بينما كنتُ أشعر بالريبة، عضّت زوجة أبي على شفتيها وتمتمت بصوت خافت.
“حتى لو كان مجرد عبث… ما مدى سوءه بالضبط؟ من يجرؤ على التلاعب بفناء روزانهير؟”
“س-سيدتي، الأمر هو…”
بدت الخادمات والخدم مترددين، متبادلين النظرات فيما بينهم، غير متأكدين مما إذا كان عليهم التحدث أمام الضيوف.
لكن زوجة أبي، وقد نفد صبرها، حسمت الموقف بسرعة.
“لا داعي للقلق، أيها السادة. يبدو أن هناك بعض الفوضى الطفيفة، لكن حفلة الشاي ستُقام كما هو مخطط لها.”
“ل-لكن، سيدتي!”
حاول الخدم مجددًا الاقتراب منها للهمس بشيء، لكنها قطعتهم بإشارة صارمة من يدها.
“إذا كان لديكم وقت لتضييعوه على الثرثرة، فاستغلوه في تنظيف هذه الفوضى فورًا.”
‘غريب… إذا كان مجرد عبث بسيط، فلماذا تبدو وجوههم شاحبة بهذا الشكل؟’
لم يكن لديّ أدنى شك في أن شيئًا خطيرًا قد حدث. لكن على الأرجح، بسبب مسؤوليتها في قيادة هذا الحدث الكبير، لم تتمكن زوجة أبي من ملاحظة الذعر الذي كان واضحًا في عيون الخدم…
‘حسنًا… لنذهب ونرى ما يحدث.’
تقدمتُ إلى الأمام، متبعةً زوجة أبي التي كانت تجرّني برفق نحو الحديقة الخلفية.
خلفنا، سمعتُ بعض الهمسات القلقة تتسلل بين الضيوف.
“ألا تشعرون أن هناك رائحة غريبة في المكان؟”
“لا بد أنه مجرد عطر الأزهار.”
“لا، لكن… الرائحة تبدو… غريبة.”
ثم، بمجرد أن اجتزنا زاوية الحديقة ورأينا الساحة أمامنا—
“آه!”
“م-ما هذا؟!”
“يا إلهي… مستحيل!”
صرخات مرعوبة تعالت بين الآنسات الأنيقات، والأجواء التي كانت قبل لحظات هادئة ومترفة انقلبت رأسًا على عقب.
‘ليس غريبًا أن يصابوا بهذه الصدمة.’
الحديقة الجميلة، التي زُينت خصيصًا لاستضافة حفلة الشاي، كانت مغطاة بسائل كثيف بلون أحمر داكن، شبيه بالقار، تفوح منه رائحة خانقة. انتشر السائل عبر المائدة المزينة بالمفارش البيضاء، لكن الضرر الأكبر كان في أحواض الأزهار، حيث بدت الزهور وأوراقها وكأنها تذوب بفعل المادة الغامضة.
ثم، وكأن ذلك لم يكن كافيًا، صاح أحد النبلاء بصوت مرتجف.
“هذا… هذا يشبه… دم وحش سحري!”
“ماذا؟! دم وحش؟!”
“يا إلهي، مستحيل!”
ما إن قيلت تلك الكلمات، حتى فقدت إحدى السيدات الضعيفات وعيها وسقطت أرضًا، بينما تعالت الهمهمات والاضطراب بين الحضور.
“ألم يكن هذا المكان مخصصًا خصيصًا لحفلة الشاي التي أعدّتها الآنسة إيليني؟”
“لكن… كيف يمكن أن يحدث شيء كهذا هنا؟!”
“دم وحش في حديقة روزانهير! هذا… هذا أمر غير مسبوق!”
“لا بد أن من فعلها يكنّ عداءً شديدًا لعائلة الدوق!”
وسط هذه الفوضى، وقفت زوجة أبي متجمدة، ووجهها شاحب كالشمع. بدت وكأنها تتمتم بصوت بالكاد يُسمع بين أسنانها المتوترة.
“هذا لا يمكن أن يحدث… من قد يجرؤ…؟”
لكن فجأة، وكأنها استوعبت أمرًا بالغ الأهمية، اتسعت عيناها بصدمة.
التعليقات لهذا الفصل " 59"