بعد أن هدأت الأمور نسبيًا، كان أول من دخل غرفة نوم الإمبراطورة هما الأمير الأول أدريان وبريجيت. بدا أدريان، الذي يكاد لا يظهر تعبيرًا، في حيرة أكثر من أي شخص آخر. أما بريجيت فكانت مدهوشة ودموع تتجمع في عينيها الكبيرة.
سأل أدريان بقلق: «ما الذي يحدث هنا؟»
انحنى أحد الخدم بأدب وأجاب: «نعتذر يا صاحب السمو. يبدو أن الإمبراطورة قد تناولت سمًّا.»
ارتجفت عينا أدريان. «ماذا؟ سمّ؟!»
«يعني ذلك أن مولاتي كادت تُسمم. سنباشر التحقيق فور استيقاظ جلالتها…» قال الخادم متكتمًا.
في تلك اللحظة دخل إدوين غاضبًا مسرعًا إلى الحجرة. «رايتشل!» صارخًا. بدا شاحبًا للغاية، وكان مقيدًا بذراعيه من قبل بعض الخدم. حاول التقدم ناحيتي لكن الخدم أوقفوه. «لِمَ تُقي́دون رايتشل؟» تساءل متمتمًا دون فهم.
أجابوه بصوت جاف: «مولاتي كادت تُسمم، وهذه المرأة كانت أول من عثر عليها بجوار الإمبراطورة.»
«ماذا؟ تسميم؟» تكررت الدهشة على وجه إدوين، أما ارتباكه فلم يخفِه.
صرّح أحد الخدم: «في هذه اللحظة، وبما أن السيدة التي اكتُشفت على مقربة من الحجرة كانت أول من رآها، فهي موضع اشتباهٍ كبير. ستحال للمساءلة حين تستعيد الإمبراطورة وعيها. أما أنت يا صاحب السمو فانتظر قليلاً، رجاءً.»
التفت إدوين نحوي، وعيناه تكادان تفيضان؛ بدا كمن على وشك البكاء. لوّحت لهم بهدوء، فأجلسوه على كرسي وقد أخذت بريجيت مقعدًا بجانبه، ولكنها كانت هذه المرّة لا تبدي أي اهتمام لإدوين. كنت أعلم أنه لا طاقة لي الآن للتدخل؛ فقد كنت أنا أول من رأى الإمبراطورة وأخرج منها السمّ فعليًا—لكن من منظور الآخرين أنا فقط مشتبهٌ بها. هنا، في قصر الإمبراطورة، مجرد كوني دخلتُ الغرفة وحدي من دون إذن يجعلني موضع الشبهة؛ ولولا لطف الحرس لما سمحوا لي بالبقاء.
مضيت بنظري إلى الدكتور الذي يعتني بالإمبراطورة. «الحمد لله»، همست في عقلي. على الأقل لم يكن ذلك الطبيب الذي كنت أشتبه فيه بأنه تابع للزوجة الثانية. إن كان الطبيب غير ذلك فقد يحمل ذلك مؤشرات مفيدة.
بعد قليل سمعنا أنفاس الإمبراطورة تتغير، ثم همست بصوت ضعيف: «أمم…» فارتجف الطبيب وقال بفرح خافت: «مولاتي، هل تستعيدين الوعي؟» فتحت الإمبراطورة عيناها ببطء، وعبَرَت عن ضيقٍ وارتباكٍ واضحين. سأله الطبيب: «هل تذكرين ما حدث؟» فأجابت ممسكة جبهتها: «لقد أخذتُ دواءً كالمعتاد.» ثم هزّت رأسها بنفور.
تبدّل لون وجه الطبيب إلى القلق؛ فهو من وصف الدواء. «أنا لم أفعل شيئًا! لا أعلم شيئًا عن هذا!» صرخ مدافعًا عن نفسه وهو ينهار ببكاءٍ وانفعالٍ على الأرض. «لقد خدمتكِ عشرين سنة! كيف لي أن أفعل شيئًا كهذا؟»
تراشق الاتهامات والاحتجاجات بين الحرس والطبيب؛ ثم رفعت الإمبراطورة يدها بهدوء وقالت: «اهدأوا جميعًا.» ثم وجهت صوتها رصينًا: «الطبيب ليس الجاني.»
