بعد أن أنهيت رقصتي الأولى مع ولي العهد، أصر الإمبراطور على أن أشاركه رقصة أخرى، مدعيًا أن الإمبراطورية لا يمكنها التخلي عن هذه الموهبة النادرة. بفضل هذه اللحظات، استطعت أن أترك انطباعًا قويًا في أذهان الحاضرين بفضل فستاني.
وما إن انتهت الرقصة وعدت إلى مكاني حتى تدافع الحضور نحوي، كلهم يعبرون عن إعجابهم بالفستان.
“يا انسة، فستانكِ حقًا رائع!”
“خاصةً عند دورانكِ، كان انتشار تنورته مدهشًا.”
ابتسمت لهم بامتنان، مرحبةً بكل عبارات الإطراء.
“شكرًا لكم على الإطراء. هذا الفستان صممته لي السيدة روزيتا من ‘متجر روزيتا للأزياء’.”
“متجر روزيتا؟”
كان من السهل أن أوضح لهم موقعه.
“إنه بجوار متجر السيد كامينسكي مباشرةً، المبنى الذي لا يزال قيد الإنشاء.”
وبمجرد أن قلت ذلك، تعرفت سيدات المجتمع الأرستقراطي على الموقع على الفور، وسمعت من بعضهن ردودًا.
” كنت أتساءل ما الذي سيفتتح هناك إذ كان البناء ضخمًا. إذا هو متجر للأزياء!”
“إنه بالفعل متجر الأزياء الخاص بمصممتي الشخصية السيدة روزيتا. ورغم أن البناء لم يكتمل بعد، فإنها تدير صالونًا مؤقتًا في مكان آخر حاليًا. إذا كنتم مهتمين، يمكنني أن ارشدكم للعنوان.”
“شكرًا جزيلاً، يا انسة. يا إلهي، انظروا إلى هذا القماش…”
أخذت أبتسم بلباقة متجاهلة فضول البعض الذي جعلهم يلمسون الفستان، وواصلت الحديث عن متجر روزيتا للأزياء، لأروج لها بكل حماس واحترافية.
<النظام> متجر أزياء السيدة روزيتا الخاصة بك اكتسبت شهرة بسيطة!
<النظام> ارتفعت شهرتك بمقدار 50 نقطة.
<النظام> ارتفعت مهاراتك في الحديث بمقدار 30 نقطة.
كانت زيادة الشهرة نتيجة ترويجي البسيط ممتعة بحد ذاتها. بعد أن انتهيت من جولة الترويج، اتجهتُ مع ولي العهد إلى الطاولة لنشرب مشروبًا باردًا.
“يُقال إن لدي موهبة في التجارة، لكن يبدو أن لديكِ نفس القدر من الموهبة، يا انسة.”
“سأعتبرها مجاملة.”
بينما كان يقدم لي المشروب، خفض ولي العهد صوتهُ.
“أعتقد أنني الآن أدرك السبب.”
“ماذا تعني؟”
“أنكِ لم تكن لديكِ أدنى نية إلا الترويج لهذا الفستان، دون أي نوايا أخرى.”
“حقًا؟”
تظاهرت بالدهشة.
“إذن، كنتَ تظن بالفعل أنني قد أملك نية أخرى تجاهك؟”
“إذا كنتُ أعاني من الوهم الذاتي، فلا ابرر.”
“أجل، أنت كذلك.”
“لكن الآن أشعر برغبة في التبرير…”
ثم خرجنا إلى الحديقة نتحدث بأحاديث عابرة. وفي تلك اللحظة، تزينت السماء بألعاب نارية رائعة بمناسبة ختام مهرجان توار.
“وهكذا، ينتهي مهرجان توار هذا العام.”
وفي تلك اللحظة، هبّت نسمة هواء باردة خفيفة. وبما أن الطقس كان ربيعيًا، شعرت ببرودة مفاجئة جعلتني أضم كتفيّ. ولاحظ ولي العهد ذلك وقال لي أن أنتظر قليلًا.
“سأدخل لجلب شيء ترتدينه.”
“سأنتظر.”
قلت ذلك، واستمررت بالتحديق في الألعاب النارية التي تتلاشى في السماء الليلية.
