***

 

“!”

 

تبادلتُ أنا وكاليکس النظرات، ثم اندفعنا نحو المكتب بسبب الصوت غير المألوف. في تلك اللحظة، فتح كاميل الباب وخرج بوجه حائر.

 

“أعتقد أن علينا استدعاء شخص ما.”

 

“ماذا؟ ماذا حدث؟”

 

“إنه…” تَلَمَّس كاميل خلف رقبته بإحراج.

 

“لقد أمسك حماي مؤخرة رأسه.”

 

“ماذا؟ أبي!”

 

تذكرتُ مشاهد نزيف الدماغ التي تحدث غالباً مع رؤساء الشركات في الدراما، فسارعتُ باستدعاء الطبيب الخاص.

 

“الأمر ليس خطيراً. يمكن القول إن تلقي خبرٍ يسبب ضغطاً نفسياً كان له تأثير سلبي بعض الشيء، نظراً لأن الآثار الجانبية لمرضه لم تُشفَ بالكامل بعد.”

 

“…”

 

كان والدي يئن ويتكئ على كرسيه الوثير وكمادة مبللة على رأسه.

 

أدركتُ متأخرة مدى سخافة الموقف، فوبختُ كاميل على الفور.

 

“أخبرني، ماذا وكيف قلت حتى أمسك والدي مؤخرة رأسه؟”

 

“أنا بريء. لم أقل شيئاً سوى: ‘لقد عرضتُ الزواج على الاميرة يوري، وحصلتُ على موافقتها’.”

 

“ولماذا تظن أن هذا ليس شيئاً عظيماً لتقوله؟ من الطبيعي أن يُغمى عليه عند سماع هذا الخبر!”

 

أرسل والدي إلينا نظرة غير مرتاحة، مؤيداً كلام كاليکس.

 

“يا صاحب السمو الارشيدوق.”

 

“تفضل بالكلام، يا حماي.”

 

“…هل يمكن أن تخرج لحظة؟ أريد التحدث مع ابنتي.”

 

بعد طرد كاميل وكاليکس، أزال والدي الكمادة عن جبهته بعصبية.

 

“يوري.”

 

“نعم.”

 

تنهد والدي تنهيدة معقدة ونظر في عينيَّ.

 

“أريد أن أحترم رأيكِ، لكن… هل أنتِ متأكدة من أن هذا الرجل مناسب حقاً؟”

 

بالنسبة لوالدي الذي كان يرى في سيدريك زوجاً مناسباً لابنته، بدا كاميل خياراً جذرياً للغاية.

 

‘بالتأكيد، لو كنتُ أنا، كنتُ سأرشح سيدريك كشريك حياة لابني.’

 

لا يمكنني أن أقول هذا لكاميل أبداً، لكن هذه هي الحقيقة، أليس كذلك؟

 

لم تكن لدي الكثير من الحجج لإقناع والدي. كانت المزايا الوحيدة التي يمتلكها كاميل على سيدريك هي أنه أكثر ثراءً وذا مكانة أعلى.

 

‘ماذا أيضاً؟ ربما وسامته؟’

 

لكن والدي لم يكن شخصاً يهتم بمثل هذه الأمور.

في النهاية، كل ما كان بإمكاني قوله هو:

 

“أبي.”

 

“نعم.”

 

“أنا أحب هذا الرجل.”

 

“…”

 

“أشعر أنني سأكون سعيدة بالزواج منه.”

 

أغمض والدي عينيه بعد سماع كلامي. ساد صمتٌ للحظة.

 

“…اطلبي من صاحب السمو الارشيدوق أن يعود.”

 

“نعم.”

 

فتحتُ باب المكتب مرة أخرى.

 

“ماذا حدث؟”

 

كان كاميل ينظر إليّ بملامح قلقة لم أرها عليه من قبل. بدلاً من أن أقول شيئاً، رفعتُ كتفي وأشرتُ بيدي إلى الداخل.

 

لم تطل محادثة الرجلين. خرج كاميل بعد فترة وجيزة بملامح حائرة. وقال:

 

“لقد حصلتُ على الإذن.”

 

ثم تمتم بعدم تصديق:

 

“كنتُ أتوقع أن ينفجر رأسه غضباً…”

 

“هل إلى هذا الحد؟”

 

رفع كاميل كتفيه.

 

“أنا لستُ من النوع الذي يحظى بترحيب الكبار، أليس كذلك؟”

 

“أنت…”

 

نظرتُ إلى كاميل بتفاجؤ طفيف.

 

“لقد كنتَ على دراية بوضعك إذن.”

