مجرد تذكري لوجه الأمير المزعج جعل ضغطي يرتفع بلا سبب.
بدلًا من مطاردة إدوين الذي هرب ومعه السوار، قررت أن أتركه وشأنه. لكن لسوء حظي، أمسكت بي كبيرة الخدم لأني تركت إميليا وحدها. فقد ضبطتها وهي تتسلل إلى المطبخ، غير قادرة على تحمل جوعها، وتسرق الطعام.
“إن رأيتك تتكاسلين عن واجباتك مرة أخرى، سأخصم من راتبك. فهمتِ؟”
تبا.
أن تُهددني امرأة عادية بالمال… لقد جُرح كبريائي، لكن لم يكن بوسعي الاعتراض. أنا بحاجة للمال للهرب من هذا المكان، وكل درهم يهم. لذا لم يكن أمامي خيار سوى قضاء اليوم كله في ملاحقة الشقيقين الإمبراطوريين. أما إدوين، فكان يهرب مني كلما رآني، بوجه عابس.
تنهدت بعمق.
“من كان يظن أنني سأكسب رزقي كمربية؟”
كلمة مربية فجرت في ذاكرتي ذكريات قديمة.
أنا، كايلا أنجل، كنت يتيمة. وُلدت في زمن كانت هجمات الوحوش والبرابرة فيه ترعب الجميع. تُركت لحالي منذ ولادتي، وقضيت سبع سنوات في ميتم تابع لمعبد. هناك التقيت بامرأة… امرأة ادّعت أنها أم لأطفال مثلنا ممن فقدوا ذويهم. كنا نسمي أنفسنا “عائلة”.
لكن حياتنا السلمية لم تدم طويلًا. حتى المعبد لم يسلم من غارات البرابرة. احترق المعبد، وتفرّق الأطفال، ولم أعرف إن كان أحدهم قد نجا. بالكاد هربت بحياتي، لكني وقعت في يد تاجر رقيق غريب. باعني إلى نقابة الاغتيال أنفاس الملاك بسعر مرتفع. على ما يبدو، رغم فقري، كنت أكبر حجمًا من أقراني، وذلك أقنع الزعيم السابق للنقابة أن يأخذني.
أول ذكرى لي في ذلك المكان… وجه مدرّب يأمرني بقتل جرو صغير لم تفتح عيناه بعد. لم أرَ العالم الخارجي إلا بعد خمس سنوات. وبمحض الصدفة، التقيت ثانيةً بالمرأة التي ربّتني. كانت ما تزال تقوم بدور الأم لأطفال مشرّدين يتامى. على عكس صمتي وقتها، هي عانقتني فور أن رأتني وبكت.
“أنا سعيدة جدًا لأنكِ ما زلتِ حية… سعيدة حقًا، كايلا.”
لم أستطع أن أبوح لها بما أصبحت عليه. بعد ذلك اللقاء، كنت أزورها من حين لآخر. معها كنت أشعر وكأنني أعود إلى “منزل”. وإن كان لليتيمة مثلي أن تملك منزلًا أصلًا. لكن الزعيم السابق للنقابة، الذي وضع عينه عليّ كخليفة له، لم يسمح بلقائنا.
“ما فائدة الموهبة إن كانت معطوبة؟”
قالها ببرود وهو يضغط بطرف سيفه على صدري.
“لقد قتلتِ جميع من أرسلتهم لقتل تلك المرأة. هل هي عائلتكِ الحقيقية أم ماذا؟”
لم أجادل. أطرقت برأسي وأقسمت:
“لن ألتقيها مجددًا. فقط… اتركها بسلام.”
“أتظنين أنها ستتفهمكِ؟ أنتِ، التي أصبحتِ قاتلة؟”
نظر إليّ، وأنا مغطاة بدماء رفاقي، بنظرة شفقة حقيقية.
“النساء لا يُعتمد عليهن. عاطفيات أكثر من اللازم.”
لم يُبعد نظرته المشفقة عني.
“كايلا، ضعفكِ سيكون سبب موتكِ يومًا ما.”
ماذا قلتُ حينها؟ لا أتذكر بدقة. فقط أعلم أني التقيتها مرات أخرى بعد ذلك—مصادفات متنكرة في ثوب القدر. وما زلت أذكر ضحكتها بين الأطفال.
(إيما.)
همست باسمها في قلبي. لا بد أنها الآن عادت إلى بيتها، تعيش بسعادة مع عائلتها الحقيقية. وهي تستحق ذلك.
أحيانًا، حتى أطياف الذكريات الباهتة تكون عزاءً. مع هذا الخاطر، أغمضت عينيّ وغرقت في نوم عميق ونادر.
“…تبا.”
كان الفجر قد بزغ خلف النافذة.
“لم يكن حلمًا إذن.”
جلست على السرير أحدق في السقف الذي ما زال يبدو غريبًا عني. فتحت النافذة، فاندفع هواء بارد. رأيت الخدم منشغلين، رغم أن الوقت ما يزال باكرًا. مشهد عادي كهذا جعل قلبي مضطربًا.
