بعد انتشار شائعات عن قيام يوري بتقليد ملابس إيليني، مما تسبب لها في بعض الإحراج، فقام قدم لها ولي العهد مصممة أزياء جديدة كان قد اكتشفها.
وبمجرد أن ارتدت يوري تصاميمها الفريدة، وصحبها ولي العهد بنفسه، سرعان ما نالت هذهِ المصممة شهرة واسعة.
وهكذا، قررتُ أن أبحث عن هذا المصمم الناشئ بنفسي.
‘ومن أجل ذلك…’
عليَّ الخروج!
لم يكن من الضروري إخفاء وجهي، ففي النهاية لدي حجة مشروعة للبحث عن مصممة أزياء جديدة لتكون بديلاً عن السيد كامنسكي.
“آنستي، هل ستخرجين اليوم؟”
“نعم، أحتاج إلى مصمم جديد، كما تعلمين.”
“أوه، مصمم جديد…”
بدت الخادمات منزعجات بعض الشيء، ويبدو أنهن كنَّ يشعرن بالحزن حقاً لأنني لم أعد أرتدي تصاميم السيد كامنسكي.
“لكن هل من الضروري أن تخرجي بنفسكِ من أجل العثور على مصمم جديد؟”
“إذا كنتِ بحاجة لشخص، يمكننا أن نخرج ونتفقد الخيارات، ثم ندعوه للمجيء إلى القصر…”
“أريد فقط تنفّس بعض الهواء النقي، إنها مجرد نزهة لتغيير الجو.”
أجبت الخادمات بإجابة مقتضبة، ثم أكملت استعدادي.
كانت هذه أول مرة أخرج فيها منذ أن أصبحت يوري إلروز، فشعرت بالحماس ولم أتمالك نفسي من ترديد لحن مرح بينما كنت أتوجه نحو العربة.
لكن فجأة…
“هل ستخرجين؟”
“أوه! لقد أفزعتني!”
عند سماعي صوتًا من جهة غير متوقعة، انتفضتُ والتفتُ بسرعة.
“كاليكس… إنه أنت.”
“همم.”
نظر إليَّ كاليكس بتعبير غير مريح.
“يبدو أنكِ تفاجأتِ بشكل مبالغ فيه.”
“أه؟ بالطبع، لقد فاجأتني حقاً.”
“……”
“على كل حال، هل كنت تتدرب على المبارزة؟”
“نعم، شيئاً من هذا القبيل.”
أومأ كاليكس برأسه، مرتديًا زيًا تدريبيًا بسيطًا مع سيف معلق عند خصره. فكرتُ في نفسي.
‘هل ساحة التدريب قريبة من هنا؟’
ثم هززت رأسي بإيجاب.
“حسنًا، سأذهب الآن. إذا كنت بحاجة إلى شيء ما عند عودتي…”
“لا، ليس هناك شيء.”
كما توقعت، ليس بحاجة إلى شيء.
بينما كنت أفكر في أسلوبه المتحفظ كالعادة، رفعت طرف فستاني وصعدت العربة بخفة.
‘أوه، هذا صعب بعض الشيء.’
لكنني نجحت في الصعود إلى العربة بالإمساك بمقبض الباب بجانبها دفعة واحدة.
‘يا للراحة.’
جلستُ على المقعد الناعم وبدأت أرتب فستاني الذي رفعته قليلاً… لكن فجأة…
“كاليكس؟”
نظرتُ خارج العربة والتقت عيناي بعيني كاليكس، الذي كان يرفع يده بتردد.
بدافع الفضول سألتهُ.
“ما الذي تفعله هناك…؟”
لكنه لم يدعني أتم كلامي، بل أنزل يده بسرعة واستدار بجفاء.
‘ما باله؟’
بينما كنت أتأمل ظهر كاليكس الذي استدار، أرسلت إشارة للحارس المرافق لي. وبعد لحظات، أُغلقت أبواب العربة وانطلقت في طريقها.
كانت منطقة “مونتينا” أكبر منطقة تجارية في العاصمة الإمبراطورية، وتضم العديد من المتاجر التي تستهدف النبلاء.
تحديدًا، كانت شوارع كارلايل من الأول إلى الثالث مليئة بمتاجر راقية، حيث يتركز في الشارع الأول الكثير من محلات الأزياء.
‘سأحاول أن أتجول هنا لاحقًا وأرى كل المتاجر من البداية إلى النهاية.’
نظرت من نافذة العربة بعيون متحمسة، متفحصةً المباني المحيطة.
‘يبدو أن معظم هذه المباني محلات أزياء.’
ربما يكون هناك أيضًا سوق قماش قريب.
بينما كنت أتابع ما حولي، لفت انتباهي مبنى يبدو الأكثر فخامةً في هذا الشارع.
‘همم. يبدو أن هذا هو متجر الأزياء الخاص بكامنسكي.’
كانت العربة واقفة أمام مبنى متألق بزينة ذهبية، تحيط به عربات فاخرة مصطفة على طول الطريق، مما يظهر بوضوح ثراء وروعة المتجر.
‘هممم…’
إذا كان متجر كامينسكي هنا، فمن المحتمل أن المتجر الذي أبحث عنه قريب. لكن، مهما نظرت حولي، لم أتمكن من رؤية المبنى الذي أبحث عنه.
