(لكن… كيف؟ إن تحدّثتُ عن الوحوش المتحوّرة، سينكشف أنني خرجت إلى قرية لوكسِن من دون إذن قبل بلوغي سن الرشد… وهذا لن يمرّ بسهولة.)
تنهد قائلاً لنفسه:
«آه… لا أدري.»
ظل يفكر في الوحوش حتى أدرك أن التدريب الأساسي قد انتهى. جلس على منحدر صغير قرب ساحة التمرين وأطلق زفرة طويلة.
منذ انتهاء مسابقة الصيد، انشغل فيليب فوق العادة، فتأجّل درس السيف الذي وعده به إلى أجل غير مسمّى. واليوم أيضًا، كان غارقًا في أعمال القائد ولم يأتِ للتدريب.
تمتم إدون وهو يراقب الفرسان في الساحة:
(متى سأستطيع التلويح بسيفي هكذا؟)
تأملهم طويلاً، ورأى بوضوح حركاتهم: بعضهم يضرب الدمى الخشبية، وآخرون يتبارزون. شيئًا فشيئًا بدأ يحلّل ضرباتهم.
(لو أنه طعن من اليمين لكان انتصر فورًا.)
(لا، ما كان يجب أن يصدّ الضربة، بل يصدّها ويحوّلها بعيدًا.)
(ذاك الفارس لو تحرّك أسرع قليلًا لكان أفضل.)
اندمج كليًا في مراقبة الأنماط، دون أن ينتبه إلى نفسه.
في مكان قريب، دوّى صوت مألوف:
«آنسة كراونر، سمعتُ أن لكِ اهتمامًا بثقافات القارة الشرقية؟»
أجابت ببرود:
«ليس من شأنك.»
ارتجف جسد إدون ومال أرضًا ليتخفّى، وأدار رأسه نحو مصدر الصوت. كان يرى من بعيد الأمير الثاني يسير مع بريجيت.
(آه…)
شعر أن الزمن يبطؤ حولها: شعرها الأحمر يتمايل مع الريح، وجهها يلمع تحت الشمس، وثوبها يتحرك برشاقة.
قبض على صدره مضطربًا: (هل هو أثر السم؟) فقد قيل إن السم قد يعبث بإحساس الوقت. لكن دقات قلبه المتسارعة أخبرته بغير ذلك.
قرر في نفسه: (لابد أن أطلب من راشيل أن تقلّل جرعات السم…)
(حسنًا… يبدو طبيعيًا لعمره.) فكّر فيليب، وهو يدرك جيدًا أن عيني الأمير كانتا تتابعان بريجيت. هو نفسه كان يراقبها، ولكن ليتأكد أن الأمير الثاني لا يتجاوز حدوده معها.
قال فيليب فجأة:
«بالمناسبة، سمعتُ أن احتفال ميلاد سيُقام في قصر الإمبراطورة.»
أدار إدون رأسه باستغراب:
«احتفال ميلاد؟ لكن ميلاد جلالتها في الشتاء.»
أجابه فيليب:
«ليس للإمبراطورة… بل الآنسة بريجيت كراونر.»
«…هاه؟»
تابع ببرود:
«بسبب غياب السير جيروم في الحملة، ستتولى الإمبراطورة ميلاني ـ وهي خالة بريجيت ـ إقامة الحفل بدلًا عنه.»
فتح إدون عينيه دهشة:
«حفل ميلاد بريجيت… في القصر الإمبراطوري؟»
«نعم.»
«إذًا، كل من في القصر سيحضر، أليس كذلك؟»
بدا وجهه مشرقًا بالأمل. ربما يراها هناك.
لكن فيليب أضاف:
«سمعتُ أنها تنوي دعوة المقربين فقط، ليكون الحفل بسيطًا.»
«…آه.»
انطفأت ملامحه. (إذن لن تتم دعوتي… فما نحن سوى غريبين تلاقينا مرة أو مرتين.)
