كان صوت القصب وهو يصدح مع هبوب الريح يتردد في أذني. السمّ الذي انتشر في جسدي منذ وقت طويل جعل بصري مشوشًا. كان التنفس صعبًا بسبب الدم الحار المتصاعد من أحشائي. وبينما كان رأسي غارقًا في الوحل القذر، لم أستطع سوى رفع عينيّ بصعوبة. الرجل الذي وثقت به وأحببته أكثر من أي شخص في هذا العالم كان يبتسم ابتسامة مريبة.
قال بصوت ملؤه الحقد:
“كيف تشعرين ورأسك مغروس في الطين يا كايلا؟”
اتضح أن الرجل الوحيد الذي أحببته يومًا قادر على الكلام بذلك الصوت المليء بالخبث. ولم أعلم هذه الحقيقة إلا الآن، وأنا على وشك الموت. شعرت برغبة في الضحك بمرارة.
تابع ساخرًا:
“أجل، أعلم أنه من الصعب عليك الرد. النصل مدهون بالسم. لا بد أنك تعرفين نوعه، أليس كذلك؟”
إيان أنجل.
الرجل الوحيد الذي أحببته، ونائب قائد أعظم فرقة اغتيال في القارة، “نَفَسُ المَلَك.”
(هل كنتُ حقًا غافلة؟)
لا، في الحقيقة كنت دائمًا أعرف ما هو عليه. رجل دقيق، بارد القلب، لا يرى سوى الهدف الموضوع أمامه. كل ما تمنيتُه هو أن أكون استثناءه الوحيد.
“ظننتُ أن الحاصدين لا يموتون حتى لو قُتلوا. يبدو أن ذلك ليس صحيحًا.”
ضغط إيان بقدمه على الخنجر المغروس في ظهري، دافنًا إياه أعمق. ثم جلس القرفصاء بجانبي وأمسك بوجهي، مجبرًا إياي على النظر في عينيه. في عينيه الرماديتين، الشبيهتين بالخراب، كان يشتعل لهيب شرس. في يومٍ ما، وجدتُ تلك العينين جديرتين بالحب لدرجة لا تُقاوم، أما الآن فصرن أبغض ما يمكن احتماله.
تمتمت بصوت متقطع:
“لماذا… لماذا؟”
كنت أرجو أن أسمع منه سببًا واحدًا على الأقل، لكنه اكتفى بابتسامة ساخرة.
قال بهدوء وبملامح لم أرها من قبل:
“مَن يدري؟ لمَ تظنين؟ … ينبغي أن تكوني أنتِ أعلم الناس بالسبب. أأنتِ حقًا تسألين لأنك لا تعرفين؟”
وإن بدا وجه الرجل الذي طعنني في ظهري حزينًا، فهل يعني ذلك أنني فقدت عقلي؟
بعد صمت قصير، نهض فجأة. ودُفع وجهي مجددًا نحو الوحل مع حركته.
قال وهو يشيح عني ببرود:
“إذًا خذي هذه الفرصة لتفكري مليًا… لمَ أفعل هذا. … في العالم الآخر.”
أدار ظهره دون تردد، يحيط به جوّ بارد. وعندها اندفعت الظلال السوداء التي كانت واقفة خلفه، وكأنها تنتظر أمره. كان تحركهم السريع لا يُخطئ.
“أحرقوها. لا تتركوا حتى رمادًا.”
اقترب القتلة، الملتفون بالسواد، حاملين المشاعل. سكب أحدهم الزيت فوق جسدي، فلم يترك جزءًا دون أن يغمره.
همست بيأس:
“إيان، أرجوك…”
لكن الاستجداء كان بلا جدوى أمام هؤلاء. رموا الشعلة عليّ دون تردد. اشتعلت النيران الممزوجة بالزيت لتتوهج سوداء، مستعدة لتلتهمني حتى العظام. شعرت بجسدي كله يتفتت في لحظة، دون أن أجد حتى وقتًا للصراخ.
سواء كان حظًا أو سوء حظ، فإن السمّ الذي اجتاح جسدي جعلني لا أشعر بأي ألم.
(أهذه نهايتي؟)
بالنسبة لحياة قاتلتُ بشراسة كي أعيشها، فقد كانت نهاية بائسة حقًا.
أخيرًا، أغمضتُ عيني ببطء. في اليوم الذي غرس فيه حبيب عمري نصله في ظهري، في اليوم الذي التهمت فيه النيران جسدي وهو ما يزال حيًا يتنفس، فقدتُ كل شيء:
المنظمة التي خدمتُها طوال حياتي.
الحبيب الذي أحببته أكثر من نفسي.
والحياة التي تمسكتُ بها حتى آخر رمق.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 0"