لم يكن بإمكاني أن أقول بصراحة.
“لقد خرجت بمفردي دون حراسة لأنني ذاهبة لتقديم طلب سري لنقابة المعلومات.”
ابتسمت ابتسامة محرجة وأنا أحاول التهرب من السؤال.
“هناك ظروف خاصة تستدعي ذلك…”
لكن ماركيز إستيبان لم يتوقف عند هذا الحد.
“ما هي الظروف التي تجعل انسة من عائلة روزانهير تخرج بمفردها دون حراسة؟”
وقبل أن أتمكن من الرد أو التفكير في إجابة، تراجعت خطوة للخلف محاولة الهروب من استجوابه، لكن فجأة…
“ابتعدوا! أنتم هناك!”
رافق الصوت صخبٌ مدوٍّ لأحصنة تركض بسرعة جنونية وعربة تقترب بلا هوادة.
‘هذا سيئ!’
تحركت بسرعة نحو جانب الطريق لتفادي العربة، لكن الزخارف الحادة عليها لامست ذراعي وجرحتني.
“أميرة!”
ركض ماركيز إستيبان نحوي بسرعة وهو يمسك بي ليمنعني من السقوط بينما كنت أضع يدي على ذراعي المتألمة.
“هاه…”
غمغمت وأنا أتكلم بصعوبة بسبب الألم.
“هل تريد أن يعلم الجميع أنني أميرة؟”
“…وهل هذا ما يهم الآن؟”
“الخاتم الذي أرتديه هو خاتم سحري لتغيير المظهر، وكان باهظ الثمن.”
لا يمكنني السماح له بأن يصبح عديم الفائدة بهذه الطريقة.
<النظام> ارتفعت القوة الذهنية بمقدار 30.
كان التعويض على تحملي الألم نتيجة الجرح أفضل مما توقعت.
حاولت أن أقف على قدمي، لكن ذلك لم يكن سهلاً.
كدت أسقط مرة أخرى بعد أن خانتني قوتي، واضطر ماركيز إستيفان أن يدعمني مرة أخرى.
نظرت إليه بحذر.
“شكراً… على المساعدة.”
لم يجب بشيء، لكن نظراته ظلت ثابتة عليّ.
أضفت بسرعة.
“على أية حال، سأذهب الآن…”
“وماذا عن الجرح؟”
“إنه ليس بالأمر الجلل.”
عبس ماركيز إستيبان وأطلق تنهيدة عميقة.
‘ما الأمر الآن؟’
بالرغم من وسامته، فإن سماع تنهيدته مباشرة أمامي لم يكن شيئاً مريحاً.
“جرحكِ ينزف دماً.”
“ماذا؟ حقاً؟”
تفاجأت ونظرت بسرعة إلى ذراعي المصابة. كان محقاً.
الثوب الذي تمزق بسبب زخرفة العربة كان مشبعاً بالدماء، ويتمايل بفعل الريح، مما يدل على أن الجرح أصاب الجلد أيضاً، وليس القماش فقط.
“أوه، يا للمأزق.”
كيف سأبرر هذا عندما أعود إلى المنزل؟
“ألستِ منزعجة على الإطلاق؟”
رمشت بعيني عدة مرات قبل أن أجيبه.
“بالطبع أنا منزعجة.”
“عادة، عندما يتعرض أحدهم لجروح كهذه، يصرخ ويغمى عليه.”
“ربما هذا حال الانسات الأرستقراطيات التقليديات، لكنني لم اتعلم بتلك الطريقة.”
“……”
<النظام> ارتفعت القوة الذهنية بمقدار 20.
في الصمت الذي أعقب حديثنا، لاحظت أن قوتي الذهنية ازدادت مرة أخرى. كانت هذه أخباراً جيدة بالطبع، لكن القلق بشأن الجرح كان يطغى على أي شيء آخر.
‘ولكن، كيف سأتعامل مع هذا الجرح الآن؟’
إذا عدت إلى المنزل هكذا، ستكون مشكلة كبيرة.
بينما كنت أتأمل في الأمر بحيرة، تحدث الماركيز فجأة.
“إذا لم تمانعي، يمكنني أن ارافقكِ إلى منزلي لتلقي العلاج.”
“……ماذا؟”
ما هذا العرض المفاجئ من اللطف؟
‘هل هذا ضروري فعلاً؟’
بينما كنت أطرح هذا السؤال في ذهني، تذكرت شيئاً مهماً فجأة.
‘معدل القوة الذهنية!’
