كانت المهلة التي منحتها لي سمة التطهير، والتي تجلت عليّ كالكارثة، توشك على الانتهاء.
‘كم تبقى؟ نصف يوم تقريبًا؟’
إذا لم أستهلك قوة تطهير تزيد على 1000 خلال ذلك الوقت، فإن المانا خاصتي ستبدأ بالتناقص.
‘لا، هذا لا يجوز!’
‘ماناي الثمينة! كم عانيت وجاهدت في سبيل جمعها، والآن سأدعها تتبخر هكذا؟!’
اشتعلت عيناي بعزيمة لا تلين.
قال كاميل وهو يرمقني بنظرة متفاجئة:
“أميرتي، لماذا تنظرين إليّ فجأة بذلك البريق الناري؟”
“جلالتك.”
لقد اتخذت قراري. لن يوقفني أحد بعد الآن.
“ناولني يدك من فضلك.”
“يدي؟”
ظهرت لمعة غريبة في عيني كاميل.
“يا إلهي، يا أميرتي…”
فأسرعت بالقول:
“أسبق وأقولها لك بوضوح: لا تفهم الأمر على نحوٍ خاطئ، هذا ليس ما تظنه!”
“بعد أن أتيحت لكِ الفرصة لتأمل هيئتي العارية كيفما شئتِ، تريدين الآن إمساك يدي أيضاً؟”
حرك كاميل رأسه نافيًا، وكأنه يفعل ذلك عن قصد لإثارة أعصابي.
“أراكِ تنوين التلاعب بي تمامًا.”
“قلت لك إن الأمر ليس كذلك!”
حقًا، كل كلمة منه تثير الأعصاب!
“وهل يُعقل أن يُسمى هذا تلاعبًا لمجرد إمساك اليد؟ هذا غير منطقي!”
“ينبغي أن تضعي في اعتباركِ خصوصية المكان، أميرتي.”
ردّ كاميل على الفور، بنبرة لا تخلو من المكر.
“نحن في حمام كبير، وأنا كنت أستحم. في مكان كهذا، حتى مجرد لمس اليد يمكن أن يحمل الكثير من الدلالات.”
“آه…!”
كان لبقًا إلى درجة مستفزة.
ولما عجزتُ عن الرد، سارع إلى تقمص ملامح حزينة، وكأن حاله يُرثى لها.
“لا مفرّ إذن. رغم أن أميرتي لا تمنحني قلبها، إلا أنها تتلاعب بي…”
“قلت لك إن الأمر ليس كذلك!”
“لكن إن أصرت أميرتي على ذلك، فماذا بيدي؟”
تنهد كاميل بأسى، ثم بدأ يقترب نحوي.
“!”
دون أن أشعر، خطوت خطوة إلى الوراء فزعًا، فرفع حاجبه بإعجاب ساخر وكأنه يقول: “كما توقعت.”
“ألم تقولي إنكِ ستُمسكين بيدي؟ لماذا تهربين إذن؟”
“لأني… حين اقتربت هكذا، تصرفتُ دون وعي…”
بلعت ريقي بصعوبة. حتى الآن كنت أشعر بالتوتر، ثم بالغضب، لكن الآن…
هذا الرجل…
رغم أنني أرفض الاعتراف، فإن مواجهته بهذه الصورة مباشرة… إنها ببساطة أكثر من اللازم.
الوضع محفوف بالإغراء.
وجهه الوسيم يبتسم بهدوء، وقطرات الماء تنزلق على عضلات جسده المشدود، المصقول حتى أقصى درجات الكمال الإنساني.
لكن إن أشحتُ بنظري الآن، فسأتعرض للسخرية في الحال. لذا، لم أجرؤ حتى على أن أشيح بوجهي.
“هل في اقترابي مشكلة ما؟”
سألني كاميل بصوت أخفض من ذي قبل.
“ألم تقولي إنكِ ستمسكين بيدي؟ من هذه المسافة، لا يمكن فعل ذلك.”
“صحيح أنني قلت ذلك، لكن…”
“إن لم يعجبكِ أن أقترب، فهل تأتين أنتِ إليّ بدلاً من ذلك؟”
“أنا؟!”
“نعم.”
أومأ كاميل برأسه قائلاً:
“سأبقى في مكاني هكذا، بانتظاركِ، فاقتربي أنتِ وامسكي بيدي.”