أطرق رأسه بحزن. (لا بد أن يحضر ولي العهد لأنه ابن عمها، والأمير الثاني لأنه خطيبها… أما أنا؟ لا شيء.)
في مكان آخر، كانت كاثرين تهمس لي:
«سيدتي، أليس الأمير يتصرّف بغرابة مؤخرًا؟»
أومأتُ بجدية. نعم، حالته ليست طبيعية، بل مقلقة. حتى في دروسه مع الحكيم سايج بدا شاردًا، وأمس عاد من التدريب وهو يعرج بعدما تعثّر بحجر أمامه.
قالت كاثرين بقلق:
«يأكل بالكاد، وينسى نفسه. ألا ينبغي أن تسأليه؟»
زفرتُ ثم توجهت إلى غرفته. طرقت الباب ودخلت. كان جالسًا إلى مكتبه، يحمل القلم دون أن يكتب شيئًا. لم يشعر حتى بدخولي.
ناديت:
«أمير إدون.»
انتفض وأسقط قلمه:
«م-من؟! متى دخلتِ؟»
«منذ قليل. طرقت الباب، لكنك لم تسمع.»
«آسف… لم أسمع.»
سألته مباشرة:
«ما الذي يحدث معك؟»
تظاهر بالجهل:
«ماذا تقصدين؟»
حدّقتُ فيه:
«لماذا تظل شاردًا هذه الأيام؟ حتى لم تنتبه لوجودي.»
ارتبك، ثم حاول الضحك:
«كنت فقط… أفكر في شيء آخر.»
قاطعتُه:
«لا تكذب. ما هذا الشيء الذي يشغلك حتى تترك كل شيء؟ سمعتُ أنك تهمل الدروس، وتصاب في التدريب.»
تجمد مكانه، متحيرًا. ثم صرخ فجأة:
«قلتُ لا شيء! حقًا لا شيء!»
كان ذلك أول مرة يرفع صوته في وجهي. نظرت إليه بدهشة، فأدرك ما فعل وتراجع مرتبكًا.
«أعني… لم أقصد…»
عندها دخلت كاثرين، تحمل صينية شاي وحلوى، وقالت متذمرة:
«كما توقعت! سيدتي، أنتِ دائمًا تعنفينه بدلًا من التحدث بهدوء.»
أجبتها ببرود:
«أنا لم أفعل شيئًا.»
«هَه!»
وضعت الصينية أمامه بلطف:
«مولاي، حان وقت الشاي. جرب هذا، أوراقه من أجود الأنواع.»
«شكرًا لكِ، كاثرين.»
جلست قربه، وسألته بابتسامة:
«كيف الطعم؟»
«جيد.»
حينها مالت نحوه وقالت:
«نحن نقلق عليك يا مولاي. إن كان عندك همّ أو سرّ، ألا يجدر بك أن تشاركه معنا؟ ربما نساعدك.»
رفع نظره ببطء:
«…تساعدانني؟»
«بالطبع!» أجابت بحماس.
«نحن عشنا أطول، ولدينا خبرة، وكثرة العقول تُذلّ الصعاب. وحتى السيدة راشيل تقلق عليك كثيرًا.»
التفت إليّ بدهشة:
«أحقًا يا راشيل؟»
لم أجب، لكن نظراتي لمحت القلق.
طال الصمت حتى قال أخيرًا، وهو يعصر كوبه بين يديه:
«في الحقيقة… منذ أيام أشعر أن هناك خطبًا بي.»
شهقت: «خطأ؟! أهو من أثر تدريبات السم؟ كان عليك أن تخبرني منذ البداية! هل ضاق نفسك؟ هل يؤلمك صدرك؟»
فزعت وأنا أفتش جسده بعيني، لكنه رفع يديه مسرعًا:
«لا! ليس الأمر كذلك…»
تردد لحظة ثم همس بخجل:
«المشكلة أن… هناك شخصًا ما… يظل يلوح أمام عيني…»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 78"