إذا لم تخني ذاكرتي، كانت قوتي الذهنية قبل لقاء الماركيز اليوم 50، لكنها ارتفعت مرتين متتاليتين بمقدار 30 و20، مما يعني أنني الآن تجاوزت الـ100.
‘هذا هو التفاعل الذي يظهر عند تخطي حاجز المئة في القوة الذهنية، والذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الإعجاب.’
ثم أدركت شيئاً آخر.
‘من بين الشخصيات القابلة للتفاعل، الماركيز إستيفان كان الأقل من حيث عدد اللقاءات.’
في السيناريو الأصلي، كان من المفترض أن ألتقي به لأول مرة في مشهد رقصة، حيث أترك انطباعاً جيداً وأبدأ ببناء الإعجاب.
لكن في تلك اللحظة، كنت مرتبكة للغاية ولم أتمكن من استغلال الفرصة.
‘جيد، إذن في هذه الفرصة…’
في لمح البصر، خطرت لعقلي خطة ماكرة، فرفعت رأسي بنظرة بريئة.
“هل سيكون من المقبول أن أعتمد عليك بهذه الطريقة؟”
أجاب الماركيز بهدوء.
“من الأفضل لي أن أطمئن على حالتكِ بدلاً من ترككِ هكذا، لذا لا بأس.”
“إذاً، لن أرفض العرض.”
“…….”
“لحظة واحدة فقط.”
ذهبت ألتقط صندوق فطيرة التفاح من الأرض، بالرغم من أنهُ تدحرج هناك، إلا أن حالته لم تكن سيئة للغاية.
الماركيز، الذي بقيّ يراقبني بصمت وأنا أنحني لأحمله، سرعان ما أوقف عربة كانت تمر.
***
كان منزل الماركيز إستيبان في المدينة أقل حجماً مقارنة بقصر عائلة “روزانهير”، الذي كان أقرب إلى قلعة، لكنه كان يتميز بأناقته الخاصة.
‘حتى الحديقة… تبدو أكثر ترتيباً وتنظيماً، وأقل صخباً مقارنة بمنزل عائلتي.’
بينما كنت أتفحص المشهد من نافذة العربة بفضول، نزل الماركيز أولاً من العربة.
ثم، بطريقة مفاجئة، مدّ يده نحوي.
‘هاه.’
بما أنني في هيئة فتاة عادية، وليس في هيئة يوري إلروز، لم يكن من المناسب قبول هذه الإيماءة.
بالرغم من أن أفكاري ظهرت جلياً على وجهي، إلا أن الماركيز لم يسحب يده.
‘حسناً، فليكن.’
بما أن هذا منزله، فإنه بالتأكيد يدرك كيف يتعامل مع أي شائعات قد تظهر.
أمسكت بيده ونزلت من العربة.
سأل كبير الخدم الذي كان بانتظارنا بارتباك.
“سيدي، من تكون هذه الانسة؟”
أجاب الماركيز بهدوء
“إنها خادمة الانسة يوري إلروز.”
“ماذا؟”
وقعت نظرات كبير الخدم المندهشة عليّ، لكن بدا أن الماركيز إستيفان لم يكن ينوي تقديم المزيد من التوضيح.
فاضطررت للتدخل بابتسامة خجولة.
“مرحبًا، كما ذكر الماركيز، أنا روزالين، خادمة الانسة يوري إلروز من عائلة روزانهير. كنت في مهمة نيابة عنها، لكنني تعرضت لإصابة خلال الطريق…”
“يا للأسف!”
تفحص كبير الخدم الجرح الذي بدا أكبر مما كان يعتقد، وتنهد بأسى، بينما أكملت حديثي بصوت مرتبك.
“وهكذا اضطررت لطلب مساعدة الماركيز.”
<النظام> ارتفع مستوى مهارتك في الحوار بمقدار 10 نقاط.
يبدو أن الكذبة نجحت، حيث ارتفعت نقاط مهارتي في الحوار.
“لقد أصيبت بجروح بالغة. أرجوكِ، تعالي معي، سأحرص على علاجكِ فورًا.”
“شكرًا جزيلًا…”
بمرافقة كبير الخدم، توجهت برفقة الماركيز إلى غرفة الاستقبال في منزله.
لم تمضِ لحظات حتى دخل الطبيب لتفحص الجرح.
“لحسن الحظ، الجرح ليس عميقًا لدرجة تحتاج إلى خياطة. رغم نزيف الدم الغزير، فإنه ليس خطيرًا.”
“استخدم الإكسير.”
