كاليكس.
التعليقات لهذا الفصل " 96"