وبما أنني قد مددت رأسي قليلًا للنظر، لمحت أن حالة القرية كانت أكثر خطورة مما توقعت. الطرق كانت وعرَة مليئة بالحفر والتشققات، ولم تكن هذه هي المشكلة الوحيدة، بل كان هناك عدد لا بأس به من المنازل التي فقدت أسقفها أو انهارت بالكامل.
وفي تلك اللحظة بالذات،
“أمي! انظري إلى هناك!”
صاح أحد الأطفال الذين كانوا يقفون خلف ممثل القرية، وهو يشير نحونا.
“إنها تشبه تمامًا تلك القديسة التي رأيناها في الصحيفة!”
آه!
في تلك اللحظة فقط، تذكرت بصعوبة مقالاً غريبًا نشر في الصحيفة مؤخرًا، حمل صورتي وعنون بـ “القديسة التي هزمت الوحوش.”
‘يا ألهي، ماذا أفعل الآن؟’
لكن الوقت كان قد فات، فقد استدار الجميع فجأة نحوّنا بعد صراخ الطفل.
وبمجرد أن تأكدوا من وجهي، أطلق الناس صيحات من الدهشة والذهول في آنٍ واحد.
“ح-حقًا، لقد جاءت القديسة بنفسها…!”
‘هاهاها، وماذا أفعل الآن؟’
حينها، لم يكن من اللائق أن أخفي وجهي بصمتٍ فجأة، فلوّحتُ بيدي قليلاً نحو الناس في محاولة لتهدئتهم.
“آآه…!”
“القديسة تلوّح لنا بيدها!”
لكن بدلاً من أن يهدأ الناس، ازدادت صيحاتهم تأثراً وحماسةً، وبعضهم بدأ يذرف الدموع من شدة المشاعر.
“شكراً جزيلاً، شكراً يا صاحب السيادة الدوق الصغير!”
“لقد أحضرت القديسة إلينا!”
“لقد نُجينا الآن!”
“القديسة، أرجوكِ أن تنقذينا!”
تصبّب العرق البارد على جبيني. التقيت بنظرة قلق من كاليكس، لكن الحشد لم يتوقف عند هذا الحد.
“القديسة!”
“القديسة، امنحينا بركتكِ!”
“زوجي جُرح، يا قديسة!”
“نخشى أن تعود الوحوش مجدداً!”
تجمّع الناس بالقرب من العربة التي أركبها، وهم يصرخون مطالبين وناشدين.
“تراجعوا!”
حاول الفرسان صدّ الحشود لكن دون جدوى.
“القديسة! القديسة!”
“أرجوكِ أنقذينا!”
“نحن خائفون جداً، يا قديسة! أدفعي الوحوش بعيداً!”
رغم توسلاتهم، لم يكن بإمكاني إرسال الوحوش التي سبق وقمنا بهزيمتها مرة أخرى.
كنت مرتبكة، لكن في لمح البصر تدفق الناس حتى أصبحوا على مقربة من النافذة، يمدون أيديهم وهم يصرخون بمطالبهم.
“القديسة!”
“لا تدفع! أنا أولاً!”
“القديسة، انظري هنا!”
“بركة على بالفالون! بركة على بالفالون!”
عندما بدأ أحدهم في الصراخ بذلك، بدأ الناس يرددون الهتاف واحداً تلو الآخر.
“بركة على بالفالون! بركة على بالفالون!”
وفي ذروة هذه الهتافات، إذ فجأة،
“…افتحوا الطريق!”
ركضت مجموعة من الأشخاص على الخيول من وسط القرية نحو المكان الذي نحن فيه.
سرعتهم كانت كبيرة، وبعد وقت قصير أصبح من الممكن تمييز وجوههم.
“الأمير، صاحب السمو؟!”
نادتُ وأنا أُشيرُ إليه، فاندهش الناس الذين كانوا يطلبون البركة وتوجهوا إلى الخلف ينظرون.
“صاحب السمو الأمير!”
“لقد جاء صاحب السمو الأمير!”
إيان، الذي كان على رأس المجموعة، يركب حصاناً أبيض وشعره الأشقر يتطاير، وكان بوضوح يبدو كالأمير حتى لمن لا يعرفه.
أمر إيان مجدداً بصوتٍ قوي:
“تراجعوا عن العربة!”
أثارت أوامر الأمير ردود فعل فورية، فتراجع الناس عن العربة ببطء، إذ لم يكن حبهم للقديسة يفوق احترامهم لأوامر الأمير.
في تلك اللحظة، فتح باب العربة المقابل مع صوت طقطقة…
التعليقات لهذا الفصل " 115"