“ماذا؟”
تفاجأ الطبيب من طلب الماركيز استخدام الإكسير على جرح بسيط كهذا.
“ولكن يا سيدي، الإكسير باهظ الثمن للغاية، ولا يناسب هذا النوع من الجروح…”
كان الطبيب محقًا؛ فالإكسير دواء ثمين للغاية، ولم يكن منطقيًا استخدامه في هذا الموقف.
مع ذلك، بقيت صامتة، متظاهرة بالإحراج.
‘إنه كرمٌ منهُ، فلا أستطيع الرفض.’
اذا عدت إلى المنزل بهذا الجرح، لكان عليّ تقديم تفسير مطول.
في النهاية، تمسك الماركيز برأيه القاطع، وسُكب الإكسير على جرحي.
“رائع…”
تكونت فقاعات خفيفة على سطح الجرح قبل أن تختفي، تاركة بشرتي نظيفة بلا أثر لأي إصابة.
بينما كنت أتأمل في دهشة، أوضح الطبيب.
“رغم أن الجرح شُفي بالإكسير، إلا أن الصدمة التي تعرضت لها لم تختفِ تمامًا. عليكِ توخي الحذر في الأيام المقبلة.”
نطق الطبيب بذلك، لكنه لم يستطع إخفاء نظراته المتفحصة نحوي ونحو الماركيز، وكأنه يشك في طبيعة علاقتنا.
“يمكنك الانصراف.”
“حاضر، سيدي.”
“شكرًا جزيلًا.”
“لا داعي للشكر، أتمنى لكِ الشفاء العاجل.”
بعد مغادرة الطبيب، بقيت وحدي مع الماركيز في غرفة الاستقبال. فشعرتُ بشيء من الحرج.
“أمم… سيدي الماركيز.”
“هل هناك شيء تودين قوله؟”
“أريد فقط أن أشكرك على كل ما فعلت اليوم. لولا مساعدتك، لكنت في مأزق حقيقي.”
رغم كلمات شكري، تنهد الماركيز بعمق، مما أثار استغرابي.
‘يا له من رجل غامض…’
لأنني لم أستطع فهم مشاعره، واصلت النظر إليه بترقب.
“لم أفعل هذا لدعم عادة التجول السري التي يبدو أن لديكِ.”
“… بالطبع.”
كان هذا الرد الحازم متوقعًا.
أومأت برأسي بابتسامة محرجة.
“على أي حال، شكرًا مرة أخرى. سأكون أكثر حذرًا في المستقبل، وأخذ بنصائحك.”
تأملني الماركيز بنظرة جادة قبل أن يعلق.
“هذا يبدو كأفضل وعد تستطيعين تقديمه.”
‘؟’
للحظة، ظننت أنني رأيت ابتسامة طفيفة على شفتيه، لكنني لم أكن متأكدة.
بمجرد أن رمشت بعيني، كان الماركيز قد عاد إلى ملامحه المعتادة.
‘ربما كنت أتخيل فقط.’
ولأنني شعرت بالإحراج، استدرت قليلاً، فرأيت صندوق فطيرة التفاح.
“سيدي الماركيز.”
“نعم؟”
“هذا…”
تناولت الصندوق ووضعته على ركبتي.
“لقد كان ينبغي عليّ التحقق منه سابقًا. دعني أرى… هاه، لم يصبه أي ضرر.”
رغم أن الزاوية كانت مكسورة قليلًا، إلا أن الفطيرة كانت سليمة.
“ما رأيكَ في أن نتناولها معًا؟”
ابتسمت بخجل، بينما كان الماركيز يراقبني بصمت. ثم، وبشكل غير متوقع، أمر خادمه بتحضيرها مع بعض المشروبات.
***
في النهاية، جلستُ أتناول فطيرة التفاح واحتسيت الشاي معه. بعد الانتهاء، أوصلني الماركيز إلى وجهتي.
“روزي، لقد عدتُ.”
“آنستي!”
استقبلتني السيدة روزيتا بقلق.
“لقد تأخرتِ كثيرًا، كنت قلقة.”
“هل شك الحراس في شيء؟”
“لا، لم ينتبهوا لغيابكِ.”
بمساعدة روزيتا، بدلت ملابسي بسرعة. بعد أن أخفت الجرح الذي أثار فضولها قليلاً، خرجت من الباب الأمامي كأن شيئًا لم يكن.
وبمجرد عودتي إلى المنزل…
“لقد تأخرتِ مجددًا اليوم.”
وجدت نفسي أمام كاليكس.
التعليقات لهذا الفصل " 29"