«قد تكوني أنتِ مَن بدّل دوائي ثم انتظرتِ حتى أشربه لتتظاهري بأنكِ أنقذتِ حياتي، أليس كذلك؟»
رشقَتني الإمبراطورة بنظرة شكٍّ حادّة.
قلتُ بهدوء: «مولاتي الإمبراطورة، أعلم أن قولي هذا جسارة، لكن لو كنتُ عازمةً على اغتيالكم، لما أنقذتكم.»
ساد الذهول القاعة.
«يا لها من وقاحة! كيف تتجرأ على قول ذلك أمام مولاتنا!»
«يجب حبس هذه المرأة واستجوابها فورًا!»
«أتبقون على مثل هذه المتجاسرة حيّة؟»
تعالت الاعتراضات من كل صوب، وحدها الإمبراطورة ظلت هادئة، وقالت بنبرة باردة: «ألم يتغيّر رأيكِ لأنكِ خشيتِ انكشاف أمركِ؟»
«مولاتي!»
نهض إدوين فجأة، فنظرتُ إليه متجهمةً وأشرتُ له أن يجلس، لكنه تجاهلني.
قال: «رايتشل جاءت معي لحضور حفلة ميلاد الآنسة بريجيت فحسب. وقد تكرمتم باستقبالها بأنفسكم.»
فقال أحد الحراس بنبرة حادة: «لكنها غادرت مكان الحفل دون إذن. أنتم يا صاحب السمو بقيتم في الحديقة، فكيف تعلمون ما الذي فعلته حين غابت؟»
قاطعهم إدوين بسؤال: «هل رأى أحدٌ رايتشل وهي تدخل هذه الغرفة لتبدّل الدواء؟»
لم يجب أحد؛ فلم يكن هناك من شهد تجوالي داخل المبنى أصلًا.
تابع إدوين بثبات: «ثم إن الخزانة هناك مليئة بقوارير مطابقة تمامًا للقارورة التي شربتْ منها مولاتي. فكيف لها أن تعرف أية قارورة ستختار الإمبراطورة كي تستبدلها؟»
وأضاف بصوت صغير لكنه واضح: «إن كان ثمة نية قتل، لوجب استبدال كل ما في الخزانة بسمّ. والجميع يعلم أن غير أفراد العائلة الإمبراطورية وخدم قصر الإمبراطورة يُفتَّشون عند الدخول. وقد اجتازت رايتشل التفتيش دون ملاحظات. فلو كانت الجانية، فكيف أدخلت كل هذا السم وتجاوزت التفتيش؟»
ثم التفت مباشرةً إلى الإمبراطورة: «لذا أرى أن الفاعل ليس رايتشل التي تزور قصر الإمبراطورة لأول مرة، بل شخص يعرف هذا المكان أفضل من أي أحد، يا مولاتي.»
عمّ الصمت، وبدت الوجوه مقتنعة بكلامه، لكن الجميع ترقّب ردّ الإمبراطورة.
قالت ميلاني وهي تحدق في عينيه: «لقد تغيّرت كثيرًا، يا إدوين. كنتَ من قبل لا تُحسن حتى إلقاء التحية عليّ.»
احتجّ بعضهم على حالها الصحي، فأجابت: «لأن صحتي ليست على ما يرام لا أريد مقابلة كثيرين. أريد الهدوء.» فانسحب الجميع. وكاد الحارسان يقتادانني للخارج، فقاطعتهم الإمبراطورة: «دعوها.» تردّدوا فقالت ببرود: «لا أجعلني أكرر كلامي.» فأطلقا ذراعيّ وغادرا.
لم يبقَ في الغرفة سوى الإمبراطورة، والأمير الأول، وإدوين، وبريجيت، وأنا.
ابتسمت الإمبراطورة ابتسامة خفيفة ونظرت إليّ: «الأمير الثالث اختار مُربيةً ماهرة… أم لعل المربية هي من اختارت سيّدًا حسنًا.» ثم قالت: «يا آنسة رايتشل براون، أعتذر عن شكي، وشكرًا لكِ.»
أجبت بهدوء: «أشكركم يا مولاتي.»
قالت وهي ترفع طرف شفتيها: «أما هوية الفاعل فأنا أعرفها أصلًا.»
(كما توقعتُ)، حدّثتُ نفسي وأنا أُسدل جفنيّ قليلًا. لم يدهشها الأمر إذن، ولعلها كانت تشكّ مسبقًا.
