انتفض جفنُ القاتل ارتجافًا عصبيًا. وفي اللحظة التي تردّد فيها بين أن يكشف هوية الموكِّل أو لا، كان عمليًا قد فقد صلاحيته كقاتل مأجور.
قلت ببرود: «إن تكلّمتَ، سأدعك تخرج حيًّا… وسأُخفي حتى حقيقة مجيئك إلى هنا.»
– «تُخفي ذلك؟ أتريدني أن أصدقك؟»
منطقيًّا، لإثبات أن أحدًا أوعز بقتل الأمير، أحتاجه شاهدًا. فأن أعده بالستر ثم أطلقه… أمر يدعو للريبة.
رفعتُ كتفيّ: «إذًا اصمُتْ ومتْ.»
تردّد لحظة، لكن حركته بعينيه قالت إنه لا ينوي الاعتراف، بل يبحث عن ثغرة يفرّ منها.
‘وهل سأدعك؟’
كان يزحف جانبيًّا بحذر، ثم اتسعت عيناه فجأة، كأنه لاحظ أمرًا متأخرًا:
– «ما هذا… سمّ شللي؟»
– «نعم.»
– «هه. لو لم تكن لديّ مناعة طفيفة لانهرتُ فورًا.»
تأمّل السهمَ المغروس في ساقه، ثم رمقني: «من تكونين؟ ألستِ من جنسنا؟»
قلت وأنا أتجاوز سؤاله: «مَن أرسلكم؟ ولمَ الأمير الثالث؟»
وبقي هو يتجاهل سؤالي بسؤاله. سكونٌ متحفّزٌ يسيل منه الصدام.
عدتُ أحذّر: «سأسأل للمرة الأخيرة. صبري قصير. الأفضل أن تجيب حين أسأل بالكلام.» ثم حدّدتُ: «هل التي استأجرتكم هي القرينة الثانية؟»
طأطأ قليلًا، ثم تمتم بسخرية: «لا تبدين من آلِ الإمبراطورية ولا من النبلاء. وحتى لو عرفتِ، ماذا تستطيعين فعله؟»
– «وفّري هذيانك. إن لم تشأ الموت — فتكلّم.»
– «اقتليني إذن… إن استطعتِ!»
لمعت في عينيه شرارة عناد الإنسان إذا ضاق به الخناق. كسرَ قصبة السهم في ساقه، واندفع نحوي بغتة. ورغم انتشار السمّ، كان سريعًا.
نقرتُ لساني، واستللتُ خنجرين من تحت التنورة—من عدّةٍ أودعتها الحانة الخلفية منذ زمن لتخفيف عناء حمل السلاح في كل «مأمورية». كم كان مزعجًا تثبيت السلاحين على فخذي طوال الصيد.
تقاطع معدِنُ خنجرَيَّ مع نصلِه: طنينٌ حادّ شقّ الهواء.
قهقه تحت لثامه: «هاها! كنت أعلم… أنتِ مثلُنا!»
لوّحتُ بخنجرَي: «فكري بما تشائين، لكن اغلقي فمك. كل من ناداني ﺑ“يا هذه” مات ميتةً قبيحة.»
انهمر بضرباتٍ متلاحقة يبتغي التشتيت.
‘ساذج.’
حوّلتُ حدّته إلى فراغ، واستدرتُ كالسهم وركلتُ صدغَه. هَوَى يتأوه على التراب.
قربتُ وجلستُ بأناقة، ثم قبضتُ فكّه بخشونة وفتحت فمه قسرًا—كما توقعت: كيسُ سمّ صغير تحت اللسان.
«لن أتركك تموت مرتاحًا قبل أن أسمع.» شددتُ على ذقنه. «مَن الذي أوعز بقتل الأمير؟»
صرخةٌ بعيدةٌ شقّت السكون: «آآآاه!»
صوتٌ أعرفه جيّدًا.
‘إدون؟’
التفتُّ لا إراديًا نحو مصدر الصوت. ‘هل بقي لهم فلول؟’ مستحيل—كنتُ قد تحسّستُ المكان ولم أشعر بغير هذا الرجل.