‘… ها؟’
نظرت حولي لأكتشف أن معظم الحضور عادوا إلى الداخل بسبب البرودة، وبقيت وحدي.
‘هل أعود أنا أيضًا إلى الداخل؟’
لكنني خشيت أن أفوّت على ولي العهد إذا عاد ولم يجدني.
‘لا بأس، سأنتظر هنا. سيعود قريبًا.’
وفجأة، سمعت صوتًا باردًا من خلفي.
“وجدتكِ.”
“!”
صوت كأنه قادم من أعماق كهف، بارد وصافٍ.
‘…!’
شعرت بقشعريرة تتسرب عبر جسدي، وجعلتني ألتفت ببطء نحو الصوت، محاولة الثبات.
“مَن… أنت؟”
“قالوا عنكِ إنكِ تضيئين كالقمر، وتبهرين كاللؤلؤ.”
شعرت بقشعريرة أخرى، لكن الرجل الغامض لم يتوقف عند هذا.
“شعر فضيّ كحامل دماء التنين.”
“!”
انتبهت فجأة لما كان يقصده، واستدرت لأرى رجلًا طويل القامة يُلقي بظله عليّ.
خصلات شعره الأمامية تلمع بلون ذهبي، وعيناه التي تنظران إليَّ بضحكة خفية كانتا حمراوين كالجواهر. كان وجهه من الجمال الآسر بحيث يمكن أن يفتن أي شخص، ولكن…
شعرت كأنني تلقيت ضربة على رأسي من الصدمة.
لأنني…
‘لماذا يظهر “الرئيس الاخير” هنا…؟’
***
الرئيس الأخير، الدوق الأكبر روين. على الرغم من عيبه القاتل بقتل البطلة في معظم النهايات، إلا أنه كان يتمتع بشعبية قوية بين بعض اللاعبين.
‘والسبب هو…’
ببساطة، حتى وإن كان يظهر لفترة وجيزة في النهاية كرئيس أخير، كان جماله يفوق جميع الأبطال الآخرين.
في الواقع، صوته وجماله الاستثنائي جعله محبوبًا بشكل خاص، لدرجة أن العديد من اللاعبين كانوا يطلبون بإلحاح أن يتم إضافة مسار خاص للرئيس الأخير.
بالطبع، هذا الطلب لم يتحقق أبدًا، لكن…
‘إذاً، لماذا هو هنا الآن؟ أليس من المفترض أن يظهر فقط في النهاية ليقتلني؟’
ابتلعت ريقي بصعوبة، غير قادرة على التحدث. كنت أدرك أنه كان ساحرًا بشكل ساحق حتى في الرسوم التوضيحية، ولكن رؤيته وجهًا لوجه كان أمرًا مختلفًا تمامًا.
شعرتُ بضغط رهيب ينبعث منه، وكأنه قادر على قتلي بسهولة، أو ربما اللعب بي حتى اللحظة الأخيرة.
“يبدو أن صمتكِ يعني أن ما أقوله صحيح.”
“…!”
استعدت وعيي فجأة.
‘هذا هو الرئيس الأخير.’
وبسبب ما، هو يبحث عن دم التنين.
والمشكلة هي…؟
‘أنا استخدمته كله.’
يا للعجب! لم أستطع إلا أن أندهش، لكن من أجل البقاء، بدأ لساني يتحرك بسلاسة.
“عذرًا، لا أفهم ما الذي تتحدث عنه…”
نعم، الحل الوحيد هنا هو الإنكار!
لكن لسوء الحظ، في تلك اللحظة…
<النظام> تحذير! مهارة “الخطاب” لديكِ غير كافية!
‘ماذا…!’
ظهر تنبيه مألوف، وفي الوقت ذاته، قام الرئيس الأخير بهز رأسه ببطء.
“لا، لا.”
ظهرت ابتسامة بطيئة على شفتيه.
“ابنة عائلة روزانهير، ألم يُعلّمكِ أحد شيئًا ما؟”
“….”
“حين تكذبين، هذا المكان.”
أشار بإصبعه إلى عينَي.
“وهذا المكان…”
ثم لامست أصبعه حنجرتي، وشعرت بارتجاف تلقائي في حلقي.
“…يرتجفان.”