تساءل أحد الخدم: «بأي يقين تقولين هذا؟» فأجابت الإمبراطورة بصوت هادئ: «لقد صرف لي هذا الدواء منذ أسبوع. تناولته ثلاثة أيام متتالية من بعد ذلك بلا مشكلة. لماذا يحدث هذا اليوم فقط؟»
أجابها أدريان قائلاً بنبرة حادة: «لكن من يعلَم بنوعية الدواء سوى هذا الطبيب!» فتعالت أصوات الاتهام والدفاع مرة أخرى، لكن الإمبراطورة تنفست ثم قالت بنبرةٍ مُطمئنة: «أعرف هذا الرجل جيدًا. ليس لديه الجرأة لعمل مثل هذا الفعل.»
بهدوءٍ وحذر، تساءلت الإمبراطورة بصوتٍ منخفض: «لكن أين كنتُ عندما أغمي عليّ؟ لم يكن هناك أحد بجانبي وقتها.»
ثم اتسعت أعين الجميع متوجهين نحوي. توقفت لأجمع جملًا، ثم قلت بصوتٍ معتدلٍ لكن ثابت: «كنت أبحث عن مرحاض، يا جلالة الإمبراطورة.» أجبْتُ قبل أن يقتطع الخادم الكلام مني. لاحت على وجه الإمبراطورة ملامح الدهشة.
واصلتُ سرده: «كنت بحاجة حقيقية لذلك، فخرجت من الحديقة دون استئذانٍ من إدوين، وسِرتُ مستفسرة عن الطريق للخدم. ظننت أنني سأجد من يدلني، لكني تاهتُ داخل البِناء فصرت أبحث عن المخرج… إلى أن رأيت مولاتِكم تدخل هذه الغرفة، فادركت أني دخلتُ دون إذن فحاولت المغادرة سريعًا.»
صرّت الإمبراطورة وعيناها تتفحصانني بتمعّن. وعدتُ بنبرة مترددة: «بعد دقائق سمعتُ صوتًا كأن شيئًا سقط داخل الغرفة. قلقت فأقمتُ عند الباب وندبت مولاتِك مرارًا فلم يُجبْنَي أحد. عندما لم يُجبْ أحد، سمعت أصواتًا غريبة فدخلتُ لأرى ما الأمر.»
ارتفع هامش الأصوات في الحجرة. ثم ركعتُ أمام الجميع وقلت: «سامحوني، يا جلالة الإمبراطورة. أعلم أن دخولي إلى غرفة جلالتك من دون إذن خطيئة، وأن مسّي لجسد جلالتك فعلٌ عظيم لا يغتفر، لكن إن شاهدت مولاتي وقد كانت على وشك الموت وكنت أتوانى لِمَفاعلةٍ لتأمين حياتها؟ كيف أُبقي ساكنةً؟» تكاثرت حناجر التراحم في الغرفة، وبعضهم تنهد موافقًا.
لكن من بين الحاضرين قيل بصوتٍ متهكمٍ: «لكن كيف علمتِ أنها تسممت؟ قد تُفهم هذه الحدة كدليل على أنك الفاعلة.» فتمدّد النقاش. أجبتُ بصراحةٍ موضوعية: «كان هناك قارورة على الأرض. ظننت أنها المحلول أو السمّ الذي اُستخدم، فأدخلتُ إصبعي في حلقها لتُفرغ معدتها. أعلم أن فعلي كان متهورًا، لكنه كان لمنع الوفاة.»
ثم رفعت الإمبراطورة حاجبها وقالت بتشكك: «وكيف أؤمن أنكِ لستِ من فعلته؟»
قبِل أحد الأطباء بالحديث بهدوء: «يا جلالة الإمبراطورة، رأيتُ علامات القيء والبلغم على يد تلك المرأة عند الدخول. كلامها قد لا يكون كذبًا.» كلمة الطبيب خففت بعض الشكوك وسيلًا من التعاطف تلاقت عليه الأنظار.
دخلتُ في حالةٍ من القلق لكني أبقيتُ طيفًا من الضعف ظاهراً، لأشعر بعطفٍ متقطع يوجهه البعض نحوي. دوّن أدريان نظراته القلقة بيني وبين الإمبراطورة. ثم جاءت لحظةُ القرار: أمرتني الإمبراطورة أن أنهض.
ارتفع صوتها منخفضًاٍ وحاسمًا: «هل أنتِ حقًا وصيةُ ابن الثالث؟»
أومأتُ برأسٍ خاشعٍ.
ثم قالت ببطءٍ متمرّدة: «أود أن أومن بحُسن نواياك، لكن لا يكفي أن تقول المرء أنه بريء. لم يلتقِ بك أحد هنا ليشهد على صدقك. إذا لم يكن هناك من يشهد، فكيف ستثبتين براءتك؟»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 86"