 

“هذا يؤلمني، هل تعلمين؟”

 

ابتسم بتهكم، ثم عاد كاميل ليتأمل.

 

“على أي حال، كنت أتوقع صعوبات كبيرة. ماذا قلتِ بالضبط حتى وافق والدي، وقد تخلص من كل غضبه؟”

 

“…”

 

“يا حبيبتي؟”

 

“ما زلتُ أفكر فيما إذا كنتُ سأخبرك أم لا.”

 

“ما هذا؟ لا يمكنني تحمل الفضول. هل تخططين لإنشاء أسرار في حياتنا الزوجية؟”

 

“لا تسبق الأحداث.”

 

حسناً، ربما لا يضر إخباره.

 

أمسكتُ أذن كاميل بيدي وجذبتُه نحوي. وهمستُ له بالجواب في أذنه:

 

“قلتُ إنني… سأكون… سعيدة بالزواج منك.”

 

“…ما رأيك؟”

 

“رائع.”

 

ابتسم كاميل. كانت منطقة عينيه محمرة قليلاً.

 

“كانت أروع كلمات سحرية في العالم.”

 

في طريق العودة، وقع حادث صغير عندما نادى كاميل كاليکس بـ”حماي”، مما أثار غضب كاليکس، لكن بشكل عام، انتهى الأمر دون إراقة دماء.

 

على الرغم من أننا تجاوزنا أكبر عقبة بسهولة على نحو غير متوقع، لم يكن هذا هو الأمر الوحيد المتبقي.

 

***

 

عدتُ إلى غرفتي بعد أن ودعتُ كاميل، وفتحتُ درج مكتبي.

 

رحبت بي قلادة تحمل مفتاحاً صغيراً بهدوء.

 

“…”

 

كان هذا هو المفتاح الذي أهداه لي سيدريك في يوم من الأيام.

 

“اعتقدتُ أنه يجب أن يكون لديكِ مكان واحد على الأقل يمكنكِ الهروب إليه عندما تكونين في محنة.”

 

أمسكتُ بالمفتاح. لكنني لم أستخدمه.

 

لم يتفاجأ سيدريك بزيارتي المفاجئة. تقبل زيارتي بهدوء، وكأنه شخص توقع هذا الأمر بطريقة ما.

 

“سيدريك.”

 

“نعم.”

 

أومأ سيدريك برأسه وهو يضع فنجان الشاي جانباً بأناقة.

 

“تفضلي بالكلام.”

 

ترددتُ في فتح فمي لسبب ما.

 

كان بإمكاني أن أتجاهل الأمر وأعود إلى المنزل، وأعيد المفتاح عبر مرسال.

 

لكنني لم أرد أن أتعامل مع مشاعر شخص بهذه الطريقة.

 

فكرتُ في المشاعر التي أظهرها لي سيدريك. كان يستحق على الأقل إجابة مناسبة.

 

“…على الرغم من أنني لم أتم عامنا الموعود.”

 

أخرجتُ العلبة التي تحتوي على قلادة المفتاح من حضني.

 

“جئتُ لأعيدها إليك.”

 

“…”

 

تقبل سيدريك العلبة التي قدمتها له بهدوء.

 

“على الرغم من أنني كنت أتوقع ذلك.”

 

كان طرف صوته متصدعاً قليلاً.

 

“لكن التوقع لا يعني الاستعداد، على ما يبدو.”

 

“لا أعرف إذا كان يجب أن أقول هذا، ولكن… سيدريك.”

 

“نعم.”

 

“أنا ممتنة لكل المشاعر التي أظهرتها لي. بصدق.”

 

اعتقدتُ ذلك حقاً. كانت مشاعر سيدريك دائماً هدية تفوق قيمتها. لم أستطع الرد بنفس القدر من الحب على صدقه المهذب، لكن لهذا السبب زاد امتناني.

 

نظر إليّ سيدريك بصمت. وسألني:

 

“هل تعتقدين ذلك حقاً؟”

 

“نعم.”

 

أومأتُ برأسي بحزم. عندئذ، ابتسم سيدريك قليلاً.

 

“إذا كنتِ تعتقدين ذلك حقاً، أتمنى أن تظلي صديقتي في المستقبل.”

 

“ماذا؟”

 

تفاجأتُ.

 

“بالتأكيد، لا، إذا لم يكن الأمر غير مريح لك، فأنا بالتأكيد أرغب في ذلك.”

 

“الأمر ليس غير مريح. كل ما في الأمر هو…”

 

ابتسم سيدريك بأسى.

 

“لا أريد أن أصبح صفحة ممزقة من حياتكِ فحسب.”