كانت عيناه الحمراوان تخترقانني، مما جعلني أشعر كما لو كنت مكشوفة تمامًا أمامه.
لكن هذا لم يكن كل شيء…
“…!”
فجأة، أمسك بيدي المتجمدة، ورفعها برفق، وبدأ يفرك إبهامه بلطف على الجزء المجوف من كفي.
ثم همس.
“يمكنني شم رائحة دم التنين هنا.”
شعرت برغبة شديدة في الإغماء.
<النظام> ارتفعت قوة التحمل لديكٓ بمقدار 20 نقطة.
لم أكن في وضع يسمح لي بالاهتمام بالرسائل النظام. كنت أدرك فقط حقيقة واحدة.
‘إن لم أتصرف بحذر، فقد أموت هنا اليوم.’
وهكذا، بسرعة، قررت تغيير مساري.
“نعم، لقد أخذت دم التنين.”
“…”
لم تتغير تعابير الرئيس الأخير، وكأن إقراري بالحقيقة لم يثر أي رد فعل لديه.
‘كيف أتابع الحديث الآن؟’
شعرت بقطرات العرق البارد تتسلل على ظهري. لم أكن أعرف ما أقول، فبدأت بالكلام بشكل عشوائي.
“لكن لا أملكه الآن.”
“لماذا؟”
“لقد استخدمته.”
“في ماذا؟”
“فك ختم الجوهرة.”
لم يكن لدي الخيار سوى قول الحقيقة.
“الجوهرة؟”
“…”
“هل تقصدين جوهرة روزانهير؟”
في تلك اللحظة، شعرت بغرابة وكأن إجابتي ستفتح بابً على أحداث لا يمكن التراجع عنها.
ولكن، على الرغم من ذلك، لم يكن لدي خيار سوى الإجابة.
“…نعم.”
وفي تلك اللحظة…
<النظام> لقد التقيت بالارشيدوق “كاميل سي روين”!
<النظام> تم تفعيل “المهمة السرية: دم التنين مع الارشيدوق روين”!
<النظام> الارشيدوق يبحث عن دم التنين. ستحقق المهمة بنجاح إذا قدمتِ لهُ دم التنين.
‘؟’
لماذا يظهر تنبيه يعلن عن لقاء الرئيس غير قابل للسيطرة كمهمة سرية؟
‘ومهمة سرية؟’
لكن رسائل النظام لم تتوقف عند هذا الحد.
<النظام> من الآن فصاعدًا، لن يتم إشعاركِ بارتفاع مستوى الاعجاب.
ماذا؟
‘هل هذا يعني… أن نظام الإشعارات اختفى؟’
لم أكن أستوعب الموقف، إذ كان ذلك النظام بمثابة بوصلة لي في هذا العالم الغريب.
وفجأة…
“كاميل؟”
لحسن الحظ، ناداه صوت مألوف باسمه.
كان ولي العهد.
للحظة، شعرت بأن نظرات الارشيدوق قد انطفأت.
“إيدريان كاسيس.”
كان صوته خافتًا بشكل واضح، على عكس نبرته الحادة معي.
ولي العهد ضحك ببرود كعادته.
“ليس لدي فكرة عن ماذا يفعل ابن عمي العزيز مع شريكتي.”
“لا شيء.”
ابتسم الارشيدوق، وجعل ابتسامته مغرية بطريقة ما.
“أليس كذلك، يا انسة؟”
لم يكن بوسعي قول شيء آخر.
“نعم… كنا فقط نتبادل التحيات.”
أكثر تحية خطير قد مرت عليّ في حياتي.
ولي العهد، الذي يبدو أنه فهمني تمامًا، رد بابتسامة.
“لقد شعرت بقشعريرة.”
“ربما بسبب البرد…”
“…”
تنهد ولي العهد وألقى بشال دافئ على كتفي.
“أعتقد أنه من الأفضل العودة إلى الداخل، يا انستي.”
“نعم…”
في وسط ذهولي، انحنيت قليلًا باتجاه الارشيدوق، مودعةً إياه باحترام.
‘لا أدري ما العواقب التي قد أواجهها إن لم ألقِ تحية الوداع…’
التعليقات لهذا الفصل " 27"