قال إدوين وبريجيت في آنٍ واحد: «عفوا؟!» ونظرا إليها متفاجئَين. أما أدريان فلم يبدُ عليه إلا ومضة دهشة خافتة قبل أن يستعيد بروده المعتاد؛ بَدا أنه حدس المقصود، إذ اشتعل في عينيه غضب مكبوت.
قالت ميلاني بسخرية: «الأمر بَيِّن. فكّروا في الشخص الغائب عن هذا المجلس.»
تمتم إدوين دون أن يكمل: «أيمكن أن يكون…»
فسألتُ أنا صراحة: «أتشكّون في صاحب السمو الأمير الثاني؟»
كان ذلك استنتاجًا منطقيًا؛ إذ لم يظهر لويد رغم واقعة التسميم. ووفق ما سمعته من تبادل الحرس الكلام، فقد عاد إلى قصره ما إن غادرت الإمبراطورة الحديقة.
قالت الإمبراطورة: «لا أظن أنّ الفتى دبّر الأمر بيده، لكن والدته قطعًا أوصته؛ ما إن تقع الفوضى حتى يختفي من المكان.» قالت ذلك ببرودٍ تام، وكأن ما حدث ليس بجديد: «لقد تكرر مثل هذا مرارًا. وحتى لو استبدلتُ الوصيفات مرات عدة، لا شيء يتغيّر.»
رفعت كأسًا عن الطاولة وقالت: «لقد تهاونتُ اليوم. الحفل لم يكن مخططًا له، فاستغلّوا الفجوة.»
ارتجفت يدا بريجيت القابضتان على طرف فستانها وهي تحاول التماسك: «إنها غلطتي. لو لم أُصرّ على أن يكون عيد مولدي في القصر…»
نظر إليها إدوين بقلق. وقالت الإمبراطورة بحنان: «يا بُنيتي، لا تلومي نفسكِ.»
تمتمت باكية: «لكن… بسببى كدتِ…»
ضمّتها الإمبراطورة إلى صدرها وربّتت على رأسها: «لا تبكي. إنه يوم مولدكِ. لا أريد أن يبتلّ هذا الوجه الجميل بالدموع.»
عَضّت بريجيت شفتها لتكتم بكاءها وهزّت رأسها.
قال إدوين مذهولًا: «لم أكن أعلم أن مولاتي تتعرض لتهديدٍ كهذا.»
ابتسمت الإمبراطورة بسخرية: «تهديد؟ إنها امرأة مسكينة تتوهم أن تنصيب ابنها وليًّا للعهد سيجلب لها حبّ الإمبراطور.» ثم أطرقت: «لكنها أحمق؛ فهي أدرى من غيرها بأن الإمبراطور لا يحبّ أحدًا حقًّا.»
أطرقتُ بدوري. نصف قولها صحيح ونصفه غير ذلك. لكابلليوس الثالث امرأةٌ واحدة أحبّها حقًّا—قصة شهيرة عمّت الإمبراطورية يومًا: إمبراطورٌ سفك الدم في سبيل العرش وقع في حبّ امرأةٍ من عامة الناس، ورفعها إلى مقام الزوجة الأولى. … وتذكّرت: وماذا دبرت حينها الزوجة الثانية؟
تجلى في ذهني وجه هيلينا وهي تأتي إلى منظمتنا منذ زمنٍ بعيد، شابةً فاتنة تطلب اغتيالًا—لم أكن أنا من تولّى المهمة لكنّي كنت أعلم بها؛ لأنّ من نفّذها كان… «إيان». كانت العملية اغتيال الزوجة الأولى، وقد نجحت؛ ومات الجنين معها على نحوٍ ملائم لطالِبة الاغتيال.
أنهت الإمبراطورة الحديث قائلة: «لقد فزعتم بما يكفي. عودوا واستريحوا.» ثم جذبَت حبل الجرس، فدخلت الوصيفات لترتيب الغرفة وإحضار ثيابٍ نظيفة وحساءٍ خفيف.
توجهت إلى بريجيت قائلة: «آسفة يا صغيرتي لأنك شهدتِ أمرًا كهذا في عيد مولدك.»
أجابت بروتوكوليًا: «لا داعي لاعتذار مولاتي.» لكنها ظلت مطأطئة الرأس، مثقلةً بالذنب.
نظرت الإمبراطورة إليها بعين مشفقة ثم حولت نظرها نحوي: «يا آنسة رايتشل براون.»
«نعم يا مولاتي.»
قالت بهدوءٍ حازم: «أودّ أن أكافئكِ على إنقاذ حياتي. إن كان لكِ طلب—أيًّا كان—فاذكريه، وسأقضيه لكِ.»
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 87"