‘هل هذا أهون قليلاً؟’
بدأت أضعف للحظة، ونظرت إلى المسافة بيننا.
لكن سرعان ما أدركت أنه إن أردتُ إمساك يده، فلابد من النزول إلى الماء حيث يجلس.
‘مرفوض تمامًا! هذا مستحيل!’
أطلقت تنهيدة قهر، ووضعت يدي على وجهي، ثم همست بصوت بالكاد يُسمع:
“من فضلك… اقترب أنتَ قليلًا.”
“كما تشائين.”
رد كاميل، وسمعت نبرة ضحكة خفيفة في صوته.
“سأفعل ما ترغبين به.”
سمعت صوت الماء يتلاطم وهو يقترب مني.
فتحت أصابعي قليلًا وأنا أغطي وجهي، فرأيته من خلال الفجوة بينهما.
كان يبتسم، لكن ابتسامته هذه المرة لم تكن ساخرة كما كانت من قبل، بل كانت دافئة، تحوي شيئًا من المودة والحنو، وذلك… كان أكثر إحراجًا بالنسبة لي.
“والآن، ما الذي تنوين فعله؟”
“الـ… اليد.”
تمكنت أخيرًا من فتح فمي والرد بصوت خافت.
“رجاءً… مد يدك إليّ قليلًا.”
“تفضلي.”
مد كاميل يده بسهولة دون تردد، وأخذ يرمقني بنظرة ثابتة وكأنه يراقب ما سأفعله.
هاه، نفسٌ عميق…
لم يكن من الممكن أن أبقى خجلة إلى الأبد. أخذت نفسًا طويلًا، ثم مددت يدي ببطء.
أطراف أصابعي المرتجفة لامست أطراف أصابعه بخفة. لحسن الحظ، لم يتحرك أو يتصرف فجأة، مما منحني بعض الطمأنينة.
فشدَدت قبضتي قليلًا وأمسكت بيده.
عندها فقط، بدأ كاميل يبادلني القبضة برفق، وكأن يديه تحتضن يدي.
الآن عليّ فقط انتظار رسالة النظام…
في تلك اللحظة بالذات—
“!”
شعرت بجسدي يُسحب فجأة نحوه. لقد كان كاييل!
“م-مهلًا…!”
!
ارتفع صوت الماء عاليًا، وبلا فرصة للرفض، وجدت نفسي بين ذراعيه العاريتين.
دفعته بيدي عن كتفيه غريزيًا، محاولة أن أخلق مسافة بيننا، لكنه كان قد أحاطني بشدة. ونظرته… لم تكن كما كانت من قبل.
“صاحب السمو، هذا…”
“بما أنكِ تلعبين بي، فلتفعليها بجدًا.”
“ماذا؟!”
كنت على وشك الردّ والاحتجاج على ما يقصده بـ “اللعب”، لكنني عندما التقت عيناي بعينيه المبللتين والمليئتين بالعاطفة… لم أستطع النطق بشيء.
حسنًا، إن نظرنا للأمر من جانبه… أنا أطلب منه الإمساك بيدي بينما أرفضه علنًا. فلا عجب أن يشعر أنه يُستخدم أو يُستهزأ به…
… لا، لا، لحظة واحدة.
كادت أفكاري أن تستسلم تمامًا، لكنني استعدت رباطة جأشي للحظة.
“ماذا تعني بـ ‘اللعب بجد’…؟”
كنت على وشك السؤال، حين—
“!”
اقترب وجه كاميل فجأة.
ومن على بعد أنفاس من شفتيّ، مال برأسه قليلًا وقال بصوت خافت:
“أعني هذا.”
ثم انطبقت شفاهه على شفتيّ.
“آه…!”
ضغط برفق، ثم ما لبث أن قَبل شفتَي السفلى وكأنه يستأذنني.
وهمس، وشفته لا تزال تلامس شفتيّ:
“إن كنتِ ستلعبين بي، فعلى الأقل اسمحي لي بقبلة.”
“……”
<النظام> تحذير! تم رصد “الطاقة السحرية المشوهو”.
<النظام> هل تودين استخدام قدرة التطهير؟ نعم أو لا.
أمام عينيّ كان هناك خياران لا ثالث لهما:
إما أن أدفعه بعيدًا.
أو أن أسمح له بمتابعة ما يفعله، وأستغل الفرصة لتفعيله كهدف للتطهير.