لقد عشت حياتي قاتلة… ومِت كذلك. ذنب القتل تلاشى منذ زمن، ولم أشعر يومًا بفخر في حياتي. ربما لهذا تساءلت أحيانًا: كيف كان سيكون طعم الحياة لو عشت حياة طبيعية؟
“أنتِ رومانسية أكثر مما تبدين، كايلا.”
انطلق صوت إيان في رأسي رغمًا عني. ذلك الوغد الذي قتلني، كان دومًا يصفني بـ”الرومانسية”. وكان كثيرًا ما يقول إنني لا أصلح كقاتلة، ولا كقائدة.
(ولهذا أحببته ربما… لأنه الوحيد الذي قال إنني لست مناسبة، بينما الآخرون أصروا أنني وُلدت قاتلة.)
لكن كل ذلك لا معنى له الآن. هززت رأسي أطرد الذكريات الفارغة، ثم التفت نحو الفستان البسيط المعلق على الحائط.
أمس، وأنا أتنصت على الخدم، علمت بعض الأمور:
أولًا: عدت إلى الحياة بعد عام كامل من موتي. لا أعلم السبب ولا الكيفية.
ثانيًا: راشيل براون الحقيقية حصلت على منصبها هنا بتوصية المربية السابقة. لكن لا أحد يجيبني عمّا حدث لتلك المربية. كلما ذكرت اسم مدام كونراد، يغيّر الناس الموضوع فورًا. كل ما أعلمه أن راشيل براون كانت مقربة منها.
ثالثًا: الأمن مشدد أكثر من المعتاد بسبب زيارة ملك أجنبي مع وفده.
كنت أنوي التسلل خارجًا لأجمع معلومات عن المنظمة وعن إيان، لكن الخطة تأجلت.
(ملك مملكة جديدة جاء مع فرسانه… ولماذا الآن بالذات؟)
لو أُمسكت وأنا أتسلل في مثل هذا التوقيت، فلن أجد إلا موتًا بشعًا بتهمة خيانة أو تجسس. جسدي الحالي ليس سيئًا، لكنه لا يُقارن بجسدي السابق. لذا لن أخاطر.
(سأبقى هادئة الآن.)
حدقت بالفستان المعلق.
(صحيح. الأمر ليس تربية أطفال… بل مهمة.)
مهمتي أن ألعب دور “المربية”. لا لعميل واحد، بل لاثنين: أمير سيئ الطباع، وأميرة مشاكسة.
(ومهما كان صعبًا، سأتحمل. هو مجرد وسيلة لكسب المال.)
وحين أجمع ما يكفي وأستعيد قوتي، سأهرب. رتبت ثوبي بحذر، متشوقة لليوم الذي أترك فيه هذا المكان.
“لنبدأ.”
ارتديت الفستان وخرجت بخطى واثقة. إنه يومي الثاني كمربية الأمير.
ربما لأنني قضيت أمس أركض خلف الشقيقين، فقد وجدت غرفة الأمير بسهولة. وأنا أحمل إميليا النصف نائمة، دخلت الغرفة، فإذا بإدوين يرمقني بدهشة.
“ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت؟”
كان وجهه يقول إنه لم يتوقع أن أزعجه باكرًا. لم أنتظر منه ترحيبًا، لكن امتعاضه الواضح أزعجني.
“من الطبيعي أن تأتي المربية لإيقاظ صاحب السمو.”
“غريب. لم تفعلي ذلك ولو مرة واحدة في الأسبوعين الماضيين.”
حتى الخادمة التي دخلت تحمل وعاء الماء رمقتني بفضول.
(إذن، راشيل براون الحقيقية لم تكن مربية صالحة أيضًا.)
أخفيت ارتباكي بخفض رأسي:
“أعتذر. كنت ما أزال أعتاد على هذا المكان الغريب، فأهملت واجباتي نحو سموّك. من الآن فصاعدًا—”
“كفى.”
تثاءب طويلًا ثم نهض من السرير بتثاقل، مستسلمًا على ما يبدو.
“أريد أن أغتسل.”
وقف أمام الوعاء وهو نصف نائم، ثم بدأ يفعل شيئًا لم أفهمه.
(ما الذي يفعله؟)
غمس أطراف أصابعه في الماء فقط، ثم فرك عينيه. كرر ذلك مرتين، ثم التفت إليّ.
“انتهيت من الغسل.”
…غسل؟ ماذا غسل بالضبط؟ عينيه؟
تنهدت بهدوء. لم أتوقع يومًا أن أعلّم أميرًا كيف يغتسل.
“عليك غسل ما وراء الأذنين أيضًا.”
لكن إدوين هز رأسه بتذمر:
“لقد فعلتُها كما يجب!”
(بأي معيار بالضبط؟)
ابتسمت ابتسامة مصطنعة:
“يا صاحب السمو، عادةً الأجزاء التي لا نراها هي الأكثر اتساخًا. مثل خلف الأذنين والعنق…”
“أنا لست متسخًا!”
“وما الذي يجعلك متأكدًا؟”
رفع رأسه بفخر وصاح:
“لأنني أمير!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"