تذمّرت في نفسي: (أيها الصغير السخيف! لماذا تُظهر لطفك في أسوأ الأوقات!)، لكن لا فائدة؛ فقد اختفى وهو يحمل أخته الصغيرة.
قالت كاثرين بحماسة وهي تجرني:
«هيا، إلى المائدة!»
صرخت الخادمات:
«واااه!»
وانتهى بي الأمر، رغم التعب، وسط الجموع المهللة، رافعةً الكأس معهم. ومع أول رشفة، انفجرت بالضحك… لقد كان طعم الفرح حلوًا أكثر مما أحتمل.
لاحقًا، عدت أترنح من التعب والشراب، أروّح عن وجهي بكفّي.
«لن أحتفل معهن مرة أخرى… أبدا.»
ألقيت نفسي على السرير، وفورًا عادت صور النهار: «أنفاس الملاك… القاتل ذو الوجه المألوف… إيان.»
تمتمت بغيظ:
«اللعنة…»
غطّيت وجهي بذراعي. كان وجه إيان يطاردني، فحاولت طرده بعناد. ليس الآن وقت المشاعر، بل وقت التفكير بوضوح.
الراجح أن القرينة الثانية هي من حرّكت الخيوط.
تذكرت حديث الإمبراطور مع جيروم، وعداوة هيلينا القديمة لإدون. لا أحد يكرهه مثلها. بل ولها سابقة في طلب الاغتيال. نعم… لقد رأيتها ذات مرة في مقر “أنفاس الملاك” مع رجل مجهول، تطلب رأسًا ما، وكان إيان مشاركًا في تلك المهمة.
فكرت بقلق: (هل قبل إيان هذه المرة أيضًا أمرًا منها؟)
ضغط صدري ثِقَلٌ غامض. ربما حدث شيء بينهما قبل عشر سنوات أثناء تلك العملية. لا دليل، لكن الشك يزداد وضوحًا داخلي.
لا يكفي أن أصدّ من يهاجم، عليّ مطاردة من يقف خلفهم.
كنت أنوي ذلك منذ البداية، فلماذا أتردد الآن؟ هل هو أثر الخمر؟ أم أن الراحة الأخيرة جعلتني أتساهل؟
تنهدت:
«لا أدري…»
ثم أغمضت عيني، كما أفعل كل ليلة: وحيدة.
انتهت المسابقة بنجاح، وبفضل فوزه صار إدون يُلقّب بـ«الأمير الثالث» بدلًا من «الأمير التافه». تغيير صغير، لكن صداه كان عظيمًا؛ فقد بدأ بعض النبلاء يتساءلون: هل صار من بين المرشحين لولاية العهد؟
أما هو، فلم يشعر بشيء من ذلك.
«أه…»
كان يتناول طعامه تحت عينيّ.
قلت بصرامة:
«كُل أكثر.»
أطاعني، رغم ارتجاف يده، وأخذ ملعقة أخرى من الحساء. فجأة شحب وجهه.
«أوه!» قبض على صدره وهو يتألم.
سألته:
«ما الذي تشعر به؟»
أجاب متقطع الأنفاس:
«معدتي تحترق… صدري يضيق… وبشرتي تحكّني.»
قلت ببرود:
«لقد أضفتُ مسحوق فطر سام يُسمى (المهرّج الصغير). يُستعمل عادة في أمصال الاعتراف، أما الجرعة القاتلة فتسبب اختناقًا حتى الموت.»
ثم توقفت فجأة. أي مربية تتحدث بهذا؟
استدركت بجفاف:
«…كما قرأت في كتب الأعشاب.»
لم يكن يصغي أصلًا؛ كان مشغولًا بمقاومة السم.
قلت بلهجة ثابتة:
«لقد أخذتَ جرعة محدودة، بعد نصف ساعة ستعود لطبيعتك.»
أومأ وهو يحك جلده.
سألته دون أن أشعر:
«هل تتألم كثيرًا؟»
أجاب:
«لا… ليس كثيرًا.»
قلت بحدة:
«جيد. فلا موت أظلم من الموت بالسمّ. تعوّد الاحتمال.»
اعترض بتذمر:
«لكن أن أموت أثناء التدريب لا يقل ظلمًا…»
ابتسمت بخفة:
«لا تقلق. فأنا خبيرة… أو لنقل: كخبيرة تقريبًا.»
مسحت فمه بمنديل وقلت:
«لقد حان وقت التدريب. هيّأت كل شيء، فلنخرج.»
نهض وهو يجر جسده المثقل. كان من التمرين أن يمارس حياته وهو متسمّم.
لوّح لي بابتسامة باهتة:
«سأعود لاحقًا.»
راقبت ظهره وهو يغادر، وتساءلت: (هل اتسع كتفاه قليلًا منذ لقائنا الأول؟)
في ساحة الفرقة الثالثة، قال أحد الفرسان:
«وجهك محمّر، يا سموّ الأمير، هل أنت بخير؟»
ابتسم إدون:
«بخير. الجو فقط حار.»
وحرك طرف قميصه. الحرارة كانت من السمّ والتدريب معًا. كان متعبًا، لكنه تعلّم أن يحتمل. بل وأحيانًا شعر بطاقة غريبة أثناء التدريب وهو متسمّم.
تذكّر كلامي له: «مع ارتفاع طفيف في حرارة الجسد، تنشط وظائفه.»
لم يفهم العبارة، لكنه آمن أن السمّ يساعده على التحمل.
وخلال استراحة قصيرة، انتبه لغياب جيروم. عادةً يطلّ من بعيد، لكن اليوم لم يظهر.
سأل أحد الفرسان:
«أين السير جيروم؟»
فأجابه:
«خرج مع الفرقة الأولى في حملة. كثرت وحوش ضواحي العاصمة، وذهبوا لمعرفة السبب.»
تمتم إدون:
«وحوش…»
فكّر في اللايكان الذي رآه في قرية لوكسِن. كان مختلفًا، متحوّرًا. هل الوحوش الجديدة كذلك؟
اقترب من الفرسان وسأل بفضول:
«هل لاحظتم فرقًا بين الوحوش الأخيرة والقديمة؟ في شكلها… سلوكها…»
ردّوا:
«لا شيء، سوى أن أعدادها زادت.»
أطرق برأسه. أدرك فجأة أنه لم يرَ في حياته وحشًا “عاديًا”.
رفع رأسه وسأل بحماس:
«هل رأيتم وحوش الذئاب؟ اللايكان؟»
«تقصد اللايكان؟ نعم.»
«كيف تكون؟»
تبادل الفرسان النظرات ثم قال أحدهم:
«أخطر ما فيهم هو الهجوم جماعة. منفردين لا يخيفون.»
وأضاف آخر:
«صغار الحجم، بليدو الذكاء، يهاجمون بالكثرة فقط. أما أمام فارسٍ يعرف طاقة السيف، فلا يساوون أكثر من قطعة لحم.»
ساد الصمت، وإدون يحدّق في الأرض. ما رآه في لوكسِن لم يكن كهذا أبدًا. إذن ما شاهده كان “متحوّرًا”.
فكّر بقلق: (هل يعرف جيروم عن المتحوّرات؟ لا بدّ… لكن ماذا لو لم يلتقِها بعد؟)
غشّى القلق عينيه الكبيرتين.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 77"