وفجأة، بدأت صف العربات المصطفة أمام متجر كامينسكي تتحرك قليلًا، مما أفسح المجال لظهور مبنى صغير كان مخفيًا بسبب وجود العربات الفاخرة.
‘أوه، ها هو!’
“أنزلني أمام ذلك المبنى.”
“حاضر، آنستي.”
“خذ العربة في جولة وعد بعد ساعة لتعيدني.”
“أمركِ، آنستي.”
توقفت العربة أمام مبنى صغير مكون من خمس طوابق، مبني من الطوب الأحمر، وعلق فوقه لافتة كتب عليها “ورشة أزياء روزيتا”. قبضت يدي بحماس.
‘وجدته!’
قرع الحارس جرس الباب أمام المتجر، منتظرًا أن يُفتح.
حدقت في الباب لبعض الوقت بانتظار أن يُفتح، ولكن لم يأتِ أي رد.
‘هل… هل المتجر مغلق؟’
وفي اللحظة التي بدأت أشعر فيها بالارتباك، سمعت صوت ارتطام من الداخل، يليه صوت امرأة تنادي.
“لحظة من فضلكم!”
وبعد لحظات، فُتح الباب بسرعة.
“أوه، ز… ز… زبونة؟ زبونة بالفعل؟”
ظهرت السيدة أمامي وهي تلهث من شدة اللهاث، وكانت بالفعل السيدة روزيتا التي أعرفها. ابتسمت وقلت بلطف.
“كنتُ أمر بالقرب من هنا، وأعجبني الفستان في واجهة المتجر.”
“نـ… نعم؟”
“هل يمكنني الدخول؟”
“أه، بالطبع، بالطبع! تفضلي بالدخول!”
من الواضح أن الزبائن نادرًا ما يأتون إلى هذا المتجر، لذلك كانت السيدة روزيتا متوترة وهي ترحب بي.
“أي من فساتيننا نال إعجابكِ يا آنستي؟”
سألت السيدة روزيتا فأجبتُها بأبتسامة.
“أود الجلوس أولاً، إن أمكن.”
“أوه، بالطبع، من هنا تفضلي للجلوس!”
أغلقت مظلتي وأخذت أتفحص المتجر بنظرة سريعة. كانت المساحة صغيرة، لكن كل شيء كان مرتبًا ونظيفًا، والأثاث مرتب بذوق رفيع. لم يكن المتجر فخمًا أو فاخرًا، لكن واضح أن صاحبته اعتنت بتجهيزه بعناية.
“هل ترغبين برؤية الفستان المعروض في الواجهة؟”
“أجل، لو سمحتِ.”
بينما كانت السيدة روزيتا تتوجه نحو واجهة العرض، دوّى صوت طرقات عنيفة على الباب. وعلى الفور، شحب وجه السيدة روزيتا.
“آسفة، انستي الزبونة، لحظة فقط…”
“يا للوقاحة! هناك من يقف بالباب!”
ثم فتح الباب فجأة بطريقة غير لبقة، وظهر رجل ذو شارب بارز واقتحم المكان بصوت عالٍ.
“ألم أخبرك بعدم القدوم بهذه الطريقة؟!”
صرخت السيدة روزيتا غاضبة.
“لقد سئمت من القدوم هكذا، لكنكِ لا تقبلين عرضي، فما باليد حيلة!”
ثم ضرب الرجل بعصاه على الأرض بقوة.
“كما قلت لكِ سابقًا، هذا المتجر قبيح في شارع كارلايل الأول! وفوق ذلك، بجوار متجر السيد كامينسكي… ألا تشعرين بالخجل؟”
“ولمَ ينبغي أن أخجل من امتلاك متجري وتشغيله في ملكي الخاص؟”
“لم أقل أن عليكِ إغلاقه، فقط انقلي مكانه إلى مكان آخر! فكري مجددًا في عرض السيد كامينسكي عندما كان كريمًا معكِ!”
“أرجوك، يا روبرت!”
“تحذير أخير، السيد كامينسكي له علاقات واسعة. يمكنه إنهاء هذا المتجر غدًا إذا أراد.”
ردّت السيدة روزيتا.
“حسنًا، حسنًا، أفهم ذلك. أرجوك غادر، لدينا زبونة هنا.”
ضحك الرجل ساخرًا.
“زبونة؟ في هذا المتجر المتواضع؟”
رفعت يدي وأشرت ببرود.
“نعم، يوجد زبونة.”
“ماذا…؟”
“إذا كنت مهتمًا بمعرفة اسمي، فأنا يوري إلروز من عائلة دوقية روزانهير.”
“ع… عائلة روزانهير!”
تفاجأ الرجل، ولمعت السيوف في أغماد حراسي حوله كإشارة تهديدية. أدرك الرجل من علامة الوردة على زيهم الرسمي أنهم حراس تابعون لدوقية روزانهير، فبلع ريقه بدهشة.
“حقاً… إنها، إنها من عائلة روزانهير…”
كانت عائلة روزانهير من أوائل العائلات النبيلة، وكان مؤسسها الأول قد نال لقب “دوق التنين” لدوره في مساعدة الإمبراطور المؤسس على ختم التنين الأسطوري. كما أن الدوق الحالي وريث هذه السلالة ويعد أحد أعظم الفرسان في الإمبراطورية.
التعليقات لهذا الفصل " 11"