 

“…”

 

“حتى لو كانت هذه المشاعر أنانية.”

 

ماذا يشعر المرء عندما يُرفض حبه؟

 

وماذا يشعر المرء عندما يطلب في هذا الموقف: “كن صديقي على الأقل”؟

 

أمام مشاعر لا يمكن قياسها، لم يكن هناك الكثير مما يمكنني فعله.

 

كان عليّ فقط أن أومئ برأسي.

 

“في النهاية، حدث هذا.”

 

***

 

عندما أعلنتُ خبر الزواج، كان رد إيان واضحاً.

 

“حسناً… على أي حال، نعم.”

 

قلتُ بتلعثم وتلمستُ خلف رقبتي قليلاً. أومأ إيان برأسه بابتسامة يصعب فهمها.

 

“أنا آسفة لأنني أخبرتكِ بخبر غير ضروري كهذا وأنتِ مشغول بالتحضير لمراسم الخلافة.”

 

“ليس غير ضروري.”

 

تلقف إيان كلامي بلطف.

 

“بل إن شعوري أفضل لأن الدوقة أخبرتني بالخبر بنفسها هكذا.”

 

“هل… هل هذا صحيح؟”

 

قال إيان بلطف وبشكل منعش: “هذا أفضل من أن أتلقى صفعة من كاميل دون أن أعرف أي شيء.”

 

“اعتقدتُ ذلك أيضاً، ولهذا جئتُ بنفسي…”

 

لو كان الأمر بيد كاميل، لكان أثار غضب إيان بكل أنواع الكلام قبل أن يعلن عن زواجنا كنهاية مثالية.

 

كان الأمر واضحاً.

 

“على أي حال.”

 

رفع إيان كتفه.

 

بعد حادثة محاولة إحياء ملك التنانين، أصبح لزاماً عليه أن يصلح شؤون الدولة الفوضوية، ويزيل آثار الشر الذي كان الإمبراطور يمارسه سراً، ويجهز في الوقت نفسه لمراسم الخلافة.

 

علاوة على ذلك، كانت هناك بالفعل أحاديث كثيرة حول من يجب أن تكون الإمبراطورة، خاصة مع صعود إمبراطور شاب.

 

“على الرغم من أنني ضيق الأفق ولا أستطيع أن أهنئكِ بالكامل…”

 

شعرتُ بالانكماش قليلاً دون أن يكون لي ذنب.

 

‘لقد بذلتُ قصارى جهدي لتجنب مسار العلاقة الرومانسية.’

 

كيف آل الأمر إلى هذا؟

 

نظر إليّ إيان، وأنا مرتبكة، وقال بهدوء:

 

“لكنني أتمنى لكِ السعادة.”

 

“…”

 

كم هو صعب مواجهة الصدق هكذا.

 

على الرغم من أنه ليس شيئاً يجب أن أعتذر عنه، لم أستطع إلا أن أشعر بالأسف.

 

“لا تشعري بالانزعاج. أنا من أحببتُكِ من تلقاء نفسي لأنكِ شخص رائع جداً.”

 

“إيان أيضاً شخص رائع.”

 

“رائع، لكن ليس بالقدر الذي يجعلكِ تقبلين مشاعره؟”

 

“آه، حقاً!”

 

“هاها. كنتُ أمزح.”

 

ابتسم إيان ولوّح بأصابعه ببطء.

 

“ستشعر سيسيليا بخيبة أمل. لقد كانت مصممة على أن تكوني زوجة أخيها.”

 

لم أجد ما أقوله.

 

“عليها أن تلوم أخاها غير الكفؤ.”

 

“أنت تبتسم بلطف، فلماذا أشعر بمرارة كبيرة في كلماتك…؟”

 

“أوه، لقد كُشِف أمري.”

 

“إيان.”

 

انفجر الإمبراطور الشاب ضاحكاً بشكل منعش. لم يكن لدي خيار سوى أن أضحك معه.

 

بعد أن هدأت موجة الضحك، قال:

 

“أنا لا أمزح. كوني أسعد ما يمكن.”

 

“…”

 

“حتى لا أندم على هذه اللحظة التي تركتكِ فيها.”

 

مرة أخرى، لم يكن لدي الكثير لأقوله.

 

“سأتذكر ذلك.”

 

<النظام> جاري التحميل…….

 

<النظام> تهانينا! اكتمل تثبيت نظام تغيير الإقامة.

 

العالم الذي أنقذته يرحب بـ ‘العائدة’.

 

سيتم إغلاق نظام الألعاب قيد التشغيل نهائياً. شكراً لك على استخدامكِ إياه.