وخلال لحظة القرار—
<النظام> جاري استخدام قدرة التطهير.
… أغمضت عينَي.
<النظام> إجمالي قوة التطهير الحالية: 5014
<النظام> محاولة تطهير بمقدار 2006…
بينما انبثقت رسالة النظام داخل رأسي، سمعت صوت كاميل يتمتم:
“لقد سمحتِ لي بنفسكِ، يا أميرتي…”
وفي اللحظة التي بدأ فيها الضوء الذهبي يتصاعد من جسدي، كان كاميل قد طبع قبلة ثانية على شفتيّ.
شدَدت يدي على كتفه دون وعي من فرط التوتر،
فابتسم كاميل ضاحكًا بخفة، حتى أنني شعرت بضحكته من خلال التلامس بيننا.
“أنتِ لطيفة…”
همس بصوت أجش، مائل للخمول، ثم مرّر لسانه بلطف بين شفتيّ، شاقًا الطريق إلى الداخل.
“أهمم…!”
ارتجفت كتفيّ بسبب اللمسة الدقيقة.
لكن كاميل لم يتوقف، بل مال أكثر، ولسانه يداعب كل جزء من فمي بلطف لا يُحتمل.
كان الصوت الناتج عن القبلات المرتبكة يرتدّ في أذنيّ، أكثر تأثيرًا من التلامس نفسه.
لم أستطع تحمل تلك الدغدغة فخرج صوت تنهد مكتوم من حلقي.
عضّ كاميل شفتي السفلية بلطف، ثم فصل شفاهه عني محدثًا صوتًا رطبًا.
“سأتوقف عند هذا الحد لليوم.”
في تلك اللحظة بالذات، ظهرت رسالة النظام:
<النظام> تم التطهير بمقدار 2006!
<النظام> تم تحقيق شرط “الخصلة التطهيرية: ما يُفرغ يُملأ”!
<النظام> لا يوجد نقصان في الطاقة السحرية.
<النظام> تم إعادة ضبط المؤقت الزمني.
نجحت…
كان هذا كل ما استطعت التفكير فيه وسط الدوخة التي أصابت رأسي.
رمقني كاميل بنظرة هادئة، ثم فجأة، ضمني بقوة حتى شعرت وكأنه سيكسرني.
“هاه… لم أعد أستطيع كبح نفسي.”
“صاحب السمو؟”
“فقط مرة واحدة…”
لعق شفتيه الجافتين، ثم نظر إليّ بعينين مترجيتين.
“ألا تسمحين لي بمرة أخرى فقط؟”
“هـ… ها؟”
“ألا تشعرين بالشفقة على رجلٍ مثلي؟”
“أين الشفقة في هذا؟!”
“قاسيةٌ أنتِ… أن ترفضي رجلاً سمح لكِ باللعب به بكل طواعية…”
قالها بأسى مصطنع، ثم تابع بتوسل:
“مرة واحدة فقط… أرجوكِ؟”
لم تكن لديّ أي مناعة أمام هذا النوع من الإغراء.
احمرّ وجهي تمامًا، وقلت بتلعثم:
“أرجوك… دعني وشأني الآن…”
“لا أريد…”
ثم دفن وجهه عند عنقي، قريبًا من عظم الترقوة، وكأنه طفل مدلل.
“آه… ل-لحظة فقط…”
خرج صوت منّي رغماً عني، بسبب الدغدغة،
وسرعان ما دفعته عنّي قليلًا، لأجد أن عينَيه الحمراء قد غمرها سحر غير مألوف.
“يا أميرتي…”
“م-مهلًا… همف.”
وقبل أن أتمكن من منعه، انطبقت شفاهه على شفتيّ من جديد.
هذه المرة، كانت القبلة أكثر شدة، نهِمة كمن يلتهم فريسته.
رغم أنني أطلقت أنينًا مرتجفًا منذ البداية، لم يتوقف كاميل هذه المرة.
فلم يكن أمامي سوى أن أقبض بكلتا يدي على كتفيه العريضتين، لكن بشرته الرطبة المشدودة جعلت يدي تنزلق عليه بلا جدوى.
في تلك اللحظة—
“…صاحب السمو الارشيدوق؟”
“!”
صوتٌ مألوف.
لقد كانت إيليني.
التعليقات لهذا الفصل " 117"