الفصل 90: الاستعداد لمهرجان التأسيس (1)

قالت الكونتيسة فايلين:

“الأمير لويد مقامه رفيع، ولا يليق به خصم إلا أمير مثله. وإذا استبعدنا الأمير أدريان، فلن يبقى سوى الأمير إدوين.”

تجهمت هيلينا قليلًا.

إدوين… لم تكن ترغب في إظهاره أمام الجميع، لكنه قد يكون أنسب من يُستخدم لرفع شأن لويد. فلو قورن به علنًا، فسيغدو موضع سخرية ويطأطئ رأسه إلى الأبد. ابتسمت بعد لحظة تفكير وقالت:

“فكرة جيدة.”

ثم أضافت بخبث: “سأطلب ذلك من جلالته بنفسي.”

“مولاي.”

دخل إدوين قاعة العرش بعد استدعاء عاجل من الإمبراطور، لكنه ارتبك حين وجد هيلينا ولويد هناك أيضًا.

ابتسم الإمبراطور وقال:

“تعلم أن مهرجان التأسيس قريب، أليس كذلك؟”

“نعم، يا مولاي.”

“ستحضر وفود من مختلف الدول، وأفكر أن تؤدي رقصة السيف مع لويد.”

“رقصة… السيف؟”

أخذته المفاجأة. لم يتعلّمها من قبل، وما زال في بداية تدريباته السرية على المبارزة مع فيليب.

قال الإمبراطور: “نعم، لويد يرغب أن تكون معه.”

اعترض إدوين بتردد: “لكن أمام الوفود… أليس الأجدر أن يكون الأمير أدريان؟”

“أدريان لا يهتم بالمبارزة.”

التفت إدوين إلى لويد، فإذا بالأخير يبتسم بسخرية وكأنه واثق أن إدوين لن يرفض.

قالت هيلينا بصوت متكلف:

“سيكون المهرجان هذا العام أضخم من أي وقت مضى، حتى مملكة آدمَنت سترسل وفدًا. يجب أن يرى الجميع أن أمراء الإمبراطورية على قدر كبير من الكفاءة.”

لم يستطع إدوين إظهار رفضه، فقال مرتبكًا: “لا… لا أملك استعدادًا آخر.”

ابتسمت هيلينا: “إذن فالجواب محسوم.”

وتحت أنظار الإمبراطور وضغط هيلينا، اضطر إدوين أن يومئ موافقًا.

ابتسم الإمبراطور راضيًا وقال: “أتوقع منكما أداءً جيدًا.”

“أمركم، يا مولاي.” أجاب لويد وإدوين معًا.

ما إن خرج إدوين من القاعة حتى وجد هيلينا ولويد بانتظاره. حاول الانصراف قائلًا: “أستأذن.” لكن هيلينا أوقفته:

“كيف تسير تدريباتك مع الفرسان، يا إدوين؟”

توقف متفاجئًا.

قالت بسخرية: “أتحسبني أجهل ذلك؟ من واجبي ككبار العائلة أن أتابع أحوال الأمراء.”

ثم تابعت: “سمعت أنك تتدرّب بين فرسان الفِرَق الثالثة. لا بد أن الأمر شاق.”

(ولحسن حظه لم تعلم بتدريبه الخاص مع فيليب).

أجاب مطأطئ الرأس: “بفضل عنايتكم، أموري بخير.”

قالت: “جيد. لكن ستتدرّب قريبًا مع لويد على رقصة السيف، فلا نريد أن يكون الفرق بينكما شاسعًا.”

قهقه لويد بخفة من خلفها، بينما ظلّ إدوين صامتًا.

أطلقت هيلينا ضحكة ساخرة وأضافت:

“وما هذه الهيئة؟ أما وجد خياط قصر الأمير الثالث ما يناسبك؟ اجعل مظهرك يليق بمقامك.”

قال: “سأحرص على ذلك.”

ثم مضت ومعها لويد الذي صدم كتفه عمدًا وهو يمر.

ظلّ إدوين واقفًا يتأمل ظهرهما، وعيناه تلمعان بعزم خفي.

في فناء قصر الأمير الثالث، كان إدوين يتدرّب مع رايتشل على تفادي الخناجر الخشبية.

هتف بعد أن تفادى معظمها: “تجنبتها كلها!” لكن خنجرًا أخيرًا أصاب جبهته.

صرخ محتجًا: “هذا غش! لماذا رميتِ واحدًا إضافيًا؟”

أجابته ببرود: “الحذر واجب دائمًا.”

قال ممتعضًا: “كنتِ تقصدين إصابتي!”

“كان عليك توقّعه.”

ورغم تذمّره، كانت رايتشل تراقبه باهتمام.

في أسبوع واحد فقط، أظهر تقدّمًا كبيرًا… إنه لا يعتمد على الحظ، بل يقرأ مسار السلاح ويتحرك تبعًا له. بصره الحادّ هو قوته الكبرى. ربما يكون حقًا موهوبًا في فنون القتال…

ابتسمت في نفسها إنه يذكّرني بإيان… لكنه أسرع تعلّمًا منه.

قطع صوت إدوين أفكارها: “لكن، من أين تعلمتِ هذا كله؟ هل تتعلمه بنات النبلاء؟ بريجيت لا تعرف.”

أجابت: “…علمت نفسي.”

“ولماذا؟”

“…كنت أشعر بالملل.”

نظر إليها بدهشة ثم سكت.

اقتربت خادمة قائلة: “سيدي الأمير، رسول من قصر الأمير الثاني.”

تفاجأ: “الآن؟” ثم نهض بسرعة، وعيناه تشعّان بتوقع غريب.

قالت رايتشل: “يبدو أنهم وجدوا معلمًا لرقصة السيف.”

“على ما يبدو.”

مبارزة علنية أمام الوفود… غرضها الحقيقي المقارنة بين الأميرين.

فكرت رايتشل ببرود: اليوم سأرى مستوى الأمير الثاني بنفسي.

ثم دخلت مع إدوين ليستعدا للتوجّه إلى قصره.