في تلك اللمحة التي تراخى فيها يقظاني، هزّ القاتل رأسه بقوة، وعضّ على الكيس. سال الدم من فمه.
«اللعنة!» حاولتُ أن أفتح فاه، لكن الأوان فات—ابتلع السمّ. ضحك مختنقًا: «غ… ب… يّة…»
خمدَ البريق في عينيه. تمتمَ بأنفاسِه الأخيرة وهو يحملق بي:
«إلى الأمير الثالث… ستصلُ نَفَسَ الملاك.»
تجمّدتُ لحظة. «نَفَسُ الملاك»… الاسم الذي نذرتُ له حياتي السابقة، وخسرتُ فيه كل شيء. ارتبك نفسي.
همستُ: «ماذا تقصد…»
العقل يقول: عودي إلى إدون. لكن يداي امتدتا من تلقاء نفسي إلى اللثام… نزعته.
«تبًّا…» وجهٌ أعرفه: من أولئك الذين يتبعون إيان كظلّه؛ الذين كانوا يرفضون أمري لأن «القائدة امرأة»، فتولّى إيان قيادَهم.
‘عنصرٌ من التنظيم يتدخّل في أمر القصر الإمبراطوري.’
شعرتُ كصخرةٍ حارّة تُحشَر في صدري. قبضتُ على القناع.
‘يعني هذا…’ هل لإيان يدٌ في صراع السلطة داخل القصر؟ ازدحمت الأفكار حتى عجزتُ عن التفكير.
ثمّ صفعتني الذكرى: «…سموّي!» تذكّرتُ صرخة إدون. التقطتُ كل ما في جيوب القاتل، وقفزتُ إلى صهوة الجواد.
عدتُ إلى الموضع—لم أجد إدون، ولا جواده… فقط العربة محمّلة بالصيد.
‘الطرائد على حالها.’ إذن الهدف الوحيد كان إدون.
تفحّصتُ آثار الحوافر:
‘الفرسُ اندفع فجأة داخل الأدغال. ولا آثارَ أحذية أو خيولٍ أخرى—لا مطاردة على ما يبدو.’
كانت الآثار تشقّ موضعًا بلا مسار. صفعتُ اللجام، واخترقتُ الظلام. يجب أن أعثر على الصبيّ قبل أن يبتلعه الغابة.
كانت الشمس تميل إلى المغيب. آن أوانُ ختام المسابقة. دوّى بوق النهاية، وبدأ النبلاء والأمراء يعودون إلى نقطة الانطلاق.
كان جيروم، قائدُ فرسان غلوريا، واقفًا قرب الإمبراطور يراقب العائدين في هدوء.
قال فيليب، نائبه، بوجهٍ متوتّر: «سيدي القائد…»
– «ما الأمر يا فيليب؟»
– «الأمير الثالث لم يعد بعد.»
– «ماذا؟»
– «عادت سائر الأسر النبيلة وأفرادُ العائلة الإمبراطورية… وحده هو لم يظهر.»
مسح جيروم المكان متصنّعًا الهدوء. حقًّا لا أثر لإدون—ولا لمربيته الوقحة التي لا تفارقه.
– «ألم نضع فرسانًا في مناطق صيد الأمراء؟ أين شوهد آخر مرة؟»
– «آخر من رآه قال إنه اندفع بجواده خارج حدود منطقة الصيد فجأة…»
زفر جيروم وهو يزيح شعره عن جبهته.
‘ظننتُه بدأ يُحسِن دور الأمير، فإذا به ينسف هيبته هكذا…’
رمق الإمبراطور بطرف عينه. ذلك الرجل لا يحبّ التصرفات المتهوّرة—أو قل: لا يغفر ما يمسّ شرف العائلة وصورتها.
– «ابعثوا فرسانًا فورًا للبحث عنه—»
– «جيروم.» ناداه الإمبراطور.
تقدّم بخطى مترددة. «مولاي؟»
قال الإمبراطور بلا تعبير وهو يحدّق أمامه: «إدون غير موجود.»
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 74"