“رعاياي.”
دوّى صوتٌ غريب في أرجاء القاعة، وكأنّه يهزّ المكان بأسره.
“انظروا إلى مجد الماضي الذي تحوَّل إلى رماد. من أجل ماذا قاتلنا؟ من أجل ماذا ضحّينا بفخرٍ لا متناهٍ وحياةٍ متدفّقة؟”
كان ذهني فارغًا. اشتعلت نيرانٌ حمراء من يد الجمجمة العملاقة، ووقف رين بلا حراك وسط كلّ ذلك.
“لم ينجُ سوى الهاربين الحمقى، وأولئك الذين بذلوا زهرة أعمارهم لم يتمكّنوا حتّى من أن يصيروا سمادًا لهذه الأرض التي كانت يومًا جميلة، ولا أن ينعموا بسلامٍ بعد الموت.”
ارتفع ذراع الجمجمة عاليًا. وعرفتُ غريزيًّا. ذلك الذراع سيوجّه ضربة إلى رين.
“استمعوا أيّها الخونة. سيهلك الجبناء، وسيُحمل مجد كبريائنا عبر هذه الروح.”
كما توقّعت، هوت الذراع العملاقة نحو رين. ولم أتمكّن من منع نفسي من الصراخ تلقائيًّا.
“رين! ابتعد!”
ارتجف قلبي، وخارت قدماي، وبقيتُ عاجزة.
لكن، حينها حدث الأمر.
“وجدتُه. الخاطف الحقيقي.”
مع صوت طحنٍ عنيف، ظهر حول رين دائرةٌ ضوئيّة تشبه جهازًا دوّارًا، فحطّمت ذراع الهيكل العظميّ إلى غبار.
“أولئك… الذين اختطفوا الأميرة. هل كانوا في الأصل سادة برج السحر هنا؟”
تابع رين حديثه وكأنّه يحاول أن يبقى هادئًا قدر الإمكان، بينما يُلقي تعويذةً مذهلة.
“لستُ متأكّدًا تمامًا من نيّاتهم. لكن يبدو أنّ لديهم الكثير ليقولوه، برغم كونهم أمواتًا.”
لم يكن سوى لحظة، لكنّ عرقًا غزيرًا بدأ يتصبّب من شعر رين. وبالطبع، أنا لا أعرف شيئًا عن السحر، فلم أستطع تخمين مدى الجهد الذي كان يبذله.
أخذت الأرض من تحت رين تهتزّ بعنف. وبدأت الدائرة السحريّة التي يرسمها تتحوّل تدريجيًّا إلى اللون الأحمر، وكأنّها ترتفع بحرارتها، بينما عينيه تتوهّجان بأرجوانٍ لامع.
“مهما كان حقدك في الماضي… لا يعنيني. إن هددتني… فعليك أن تدفع الثمن.”
ومع ذلك، لم أفهم ما الذي يقوله رين.
‘كيف نجوتُ؟’
عضّ رين شفتيه. وسرعان ما ابتلعت ألسنة اللهب الأرجوانيّة ذلك الصمت القصير. امتلأت القاعة بحرارةٍ خانقة تُجمد العظام، وبقيتُ واقفةً في مكاني، لا أفهم شيئًا ممّا يجري حولي.
ساحرٌ غامض ظهر فجأة، وبرج سحرٍ من أرضٍ اندثرت قبل خمسمئة عام.
وأنا… التي لم يتغيّر فيها سوى لون عينيّ وشعري.
كنتُ مشوّشة، يائسة… أكثر ممّا يمكنني تصوّره.
ماذا لو لم أستطع العودة أبدًا؟ ماذا لو كان هذا واقع حياتي الآن؟
قرصتُ خدّي مرّةً أخرى.
لا يزال يؤلمني.
أصوات طَحنٍ وتكسُّر، وضوضاء تصطدم ببعضها أربكتني مرارًا.
كان رين في مجال بصري، يكافح لصدّ مئات السيوف العظميّة الطائرة.
شعرتُ في داخلي بغريزةٍ تخبرني. لقد حان وقت القرار. أن أتقبّل هذا الواقع… وأحدّد كيف سأواجه ما ينتظرني هنا.
ثمّ، تذكّرتُ طلب رين منّي.
“أميرتي… عِدي أنّكِ ستأتين لإنقاذي.”
كيف يفترض بي أن أنقذه في هذا الوضع؟
“ههك!”
سمعتُ صرخة رين. رفعتُ بصري نحوه، كان يتصبّب عرقًا، يحدّق إلى الأمام.
حتّى أنا، التي لا تعرف شيئًا عن هذا، استطعتُ أن أفهم… لقد بلغ حدّه.
“……رين!”
لا بدّ أنّني فقدتُ صوابي. برغم أنّه من الواضح أنّ ركضي نحوه لن يجلب سوى المزيد من السوء، إلا أنّني فعلتها.
“أحمق. ماذا تحاول أن تفعل وحدك؟! انهض!”
أمسكتُ يد رين، وسحبته لأرفعه. نظر إليّ بتعبيرٍ ذاهل. وبرغم ارتجاف ساقيّ، رفعتُ نظري نحو الجمجمة.
ولحسن الحظّ، كما قال رين، يبدو أن الأموات الأحياء يفتقرون إلى شيء من الذكاء.
كان لحركاتها نمطٌ ما.
“سنركض.”
“……”
سواء أجابني رين أم لا، بدأتُ بالجري. بما أنّها تحرّك ذراعها الأيمن أوّلًا، ركضتُ نحو اليسار.
“لِماذا؟”
سألني رين بدهشة. لكن لم يكن بمقدوري سوى أن أصرخ في وجهه. ظننتُ أنّها ستبدأ بذراعها الأيمن، لكن ما ظهر أمامنا كان رأس الجمجمة، على نحوٍ غير متوقَّع.
فتحت الجمجمة فمها الواسع محاولة ابتلاعنا، فاحتضنتُ رين تلقائيًّا وصرخت. هو الآخر شدّني بقوّة، كما لو أنّه تفاجأ.
تبًّا! هل هذه هي النهاية حقًّا كما توقّعت؟
سواء مات رين أوّلًا ثمّ أنا، أو متنا معًا، لا فرق… لكن ما زال الأمر محبطًا.
والمفاجأة…
“هاه؟”
ساد هدوءٌ تام في الأرجاء. لم أشعر بأيّ ألم. وحين فتحتُ عينَيّ، كان رين أمامي، متعبًا.
دوّى صوت سقوط شيء خلفي، وحين استدرتُ بلا وعي، رأيتُ الجمجمة مُلقاة على الأرض، وفمها مفتوح.
‘ما هذا؟’
“هل… هل أنا من هزمها؟”
سألتُ رين، آملةً في أن يكون لديّ نوعٌ من قدرات التحكّم غير الواعي. أعني… هناك دومًا احتمال أن أكون أنا البطلة المخبّأة هنا، أليس كذلك؟
“لا.”
“…لا؟”
“بالطبع لا. أنتِ لا تمتلكين أيّ قوّة، يا أميرتي.”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 17"